افتتحت جمعية جمع المؤنث بالرباط موسمها الثقافي بموضوع "التواصل بين الزوجين المغربيين" والذي حاضرت فيه السوسيولوجية المغربية سمية نعمان جسوس، وحضرته ثلة من الوجوه البارزة كالكاتبة فاطمة المرنيسي، و شميشة نجمة الطبخ المغربي والروائية زهرة البصري النقراشي.
وأثارت سمية نعمان بداية المعيق الأول لآلية التواصل بين الشريكين هو كون كلمة "لو كوبل" بالفرنسية لا يقابلها، أي مرادف في القاموس اللغوي المغربي، إذ لا يوجد في الدارجة رجل وامرأة تربطهما علاقة زواج، وتدعو إلى مساءلة اللغة التي تعجز أن توحد الاثنين في كلمة واحدة، وهو الأمر الذي يجب أن يكون في هذه العلاقة التي تبدأ بنزاع مضمر منذ التحضير لدخول القفص الذهبي بين العائلتين، حيث تطرح مظاهر الزواج التي تتشبث بها أم العروس في كثير من الأحيان من طقوس الزواج التقليدي المكلف، والتي تثقل كاهل الزوج بالديون، مشكلة مؤرقة فيبدأ الضغط الذي تنتج عنه كلمات انفجارية تشل التواصل الصحي الذي يحملانه إلى بيتهما، حيث يفسح المجال لصراعات أخرى، فالفتاة ترى في ارتباطها حباً وعاطفة فيما الرجل يراه سجناً ونهاية لكل ما كان مسموح به له وهو عازب، كما أنه يخشى أن يفقد سلطته كذكر، رغم أنه قبل الزواج يحلم بامرأة ذكية حداثية مغرية، لكن بمجرد أن يتزوج يتغير بفعل الغيرة، يريد أن يخفي أنوثة زوجته التي يريد أن يحولها لأداة مطيعة، لا تخالف له قول خاصة في وجود أمه، التي كانت تغذي فيه هذه الذكورة بشكل خاطئ، بالمقابل هناك الفتاة التي تدخل إلى هذه المؤسسة وهي متمردة ،لا تريد الاستغناء عن حريتها واستقلاليتها، وأيضاً لا تريد التخلي عن مظاهر الحياة التي تكلفها مادياً معنوياً وجسدياً.
وتبرز نعمان جسوس أن العلاقة الزوجية في المغرب أصبحت تواجه مع العصر أشكال عنف جديدة تقوض من التواصل بين الشريكين، فمدونة الأسرة التي تشير إلى أن الأسرة تقع تحت مسؤولية الرجل والمرأة، تحدث نوعاً من الارتباك لدى الرجال، كما أن الحق الذي منح للمرأة في الطلاق أسقط سلاح الرجل الذي كان قبل المدونة يهددها به، وساقت مثالاً من محاكم الدارالبيضاء، حيث أن نحو نصف طلبات الطلاق تتقدم بها النساء، كما أن طبيعة العصر خلقت تمظهرات جديدة يشعر الرجل من خلالها بأنها ليست بمقدوره تلبيتها لزوجته، فالمناسبات التي بدأت تختلقها المرأة لتحصل على هدايا كثيرة، ولم تعد تقتصر على عيد الميلاد وعيد الزواج، بل تضخمت لتشمل ذكرى يوم التعارف ويوم الخطبة وعيد الحب ومناسبة نهاية السنة، ناهيك عن طبيعة الهدايا التي لم تعد رمزية بل تطورت لتصبح بثمن باهظ ليقدم الشريك عربون حبه.
كل هذه الإشكالات تفجر الوضع بين الشريكين، ويلجآن للكلمات الجارحة التي يتبادلانها والتي لا تزيد الوضع إلا تفاقماً، خاصة الرجل الذي لا يتقبل بعد أن يسمع كلاماً عنيفاً لأنها في تقديره تمس الرجولة.
وتخلص المحللة سمية إلى ضرورة التحلي بالصبر الذي ينضوي على حكمة عدم رد فعل في حالة الصراع، مع الحفاظ على شرارة الحب والعاطفة وتعلم فن العيش معاً، والاستعداد لكل حالات الفراغ خاصة في فترة التقاعد أو حينما يرحل الأبناء لأجل العيش بعيداً من أجل الدراسة أو الزواج.
لقطات :
*أعطت الباحثة الاجتماعية سمية جسوس بعض صور الخلاف الذي قد يتسبب في الطلاق لأتفه الأسباب، وسألت الحاضرات عن رد فعل الزوجة العاملة إن أعدت لزوجها حريرة مغربية ووجد ملحها زائداً، سيغضب ويقول: ما هذا؟ و هنا ردت إحدى الحاضرات قد أقول: سير عند شميشة تطبخ لك؟ والطريف أن شميشة نجمة المطبخ المغربي كانت حاضرة، فضحك الجميع.. واقترحت شميشة أن ترد الزوجة بحب كأن تقول: الملح من الحب.
*لفتت الباحثة والكاتبة فاطمة المرنيسي الانتباه إلى ضرورة مراعاة التنوع الثقافي والسلوكي في المغرب لأن ردود فعل النساء تختلف من الشمال إلى الجنوب بحكم البيئة والظروف التاريخية؛ يعني ليس كل من له رد فعل عنيف يعني أنه لا يرغب بالتواصل مع الآخر، بل هو اختلاف ثقافي لا غير.
*دعت المحللة الاجتماعية أيضاً إلى اعتماد التفكير أولا قبل أن يصدر عن رد فعل؛ فالتواصل لا يعني التلقائية أبداً لضمان الطمأنينة والسعادة أو على الأقل جو السكينة داخل الأسرة.