فإن هذا الموضوع يكتسب أهميته من ثلاثة جوانب: –
الجانب الأول: أهمية الدعاء في حياة المسلم من باب العبادة والتقرب إلى الله – عز وجل- بهذه الشعيرة العظيمة، ومن باب أهمية الدعاء في قضاء الحوائج و الاستعانة به على نوائب الدهر حين تتقطع السبل و تتقطع الأسباب.
الجانب الثاني: أهمية القدوة الصالحة في حياة المسلم، ففي الأنبياء – عليهم السلام – خير قدوة للمؤمنين الذين يبتغون أفضل الطرق وأقصرها إلى الله – عز وجل -، قال – تعالى -بعد أن ذكر عددا من أنبيائه في سورة الأنعام: (أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ) (90) سورة الأنعام
الجانب الثالث: أهمية إبراز وجه هداية القرآن للبشرية: (طس تِلْكَ آيَاتُ الْقُرْآنِ وَكِتَابٍ مُّبِينٍ * هُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ) (1-2) سورة النمل.
كما أن في هذا الموضوع إرشاد وتوجيه للمسلم في كيفية مخاطبته لربه وسيده ومولاه وكلما كان سؤال العبد لربه ألطف كان النوال به أجدر.
ومن أهم أغراض القصة القرآنية دفع المستمع إلى التفكر وإعمال العقل للوصول إلى المعرفة والاستفادة من تجارب الآخرين وعدم الوقوع في أخطائهم: (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِيَ آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ * وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث ذَّلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) (175- 176) سورة الأعراف
كما أن ملاحظة أخبار السابقين واستخلاص الدروس والعبر منها، هو هدف رئيسي لإيراد القرآن لتلك القصص، لذلك وبعد أن قص الله علينا قصة يوسف – عليه السلام – (لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُوْلِي الأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِن تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) (111) سورة يوسف
وهذا نص صريح يدعونا إلى ملاحظة الأهداف التي من أجلها أورد القرآن الكريم قصة يوسف – عليه السلام – ويدخل في ذلك جميع قصص القرآن الكريم، كما أن في الآية الكريمة نص صريح على أن هذه القصص هي محض هداية وإرشاد وتوجيه للمؤمنين.
وقد اقتصرت في هذا البحث على دراسة جانب الدعاء من قصص الأنبياء أصحاب الحاجات فقط، بمعنى أن البحث سيتعرض للأدعية التي كان الهدف منها قضاء حاجة خاصةٍ بالنبي، وليست من الأدعية العامة سواء كانت ذات علاقة بالدعوة أو بالمدعوين أو خلاف ذلك، ولا يعني ذلك إحاطة هذا البحث بكل أدعية الأنبياء أصحاب الحاجات في القرآن، وإنما اقتصرت على أدعية مختارة من قصص أنبياء الله إبراهيم و موسى و زكريا و يحي و يونس – عليهم السلام -.
إبراهيم – عليه السلام -:
لإبراهيم – عليه السلام – دعوتان خاصتان متعلقتان بذريته – عليه السلام – وكلا الدعوتان تدلان على رحمته وحنانه وأبوته – عليه السلام -.
الدعوة الأولى:
(وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ * رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ * فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ) (99- 101) سورة الصافات
قال أبو السعود في معنى هذه الآية: " أي بعض الصالحين يعينني على الدعوة والطاعة ويؤنسني في الغربة ويعني الولد".
قال ابن عاشور: " أي أنه وبعد أن أخبر أنه مهاجر إلى ربه استشعر قلة أهله وعقم امرأته وثار ذلك الخاطر في نفسه عند إزماعه الرحيل".
قال البقاعي: " أي قال منادياً ربه مناداة الخواص بإسقاط الأداة (رب) أي أيها المحسن إلي هب لي".
أقول: وفي هذه الدعوة وذلك الأسلوب تقديم للوسيلة واختيار للوقت المناسب للدعاء، إذ دعا إبراهيم ربه بهذه الدعوة بعد أن نوى الهجرة إلى الله أو بعد أن شرع فيها فنستنبط من ذلك أن يقدم المؤمن بين يدي دعائه عملا صالحا يتقرب إلى الله به ويجعله وسيلة يستشفع بها عند الله – عز وجل- لقبول طلبه، كما أن الدعاء في وقت الحاجة وشدة الاضطرار من أسباب الإجابة: (أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ) (62) سورة النمل
وفي إسقاط إبراهيم – عليه السلام- لأداة النداء تقرب إلى الله وتزلف إليه، إذ يُلحظ أن جميع دعاء الأنبياء في القرآن خلى من حرف النداء وما ذلك إلا لإيمانهم – عليهم السلام – بقرب الله – عز وجل – منهم قرباً لا يُحتاج معه إلا حرف النداء، وإما تنزيهاً وإجلالاً لله – عز وجل – من أن يُنزل اسمه – عز وجل – منزلة المفعول به لأن المنادى في محل نصب مفعول به كما هو معلوم.
وبعد هذا الأسلوب الجميل وهذا الأدب الرائع مع الله – عز وجل – جاءت الإجابة سريعة رغم استحالة تحقق الطلب بالمعايير الكونية العادية لكبر سنه – عليه السلام – ولعقم زوجته، بل وزاده الله – عز وجل -، فوهب له غلاماً حليماً هو منية كل من حُرِم الولد وغاية كل من طلبه.
الدعوة الثانية:
(رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ الصَّلاَةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ) (37) سورة إبراهيم
قال الألوسي: " (ربنا إني) التعرض لوصف ربوبيته – تعالى -لهم أدخل في القبول وإجابة المسئول، والتأكيد لمزيد من الاعتناء لما قصده من الخير".
قال البقاعي: " (ربنا ليقيموا الصلاة) أي ما أسكنتهم في هذا الوادي إلا لهذا الغرض المنافي لعبادة غيرك، وبعد أن دعا لهم بالدين دعا لهم بالرزق (لعلهم يشكرون) أي ليكون حالهم حال من يرجى شكره".
قال ابن عاشور: "وتوسيط النداء للاهتمام بمقدمة الدعاء زيادة في الضراعة ثم فرَّع عليه بالدعاء (ليقيموا الصلاة) لأن همُّ الصالحين هو إقامة الدين، وأقحم لفظ الأفئدة لإرادة أن يكون مسير الناس إليهم عن شوق ومحبة، (لعلهم يشكرون) أي رجاء شكرهم وهو داخل في الدعاء لأنه جعل ذلك تكملة له تعرضاً للإجابة وزيادة لهم في الدعاء بأن يكونوا من الشاكرين".
قال الألوسي: "ولا يخفى ما في دعائه – عليه السلام – من مراعاة حسن الأدب والمحافظة على قوانين الضراعة وعرض الحاجة واستنزال الرحمة واستجلاب الرأفة ولذا منَّ الله عليه بحسن القبول وإعطاء المسئول ولا بدع في ذلك من الخليل".
وبعد استعراض أقوال العلماء في هذه الآية وما أكدوا عليه من توافر أدب الدعاء وحسن الضراعة إلى الله لتحقيق المطلوب واستنزال الإجابة، فإنه من الواضح كيف استجاب الله – عز وجل – لخليله إبراهيم – عليه السلام – حتى أصبحت مكة المكرمة من عواصم العالم تهوي إليها أفئدة الناس ويأتيها رزقها من كل مكان رغم أنه في فترات كثيرة قل شكر سكانها وأشركوا بالله وتركوا الصلاة كما كان قبل بعثة محمد – صلى الله عليه وسلم – ومع ذلك فقد أنفذ الله لخليله طلبه ولم يسُئْه في ذريته بل أكرمه وجعل من عقبه محمداً – صل الله عليه وسلم -.
ومما يستنبط من هذا الدعاء الذي أُسقِطت منه أداة النداء وتعرَّض فيه الخليل وذريته لوصف الربوبية المشتمل على صفات الإحسان والرحمة والرأفة بالعباد، أن يبدأ الإنسان في دعائه بتمجيد الله – عز وجل – وذكره بأقرب الصفات وأنسبها إلى حاجته وأن يؤخر المطلوب إلى ما بعد ذكر حالته الداعية إلى طلب الحاجة لاستنزال الرحمة والرأفة من الرحمن الرحيم، ولو اكتفى المسلم بذكر حاله وضعفه غير مصرح بحاجته لكفاه كما سيأتي معنا لأن الله عليم بذات الصدور وهو أعلم بما يصلح حال الإنسان منه، فقد بدأ إبراهيم دعائه بوصف حاله وحال ذريته في ذلك الوادي البلقع الخالي من كل وسائل العيش الضرورية مستنزلاً بذلك رحمة الله – عز وجل – ولطفه بعباده.
وقبل أن يصرح بطلبه – عليه السلام – توسل إلى الله بأحب الأعمال إليه وهي إقامة الصلاة المشتملة على معنى التوحيد ليكون ذلك أدعى للإجابة إلى طلبه، وذلك شبيه بدعاء موسى ربه حين طلب أن يرسل معه هارون – عليه السلام -، (وَاجْعَل لِّي وَزِيرًا مِّنْ أَهْلِي * هَارُونَ أَخِي * اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي* وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي * كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا * وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا * إِنَّكَ كُنتَ بِنَا بَصِيرًا) (29-35) سورة طـه
وذلك بأن يُطلب الشيء من أمور الدنيا للاستعانة به على أمر من أمور الدين فإن ذلك ادعى للإجابة وأسرع في الإنفاذ.
ثم يختتم الداعي دعائه بما يدل على أن استجابة الله – عز وجل – دعائه أدعى لشكره كأن يقول العبد في ختام دعائه ربي واجعلني من الشاكرين أو أن يقول اللهم وأعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك أو أن يقول اللهم ولا تشغلني بما تعطيني عما يرضيك عني.
موسى – عليه السلام -:
حين اضطر موسى – عليه السلام – للخروج من مصر خائفاً من القتل: (فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) (21) سورة القصص
كان دعاء موسى – عليه السلام – في هذه اللحظات مناسباً لحاله – عليه السلام – ففي الوقت الذي كان يخشى من غائلة فرعون وقومه كان دعائه بأن ينجيه الله منهم وكما هو واضح أُسقطت أداة النداء واستخدمت صفة الربوبية ولنفس العلة المذكورة سابقاً والله أعلم بمراده-.
فلما أَمن الخطر و نجا من القوم وتوجه تلقاء مدين: (وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاء مَدْيَنَ قَالَ عَسَى رَبِّي أَن يَهْدِيَنِي سَوَاء السَّبِيلِ) (22) سورة القصص
فلم يكن يعرف إلى أين تأخذه قدماه ولا إلى أين سيتجه ولا من سيلاقي قال(عسى ربي) قال الألوسي: أي خليق وجدير وحقيق. قال أبو السعود: "أي توكلاً على الله وثقة بحسن توفيقه".
وكان دعائه – عليه السلام – في هذه المرحلة أيضاً مناسبا لحاله فبعد أن نجاه الله من فرعون وقومه انحصرت حاجته في أن يجد ملجئاً يأوي إليه وملاذاً يسكن إليه، فدعا ربه أن يهديه إلى سواء السبيل وذلك بألطف عبارة وأجمل أسلوب حتى أورده الله ماء مدين.
وبعد أن ورد ماء مدين (وَلَمَّا وَرَدَ مَاء مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاء وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ * فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ) (23-24) سورة القصص
وبعد أن سقى للمرأتين واستقر به النوى وأحس بالجوع والتعب دعا – عليه السلام – دعاءاً يناسب حاله بطلب الخير من الله – عز وجل- معرِّضاً بجوعه وتعبه، وقبل الحديث عن ملامح الأدب في هذا الدعاء وحسن الضراعة إلى الله بما يليق به واستنزال رحمته وربطاً مع الدعوات السابقة لموسى – عليه السلام – في هذه الرحلة الشاقة، فإنه يحسن بنا أن نستنبط من هذا التدرج في الدعاء والذي يشير إلى أهمية مناسبة الدعاء لحال الداعي، فلم يقل موسى – عليه السلام – وهو يخرج من مصر خائفاً ربي زوجني أو ربي أرزقني ملك مصر أو ربي أزل ملك فرعون وقومه، بل كان دعائه – عليه السلام – فيما يصلح شأنه بأن قال: ( رب نجني من القوم الظالمين)، حتى إذا أمن الخطر ونجا من القوم الظالمين، دعا ربه أن يهديه إلى سواء السبيل حتى إذا هداه ربه إلى أهل مدين ووجد أمة أخرى خارج ملك فرعون وقومه ووجد ماءً وظلاً، دعا ربه أن يرزقه من خير ما عنده.
قال الزحيلي: "في دعائه – عليه السلام – استعطاف وترحم".
قال الثعالبي: "ولم يصرح بالسؤال".
قال الألوسي: "والتعبير بالماضي بدل المضارع في الفعل أنزلتَ للاستعطاف كالافتتاح برب وتأكيد الجملة للاعتناء".
قال البقاعي: "والتأكيد لتأكيد الافتقار إلى الله – عز وجل – وعبر بالماضي تعميما لحالة الافتقار وتحقيقاً لإنجاز الوعد بالرزق".
قال ابن عاشور: "والتعبير عن إيتائه الخير بفعل (أنزلت) مشعر برفعة المعطي".
ومن خلال أقوال العلماء في دعاء كليم الله موسى – عليه السلام – نستنبط أن حسن اختيار الألفاظ في الدعاء مدعاة للإجابة، كاستخدام الفعل الماضي بدل المضارع وحذف أداة النداء واستخدام الألفاظ الدالة على علو مكانة الله – عز وجل-، واستخدام المؤكدات اللفظية الدالة على شدة الاحتياج، وعدم التصريح بالسؤال تقرباً إلى الله – عز وجل- باليقين بأنه يعلم السر وأخفى وأنه أعرف بما يُصلِح شأنك منك، فيكفي أن تذكر حالتك الدالة على احتياجك ليستجيب لك الله – عز وجل- بما هو أصلح لشأنك من اختيارك.
زكريا – عليه السلام -:
بلغ زكريا – عليه السلام – الكبر وكانت امرأته عاقراً وكان – عليه السلام – يرغب أن يرزقه الله ذرية صالحة إلا أن غياب أسباب تحقيق هذه الرغبة جعلته يفقد الأمل في تحقيقها، حتى رأى فضل الله على مريم – عليها السلام – حينها تنبه إلى جواز ولادة العجوز العاقر من الشيخ الفاني.
(فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقاً قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ إنَّ اللّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ) (37) سورة آل عمران
(هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاء * فَنَادَتْهُ الْمَلآئِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِّنَ الصَّالِحِينَ) (38-39) سورة آل عمران
وقال – تعالى- : (ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا * إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاء خَفِيًّا* قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُن بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا) (2-4) سورة مريم
قال ابن عاشور: "وقد نبهه إلى الدعاء مشاهدة خوارق العادة مع قول مريم – عليها السلام – (إن الله يرزق من يشاء بغير حساب)ثم قال ولم يزل أهل الخير يتوخون الأمكنة بما حدث فيها من خير وكذلك الأزمنة الصالحة لأنها محل تجليات رضا الله".
وقال بن كثير: "لما رأى زكريا أن الله يرزق مريم فاكهة الشتاء في الصيف وفاكهة الصيف في الشتاء طمع حينها في الولد وكان شيخاً كبيرا قد ضعف وكانت امرأته عاقراً لكنه مع ذلك دعا ربه دعاءً خفيا".
قال النسفي: "دعا ربه سراً كما هو المأمور به وهو أبعد عن الرياء وأقرب إلى الصفاء والإخلاص".
قال البقاعي: " (خفيا) أي كما يفعل المحب القريب المقبل على حبيبه في قصد الخطاب الجامع بين شرف المناجاة ولذاذة الإنفراد بالخلوة، (قال رب) بحذف الأداة للدلالة على غاية القرب، (إني وهن العظم مني واشتعل الرأس شيبا)هذا دعاء واستعطاف".
قال الألوسي: "ولا منافاة بين النداء إذا فسر برفع الصوت وكونه خفياً لأن الخفاء غير الخفوت ومن رفع صوته في مكان لا يسمعه فيه أحد فقد أخفاه، وقيل هو مجاز عن عدم المراءاة أي الإخلاص".
قال السمرقندي: " (خفياً) لأنه علم أن دعاء السر أنفع وأسرع إجابة".
قال ابن عطية: " (ولم أكن بدعائك رب شقيا) شكر الله – تعالى -على سالف أياديه عنده أي قد أحسنت إلي فيما سلف وسعِدت بدعائي إياك".
وفي تفسير هذه الآيات قال ابن عادل الحنبلي: " (فصل في أدب زكريا – عليه السلام -)
وذكر أن زكريا – عليه السلام – راعى سنة الله في الإخفاء لأن الجهر والإخفاء عند الله سيان وكان الإخفاء أولى لبعده عن الرياء".
ثم أضاف أن دعائه – عليه السلام – كان في الصلاة لقوله – تعالى -(فنادته الملائكة وهو قائم يصلي في المحراب).
قال الشنقيطي: "السبب في الإخفاء هو الإخلاص وليس غيره ثم قال وفي هذه الآية دلالة على أنه ينبغي للداعي إظهار الضعف والخشية والخشوع في دعائه".
ومن قصة زكريا – عليه السلام – ودعائه ربه، ومن خلال أقوال العلماء فيها نخرج بدروس مفيدة أهمها:
أولا: أن اختيار الوقت المناسب للدعاء سبب في إجابته.
ثانيا: أن اختيار المكان المناسب للدعاء سبب في الإجابة.
ثالثا: أن إخفاء الدعاء من باب الإخلاص هو سبب في إجابة الدعاء.
رابعاً: أن الدعاء حين مشاهدة رحمة الله وفضله سبب في إجابة الدعاء ولذلك أصل في السنة إذ أخبرنا رسول الله – صلى الله عليه وسلم – بأن الدعاء مستجاب حين نزول المطر.
خامسا: أن الدعاء في الصلاة من أسباب إجابة الدعاء.
سادساً: أن من آداب الدعاء ودواعي الإجابة إظهار الداعي للضعف والخشية والخشوع.
أيوب – عليه السلام -:
حين أبتلى الله – عز وجل – عبده ونبيه أيوب – عليه السلام – بالمرض وكان بلاءً شديداً أشاد الله بصبره كما أشاد بدعائه – عليه السلام -: (وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ) (83) سورة الأنبياء
قال ابن حيان: "وقد ألطف أيوب في المسألة حين ذكر نفسه بما يوجب الرحمة وذكر ربه بغاية الرحمة ولم يصرح بالمطلوب ولم يعين الضر الذي مسه ولم ينسبه إلى الله مع أنه فاعله ولا يقدر عليه إلا هو".
قال ابن عاشور: " (وأنت أرحم الراحمين) هو ثناء على الله – عز وجل – مع تعريض بالدعاء".
قال الثعالبي: "وهذا الاسم المبارك مناسب لحال أيوب – عليه السلام -".
وعلق النسفي على دعاء أيوب – عليه السلام – فقال: "لقد ألطف أيوب في المسالة".
ومن الدروس المستفادة من دعاء أيوب – عليه السلام – في آداب الدعاء، التوجه إلى الله – عز وجل – بأحد أسمائه أو صفاته المناسبة لحال الداعي أو طبيعة الطلب فإن ذلك أبلغ في الدعاء وأسرع في الإجابة، كما أن عدم التصريح بالمطلوب هو من دواعي إجابة الدعاء ومن كمال الأدب مع الله – عز وجل – كما وقد سبق توضيحه.
أن استخدام التأكيد اللفظي في الدعاء لبيان شدة الحاجة من آداب الدعاء التي استخدمها أيوب – عليه السلام – وهو من باب الإلحاح على الله في الدعاء. كما لا ينبغي للداعي أن ينسب ما أصابه من ضُرٍ أو بلاءٍ أو نصبٍ إلى الله – عز وجل – تأدباً معه – سبحانه وتعالى – مع أنه قدره وكتبه، كما في قصة إبراهيم – عليه السلام – مع قومه: (الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ * وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ * وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ * وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ * وَالَّذِي أَطْمَعُ أَن يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ ) (78-82) سورة الشعراء
فقد أضاف الخليل – عليه السلام – كل الأفضال والنعم إلى الله – عز وجل – حتى إذا ذكر المرض أضافه إلى نفسه أدباً مع ربه – عز وجل – ولنا في ذلك قدوة حسنة.
يونس – عليه السلام -:
حين التهم الحوت يونس – عليه السلام – وأيقن بالهلاك وألا منجي له مما هو فيه إلا الله
(وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ) (87) سورة الأنبياء
قال البقاعي: "ولما نزهه عن الشريك قال: (سبحانك) أي تنزهت عن كل نقص، فلا يقدر على الإنجاء من مثل ما أنا فيه غيرك؛ ثم أفصح بطلب الخلاص بقوله ناسباً إلى نفسه من النقص ما نزه الله عن مثله: (إني كنت) أي كوناً كبيراً (من الظالمين) أي في خروجي من بين قومي قبل الإذن، فاعف عني كما هي شيمة القادرين، ولذلك قال – تعالى -مسبباً عن دعائه: (فاستجبنا له) ".
قال الألوسي: " (سبحانك) أي أنزهك تنزيهاً لائقاً بك من أن يعجزك شيء أو أن يكون ابتلائي بهذا من غير سبب من جهتي (إني كُنتُ مِنَ الظالمين) لأنفسهم بتعريضها للهلكة حيث بادرت إلى المهاجرة من غير أمر على خلاف معتاد الأنبياء – عليهم السلام -، وهذا اعتراف منه – عليه السلام – بذنبه وإظهار لتوبته ليفرج عنه كربته".
ومن دعاء يونس – عليه السلام – في هذه الحالة العصيبة وهذا الهم الذي كان فيه، نستفيد أن الدعاء لكشف الغم ورفع الابتلاء يحسن بهذه الطريقة المتمثلة في تمجيد الله – عز وجل – بوحدانيته وتنزيهه عن كل نقص مع إثبات قدرته وحده – عز وجل – على رفع هذا البلاء الذي ما حل إلا بسببٍ من جهة الداعي مع الاعتراف بالتقصير والتعريض بالتوبة للنجاة من هذه الغمة ولتفريج الكربة.
وختاماً:
فإنه من الواضح بعد استعراض لمحة بسيطة من أدب الأنبياء مع الله – عز وجل – في الدعاء، أن حسن الأسلوب واختيار الألفاظ المناسبة في الطلب وكذلك اختيار الأوقات الفضيلة والحالات التي يتبين فيها نزول رحمة الله – عز وجل – وكذلك اختيار الأماكن الفاضلة له اثر كبير في إجابة الدعوة كالدعاء في المحراب.
كما أن تقديم الوسيلة بين يدي الدعاء بقول أو فعل يُرضي الله – عز وجل – مدعاة لسرعة الإجابة وتحقيق الطلب.
ومن المستحبات في الدعاء ذكر الله – عز وجل – في الدعاء بصفة تناسب حال الداعي وحاجته كقول عيسى – عليه السلام – ( وَارْزُقْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ) (114) سورة المائدة
ومن لطائف الدعاء الداعية إلى استجابته التعريضُ بالحاجة دون ذكرها، كما أن استخدام المؤكدات اللفظية لإثبات شدة الحاجة إلى الله – عز وجل – من دواعي الاستجابة بإذن الله – تعالى -كالتأكيد في قوله – تعالى – (رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ) (24) سورة القصص. ومن الجميل في الدعاء ربط الطلب الدنيوي بأمر ديني من باب الاستعانة على أمور الدين بأمور الدنيا كقوله – تعالى – ( وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ) (37) سورة إبراهيم
وكقوله – تعالى – (وَاجْعَل لِّي وَزِيرًا مِّنْ أَهْلِي * هَارُونَ أَخِي * اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي* وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي * كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا * وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا * إِنَّكَ كُنتَ بِنَا بَصِيرًا) (29-35) سورة طـه
أن من الحالات التي تجاب فيها الدعوة الدعاء حال الصلاة لقوله – تعالى – (فَنَادَتْهُ الْمَلآئِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِّنَ الصَّالِحِينَ) (39) سورة آل عمران
مراعاة عدم نسبة البلاء إلى الله – عز وجل – في حالة الدعاء برفعه وإن كنا نؤمن بأن الله كتبه وذلك اقتداء بدعاء الأنبياء في هذه المسألة.
كما أن في قصة يونس – عليه السلام – زيادة لطيفة بخصوص الدعاء لرفع البلاء، إذ يحسن بالمسلم حين البدء في الدعاء أن يبدأ بتمجيد الله وتوحيده وتنزيهه عن النقائص وأن ينسب الخطأ الموقع في هذا الكرب إلى نفسه معرِّضاً بتوبته وإقلاعه فإن ذلك أدعى للإجابة ونوال المطلوب.
والله أعلم وصل الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
حين أبتلى الله – عز وجل – عبده ونبيه أيوب – عليه السلام – بالمرض وكان بلاءً شديداً أشاد الله بصبره كما أشاد بدعائه – عليه السلام -: (وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ) (83) سورة الأنبياء
قال ابن حيان: "وقد ألطف أيوب في المسألة حين ذكر نفسه بما يوجب الرحمة وذكر ربه بغاية الرحمة ولم يصرح بالمطلوب ولم يعين الضر الذي مسه ولم ينسبه إلى الله مع أنه فاعله ولا يقدر عليه إلا هو".
قال ابن عاشور: " (وأنت أرحم الراحمين) هو ثناء على الله – عز وجل – مع تعريض بالدعاء".
قال الثعالبي: "وهذا الاسم المبارك مناسب لحال أيوب – عليه السلام -".
وعلق النسفي على دعاء أيوب – عليه السلام – فقال: "لقد ألطف أيوب في المسالة".
ومن الدروس المستفادة من دعاء أيوب – عليه السلام – في آداب الدعاء، التوجه إلى الله – عز وجل – بأحد أسمائه أو صفاته المناسبة لحال الداعي أو طبيعة الطلب فإن ذلك أبلغ في الدعاء وأسرع في الإجابة، كما أن عدم التصريح بالمطلوب هو من دواعي إجابة الدعاء ومن كمال الأدب مع الله – عز وجل – كما وقد سبق توضيحه.
أن استخدام التأكيد اللفظي في الدعاء لبيان شدة الحاجة من آداب الدعاء التي استخدمها أيوب – عليه السلام – وهو من باب الإلحاح على الله في الدعاء. كما لا ينبغي للداعي أن ينسب ما أصابه من ضُرٍ أو بلاءٍ أو نصبٍ إلى الله – عز وجل – تأدباً معه – سبحانه وتعالى – مع أنه قدره وكتبه، كما في قصة إبراهيم – عليه السلام – مع قومه: (الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ * وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ * وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ * وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ * وَالَّذِي أَطْمَعُ أَن يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ ) (78-82) سورة الشعراء
فقد أضاف الخليل – عليه السلام – كل الأفضال والنعم إلى الله – عز وجل – حتى إذا ذكر المرض أضافه إلى نفسه أدباً مع ربه – عز وجل – ولنا في ذلك قدوة حسنة.
يونس – عليه السلام -:
حين التهم الحوت يونس – عليه السلام – وأيقن بالهلاك وألا منجي له مما هو فيه إلا الله
(وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ) (87) سورة الأنبياء
قال البقاعي: "ولما نزهه عن الشريك قال: (سبحانك) أي تنزهت عن كل نقص، فلا يقدر على الإنجاء من مثل ما أنا فيه غيرك؛ ثم أفصح بطلب الخلاص بقوله ناسباً إلى نفسه من النقص ما نزه الله عن مثله: (إني كنت) أي كوناً كبيراً (من الظالمين) أي في خروجي من بين قومي قبل الإذن، فاعف عني كما هي شيمة القادرين، ولذلك قال – تعالى -مسبباً عن دعائه: (فاستجبنا له) ".
قال الألوسي: " (سبحانك) أي أنزهك تنزيهاً لائقاً بك من أن يعجزك شيء أو أن يكون ابتلائي بهذا من غير سبب من جهتي (إني كُنتُ مِنَ الظالمين) لأنفسهم بتعريضها للهلكة حيث بادرت إلى المهاجرة من غير أمر على خلاف معتاد الأنبياء – عليهم السلام -، وهذا اعتراف منه – عليه السلام – بذنبه وإظهار لتوبته ليفرج عنه كربته".
ومن دعاء يونس – عليه السلام – في هذه الحالة العصيبة وهذا الهم الذي كان فيه، نستفيد أن الدعاء لكشف الغم ورفع الابتلاء يحسن بهذه الطريقة المتمثلة في تمجيد الله – عز وجل – بوحدانيته وتنزيهه عن كل نقص مع إثبات قدرته وحده – عز وجل – على رفع هذا البلاء الذي ما حل إلا بسببٍ من جهة الداعي مع الاعتراف بالتقصير والتعريض بالتوبة للنجاة من هذه الغمة ولتفريج الكربة.
وختاماً:
فإنه من الواضح بعد استعراض لمحة بسيطة من أدب الأنبياء مع الله – عز وجل – في الدعاء، أن حسن الأسلوب واختيار الألفاظ المناسبة في الطلب وكذلك اختيار الأوقات الفضيلة والحالات التي يتبين فيها نزول رحمة الله – عز وجل – وكذلك اختيار الأماكن الفاضلة له اثر كبير في إجابة الدعوة كالدعاء في المحراب.
كما أن تقديم الوسيلة بين يدي الدعاء بقول أو فعل يُرضي الله – عز وجل – مدعاة لسرعة الإجابة وتحقيق الطلب.
ومن المستحبات في الدعاء ذكر الله – عز وجل – في الدعاء بصفة تناسب حال الداعي وحاجته كقول عيسى – عليه السلام – ( وَارْزُقْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ) (114) سورة المائدة
ومن لطائف الدعاء الداعية إلى استجابته التعريضُ بالحاجة دون ذكرها، كما أن استخدام المؤكدات اللفظية لإثبات شدة الحاجة إلى الله – عز وجل – من دواعي الاستجابة بإذن الله – تعالى -كالتأكيد في قوله – تعالى – (رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ) (24) سورة القصص. ومن الجميل في الدعاء ربط الطلب الدنيوي بأمر ديني من باب الاستعانة على أمور الدين بأمور الدنيا كقوله – تعالى – ( وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ) (37) سورة إبراهيم
وكقوله – تعالى – (وَاجْعَل لِّي وَزِيرًا مِّنْ أَهْلِي * هَارُونَ أَخِي * اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي* وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي * كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا * وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا * إِنَّكَ كُنتَ بِنَا بَصِيرًا) (29-35) سورة طـه
أن من الحالات التي تجاب فيها الدعوة الدعاء حال الصلاة لقوله – تعالى – (فَنَادَتْهُ الْمَلآئِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِّنَ الصَّالِحِينَ) (39) سورة آل عمران
مراعاة عدم نسبة البلاء إلى الله – عز وجل – في حالة الدعاء برفعه وإن كنا نؤمن بأن الله كتبه وذلك اقتداء بدعاء الأنبياء في هذه المسألة.
كما أن في قصة يونس – عليه السلام – زيادة لطيفة بخصوص الدعاء لرفع البلاء، إذ يحسن بالمسلم حين البدء في الدعاء أن يبدأ بتمجيد الله وتوحيده وتنزيهه عن النقائص وأن ينسب الخطأ الموقع في هذا الكرب إلى نفسه معرِّضاً بتوبته وإقلاعه فإن ذلك أدعى للإجابة ونوال المطلوب.
والله أعلم وصل الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
جزاكى الله خيرا
لا اله الا الله محمد رسول الله.بارك الله فيك و جزاك الف الف الف خير و تسلميلي
جزاكي الله خيرا
شكرا لمروركم