الميزان الثاني: -قال- عدم حفظ جوارحه ممَّا حرَّم الله عزَّ وجلَّ مع أنَّه يعلم أنَّه سوف يُحاسب عليها، هذان الميزانان سوف نبني عليهما الدرس كلَّه حتى الإنسان ينظر إلى نفسه هل عنده نقص في إيمانه؟ هل إيمانه يزيد أم إيمانه ينقص؟
فأوَّل ميزان سوف نتكلم عليه بشيءٍ من البسط والشرح، فأوَّل ميزان هو عدم تأثُّره على فوات شيءٍ من مرضاة الله، يعني إذا فاته شيء من مرضاة الله عزَّ وجلَّ، من طاعة الله، من عبادة الله، تجد هذا الإنسان لا يتأثَّر ولا يتحسَّر ولا يتألَّم ولايهتمّ ولا يغتمّ، هذه مشكلة من المشكلات، ومرضاة الله عزَّ وجلَّ تنقسم إلى قسمين: هناك مرضاة لله عزَّ وجلَّ في الأمور الواجبة، وهناك مرضاة لله عزَّ وجلَّ في الأمور المستحبَّة، هناك قسم آخر كذلك مرضاة لله عزَّ وجلَّ في العبادات القاصرة التي تقتصر على العبد نفسه، وهناك مرضاة لله عزَّ وجلَّ في الأمور المتعدِّية التي يتعدَّى نفعها للغير.
إذن نقول:
الميزان الأول الذي ذكره، أحد الصالحين قال: من علامة نقص الإيمان في قلب العبد هو عدم تأثُّره بفوات شيء من مرضاة الله عزَّ وجلَّ، مايتأثَّر، ما يحزن، لأنَّ المسلم الواجب عليه أو صاحب القلب الحيّ الذي تعلَّق بالله أنَّه ما تفوته فضيلة، ما يفوته عمل صالح، ما يفوته سنَّة من السنن، إلا ويحزن ويهتمّ ويغتمّ لها؛ هذا دليل على حياة قلب هذا الإنسان.
الميزان الثاني الذي ذكره هذا الصالح قال: عدم حفظه جوارحه ممَّا حرَّم الله عزَّ وجلَّ، كيف عدم حفظه جوارحه مما حرَّم الله عزَّ وجلَّ؟ المحرَّمات كثيرة: هناك محرمات تتعلَّق بالقلب؛ذنوب نسمِّيها ذنوب القلوب: الكبر، الرياء، النفاق، الحسد، الحقد، سوء الظن،استحقار الآخرين، هذه كلّها ذنوب لكن بماذا تتعلّق؟ تتعلّق بقلب العبد، فلا بدَّ من الإنسان أن يُكافحها وأن يُطهِّرها وأن ينظِّفها من قلبه، فمن وجد في قلبه مثلاًحقد أو حسد أو حبّ التصنُّع للآخرين أو حبّ المدح والثناء وأن تكون له منزلة في قلوب الناس فاعلم أنَّ في قلبك مرض لا بدَّ أن تداويه، هناك محرَّمات ومعاصي متعلِّقة باللسان، وما أكثر المحرَّمات المتعلِّقة باللسان لعلي لا أبالغ إن قلت أنَّ أكثر المحرَّمات تتعلّق في اللسان؛ انظر الغيبة، النميمة، الكذب، السبّ،الشتم، القول على الله بغير علم، محرَّمات كثيرة.. ذنوب كثيرة كلُّها تتعلَّقب اللسان، فمن وقع مثلاً في الغيبة أو في النميمة أو في السبّ أو في الشتم فنقول لهذا الشخص أنت فيك علامة من علامات نقص الإيمان.
إذن هذا علامة من علامات نقص الإيمان، هذا الميزان نأخذه أنَّ الإنسان إذا رأى نفسه أنَّه يقع في الذنوب، ولا يُبالي، ولا يرتدع، ولا يخاف، ولايخشى من الله سبحانه وتعالى، ويبدأ يتساهل في الصغائر يقول لك: هذه صغيرة، فتجده ينظر إلى النساء، تجده -والعياذ بالله- يقع في محرَّمات وذنوب كثيرة، فيستدرج بهالشيطان، والله سبحان وتعالى قال: (وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ) فمرَّة بعد مرَّة بعد مرَّة، و علامة من علامات نقص الإيمان في قلب العبد- أنَّك تقع في المحرَّمات والذنوب؛ سواء كانت ذنوب قلبية أو ذنوب تتعلَّق بالجوارح كاللسان أو السمع أو البصر أو الفرج أو غير ذلك، ولاتبالي ولا تهتمّ ولا تحزن ولا تتوب إلى الله فاعلم أنَّ ذلك دليل على نقصٍ في إيمانك، ولا حول ولا قوَّة إلا بالله.
ولهذا ينبغي على العبد أن يدعو الله سبحانه وتعالى دائمًا، وأن يبتهل إلى الله، وأن ينكسر بين يدي الله سبحانه وتعالى،فيقول: اللهم إنِّي أعوذ بك من شرّ سمعي وشرّ بصري وشرّ لساني وشرّ قلبي وشرّمنيّي، أن يدعو الله سبحانه وتعالى بهذا الدعاء: اللهم إنِّي أسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى، اللهم إني أسألك العفو والعافية في الدنيا والآخرة.
اصلح الله حالنا جميعا
و ثبت قلوبنا على طاعته