تخطى إلى المحتوى

التكوين الاجتماعي لمجتمع النحل . 2024

  • بواسطة
التكوين الاجتماعي لمجتمع النحل .
من أبحاث المؤتمر العالمي السابع للإعجاز العلمي في القرآن والسنة بدولة الإمارات-دبي 1445هـ – 2024م
د. حاتم البشتاوي

قال الله تعالى : (( سَبِّح اسمَ ربّكَ الأعلى * الذي خَلَقَ فَسَوَّى * والذي قَدَّرَ فَهَدى )) – الأعلى (1-3)
سبحان الذي جلّت قدرته فخلق الخلائق من العدم، وهو وحده سبحانه الذي صمّم شكل هذه الخلائق وحجمها ليتلاءم مع الظروف المعيشية التي تعيش فيها ، ثم هداها إلى مهمّتها في الحياة . . فألهمها كيف تتكاثر وتتغازل وتتزاوج . . وعلّمها كيف تطير وكيف تصنع أعشاشها . . وكيف تربّي صغارها وتحافظ على نسلها ونوعها . . وتتوارث ذلك كلّه تلقائياً وبشكلٍ غريزيٍّ .
وهو وحده سبحانه الذي قدّر كلّ صغيرةٍ وكبيرةٍ في جسمها تقديراً دقيقاً (( وَكُلُّ شيءٍ عِندَهُ بمقدار )) – الرعد 8 . .
وهو الذي قدّر لها أقواتها في هذه الحياة (( وَما مِن دابّةٍ في الأرضِ إلا عَلى الله رِزْقُها ، ويَعلَمُ مُستَقَرّها ومُستَودَعَها ، كُلٌّ في كتابٍ مبين )) – هود 6 .
والمراد من ذكر الدوابّ والأنعام والطير والحشرات أينما ذكرت في كتاب الله تعالى إنما هو على وجه الدقّة صرف الانتباه إلى التفكير في الخلق واستدلال العبرة والتأمّل في حياة المخلوقات جميعها دون تفريقٍ بين الكواكب والجبال والبحار في جانبٍ . . والنحل والنمل والعناكب في جانبٍ آخر ، أي أن كلّ ما في الكون جلّ أو حقر موضوع بحثٍ وتأمّلٍ وتدبّرٍ لا يصحّ من وجهة النظر الإسلامية إهماله ، ولا غنىً عن إيلائه أقصى ما يستطاع من درسٍ وإعمال فكرٍ ، لما ينجم عن هذين – الدرس والتفكير – من ترسيخٍ للإيمان بالله وحكمته وقدرته ، ثم من فوائد تعود على الإنسان في حياته وتدبير معاشه .
ذلك هو الجديد الذي جاء به الإسلام حين وجّه الإنسان إلى التفكّر حتى في الذبابة والنحلة والنملة وغيرها . . بيد أن العبرة الكبرى التي لم يحسن تبيّنها الأقدمون إجمالاً والمحدثون على العموم إنما هي تلك الفروق الأساسية أو الفطرية بين الإنسان والحيوان التي تشدّد القرآن الكريم في بيانها . . والوقوف طويلاً عندها . . وحثّ الناس على التنبّه لها وحسن الإفادة منها في تسيير الحياتين : الشخصية والعامة .
ويمكن تلخيص تلك الفروق في هذا المعنى الدقيق والجليل معاً وفي آنٍ واحدٍ وهي أن الحيوان في سعيه للبقاء وتعلّقه الشديد بالحياة ورهافة غريزته التي تزوّده بكلّ ما يحتاج إليه من مهاراتٍ وتقنيّاتٍ وقوى وحتى من ذكاءٍ في معظم الحالات ، هذا الحيوان يظلّ بصفاته الفطرية هذه " قوّةً عمياء " . . يشكل ضلاله من خلال تلك الفطرة أساساً لسلوكه مهما بلغ من النباهة وحسن التصرّف والقدرة على التكيّف ، بينما يظلّ الإنسان على العكس من الحيوان قابلاً للهداية وللتبصّر وللتفكير لتجنّب السوء في الحال والمصير . . والتطلّع إلى عالمٍ أفضل . . وبناء حياةٍ أرقى من حياته الراهنة : في إطار الفرد والمجتمع على السواء .

    بارك الله فيك

    موضوع جميل حقا

    الونشريس

    الونشريس

    الونشريس

    اترك تعليقاً

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

    هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.