البعض يصرف كل مجهوده الذهني وهو يقرأ القرآن في أن يتلوه بالتشكيل الصحيح … وإذا كان قد تعلم شيئا من أحكام التلاوة ، فإنه يصرف مجهوده الذهني في أن يقرأه بالأحكام بالشكل الصحيح .. والبعض يقرأه وهو شارد الذهن ، اللسان يقرأ وهناك صوت صادر بأيات القرآن ، ولكن العقل يفكر في شيئ آخر
علينا أن نقف بعد كل آية لنسأل أنفسنا بعض الأسئلة منها :
يستلزم هذا بالطبع أن تكون على دراية بمعاني المفردات وأن تكون مطلعا على شيئ من التفسير ولو المبسط
ولك أن تترك لعقلك كل الحرية في التفكير في الأيات لكي تستنبط منها ما تشاء وتكتب ما فهمته وما إستنبطه و تعبر عن رؤيتك للآيات وبكل حرية
لك أن تجيب على كل الأسئلة السابقة بعد قرأة كل أية
لا تخف من فعل هذا ، ولا تقل أنا لست أهلا لهذا.
ولا يخدعك الشيطان بعبارات من عينة أنت ستفتي بغير علم ، وأنت لست أهلا لهذا فلربما تصل أنت إلى شيئ لم يصل إليه غيرك
ما أشترطه هنا هو شيئين:
الشيئ الأول :
أن تلتزم وأنت تفكر ببعض الأسس والقواعد وهي أن تفسر بما يحقق القيم الكبرى بشكل أكبر في الواقع بما يحقق العدل والحق والإعمار والحضارة المادية والقيمية والنهي عن الفساد والوصول لما هو أفضل للبشرية جمعاء
الأمر الثاني :
هو أنك بعدما تكتب كل ما دار في خاطرك أن تعرضه على أهل التخصص الشرعي (الذين يميلون للتجديد وإعمال العقل) ليحددوا لك مدى خطأ أو صواب ما كتبت وربما يقروا ما كتبت ويقولوا أنك قد أتيت بجديد ربما يتم الإستفادة منه في واقعنا .
بعد إطلاع أهل التخصص على كلامك ، يحق لك ساعتها نشر ما أقروه بأنه صوابا .
أهم ما في هذا الكلام هو الإستفادة من عقول هذه الأمة ، وعدم الحجر عليها أو تقيدها أو تخويفها وإرهابها بأقوال تحرم إستعمالها أو تثبطها
وندعو هنا بأن لا يقتصر هذا الكلام على القرآن فقط ، بل إننا ندعو بأن يكون هذا هو نهج الحياة كلها فتفكر وتُعمل عقلك في كل شيئ . فهذا والله هو سبيل النهضة والتقدم وصنع الحضارات ..
وإن الأمم التي تخاف أو تمنع مناقشة أمر ما أو تحرير العقول لتفكر وتتناقش وتنقد وتقترح لتحكم على نفسها بالجمود وستظل في مكانها يسوقها أمة أخرى تفعل عكس ذلك