السلام عليكم شيخ عبد الرحمن.
وبارك الله فيك وشكرا على توضيحك للموضوع السابق
ما صحة هذا الموضوع, حتى يتم الرد عليهم
ذهب الدكتور …. (رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات الاستيراتيجية والقانونية)
إلى القول بأن الحور العين ليسوا للمتعة الحسية وذلك لأن الدوافع الجنسية غير موجودة في الجنة وأن آدم لم يغادرها إلا بعد انكشاف سوءته ( عورته)، وأن الاستمتاع بالحور العين ليس جنسياً بل هو معنويا.
فالجنة لا جنس فيها لأن الأجهزة التناسلية للإنسان تختفي، لأنه ليس في حاجة إليها في الجنة، كما ليس في حاجة إلى كل الغرائز بلا استثناء التي ابتلى الله بها الإنسان على وجه الأرض لتستقيم الحياة . الجنة ليس فيها جنس وليس فيها خوف، بل تنعدم فيها معظم الغرائز
الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وبارك الله فيك
ما الذي جَرّأ أهل القانون والصحافة أن يخوضوا في مثل هذه المسائل ؟ وهي مسائل غيبية لا يُثبَت ولا يُنْفَى منها شيء إلا بِدليل . ثم أين احترام التخصص ؟
ويكفي في ردّ هذا القول أنه لم يَقُل به أحدٌ مِن علماء الأمة فيما أعلم .
ويَلْزَم مِن هذا القول
القول بأن أهل الجنة لا يأكلون ولا يشربون ؛ بزعم أنهم ليسوا " في حاجة إليهما " ، ولأن دوافِع الأكل والشرب غير موجودة في الجنة .
وهذا ردّ لصريح القرآن والسنة ، بل وخَرْق للإجماع المنعقد على أن أهل الجنة يأكلون ويشربون.
والأدلة الصحيحة الصريحة جاءت بإثبات الاستمتاع الجنسي في الجنة .
قال الله تعالى : (إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ (55) هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلالٍ عَلَى الأَرَائِكِ مُتَّكِئُونَ) .
وقد فسّر علماء السلف الشُّغل في هذه الآية بافتضاض الأبكار
.
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي مَعْنَى الشُّغُلِ : فِي افْتِضَاضِ الأَبْكَارِ .
وقَال ابن مسعود : شُغُلُهُمُ افْتِضَاضُ الْعَذَارَى .
وبِقَولِ ابن عباس رضي الله عنهما قال كلّ مِن : سَعِيد بن المسَيّب، وعِكْرِمَة، وَالْحَسَن ، وَقَتَادَة ، وَالأَعْمَش ، وَسُلَيْمَان التَّيْمِيّ ، وَالأَوْزَاعِيّ .
وفي حديث أَنَسٍ رضي الله عنه أن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: يُعْطَى المُؤْمِنُ فِي الجَنَّةِ قُوَّةَ كَذَا وَكَذَا مِنَ الجِمَاعِ . قِيلَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَوَ يُطِيقُ ذَلِكَ؟
قَالَ : يُعْطَى قُوَّةَ مِائَةٍ . رواه الترمذي ، وصححه الألباني .
وفي حديث زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ رضي الله عنه قَالَ : أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ مِنَ الْيَهُودِ فَقَالَ:
يَا أَبَا الْقَاسِمِ، أَلَسْتَ تَزْعُمُ أَنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ يَأْكُلُونِ فِيهَا وَيَشْرَبُونَ ؟
وَقَالَ لأَصْحَابِهِ : إِنْ أَقَرَّ لِي بِهَذِهِ خَصَمْتُهُ .
قَالَ : فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: بَلَى وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنَّ أَحَدَهُمْ لَيُعْطَى قُوَّةَ مِائَةِ رَجُلٍ فِي الْمَطْعَمِ وَالْمَشْرَبِ وَالشَّهْوَةِ وَالْجِمَاعِ .
قَالَ: فَقَالَ لَهُ الْيَهُودِيُّ: فَإِنَّ الَّذِي يَأْكُلُ وَيَشْرَبُ تَكُونُ لَهُ الْحَاجَةُ . قَالَ : فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : حَاجَةُ أَحَدِهِمْ عَرَقٌ يَفِيضُ مِنْ جُلُودِهِمْ مِثْلُ رِيحِ الْمِسْكِ، فَإِذَا الْبَطْنُ قَدْ ضَمر . رواه الإمام أحمد والنسائي في الكبرى ، وصححه الألباني والأرنؤوط .
قَالَ بن الْجَوْزِيِّ : لَمَّا كَانَتْ أَغْذِيَةُ أَهْلِ الْجَنَّةِ فِي غَايَةِ اللَّطَافَةِ وَالاعْتِدَالِ ، لَمْ يَكُنْ فِيهَا أَذًى وَلا فَضْلَةً تُسْتَقْذَرُ ، بَلْ يَتَوَلَّدُ عَنْ تِلْكَ الأَغْذِيَةِ أَطْيَبُ رِيحٍ وَأَحْسَنُهُ .
وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه : قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ , هَلْ نَصِلُ إِلَى نِسَائِنَا فِي الْجَنَّةِ ؟ فَقَالَ : إِنَّ الرَّجُلَ لَيَصِلُ فِي الْيَوْمِ إِلَى مِائَةِ عَذْرَاءَ
.
قال محمد بن عبد الواحد المقدسي : ورجال هذا الحديث عندي على شرط الصحيح . نَقَله عنه ابن كثير وابن القيم .
وسُئل رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَنَطَأُ فِي الْجَنَّةِ ؟
قَالَ : نَعَمْ ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، دَحْمًا دَحْمًا ، فَإِذَا قَامَ عَنْهَا رَجَعَتْ مُطَهَّرَةً بكرا . رواه ابن حبان ، وقال شعيب الأرنؤوط : إسناده حسن .
وقال ابن القيم في كتابه" حادي الأرواح " :
الباب الخامس والخمسون
في ذِكْر نكاح أهل الجنة ووطئهم والْتِذَاذهم بذلك أكمل لذّة ، ونزاهة ذلك عن المذي والمني والضعف ، وأنه لا يوجب غُسْلا .
واخْتُلِف : هل يُولَد لأهل الجنة أو لا ؟
قال ابن القيم : الباب السادس والخمسون : في ذِكْر اختلاف الناس : هل في الجنة حَمْل وَوِلادة أم لا ؟
وأكال في القول بِعدمه .
وفي حديث أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
الْمُؤْمِنُ إِذَا اشْتَهَى الوَلَدَ فِي الجَنَّةِ كَانَ حَمْلُهُ وَوَضْعُهُ وَسِنُّهُ فِي سَاعَةٍ كَمَا يَشْتَهِي . رواه الترمذي وابن ماجه ، وقال الترمذي : هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ
وَقَدْ اخْتَلَفَ أَهْلُ العِلْمِ فِي هَذَا ؛ فَقَالَ بَعْضُهُمْ : فِي الجَنَّةِ جِمَاعٌ وَلا يَكُونُ وَلَدٌ . هَكَذَا رُوِيَ عَنْ طَاوُسٍ، وَمُجَاهِدٍ، وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ .
والله تعالى أعلم .
المجيب الشيخ / عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
عضو مكتب الدعوة والإرشاد