لكل منا طموحات و أحلام لا متناهية .. يريد ان يحققها و يصل إليها..
لكل منا مستقبل يتصوره حسب ما يريد عقله و تطلبه افكاره..
لكن كثيرا منا سرعان ما يرتطم بالواقع المرير.. المخالف جذريا لذلك المستقبل الوردي الذي رسمه بمخيلته..
الكل
يتزوج ليسعد و يستقر.. و ينعم بإنجاب أطفال له .. من صلبه..يكونون له خير مؤنس له في وحشته ..خير يد تساعده في كبره.. وخير خلف يرفع بهم رأسه بين أهله وأصحابه
تلك هي رؤية الكثير منا لإنجاب الأطفال.. خاصة في كنف مجتمعنا الشرقي الصارم بمعتقداته و عاداته..
ولكن ماذا لو كان ذلك الطفل المولود "معوقا " ؟
مما لا شك فيها ان الحزن و الخوف سيخيمان على قلب الأم أول ما ستسمع بولادة ابن معوق لها ..
حزن لأنها كانت تتمنى أن يكون ابنها صحيحا معافى.. و خوف من الصعوبات التي سيواجهها ابنها في المستقبل..
هواجس كثيرة ستخيم على روحها.. وأفكار كثيرة : ردة فعل العائلة .. نظرة مجتمعها…
لكن كل ذلك لا يدل الا على ضعف الشخصية .. و الانسياق وراء رغبات الآخرين و أراءهم..
لنرى الأمر من منظور ثان :
أختي الحبيبة .. أولا يجب أن تحمدي الله على النعمة التي أنعم بها عليك..
و هو قد رزقك بطفل .. هناك العديد غيرك محرومون من هذه النعمة..
ثانيا.. من أدراك أن ابنك سيواجه مصاعب و أزمات في حياته ؟؟ الله وحده هو علاّم الغيوب..
فلم تستبقين الأحداث ؟؟
الاعاقة هي مجرد مرض او قصور كغيره من الامراض.. فهناك من هو مريض بالسكري منذ الصغر..
و هناك من هو مريض بضغط الدم.. تماما مثلما هناك من هو مريض بالـ "إعاقة"
أي أنه مرض عادي مثل كغيره من الأمراض.. وجب التعايش معه و التقبل به.. مثلما نتقبل اي قضاء أو قدر حلّ بنا..
انظري الى هذه المفارقة:
ماذا تخيرين :
أن يكون لديك ابنا "معوقا" طيبا .. يساعدك و يقف الى جانبك.. يعمل ما يرضاه الله و ما ترضينه ..
ابنا "معوقا" تائبا مصليّا , حافظا لكتاب الله.. صادقا و أمينا..
أم
أن يكون لديك ابنا "عاقّا" جاحدا.. قاسيا.. ناكرا لجميلك .. ينهرك .. يتجاهلك و يتركك وحيدة يائسة لمرضك و آلامك..
ابنا "عاقّا" مخالطا لأصحاب السوء.. معاقرا للخمرة و مصاحبا للميسر ؟؟؟
إن الله أعلم منك ومنا .. و قد قال تعالى في كتابه الكريم :
{وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [البقرة: 216]}.
لذلك يا اختي لا تحزني لو رزقت بطفل معوق.. بالعكس .. وجب عليك أن تفرحي وأن تبشري .. وأن يزيد إيمانك بالله أكثر فأكثر
فالله قد ابتلاك.. و قد اصطفاك عن بقية الامهات.. فهنيئا لك إن صبرت.. و صابرت..
كما قال الله تعالى :
(ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشِّر الصابرين) البقرة:155
اجعلي هذا الحديث الشريف دافعا لك حتى تربي ابنك أحسن تربية.. وتجعلينه مميزا بين أترابه:
ولا تهتمي لأمر أولئك ضعاف النفوس الذين يسخرون من ابنك .. تجاهلي كلامهم..
لأن مثل هؤلاء هم الأحق بأن نطلق عليهم لفظة "معوقون"
لأنهم فعلا معوقون فكريا و روحيا و خاصة أخلاقيا ..
لا تحزني.. فالأيام دول.. والزمن مهما طال قصير.. والليل مهما طالت ظلمته .. فالشمس آتية لا ريب.. والله يمهل ولا يهمل
ياأيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيرا منهن
ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون (القلم 11)
احمدي الله على كل شيء.. و تيقني ان الله ما ابتلاك الا ليضحكك يوما ..
تفائلي خيرا و تماسكي.. سيكبر ابنك و سيكون ابنا صالحا بارا بوالديه.. ابنا يحبه الناس لحسن أخلاقه لا لمظهره
فالمظهر زائف زائل لا محالة.. و الفعل الحسن الخيّر هو الذي لا ينسى.. مهما مرّ عليه الدهر..
والمظاهر دائما ما تكون خدّاعة.. ويبقى جوهر الإنسان و مضمونه هو الأصدق..
تمسكي بحبل الله .. وارسمي بسمة رضا على شفاهك بدل تلك التقاسيم الحزينة..
الحزن سيزيدك سوى حزنا و هما.. و التفاؤل والاتكال على الله والعزيمة القوية سيزيدونك صبرا و تحمّلا ان شاء الله..