فالقدس وتراثها المعماري يشكلان كنزا الأمة الغالي النفيس الذي لا يجوز التفريط به مهما كانت الصعاب، وعلينا كعرب ومسلمين الدفاع عن الهوية الإسلامية للقدس حفاظا منا على مقدساتنا ومعتقداتنا وموروثاتنا.
إن الحفاظ على التراث المعماري الإسلامي في القدس يعد تجسيدا لإصرار الأمَّة الإسلامية والعربية على البقاء في ركب الحضارة الإنسانية العالمية، وهي بهذا الحفاظ تترك للعالم حضارة عظيمة ومدرسة معمارية مميزة على مدى التاريخ.
إن الذي يعتدي على التراث المعماري سواء بالهدم أو الحرق أو النسف أو التغيير يكون عدوا للحضارة الإنسانية، وهذا ما فعله الإسرائيليون منذ أن دخلوا القدس في عهدهم الأول في زمن يوشع بن نون، فحرقوا القدس ونهبوا وسلبوا ودمروا كل شيء.
وهذا ما فعلوه بعد احتلال عام 1967م حيث عاثوا في القدس فسادا، ونهبوا وسلبوا ودمروا، ومارسوا أبشع صور العدوان والتعسف ضد الأرض والسكان والمعالم الدينية والتاريخية بشتى الأساليب سواء منها الحرق أو الهدم، أو المصادرة أو الحفريات تحتها لتعريضها للتشقق والهدم.
ولذلك اهتم بها الصحابة والخلفاء المسلمون إلى نهاية العهد العثماني، وجعلوها مدينة الحضارة والفكر والعمران، وأقاموا فيها المساجد والمعاهد والمؤسسات الحضارية العديدة، وخصوصا ضمن الأسوار الحجرية التاريخية.
2- مساجد أخرى متفرقة بلغت حوالي 22 مسجدا.
3- مدارس فكرية بلغت حوالي 65 مدرسة، وكذلك مدارس صناعية.
4- مكتبات لرجوع أهل العلم إليها.
5- زوايا عديدة.
6- خوانق صوفية.
7- أربطة وخانات للوافدين على القدس من الزوار والتجار.
8- حمامات عامة ساخنة للسكان.
9- سبل ماء موزعة على جوانب الطرقات.
10- أسواق متخصصة.
11- التكايا.
12- أبراج وحصون وأسوار عسكرية لحماية المدينة.
13- البايمارستانات للمعالجة.
14- متاحف تاريخية.
وبعد زوال الخلافة العثمانية استمر سكان القدس العرب خلال مرحلة الانتداب البريطاني، بالاهتمام بالمدارس ومؤسسات الشباب الرياضية والمؤسسات الاجتماعية، وأنشؤوا أبنية جديدة خارج القدس القديمة في الجانبين الشرقي والغربي من المدينة، مثل الكليّة العربية، والمدرسة الرشيدة، وجمعية الشبان المسيحية، والأسواق الحديثة.
وكان قبل ذلك قد بناه عمر بن الخطاب –رضي الله عنه- في الموقع نفسه سنة (15هـ/629م)، فأتت عليه الزلازل.
ويبلغ طول البناء (80 مترا) وعرضه (55 مترا) ويقوم على (53 عمودا) من الرخام و (49 سارية) مربعة الشكل من الحجر,ويتكون من سبعة أروقة طويلة من الشمال إلى الجنوب.
وقد أنشأ الخليفة عبد الملك بن مروان تحت الأقصى ممرا عريضا (يسمى اليوم خطأ بالأقصى القديم)، وكان الهدف منه الوصول من قصره خارج السور الجنوبي إلى باب المسجد الشمالي.
وعندما أنشأ عبد الملك بن مروان هذا المبنى كان يشتمل على أربعة عشر رواقا ولكنّ سبعة منها هدمت خلال الزلازل التي وقعت في القرون الوسطى.
وعندما أحرق (دنيس روهان) اليهودي الأسترالي هذا المسجد بتاريخ 21/8/1969م شمل الحريق حوالي ثلث مساحة المسجد بما في ذلك القبة الخشبية الداخلية المزخرفة ومنبر صلاح الدين الأيوبي ومسجد عمر ومحراب زكريا ومقام الأربعين وكل عناصر الزخرفة الداخلية والسجاد.
وتم ترميم المسجد سنة 1984م ومنبر صلاح الدين الذي تم إعادة صنعه بشكل يماثل الصناعات الأصلية التي تعد تحفة فنية لا مثيل لها في العالم ؛ لأنَّ المنبر كان مصنوعا من قطع خشبية صغيرة معشّقة بعضها مع بعض دون استعمال مسامير أو غراء، وكانت الزخرفة الإسلامية على الجانبين وفي ستة مستويات.
وقد تم تجهيز ألف مخطط لإعادة الصنع باستعمال الحاسب الآلي، توخيا للدقة المطلوبة في الرسم.
مبنى قبة الصخرة المشرفة:
يقع هذا المبنى الثماني الشكل في وسط ساحة المسجد الأقصى المبارك، وهو من أقدم الصروح الإسلامية وأجملها في العالم.
وقد عهد الخليفة عبد الملك بن مروان إلى رجلين لمتابعة إنشاء هذا المبنى هما : " يزيد بن سلام، ورجاء بن حياة الكندي "، وتم ذلك في عام (75 هـ/691م) (5)، فوق صخرة المعراج.
وتبلغ أبعاد جدران مبنى قبة الصخرة 60، 20 مترا عرضا × 10، 12 مترا ارتفاعا.
وضمن الجدران أحيطت صخرة المعراج بدائرة مؤلفة من اثني عشر عمودا بعدد أشهر السنة، وأربع ركائز بعدد فصول السنة تحمل أسطوانة القبة بقطر 44، 20 مترا وارتفاع 40، 9 مترا، وترقد عليها القبة التي ترتفع 30، 35 مترا عن سطح الأرض وحول دائرة الأعمدة الداخلية توجد دائرة ثانية مؤلفة من ثماني ركائز مستوحاه من الآية الكريمة ﴿ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية﴾ , وبين هذا الركائز يوجد ستة عشر عمودا رخاميا.
وعندما أنشئت القبة في عهد الخليفة عبد الملك بن مروان كانت من قبتين خارجية من الرصاص، وداخلية من الخشب المذهب والملون.
جرى على هذا المبنى عدة ترميمات كان أخرها الإعمار الهاشمي الذي أنجز في عام 1994م، وجعلت القبة الخارجية من النحاس المذهب بدلا من الألمنيوم الذي استعمل في إعمار 1956, وقد استعمل في تذهيب القبة 85 كغم من الذهب بطريقة الطلي الكهربائي في الموقع.
وقد وصفها المؤرخون والمهندسون بأنها من أجمل مباني العالم، وذلك بسبب التناسق والتماثل الهندسي الذي تتمتع به , والسر في ذلك استعمال النسبة الذهبية في التصميم.
عناصر معمارية عديدة أخرى:
في داخل ساحة المسجد الأقصى المبارك أنشئت عدة عناصر معمارية إسلامية تاريخية على مدى العصور الإسلامية، ابتداء من العصر العباسي والفاطمي والمملوكي والعثماني مثل قبة السلسلة، وقبة النبي، وقبة المعراج، وقبة الأرواح، وقبة سليمان، وقبة موسى، والقبة النحوية، ومنبر برهان الدين، وسبيل قايتباي، والمسجد المرواني (تحت الأرض) وغير ذلك، كما هو ظاهر في المخطط المساحي للمسجد الأقصى.
2- مساجد أخرى متفرقة في القدس:
بالإضافة إلى الأقصى المبارك وقبة الصخرة المشرفة والمسجد المرواني، فإن القدس تضم عددا آخر من المساجد الصغيرة التي أنشئت في فترات مختلفة وهي:
أنشئ في الموقع الذي صلى فيه عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- في الجزء الجنوبي الشرقي من مبنى مسجد الأقصى الحالي , وقد جدده الأيوبيون في سنة (589هـ/1193م) وأعاد بناء مئذنته المماليك في سنة 1465م , وأضاف إليه العثمانيون مدخلا معقودا.
يمتد طولا من جدار المسجد الأقصى الغربي إلى الزاوية الجنوبية الغربية من سور المسجد الأقصى، وقد أقامه الصليبيون خلال احتلالهم للقدس مكانا لطعام الفرسان، وحوّلـه صلاح الدين الأيوبي إلى مسجد، عرف بمسجد النساء .
مسجد ولي الدين محارب:
أنشئ في العصر الأيوبي في سنة (595هـ/1198م) من قبل ولي الدين محارب، في الجانب الجنوبي الغربي من القدس القديمة، في الحارة المعروفة اليوم بحارة الأرمن .
المسجد المنصوري:
أنشأه السلطان سيف الدين قلاوون ووقفه سنة (686هـ/1287م) كما هو مؤرخ على نقش حجري على الحائط المؤدي إليه , ويقع في الجانب الغربي من القدس القديمة في ما يعرف اليوم بحارة النصارى .
جامع القلعة:
أنشأه السلطان الناصر محمد بن قلاوون داخل قلعة باب الخليل في سنة (710هـ/ 1310م) كما يبدو من نقش حجري , واتخذه العثمانيون مخزنا للذخائر أثناء الحرب العالمية الأولى , ويسميه الإسرائيليون اليوم برج داود، رغم بنائه الإسلامي ورغم وجود مئذنة تعلو المكان !!.
مسجد الحريري:
أنشئ في العصر الأيوبي، ورمّمه شمس الدين الحريري في العصر المملوكي.
المسجد القيمري:
يعود بناؤه إلى العصر العثماني كما يشير طرازه، وتعود تسميته إلى أصحاب القبة القيمرية المقامة خارج سور القدس .
جامع المولوية:
أنشأه حاكم القدس العثماني (خداوند كاربك) سنة (995هـ/ 1586م) لأتباع الطريقة المولوية، كما يبدو من نقش حجري في غرفة في الطابق العلوي الذي كان يستعمل لسكن الصوفيين(12).
مسجد الشوربجي :
أنشأه الحاج عبد الكريم بن مصطفى الشوربجي في سنة (1097هـ/ 1685م)، ويقع في بداية طريق الواد بعد الدخول إلى القدس القديمة من باب العمود .
مسجد الخضر:
وهو غرفة تعلوها قبة، ويقع في طرف صحن الصخرة المشرفة، أنشأه حاكم القدس في سنة (1112هـ/ 1700 م) في العصر العثماني.
جامع المغاربة:
ذكر مجير الدين الحنبلي أنه ربما يكون من بناء عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – ومن المحتمل أنه أموي، ويجاور حارة المغاربة التي أوقفها صلاح الدين الأيوبي على المغاربة الذين حاربوا معه عندما حرر القدس، وهدمتها السلطات الإسرائيلية بعد احتلال القدس في سنة 1967م.
وهناك مساجد أخرى غير موثقة أنشئت في العصر
العثماني ومنها :
مسجد الديسي، مسجد مصعب، مسجد خان السلطان، مسجد أبو بكر الصديق، مسجد عثمان بن عفان، مسجد سويقة علون، مسجد البراق، مسجد الشيخ ريحان، مسجد الحيات، مسجد الحنابلة، ومسجد باب حطه.
والى لقاء آخر إن شاء الله لنكمل بقية السلسلة المعمارية داخل القدس .
مشكورة