إن السائر إلى الله – تعالى – يجتهد في ألاَّ يعمل عملاً ولو مباحًا إلا بنية صالحة؛ لكي يثاب عليه، فإنْ أكَلَ استحضر له نية، وإن نام استحضر لذلك نية، وكذلك إن باع أو اشترى، أو جالس إخوانه أو غير ذلك من الأعمال، وأعلى منه درجةً مَن يستحضر للعمل الواحد عدة نوايا؛ فيَنَال من الأجر والثواب على قدرِ نياته؛ لقول النبي – صلى الله عليه وسلم -: ((وإنما لكل امرئ ما نوى))؛ متفق عليه، حتى وإن لم يتمكَّن من تنفيذ بعض هذه النوايا؛ لقول النبي – صلى الله عليه وسلم -: ((مَن هَمَّ بحسنة فلم يعملْها، كتبها الله عنده حسنة كاملة))؛ متفق عليه.
ومن هذا المنطلق ينبغي أن تستحضر عدة نوايا صالحة لدراسة السيرة النبوية العطرة، وسوف أذكر لك ما يحضرني من النوايا في ذلك، ثم أترك لك المجال لتزيدَ على ذلك مما يفيضه الله عليك من النوايا الصالحة؛ فإنني لقلة علمي وتفريطي في جنب الله تراني مقيَّد اليد، عَيِيَّ اللسان في هذا الباب، فأسأل الله الكريم أن يُطلِق جوارحنا في طاعته، وأن يستعملنا في مرضاته[1].
النوايا التي ينويها المسلم عند دراسة السيرة:
1- ينوي التقرب إلى الله بدراسة هذا العلم الشرعي.
2- ينوي معرفة أحوال الرسول – صلى الله عليه وسلم – ليقتدي به.
3- ينوي معرفة مواقف الرسول – صلى الله عليه وسلم – ليزداد له حبًّا.
4- ينوي معرفة معجزات الرسول – صلى الله عليه وسلم – ليزداد إيمانًا.
5- ينوي الاطِّلاع على مواقف النبي – صلى الله عليه وسلم – في البلاء؛ ليزداد ثباتًا.
6- ينوي الاقتداء بالنبي – صلى الله عليه وسلم – كداعية إلى الله.
7- ينوي الاقتداء بالنبي – صلى الله عليه وسلم – في معاملة المسلمين.
8- ينوي الاقتداء بالنبي – صلى الله عليه وسلم – كزوج في بيته.
9- ينوي الاقتداء بالنبي – صلى الله عليه وسلم – في عبادة ربه.
10- ينوي الاقتداء بالنبي – صلى الله عليه وسلم – في حالة الغنى.
11- ينوي الاقتداء بالنبي – صلى الله عليه وسلم – في حالة الفقر.
12- ينوي الاقتداء بالنبي – صلى الله عليه وسلم – في حالة الصحة.
13- ينوي الاقتداء بالنبي – صلى الله عليه وسلم – في حالة المرض.
14- ينوي معرفة هدي النبي – صلى الله عليه وسلم – في الطهارة والصلاة؛ للاقتداء به.
15- ينوي معرفة هدي النبي – صلى الله عليه وسلم – في الجمعة والعيدين؛ للاقتداء به.
16- ينوي معرفة هدي النبي – صلى الله عليه وسلم – في الكسوف والاستسقاء؛ للاقتداء به.
17- ينوي معرفة هدي النبي – صلى الله عليه وسلم – في الجنائز والدفن؛ للاقتداء به.
18- ينوي معرفة هدي النبي- صلى الله عليه وسلم – في صلاة الاستسقاء وصلاة الخوف؛ للاقتداء به.
19- ينوي معرفة هدي النبي – صلى الله عليه وسلم – في الصيام والزكاة؛ للاقتداء به.
20- ينوي معرفة هدي النبي – صلى الله عليه وسلم – في الحج والعمرة؛ للاقتداء به.
21- ينوي معرفة هدي النبي – صلى الله عليه وسلم – في الهدايا والأضاحي؛ للاقتداء به.
22- ينوي معرفة هدي النبي – صلى الله عليه وسلم – في النكاح والطلاق؛ للاقتداء به.
23- ينوي معرفة هدي النبي – صلى الله عليه وسلم – في الطعام والشراب؛ للاقتداء به.
24- ينوي معرفة هدي النبي – صلى الله عليه وسلم – في البيع والشراء؛ للاقتداء به.
25- ينوي معرفة هدي النبي – صلى الله عليه وسلم – في الإجارة والمسابقة؛ للاقتداء به.
26- ينوي معرفة هدي النبي – صلى الله عليه وسلم – في العارية والوديعة؛ للاقتداء به.
27- ينوي معرفة هدي النبي – صلى الله عليه وسلم – في اللقطة والهبة؛ للاقتداء به.
28- ينوي معرفة هدي النبي – صلى الله عليه وسلم – في القصاص والديات؛ للاقتداء به.
29- ينوي معرفة هدي النبي – صلى الله عليه وسلم – في الأيمان والشهادات؛ للاقتداء به.
30- ينوي الاقتداء بالنبي – صلى الله عليه وسلم – في معاملة المعاندين والمنافقين.
31- ينوي الاقتداء بالصحابة الكرام في مواقفهم البطولية.
32- ينوي الاقتداء بالصحابة الكرام في سرعة استجابتهم لأوامر الله- تعالى.
33- ينوي الاقتداء بالصحابة الكرام في سرعة استجابتهم لأوامر رسول الله- صلى الله عليه وسلم.
34- ينوي معرفة وقائع السيرة، وما فيها من عِبرٍ وعظات.
35- ينوي معرفة حوادث السيرة، وما يُستنبَط منها من أحكام فقهية.
36- ينوي معرفة المتقدم والمتأخر، والناسخ والمنسوخ من الأحكام.
37- ينوي الاطِّلاع على مناسبات الآيات التي نزلتْ في الغزوات ووقائع السيرة الأخرى.
38- ينوي الاطلاع على أحوال السابقين الأولين في حالة الاستضعاف؛ للاقتداء بهم إذا حدث له ما يشابه ذلك.
39- ينوي الاطلاع على أحوال المجتمع الإسلامي الأول من الإخاء والوفاء، والإيثار والتعاون، وصفاء القلوب… ليقتدي بهم في ذلك.
40- ينوي الاطلاع على مواقف الصحابة الكرام في الغزوات والسرايا من الصبر والتحمل، والتضحية والفداء لهذا الدين؛ ليقتدي بهم في ذلك.
41- تنوي أن تزداد بهذا العلم لله خشية؛ لقوله- تعالى-: ﴿ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ﴾ [فاطر: 28].
42- تنوي أن تزداد بهذا العلم عند الله رفعة؛ لقوله- تعالى-: ﴿ يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ﴾ [المجادلة: 11].
43- تنوي أن تَحمِلَ هذا العلم للناس، وتدْعوهم للعمل بما فيه؛ لما رواه مسلم، عن أبي هريرة- رضي الله عنه- أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال: ((مَن دعا إلى هدى، كان له من الأجر مثلُ أجور مَن تبعه، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئًا))[2].
44- تنوي أن تتخذ هذا العلمَ وسيلةً لتعليم الناس الخير؛ فتنال بذلك ثناء الله واستغفار الملائكة، وكذلك استغفار الكائنات؛ فقد روى الترمذي وحسنه عن أبي أمامة الباهلي- رضي الله عنه- قال: ذُكِر لرسول – صلى الله عليه وسلم – رجلان: أحدهما عابد، والآخر عالم؛ فقال – صلى الله عليه وسلم -: ((فضل العالم
على العابد كفضلي على أدناكم))، ثم قال: ((إن الله وملائكته، وأهل السموات والأرَضين حتى النملة في جحرها، وحتى الحوت- لَيصلُّون على معلِّم الناس الخير))[3].
45- تنوي أن تتخذ السيرة وسيلةً للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فتكون من المفلحين؛ قال- تعالى-: ﴿ وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [آل عمران: 104].
46- تنوي أن تتعاون مع إخوانك المسلمين في نقل السيرة إلى واقع عملي في الحياة.
47- تنوي أن تزداد حبًّا للصحابة فتحشر في زمرتهم؛ لقول النبي – صلى الله عليه وسلم -: ((المرء مع من أحب))[4].
48- تنوي أن تتقن السيرة؛ لتردَّ على المشكِّكين في رسالة سيد المرسلين- صلى الله عليه وسلم.
49- تنوي أن تعلِّمَ السيرة لزوجتك وأولادك، فيزدادوا لله قربًا، وبالنبي – صلى الله عليه وسلم – اقتداءً، وللصحابة حبًّا.
50- تنوي أن تعيش بروحك ووجدانك مع الرعيل الأول؛ ((فإنهم القوم لا يشقى بهم جليسهم))[5].
________________________________
[1] أعمل الآن في كتاب عن النوايا الصالحة التي يمكن أن ينويَها المسلم عند كل عمل، مرتبًا على أبواب الفقه، وربما أسميته: "تحفة السائرين في طريق الأولياء والصالحين"؛ يسر الله إتمامه.
[2] صحيح: أخرجه مسلم (2674).
[3] حسن: أخرجه الترمذي (2685) وقال: حسن غريب صحيح.
[4] صحيح: أخرجه البخاري ومسلم.
[5] حبذا لو تقرأ هذه النوايا قبل أن تبدأ في حفظ كل درس؛ لتجدِّد النية، وربما يفيض الله عليك بنيات أخرى، فيكثر ثوابك، ويعظُم أجرُك؛ ((إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى))؛ متفق عليه.
سبحانة الله
مشكورة جداااااااااااااااا
يا جميل
جزاكى كل خير