بعد الظهيرة بقليل، كان الرجل المسن أندريه جيرار، يعبر مزرعته، ماضيا إلى المراعي المنحدرة التي خلفها، ليختار ستة خراف يبيعها في السوق. وعندما لم يعد إلى البيت عصرا، خرجت زوجته برفقة ابنه يبحثان عنه. وعندما فشلا في ذلك، بلغا الشرطة.
في صباح اليوم التالي، وصل ثلاثة من مخبري شرطة مدينة ليموج إلى قرية أوستي الصغيرة، في الجانب الغربي من فرنسا، لمساعدة الشرطة المحلية في بحثها عن الفلاح المفقود. لم يكن أحد ينظر إلى الموضوع نظرة جدية، أو أنه ينطوي على جريمة. فالمزارع العجوز أندريه، والذي كان يملك أكبر نصيب من أرض القرية، كان قد تجاوز السبعين. وربما يكون ثقل العمل الشاق المتواصل في المزرعة طوال هذه السنين، قد وضع نهاية لحياته في مكان ما.
ولكن، هل كان الأمر يحتاج إلى امرأة غريبة تقيم في شقتها على بعد 200 ميل بباريس، لتقول لهم أن اختفاء الرجل، يتصل بجريمة قتل فقد فيها حياته؟
لم تكن هذه المرأة قد سمعت من قبل عن أنريد جيرار، ولم تكن تعرف بوجوده أصلا. ومع هذا فقد تمكنت من أن تحدد بدقة مكان الجثة، وبعض المعلومات عن القاتل.
بدأت القصة في الربيع من أكتوبر 1938، عندما وصل المخبر بول مارشال ومعه معاونان إلى ليموج، وهم يتوقعون أن الأمر لن يشغلهم إلا بعض ساعات النهار. قاموا بالبحث عن الرجل المختفي بمساعدة اثنين من البوليس المحلي وبعض الفلاحين، في الأرض التي يملكها جيرار أولا، ثم في الغابات، ثم راحوا يدفعون الأعمدة الخشبية إلى أعماق البرك القريبة، على احتمال أن يكون قد سقط في واحدة منها، ولكن، لم يقدهم هذا البحث إلى شيء.
في عصر ذلك اليوم، سار مارشال حول القرية في محاولة لتصور التحركات الأخيرة لجيرار. وقد ذكرت زوجة أحد الفلاحين الذين يعملون في أرض جيرار، أنها رأته وهو يغادر الحقول، بينما كانت تحمل الطعام إلى زوجها. ولم يكن برفقته أحد.
استمرت التحريات لمدة ثلاثة أيام، ولكن بلا نتيجة. وتحولت الواقعة الريفية العادية إلى لغز كبير. وانتقلت أخبار اختفاء جيرار إلى صفحات الصحافة الإقليمية. وهكذا وصل الموضوع إلى علم دكتور يوجين فافروا، مدير معهد الميتافيزيقا في باريس. اتصل بمركز شرطة ليموج عارضا خدماته، وقد بدت له القصة نموذجا مثاليا للتجربة التي طالما رغب في القيام بها.
وافق المأمور وسأله " متى نتوقع وصولك يا دكتور؟"
أجاب:" أنا لن أحضر، فبإمكاني أن أعمل من هنا، كل ما أطلبه هو أن ترسلوا لي بعض الممتلكات الصغيرة التي تخص الرجل المختفي". ورغم دهشة المأمور لهذا القول، فقد وافق على الطلب، وتحدث عن ذلك مع المخبر مارشال، الذي كان لديه وشاح أخضر يخص جيرار. فأرسل الوشاح إلى باريس.
في اليوم التالي، أخذ دكتور فافروا الوشاح إلى شقة السيدة أديث موريل، الوسيطة التي أظهرت أدلة باهرة على تمتعها بحاسة سادسة قوية، وإدراك حسي خارق.
أخرج الدكتور فافروا الوشاح من الصندوق وسألها:" هل يمكنك أن تخبريني بشيء عن هذا، أو عن صاحبه؟"
وحرص على عدم الإدلاء بأي معلومات. وضعت السيدة موريل الوشاح على مائدة أمامها وراحت تنظر إليه لحوالي نصف دقيقة، ثم قالت:" إنه يرتدي ملابس خشنة وهي سترة من التويد، وسروال من الكوردروي، لقد جرى اختطافه رغما عن إرادته، أراه يسير في حقل منحدر، ثم يدخل إلى غابة، إنه يرغم على السير في ممرات ضيقة، يوجد رجل معه، يرتدي معطفا أسود وقبعة سوداء".
سأل الدكتور فافروا:" والرجل العجوز، هل هو حي أم ميت؟"
أجابت:" إنه ميت".
سأل:" وأين هو الآن؟"
أجابت:" بالقرب من ليموج".
ورغم أن السيدة موريل لم تزر من قبل تلك المنطقة، وكان أقرب مكان ذهبت إليه يبعد 100 ميل عن ذلك الموقع، رغم هذا فقد أدلت بوصف تفصيلي دقيق للمكان الذي يرقد فيه جثمان العجوز المتوفى.
أعطت وصفا لمسار فيه الطرق الفرعية، ويقود إلى مكان الجثة. عاد دكتور فافروا يسألها:" وماذا عن الرجل الذي اقتاده إلى الخيمة؟"
لم تستطع السيدة أن تعطي الكثير من الإفادات عنه، سوى أن وجهه أبيض شاحب، وأن إحدى يديه تنقصها إحدى الأصابع.
وعندما انتهى اللقاء أرسل دكتور تقريرا وافيا بما توصل إليه، وأرسله إلى شرطة ليموج، ومع هذا التقرير أرسل خريطة كان قد رسمها للمنطقة التي توجد بها الجثة، أنجزها اعتمادا على المعلومات التي أدلت بها السيدة موريل.
في 10 أكتوبر، قاد المخبر مارشال حملة بحث في الغابات الكثيفة المتاخمة لأرض جيرار، وتبع خط السير المدون في الخريطة. وفي المكان الذي حددته السيدة موريل، عثر على جثة اندريه جيرار. كان مصابا برصاصة من الخلف، كان من الواضح أنها انطلقت من مكان قريب.
في صباح 15 أكتوبر تم القبض على ميكانيكي السيارات العاطل مارك باربييه، في مدينة سانت سالبيس بتهمة السرقة. كان في أواسط العمر شاحب الوجه، ويده اليسرى تنقصها إحدى الأصابع. وفي حقيبة مهترئة يحتفظ بها عثر على بندقية. أدلى باربييه باعتراف مفصل.
كان نائما وسط الحشائش،عندما مر به جيرار، اقتاد الرجل العجوز إلى الغابة ليسلبه ما معه من نقود، وأطلق عليه النار عندما حاول الفرار. قال باربييه عند انتهاء التحقيق، وقد اعترته الدهشة الشديدة:" لم أكن أتصور أن بإمكان أحد أن يثبت علي هذه الجريمة، على الأقل قولوا لي كيف وصلتم إلى هذا؟" تم تنفيذ حكم الإعدام في باربييه في جانفي 1939. ولم يحدث أن أخبرته الشرطة بالقصة الغريبة التي قادت إلى القبض عليه. فلم يكن من السهل عليهم هم أن يصدقوها.
في امان الله
والغريب معرفة الجاني
أف بي آي
جرائم مقعدة ويكتشفونها
انا من محبي برنامج
أف بي آي لان فيه حقائق يصعب تصديقها مثل هذه القصة المثيرة والممتعة
ربي يبارك فيك
ممتعة جدا جدا صافي
|
|
نورتوني يا قمرات