تخطى إلى المحتوى

اهمية السيرة النبوية في واقع الشباب 2024

  • بواسطة

الحديث عن الشباب، خصوصا حين نتحدث عنه من منظور شباب المصطفي(صلى الله عليه وسلم) ، وخصوصا حين نتحدث عنه بمعيار مرحلة الشباب في سيرة الرسول(صلى الله عليه وسلم) .
إن فترة الشباب هي مرحلة القوة، لها نكهة خاصة، وذوق خاص، والإنسان مهما كان لا يحب الخروج من فترة الشباب، فحين يرى بوادر المغادرة من مرحلة الشباب إلى مرحلة الشيب يبادر بطمسها، فيتخوف من الصلع حين يزيل الشعر من رأسه، ومن الشعر الأبيض حين ينزل برأسه…

فيكون كما قال الفقيه المالكي سند بن عنان الأزدي رحمه الله:
وزائرة للشيب حلت بمفرقي فبادرتها بالنتف خوفا من الحتف
فقالت: على ضعفى استطلت ووحدتي رويدك للجيش الذي جاء من خلفـي
والإنسان عندما يبلغ من الكبر عتيا أحلى ما يتمنى وأغلى ما يرجو: لو رجع شبابه إليه وهيهات! وقديما قيل:
ألا ليت الشباب يعود يوما فأخبره بما فعل المشيب
دعونا إذن نستخرج من سيرة المصطفى(صلى الله عليه وسلم) بطاقة تعريف لشبابه، نستنطق مراجع السيرة، لنرى كيف عاش(صلى الله عليه وسلم) شبابه؟ وما هي مميزات شبابه(صلى الله عليه وسلم).
دعونا نعرض شبابنا على شباب المصطفى(صلى الله عليه وسلم)، علنا نستفيد وقد طال جهلنا، علنا نستيقظ وقد تعمق سباتنا، علنا نتذكر وقد طالت غفلتنا.
إخواني المستمعين أخواتي المستمعات! لقد تميز الرسول(صلى الله عليه وسلم) في شبابه بثلاثة أمور هي والله عناصر الشباب المثالي الصالح، وأسسُ الشباب المتمرس الناجح، وأهدافُ الشباب الصاعد الطموح:
الأمر الأول:
العفاف والطهارة الحسية والمعنوية، فالرسول(صلى الله عليه وسلم) عفيف في سريرته عفيف في سيرته عفيف في صورته.
عفيف في سريرته وعقيدته لم يسجد لصنم قط، ولم يعرف قلبه الكبير إلا مقامات اليقين من الشكر والرضا والخوف والرجاء، والمحبة والصفا.

عفيف في سيرته فقد أدبه(صلى الله عليه وسلم) ربه فأحسن تأديبه، بعيدا عن مدنسات الأخلاق، وملوثات الفضائل، ومدمرات المكارم، فكانت عصمة الله تحول بينه وبين أن يسمر مع السامرين، وأن يسهر في ليالي اللهو والفسق مع الساهرين، كما روى ابن إسحاق وصححه الحاكم والذهبي وغيرهما، فلم يشرب(صلى الله عليه وسلم) الخمر قط، ولم تعرف عنه الخيانة، ولا الكذب، ولا الغش، حتى التصقت به صفات الصدق والأمانة، فنال(صلى الله عليه وسلم) في مجتمعه وشبابه درجة الأمين، وتزوج وعمره خمس وعشرون سنة، والزواج المبكر للشباب حصن وبركة، ووقاية من الفساد والتهلكة، وأمر دافع للعمل والحركة، وفي كل حركة بركة.
فلا غرابة أن يكون الرسول(صلى الله عليه وسلم) أولَ الداعين لعفة الشباب، لأنه تربى على العفة والطهارة، فقال(صلى الله عليه وسلم): «يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، فمن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء»، وقال(صلى الله عليه وسلم): «سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله»، ومنها: «شاب نشأ في عبادة الله»، وقال(صلى الله عليه وسلم): «لن تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع خصال»، ومنها: «عن شبابه فيما أبلاه»، وقال(صلى الله عليه وسلم): «اغتنم خمسا قبل خمس» ومنها: «شبابك قبل هرمك»، وقال(صلى الله عليه وسلم): «أوصيكم بالشباب، فإنهم أرق أفئدة، إن الله بعثني بشيرا ونذيرا فحالفني الشباب وخالفني الشيوخ».

أما الأمر الثاني

في شباب الرسول(صلى الله عليه وسلم) فهو الكد والعمل، فأنتم تعلمون أن النبي(صلى الله عليه وسلم) ولد يتيما: مات أبوه وهو في بطن أمه، وماتت أمه وعمره ست سنوات، ومات جده وعمره ثمان سنوات، فكان في كفالة عمه أبي طالب، ولم يرض(صلى الله عليه وسلم) وهو شاب، أن يكون حملا ثقيلا على عمه، فكان يرعى الغنم لأهل مكة على قراريط، كما روى البخاري، وأخبرنا(صلى الله عليه وسلم) بذلك بعد النبوة، وهنا نلمس من أخلاقه(صلى الله عليه وسلم) التواضع، فكم منا اليوم كان راعي الغنم، ولكن لما أصبح له مركز اجتماعي مهم، لم يرض حتى أن يتذكر تلك الفترة، فكيف بأن يذكرها ويعلنها، بل قد لا يذكرها إلا ليلعنها، والمصطفى(صلى الله عليه وسلم) لم يمنعه مركزه النبوي، ولا شرفه الرباني، أن يقول كنت أرعى الغنم لأهل مكة، لأن رعي الغنم على كل حال كد وعمل شريف. وهكذا لم يعرف(صلى الله عليه وسلم) في شبابه الفراغ، ولم تنل منه البطالة أي منال، فهو يعرف كيف يحول فراغه إلى كد وعمل، وإلى جد وأمل.
فلا غربة أن يكون بعد النبوة، أولَ الدعاة إلى العمل الدؤوب، فمجد مختلِف أنواع الحرف والنشاطات الاقتصادية، لأنه(صلى الله عليه وسلم) تربى على العمل وحب الكسب مند نعومة أظفاره، فقال(صلى الله عليه وسلم) في الفلاحة، فيما روى البخاري ومسلم: «ما من مسلم يغرس غرسا، أو يزرع زرعا، فيأكل منه طير، أو إنسان، أو بهيمة، إلا كان له به صدقة»، وقال في التجارة فيما روى البخاري: «التاجر الأمين مع النبيين والصديقين والشهداء»، وفيما روى الأمام أحمد أنه(صلى الله عليه وسلم) سئل عن أفضل الكسب فقال: «بيع مبرور، وعمل الرجل بيده»، وقال في مختلِف أنواع الأعمال اليدوية: «ما أكل أحد طعاما خيرا من أن يأكل من عمل يده، وإن نبي الله داود كان يأكل من عمل يده»…

أما الأمر الثالث
في شباب الرسول(صلى الله عليه وسلم) فهو المشاركة الفعالة في القضايا المصيرية، التي تهم أهل مكة بصفة خاصة، والعرب بصفة عامة.
فقد شارك (صلى الله عليه وسلم) في حرب تسمى حرب الفجار دفاعا عن مكة وأهلها، فكان يزود أعمامه بالنبال والسلاح وعمره لم يصل بعد العشرين.
ثم شارك في حلف الفضول وعمره عشرون سنة، فكان فيه عضوا مؤسسا، وحلف الفضول: هو عبارة عن نقابة أنشئت للدفاع عن حقوق الأجير، عبارة عن منظمة لحقوق الإنسان، عبارة عن جمعية خيرية مهمتها نصرة المظلوم حتى يأخذ حقه من الظالم، وقد قال(صلى الله عليه وسلم) عن هذا الحلف: «حضرت حلف المطيبين مع عمومتي وأنا غلام، فما أحب أن لي حمر النعم، وأني أنكته»، رواه الإمام أحمد والحاكم وهو صحيح.
ثم شارك(صلى الله عليه وسلم) في بناء الكعبة، عندما انهدمت بسبب الأمطار، وعمره خمس وثلاثون سنة، وكان ينقل الحجارة بنفسه(صلى الله عليه وسلم)، فكشف لنا بناء تجديد الكعبة، عن مكانته(صلى الله عليه وسلم) الأدبية في الوسط القرشي حين تم اختياره(صلى الله عليه وسلم) لوضع الحجر الأسود بيده الشريفة.

إخواني أخواتي! يجب علينا نحن اليوم أن نقتدي بشباب المصطفى(صلى الله عليه وسلم)، يجب أن نفتح للشباب المشاركة في صنع القرار، المشاركة في مراكز القرار، المشاركة في قيادة المصالح والمهمات واتخاذ القرار، سواء على مستوى الأسرة الكبيرة في الأمة والدولة، أو على مستوى الأسرة الصغيرة في البيت والعائلة، وقد كان آخرُ من ولاه الرسولُ(صلى الله عليه وسلم) في حياته قيادة الجيش شابا، لم يتجاوز عمره عشرين سنة، وهو أسامة بن زيد رضي الله عنه وفي الجيش آنذاك كبار المهاجرين والأنصار، في مستوى أبي بكر وعمر وأمثالهما…
ذلكم هو شباب الرسول(صلى الله عليه وسلم). فهل كان شبابنا على مستوى ذلكم الشباب النبوي المبارك؟
إن شبابنا اليوم على ثلاثة أنواع:
شباب في صحوة إسلامية يحتاجون لمن يقودهم.
شباب في غفلة شيطانية يحتاجون لمن يوقظهم.
شباب في ظلمة إلحادية يحتاجون لمن ينقدهم.

فأما شباب الصحوة الإسلامية،
فهم في حاجة لقيادة صالحة، في حاجة للأئمة وأساتذة ومربين يتفهمون أمورهم، ويفهمون تساؤلاتهم، ويشاركونهم همومهم وغمومهم، يقودونهم لقضايا الأمة الكبرى، بعيدا عن الاختلافات الجزئية، بعيدا عن الأغراض والأهواء، بعيدا عن التشدد والتنطع والتطرف، بعيدا عن الإرهاب والتخلف، إلى فضاء العمل الصالح، فضاء الأخوة الإنسانية، فضاء العمل بالإحسان، فضاء الدعوة بالتي هي أحسن.
أما شباب الغفلة الشيطانية،
الغافلون حتى عن أنفسهم، الذين لا يعرفون للعمل الصالح سبيلا، الذين يتتبعون مواقع الخمر والمخدرات والزنا، كل همهم إشباع غرائزهم، فهم في حاجة لمن يوقظهم من غفلتهم، لمن يحرك مشاعر الإيمان في قلوبهم بشعائر الإسلام، لمن يذكرهم بمشاريع الخير في نفوسهم بشرائع الأخلاق، حتى تزول عنهم غشاوة الغفلة.
أما شباب الظلمة الإلحادية، فهم وإن كانوا قلة فخطورتهم أشد وأنكى، الذين يسبون الدين والملة، ويستهزئون من حلول الإسلام، ويتبرمون من قال الله وقال الرسول، فهؤلاء في حاجة لمن ينقدهم، لمن ينور قلوبهم، لمن يجعلهم يقفون على جلال الإسلام وجماله، في حاجة لمن يحاورهم بالتي هي أحسن لا لمن يحاربهم بالتي هي أخشن، (ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم)

    بارك الله فيك

    صلى الله عليه وسلم
    جزاكِ الله الجنة

    بارك الله فيكي موضوع فعلا مهم

    اترك تعليقاً

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

    هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.