المرفوع لغة هو الصاعد، نقول مرفوع فوق سطح البيت أي صاعد فوقه، واصطلاحا هو ما أضيف إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- من قول أو فعل أو تقرير أو حال أو صفة خِلقية أو خُلُقية سواء كان الحديث متصلا أو منقطعا أو صحيحا أو ضعيفا.
مثال المرفوع القولي: عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول "إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها، أو امرأة ينكحها، فهجرته إلى ما هاجر إليه".
ومثال المرفوع الفعلي، عن عائشة رضي الله عنها قالت: "ما زاد النبي -صلى الله عليه وسلم- على إحدى عشرة ركعة في رمضان وغيره، فلا تسأل عن حُسْنهن وطولهن وقراءتهن".
ومثال المرفوع التقريري، عن عَمرو ابن العاص رضي الله عنه أنه خرج في واقعة ذات السلاسل فأصابته جنابة فخشي على نفسه الهلاك من شدة البرد فتيمم وصلى الصبح فلما رجعوا أُخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال – صلى الله عليه وسلم- يا عَمرو أصَليت بالناس جُنبا، فقال رضي الله عنه تذكرت قول الله تعالى ﴿ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ﴾ [النساء: 29] فتبسم النبي -صلى الله عليه وسلم- وسكت".
ومثال المرفوع الحالي، دخل أعرابي إلى مسجد النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال أيكم محمد، قالوا ذلك الرجل الأبيض المتكئ.
وأما مثال المرفوع الخِلقي، عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- أحسن الناس وجها وأحسنهم خُلقا، ليس بالطويل البائن ولا بالقصير".
وأما مثال المرفوع الخُلقي، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي".
ويوجد نوع ثان من المرفوع يسمى عند أهل المصطلح بالموقوف الذي حُكْمه الرفع وهو قول الصحابي الذي دلّت قرينة على أن أصله من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وينقسم إلى خمسة أنواع:
النوع الأول: التقريرات زمن الوحي، أي سكوت الوحي (القرآن والسنة) عن أفعال الصحابة زمن نزوله وإن لم تكن أفعالهم بحضرة النبي -صلى الله عليه وسلم- لأن الوحي لا يَسكت على منكر، قال جابر بن عبدالله رضي الله عنهما: "كنا نعزل والقرآن ينزل".
النوع الثاني: قول الصحابي أُمرنا بكذا وكذا، فالاحتمال الأرجح أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هو الآمر كقول بن عباس رضي الله عنهما "أُمِرنا أن نكلم الناس على قدر عقولهم"، وللأمانة العلمية فهذا الحديث لا يخلو من مقال.
النوع الثالث: قول الصحابي نهينا، كقول أم عطية رضي الله عنها: "نهينا عن اتباع الجنائز ولم يُعزم علينا".
النوع الرابع: قول الصحابي قولا لا مجال للاجتهاد فيه، كأمور الغيب أو تفسيره للقرآن تفسيرا لا يمكن أن يجتهد فيه، مثال: روى الإمام البخاري في كتاب الاعتصام عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه أنه قال: "يا معشر القرّاء استقيموا لقد سبقتم سبقا بعيدا، فلا تأخذوا يمينا ولا شمالا فتضلوا ضلالا بعيدا"، فقوله "لقد سبقتم سبقا بعيدا" لا يمكن أن يسمعه إلا من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ويشترط في هذا النوع ألا يكون الصحابي معروفا بالتحديث من كتب أهل الكتاب كعبد الله بن عمرو رضي الله عنهما خشية أن تنسب أخبار أهل الكتاب إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم.
النوع الخامس: قول التابعي عن الصحابي: رَفَعَه أو بلغ به، أو يقول في أول الرواية مرفوعا، ففي الصحيحين عن أبي هريرة مرفوعا: بينما كلب يطيف بركية كاد يقتله العطش إذ رأته بغي من بغايا بني إسرائيل فنزعت موقها فسقته فغفر لها به.
وقد اتفق المحدثون والأصوليون على أن الحديث المرفوع أو الموقوف الذي حكمه الرفع يصلحان للاحتجاج إن توفرت فيهما شروط الصحيح أو الحسن.
نسأل الله تعالى أن يتقبل عملنا وأن يجعلنا من خَدَمة سنته -صلى الله عليه وسلم-، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.