قبل أيام ولدت طفلة شقراء ذات عيون زرقاء لأبوين أسودين، وهي حالة نادرة جداً، حيث وصف الوالدان الدهشة التي اعترتهما لدى ولادة الطفلة بقولهم: "جلسنا كلانا نحدق فيها بعد الولادة." وحيرت الحالة العلماء المختصين في الجينات الوراثية إذ أن الوالدين لا ينحدران من عرقية مختلطة. ووصف البروفيسور براين سكايز، رئيس قسم الجينيات البشرية، الحالة بأنها "استثنائية".
وقد استغرب العلماء من هذه الحالة وقالوا: "إن شعر الطفلة غير عادي للغاية. فحتى العديد من الأطفال الشقر لا يملكون شعراً أشقراً على هذا النحو عند الولادة." ورفض الأطباء نظرية أن تكون هذه الطفلة من فئة الأشخاص شديدي البياض جراء اضطرابات وراثية تصيب النظام الصبغي للبشرة – "البينو" "Albino – ولم يجدوا تفسيراً للحالة سوى أنها "نزوة جينية."
كيف نظر النبي الكريم لمثل هذه الحالات النادرة؟
في زمن الجاهلية حيث بُعث النبي الأعظم صلى الله عليه وسلم، كان الاعتقاد السائد لدى معظم الناس أن أي امرأة تلد ولداً يختلف لونه عن لون أبويه لابد أن تكون زانية وأن الولد ليس ولده؟ وذد حدثت حالة مشابهة لما رأيناه زمن النبي الكريم، فقد روى ابن عمر رضي الله عنه أن رجلا من أهل البادية أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال "يا رسول الله إن امرأتي ولدت على فراشي غلاماً أسود، وإنا أهل بيت لم يكن فينا أسود قط".
إنها حالة غريبة بالفعل أن تلد الأم طفلاً أسود لأبوين أبيضين، ولا يوجد في العائلة أي فرد أسود، ولذلك شك هذا الرجل بزوجته ولكن الإسلام علّمه ألا يتسرع في الحكم ويستشير المعلم الأول صلى الله عليه وسلم، والسؤال: كيف عالج النبي هذه القضية؟ وهل صحيح ما يدعيه بعض العلمانيين أن النبي كان يخاطب الناس بمفاهيم عصره سواء كانت صحيحة أم خاطئة؟
طبعاً في ذلك الزمن لم يكن أحد يعلم شيئاً عن نظرية الجينات والوراثة والهندسة الوراثية. ولكن النبي الرحيم خاطب هذا الأعرابي بلغة يفهمها وهي تطابق العلم الحديث مئة بالمئة!
قال النبي صلى الله عليه وسلم للأعرابي: هل لك من إبل؟ قال نعم، قال فما ألوانها؟ قال حمر، قال هل فيها أسود؟ قال لا، قال فيها أورق؟ قال نعم، قال فأنى كان ذلك؟ قال عسى أن يكون نزعه عرق، قال فلعل ابنك هذا نزعه عرق" [حديث حسن صحيح رواه أبو داود].
انظروا يا أحبتي إلى هذا العلم النبوي الرائع، لو تأثر النبي بثقافة عصره كما يدّعي هؤلاء الملاحدة، إذاً لأقر بأن هذا الولد ليس ابنه، ولكن هذا النبي الكريم لا ينطق عن الهوى، لأن الله تعالى هو الذي علمه.
وبالفعل وبعد أكثر من ألف وأربع مئة سنة تتكرر الحالة ذاتها وتنال استغراب الأطباء ودراستهم الدقيقة ويؤكدون أن الجينات يمكن أن تنزع أو كما يعبرون بقولهم: "نزوة جينية"، هذا ما عبّر عنه النبي بقوله: "عسى أن يكون نزعه عرق" وهذا يطابق تماماً أقوال العلماء اليوم… ألا يدلّ هذا الحديث الشريف على صدق هذا النبي الكريم؟
ــــــــــــ
بقلم عبد الدائم الكحيل
ربنا يبركلك