حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه بإذنه
عدد ما أحصى علمه
وكما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه
وصلى الله على نبينا وحبيبنا محمد
وعلى آلــه وصحبه وسلَّم
{ وَلِلَّـهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ فَادْعُوهُ بِهَا }
180 الأعراف
{ قُلِ ادْعُوا اللَّـهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَـٰنَ ۖ أَيًّا مَّا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ }
110 الإسراء
{ اللَّـهُ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ ۖ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ }
8 طــه
{ هُوَ اللَّـهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ ۖ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ }
24 الحشر
قال النبي صلى الله علية وسلم
(
( ولا يحفظهما أحدا ألا دخل الجنة )
كل ما سمحت لنا الفرصة سوف أذكر اسماً من أسماء الله سبحانه وتعالى
مع شرح معناه
ومن اراد المشاركه بذلك
المساحه مفتوحه للجميع
الحق ، الوكيل ، القوى ، المتين ، الولى ، الحميد ، المحصى ، المبدئ ، المعيد ، المحيى ،
المميت الحي ، القيوم ، الواجد ، الماجد ، الواحد ، الصمد ، القادر ، المقتدر
ذكر الإسم " الله " سبحانه وتعالى ألفين وسُتمائة وتسع وتسعين مرة في القرآن الكريم ,
كما ورد في المعجم المفهرس . وزيادة ذكر " الله " مرة في بسم الله الرحمن الرحيم ,
باعتبار البسملة آية في فاتحة الكتاب .
الله هو الإسم العظيم الدال على الموجود الحق الجامع لجميع صفات الكمال الإلهية
وهو أكبر الأسماء وأجمعها للمعاني .
وهو الإسم الذي تفرّد به الله سبحانه وتعالى , واختصه لنفسه وقدّمه على جميع أسمائه , وأضاف أسمائه كلها
إليه , وكل ما يأتي بعده من الأسماء نعتُ له , وصفة , ومتعلِّقة به , وتوصف سائر الأسماء بأنها أسماء الله تعالى .
يقال : " الأسماء الحسنى من أسماء الله تعالى , ولا يقال الأسماء الحسنى من أسماء الحليم أو من أسماء الغفور أو من أسماء الصبور "
وإذا قلت " الله " لم ينطلق إلا عليه سبحانه وتعالى , ولهذا جاز أن ينادى اسم الله وفيه لام التعريف ,
ويقطع همزته فيقال : يا الله .
والإسلام لا يتم إلا بذكر هذا الإسم الكريم : " الله " ولا يُقبل اسم عوضٌ منه ؛
فلا يُقال إلا : لا إله إلا الله .
اسم مـن أسماء الله تعالـى،
وهـو أيضاً صفـة من صفاته
يثني عـليه به ويُـمجد ويُعـظم به
كثير الرحمة وهو اسم مقصور على الله عز وجل ولا يجوز ان يقال " رحمن " لغير الله . وذلك لأن رحمتـــه سبحانه وتعالى وسعت كل شىء وهو ارحم الراحمين .
الرحمة هي : الرقة والتعطف،
فالله ذو الرحمة الشاملة لجميع الخلائق في الدنيا وللـمؤمنين في الآخـرة
(الرحيم) بالمـؤمنين يوم القيامة.
متضمن للرحمة الكاملة التي قال عنها رسـول الله صلى الله عليه وسـلم:
"الله أرحم بعباده مـن هذه بولدها"
وقـال الله عنها:
" وََرَحَمتِي َوسعَت كُل شَيءٍ فَسَأكُتُبهَا للَّذين يتَّقُون ويُؤتون الزَّكَاةَ والَّذيِِنَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤمِنُونَ "
،سبحانه ما أعظمه وأرحمه سبقت رحمته غضبه
وسبق عفوه عقوبته
ورحمة الله الواسعـة تراها أينما يمّمـت وجهك في هذا الكـون،
وهي أعظم ما تكـون في الوحي المنزل على رسـل الله وأنـبيائه
" وَنَزَّلنَا عَلَيكَ الـكِتَاب تِبيَاناً لِّكُـل شَـيءٍ وَهُـدًى وَرَحـمَةً وَبُشرَى للِمُسلِمِين َ"
فبرحمته أرسـل إلينا رسولـه وأنزل عـلينا كـتابه، وعلمنا من الجهالة، وهدانا مـن الضلالة، وبصرنا من العمى، وأرشدنا من الغي،
وعرفنا من أسمائه وصفاته وأمثاله ما عرفنا به أنـه ربنا ومـولانا، وبرحمته عـلمنا مالـم نكن نعـلم، وأرشـدنا لمصالـح ديننا ودنيانا.
وأوسـع المـخلوقات عـرشه، وأوسع الصفات رحمته فاستوى عـلى عرشه الذي وسـع المخلوقات بصفة رحمته التي وسعت كل شيء.
ولما استوى على عرشه بهذا الاسـم الذي اشتقه من صفته،وتسمى به دون خلقه
كتب مقتضاه على نفسه يوم استوائه على عرشه
حين قضى الخلق كتاباً
فهو عنده على عـرشه
" إن رحمتي سبقت غضبي"
وكان هـذا الـكتاب العظيم الشأن كالعهـد منه سبحـانه للـخليقة كلها بالـرحمة لـهم،
والعفو عنهم، والصفـح عنهم،
والمغـفرة والتجاوز والستر والإمهـال والحلـم والأناة.
وكـان من وصفة الرحمـة الجنة وسكانهـا وأعمـالهم
فـبرحمته خلقت وبرحمته عمـرت بأهلها
وبرحمته وصلوا إليها وبرحمته طـاب عيشهم فيها.
قال الرسول صلى الله عليه وسلم
"أن الله خلق الرحمة يوم خلقها مائة رحمة " فأنزل منها إلى الأرض رحمة واحدة نشرها بين الخليقة ليتراحموا بها،
فبها تعطف الوالدة على ولدها والطير والوحوش والبهائم،
وبهذه الرحمة قوام العالم ونظامه،
فهـذا التراحم الذي بينهم بعض آثار الرحمة التي هي صفته ونعمته.
وحينما يتأمل المؤمن وهو يقرأ آيات الله يمتلئ وجدانه بحب الله والخشوع له والرغبة في التقرب إليه والعمل على رضـاه فحين يعلم أن الله غفور رحيم
وأنه يقـول
" قُل يَا عبَاديَ الَّذينَ أسرَفُوا عَلَى أنفُسهِمِ لاَ تَقنَطُوا من رّحمَة الله إنَّ اللهَ يَغفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إنه هُوَ الغَفُور الرَّحيم "
ألا يجعله يتطلع لرحمـة الله في أن يغفر له ذنوبه حين يخلص إليه ويتوب، وحين يعلم أن الله هو الرزاق ذو القوة المتين وأنه هو الذي يبسط الرزق وحين يعلم أنه هو الواحد القهار ألا يمتلئ قلبه رهبة من الله الذي يقهر بسلطانه كل شيء وحين يعلم أن الله هو علام الغـيوب الذي لا يعزب عنه مثقال ذرة في السموات ولا في الأرض ألا يتحرز وهو يهم بأي عـمل مـن الأعـمال لأنه يعلـم أن الله يراه ويراقبه فـلا يخفى عليه عـمل أو فـكر أو شعـور ..
واحلى تقييم
الرَّحِيمُ : تجلي الرحمة
وحقيقتها للعباد المؤمنين ، وهو أخص من معنى الرحمان العام بنزول بركته لكل ما خُلق ، وهو يتجلى بعد توجه المؤمن لله فيخصه بالتوفيق للطاعة ، وهو الهدى بعد الاهتداء ، والرحمان : عام بكل المؤمنين وغيرهم ولكنه في الدنيا فقط للكل ، وفي الآخرة يختص بالمؤمنين وحدهم ، والرحيم : خاص بالمؤمنين فيعمهم دنيا وآخرة .
والله تعالى هو الرحيم الحق : لأنه يحسب لمن يتقي نور لم يخصه بغيره ممن يتعصى ولم يستعد لتجلي نوره الأبدي التام ، فإن كتاب الله : هدى للمتقين فمن يقبل هداه يهتدي ، لا فقط تشريع الدين فإن التشريع من فيض الرحمان ، والقبول للهدى والبقاء فيه من فيض الرحيم ، بل تتركز رحمة الرحمان على العبد المطيع فيكون به رحيم برحمة أبدية دائمة تثبته على الدين وترزقه النعيم الأبدي ، ولذا قال الله تعالى :
{ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ ويُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ (الأعراف156) الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النور الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (157)}الأعراف. وقد خصص الرحمن الرحيم رحمته في الآخرة بمن يتقي في الدنيا.
وقال ربنا الرحمن الرحيم ينبهنا ويطالبنا بالتوجه لرحمته لنيل بركاته :
{ وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (105) يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكْفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُواْ الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (106)
وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ الله هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (107) تِلْكَ آيَاتُ الله نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَمَا الله يُرِيدُ ظُلْمًا لِّلْعَالَمِينَ (108) } آل عمران .
وقال سبحانه : { ادْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (55) وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعً
إِنَّ رَحْمَتَ الله قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ (56) } الأعراف .
وقال عز وجل : { وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ (الدخان38) مَا خَلَقْنَاهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (39) إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ مِيقَاتُهُمْ أَجْمَعِينَ (40) يَوْمَ لَا يُغْنِي مَوْلًى عَن مَّوْلًى شَيْئًا وَلَا هُمْ يُنصَرُونَ (41)
إِلَّا مَن رَّحِمَ الله إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (42) } الدخان .
وإذا عرفنا هذا التجلي العام لله الرحيم سبحانه : على كل مؤمن متقي محسن ، فيكون في رحمة الله الخاصة أبدا ، ويكون الله به رحمن رحيم ، وإن كان هو خاص بحقيقته ويختص بتجليه على المؤمنين والمتقين والمخلصين ، وهكذا يرتفعون ببركته المؤمنون الطيبون حتى يكونوا أبرار بل مقربين ، فإن لله الرحيم له تجلي أخص هو بالأنبياء والمرسلين ، وبه أصبح الأنبياء والمرسلين أنبياء ومرسلين ، وكان لهم من أهلهم خلفاء الله وأوصياء لهم في أرض رب العالمين من بعدهم ، وهذا تراه جليا في قول الرحمن الرحيم تعالى :
{ فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ الله
وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلًّا جَعَلْنَا نَبِيًّ (49) وَوَهَبْنَا لَهُم مِّن
رَّحْمَتِنَا وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ عَلِيًّ (50)
وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مُوسَى إِنَّهُ كَانَ مُخْلَصًا وَكَانَ رَسُولًا نَّبِيًّا (51) وَنَادَيْنَاهُ مِن جَانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا (52) وَوَهَبْنَا لَهُ مِن رَّحْمَتِنَا أَخَاهُ هَارُونَ نَبِيًّ (53)
وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَّبِيًّا (54) وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِندَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا (55) وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَّبِيًّا (56) وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا (57) أُوْلَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ الله عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ مِن ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِن ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَن خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّ (58) } مريم .
فلما توجهوا لله الرحمن وأخلصوا له الدين : خصهم الله الرحيم برحمته وجعل من ذريتهم وأهلهم أنبياء وأوصياء كما في إبراهيم وموسى وعليهم السلام بل ساري في ذرية الأنبياء ، وهذا بعينه جاري في الإسلام في نبينا وآله وكان لهم تجلي خالص من الله الرحمان الرحيم وأخص في الرحمة بأعظم تجلي ظهر به الرحيم، فكان نبينا محمد بل آله معه صلى الله عليهم وسلم بتجلينور رحمة الله الرحيم وجودا ورسالةً ونبوة وإمامة أشرف الأنبياء والمرسلين والأوصياء والخلفاء وأكملهم ، فهم أكمل وأتم مَن توفق بفضل الله الرب الرحيم لتحمل هداه ونوره فصاروا في الأرض حقيقة لتجلي حقيقة اسم الرب الرحيم بعد أن تحلوا برحمته وفضل بأوسع تحلي وتجلي .
ولذا قال الله الرحمن الرحيم لنبي الرحمة محمد صلى الله عليه وآله :
{ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ (107) } الأنبياء .
{ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَن يَشَاء وَالله ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (74) } آل عمران .
{ وَلَوْلاَ فَضْلُ الله عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّت طَّآئِفَةٌ مُّنْهُمْ أَن يُضِلُّوكَ وَمَا يُضِلُّونَ إِلاُّ أَنفُسَهُمْ وَمَا يَضُرُّونَكَ مِن شَيْءٍ وَأَنزَلَ الله عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ الله عَلَيْكَ عَظِيمً (113) } النساء .
وقد قال لأهل البيت بصورة عامه من زمن نبي الله إبراهيم وهو جد نبينا الأكرم وبذريته استمرت الرسالة حتى نبينا وآله لآخر الزمان فقال :
{ قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ الله
رَحْمَةُ الله وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ }هود73 .
ولنا قال : { وَأَطِيعُوا الله وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (132) وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ} آل عمران133 . وبالخصوص لتبقى لنا الرحمة الخاصة قال :
{ وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الأَمْنِ أَوْ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ
وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ
لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ
وَلَوْلاَ فَضْلُ الله عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُلاَتَّبَعْتُم ْ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً } النساء83 .
وقد عرفت يا طيب : إن أولي الأمر هم آل نبينا بعده كما في آية إعطاء الإمام علي للزكاة وهو راكع في آية الولاية ، ورسوخهم بعلم الكتاب والمباهلة والتطهير والمودة وغيرهن، وحين يعرف العبد رحمة الله وسبيل الاتصال بها ، يكون قد أتصل برحمة خاصة وبالخصوص وهو يقرأ سورة الفاتحة التي يكرر فيها اسم الله الرحمن الرحيم مرتين وفي كل يوم عشرة مرات ، في كل صلاة مرتان صبح وظهر وعصرا ومغربا وعشاء ، ويطلب من الله الرحمن الرحيم مكررا ويقر لرب العالمين ليهديه الصراط المستقيم للمنعم عليه بنعمة خاصة وهي نعمة الهداية ، رحمة هدايته بأئمة الحق بعد نبي الرحمة ، لكي لا يكونوا من المغضوب عليهم لأنهم لم يتصلوا بأهل رحمة الله ولا الضالين عنهم ممن بعدوا عن رحمة الله وطردوا عن نور تجلي كل الأسماء الحسنى .
ويا طيب : قد قال الله الرحمن الرحيم آية في كل سورة من سور كتابه الكريم وكررت بالمجموع مائة وأربعة عشر مرة إلا في التوبة وكررت بدلها في النمل ، ذكر في هذه الآية الكريمة التي هي أقرب آية من الاسم الأعظم وهي مثل سواد العين إلى بياضها كما جاء في الروايات، ذكر فيها معارف تجلي رحمته الخاصة والعامة في قوله :
{ بِاِسْمِ الله الرَّحْمَانِ الرَّحِيمِ }الفاتحة1.
فهو الله سبحانه بنفسه رحمن رحيم : وظاهر بنور الرحمة على كل الوجود وهما أسمان واسعان معنى وتجلي ويكادان يدخلان في كل معاني تجلي الأسماء الحسنى ولهما ظهورا وضحا أو بطون يعرف بدقة النظر ، وما من خلق وهدى وإعطاء وتجلي إلا وهو من رحمته سواء رحمة الرحمان العامة أو الرحيم الخاصة ، وإنك عارف إن تجلي الأسماء الحسنى هو بالعدل والإحسان وبالخصوص لمن يستعين به بحاله أو مع مقاله .
ويا طيب : بعد إن عرفت تجلي اسم الله الرحمان الرحيم في تجلهما في الدنيا والآخرة وعلى كل البشر وعرفنا الرحمة الخاصة ، وعرفنا سعة الاسمين الكريمين وأهمية تجليها في الوجود ، نذكر بعض التدبر في علو مرتبهما بأسلوب آخر يذكره الله في كتابه المجيد في آخر سورة الحشر وهو قوله تعالى :
{ هُوَ الله الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ (22) هُوَ الله الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ الله عَمَّا يُشْرِكُونَ (23) هُوَ الله الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الأسماء الحسنى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (24) } الحشر .
فإن الله سبحانه : بعد أن يبين إلوهيته وإنه عالم بما في الغيب والشهادة ، عرفنا أنه رحمان رحيموظهرت رحمته في الوجود فوسعت كل شيء ملك فكان له ملك وخلق من إله رحمن رحيم مقدس بنفسه وبخلقه المنزه من النقص والسالم من الحاجة لغيره والمهيمن عليه هيمنة عزيز جبار ، لا يضيع أجر أحد أو يتركه لا يسد نقصه لما يحصل لله من المزاحمات التكوينية ، ومع هذا التجلي لكل شيء برحمته لم يكن له حاجة لأحد من خلقه بل هو المتكبر وأعلى مما يصف المبطلون والمقصرون في معرفة عظمته فسبحانه عما يشركون ، وإذا كان تجلي رحمته بهذه الصورة ، فهو الخالق للخلق البريء من النقص وقد صوره بأحسن صورة ممكنه بتجلي الأسماء الحسنى كلها حسب حاجة كل مخلوق وشأنه ، ولذا كان يسبحه كل شيء بتكوينه ويدل على كماله وعدم نقصه ، ويعرفنا أن ربه الله رحمن رحيم عزيز حكيم ، لم يخلق الخلق بخلق باطل ولا غرض له ، بل أوجد كل شيء بنور رحمته المتجلية بالوجود بأحكم خلق حتى يصل لأحسن غايته وحسب طلبه وتوجه لله وشأنه في الوجود . فتدبر الآيات.
ويا طيب : إن الله كما خلق الخلق هداه بأنبياء ورسل وأوصياء على طول الزمان وكان ما أنزل عليهم من الكتب نور وهدى ورحمة لهم ، كما كان أنبياءه رحمة ، وكلها تدلنا على عظمته ورحمته العامة والخاصة ، إن طلبناه بتوجهنا له مخلصين له الدين ، وداعين له بأسمائه الحسنى متحققين بها علما وعملا ، وخلقا وسيرة وسلوكا ، كما قال سبحانه وتعالى في معارف أسماءه الحسنى وكتابه الكريم الذي رحمنا به ، وبهذا يعرفنا الله الرب الرحمن الرحيم سبحانه رعايته لعباده وكما قال :
{ وَلِلَّهِ الأسماء الحسنى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ(180) ….. وَإِذَا لَمْ تَأْتِهِمْ بِآيَةٍ قَالُوا لَوْلاَ اجْتَبَيْتَهَا قُلْ إِنَّمَا أَتَّبِعُ مَا يُوحَى إِلَيَّ مِنْ رَبِّي هَذَا بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (203) وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ } الأعراف204.
ومن يرى كل هذه الرعاية الواسعة بالرحمة من الله الرحمن الرحيم بكل شيء :
فلا يحق بعد هذا أن يفسد في الأرض ولا يدخل تحت رحمته ولا يتعرف على موارد تجليها ، فقد علمنا وهدانا سبحانه : {وَلاَ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَتَ الله قَرِيبٌ مِنْ الْمُحْسِنِينَ }الأعراف56.
كما لا يحق له : بعد ذلك أن يقنط من البقاء الدائم في رحمة الله لبعض الجهل والتعدي للتقصير والقصور فلا يتوب ، فإن رحمة الله واسعة حتى للمسرفين وقد قال:
{ قُلْ يَا عِبَادِي الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ الله
إِنَّ الله يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ }الزمر53 .
والمؤمن : ذو رحمة واسعة يرحم نفسه بطلب الهدى الحق لها ممن خصهم الله برحمته ويقوم بعبودية ربه الرحمان الرحيم ، ويتجلي بالرحمة على أهله وكل من يكون في حيطته ويحتاج له ، ولا ييأس من رحمة الله أبدا ويسعى للكون فيها بجد دائما . .