بقلم : الشيخ مشهور فواز – محاضر في كلية الدعوة والعلوم الاسلاميه
………………………………………….. ………………..
لقد جانب فهم البعض الصواب بسبب ما علق بفكرهم من غابر موروثات ثقافتها وفلسفاتها وتقاليدها ، وبسبب ما نشب بين فرقها وعصبياتها من صراعات غامت بها الرؤية وبلغت بالأمة الى ما هي عليه اليوم من حال .
ومن الامور التي زلّت الافهام في فهمها « ضرب الزوجة» ، حيث تذرع البعض
بظاهر قوله تعالى : { واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع ، واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلاً } .. الآية [ سورة النساء … آية 34-35] .
فتعسف بضرب زوجته ظاناً أنه وافق امر الكتاب وهو في واقع الحال قد أخطأ وخاب.
ما المقصود بالضرب في هذه الآية ؟
ليس معنى الضرب هنا الإيذاء والتعذيب وإنما هو من نوع
ما قاله صلى الله عليه وسلم لخادمة عنده اغضبته في عمل : « لولا القصاص يوم القيامة لأوجعتك بهذا السواك » .
وما أجمل ما قاله د. محمد بتاجي في هذا الباب ، حيث قال :
« قضية ضرب الزوج زوجته في الاسلام ، دقيقة جداً ، وهي ممّا يساء فهمه وتطبيقه من كثير من الناس لجهلهم بحقائق التشريع ودقائقها ، فللرجل حق في هذه الحالة البالغة الندرة ان يضرب زوجته هذا الضرب غير المبرح ، لكن من تضرب من النساء عندئذ ؟
انما نوع قليل من النساء سليطة اللسان ، مجاهرة بعصيان زوجها ومعاندته ، حريصة على إهانته ومخالفة امره ، غير مكرمة لنفسها ولما بينهما من عشرة [ انظر : مكانة المرأة في القرآن والسنة ص 109] .
يلاحظ ممّا سبق ان الضرب مباح في حالات نادرة ، ولا يباح في كل امرأة ، انما يباح في حق المرأة التي لا تستمع لموعظة ولا تهتم بهجر ، فحينئذ يباح للرجل الضرب .
لكن ما هي حقيقة هذا الضرب وما هيته ؟
قال المفسرون : « هو الضرب الذي لا يكسر عظماً ولا يشين جارحة ونحوها ، لأن المقصود منه الصلاح لا غير وكان الزبير بن العوام اذا اراد ان يضرب زوجته عقد شعرة بأخرى ثم ضربها بهماً [ انظر : تفسير القرطبي ، الجامع لأحكام القرآن ، ج5/ص33، بتصرف » .
وقد حدّد العلماء آلة الضرب ، فقالوا : « يؤدب الزوج زوجته بالسواك ونحوه او بمنديل ملفوف او بيده ، لا بسوط ولا بعصا ولا بخشب ، لأن المقصود منه التأديب ، وعليه أن يتجنب الوجه تكرمة له والبطن والمواطن المتحسسة لئلا يشوهها [ انظر : نهاية المحتاج ، للرملي ، ج6/ص383، كشاف القناع، للبهوتي،ج5/ص 209-210] .
إذن ينبغي ان يكون الضرب خفيفا يدل على عدم الرضا ويكون بالسواك عند كثير من العلماء ،
وذلك لقول ابن عباس رضي الله عنهما في تفسير الضرب غير المبرح ، قال: بالسواك ونحوه ، [انظر : فتح القدير، للشوكاني ج1/ص 469] .
وهنا قد يقول قائل : فما يجدي الضرب بالسواك نفعاً في سبيل زجر المرأة ومنعها وتأديبها ؟
أقول : إن المرأة عندما تجد الضرب مشوباً ومصحوباً بحنان الضارب فهي حينئذ ستطيع من نفسها ، لإنها ستدرك بذلك أن المسألة ليست استذلالاً إنما إصلاح . [ انظر : تفسير الشعراوي ، ج4/ص 2204] .
هذا هوالتفسير الاسلامي الصحيح لقضية « الضرب » بأنه التأديب المصحوب بعاطفة المؤدب المربي وهو « الزوج» وليس بمعنى الإيلام والإهانة .
لذا فلتنكس سهام كل أولئك الذين هاجموا الاسلام واتهموه بأنّ علاجه للمشاكل الزوجية علاج صحراويّ جاف لا يتفق مع طبيعة التحضر الذي يعمل على تكريم الزوجة واعزازها .
وقد جاراهم في ذلك بعض المتحضرين من ابناء الاسلام الذين طاروا وراء أفكار الغرب وما علموا أنّ الاسلام لم يأتِ لجيل معيّن ولا لجماعة خاصة أو إقليم خاص او بيئة محددة إنما هو إرشاد وتشريع عام لكل جيل وبيئة وعصر .
ولقد فات كل اولئك أنّ الاسلام لم يجعل الضرب هو العلاج الوحيد ، بل إنه واحدٌ من أُمور جُعل آخرها في العمل.
يقول د. الكسيس كاريل : « هناك حالات انحراف نفسي مرضي لدى بعض النساء ، فمن النساء من لا تحسُّ قوة الرجل الذي تحب نفسها ان تجعله قيّما وترضى به زوجا الا حين يقهرها عضليا ، وليس هذه طبيعة كل إمرأة ، ولكن هذا الصنف من النساء موجود وهو الذي يحتاج الى إجراء الضرب ليستقيم » [ انظر : رسائل الاسلام في المحافظة على الحياة الزوجية ، صلاح عبد الغني ص 21].
منقوووول
ربنا يهدى الاحوال يارب