تخطى إلى المحتوى

تاريخ بلد المليون شهيد 2024

تاريخ بلد المليون شهيد ( الجزائر )

تاريخ الجزائر الزمني مرتبط بموقعها الجغرافي، ورغم كونها عصورها السحيقة، مهدا لأشكال من الحضارات البدائية، إلا أن تاريخها المكتوب لم يبدأ إلا مع احتكاكها بالرومان، أين تشكلت عبر 3 مناطق، من مغرب شرقي، أوسط، وغربي.


الونشريس

الفترات القديمة


الونشريس


رسومات الطاسيلي

دلت الأحفوريات التي عثر عليها في الجزائر (طاسيلي والهقار) على تواجد الإنسان قبل أزيد من500,000 سنة (العصر الحجري).
تطورت حضارات إنسانية بدائية مختلفة في الشمال: حضارة إيبيرية-مغاربية (13،000-8,000 ق.م) حسبما دلت عليه الآثار التي تم العثور عليها بالقرب من تلمسان، تلتها حضارة قفصية (نسبة إلى الفترة التي قامت فيها حضارات مشابهة في قفصة بتونس-7،500 إلى 4،000 ق.م-) بالقرب من قسنطينة، بالإضافة إلى حضارات أخرى في مناطق متفرقة في الصحراء.




الحقبات القرطاجية، الرومانية والمملكات النوميدية


نذكر هنا نوميديا، بلاد النومادوس، الأمازيغ البربر قديما، مقاطعة للإمبراطورية الرومانية ثم البيزنطية، بين مقاطعة أفريقيا شرقا، وموريطانيا القديمة غربا، ممثلة بالجزء الشرقي للجزائر حاليا.
النومادوس ، هم البدو شبه الرحل ، منقسمين لقبائل. وصف الرومان قبائل الشرق بالماسيليين (نسبة لميس، جد ماسينيسا الأكبر) أما الغربيون فهم الماسايليين.
البربر (الأمازيغ) كانوا من أوائل الشعوب التي استوطنت هذه المناطق. كان الصيد أهم نشاطاتهم البدائية، ثم تحولوا إلى نشاطي الرعي والزراعة، انتظموا في تجمعات قبلية كبيرة، أطلق عليهم المؤرخون الإغريق تسمية "ليبيون"، وعرفوا عند الرومان باسم "نوميديون" و"موريسكوس" أو الموري.
خلال الحرب البونية الأولى، اتحد الماسايليون تحت قيادة الملك صيفاقس، مع قرطاجة، حين اتحد الماسليون بزعامة ماسينيسا مع الرومان. كانت كل نوميديا في يد ماسينيسا بعد انتصار الرومان. دامت الدولة قرنا من الزمن حتى مجئ الرومان وخلعهم لآخر ملوكها يوغرطة. أصبحت المملكة جزءا من الإمبراطورية الرومانية.




الونشريس


قوس تيمقاد الرومانية

الجزائر خلال العهد الفينيقي


الفينيقيون هم أمة سامية من ولد كنعان بن لاوذ بن سام بن نوح عليه السلام كانوا يستقرون بجزيرة العرب وارتحلوا بعد ذلك إلى الشام مع إخوانهم ليستقروا بفينيقيا، أرض لبنان الحالية وجزء من سوريا وفلسطين، وصار الشام يطلق عليها أرض كنعان وهم العرب في نسبهم ووطنهم.
كان الفينيقيون يسيطرون على التجارة الداخلية والخارجية لسواحل البحر المتوسط، بعد أن أنشئوا محطات تجارية، من أبرزها قرطاجنة عام 814 ق.م على الساحل التونسي. ولقد امتد نفوذ قرطاجنة ليصل إلى غاية السواحل الجزائرية، ليؤسسوا بها مدناً ساحلية جزائرية، كبجاية وتنس وشرشال وهيبون (عنابه)، جيجل ووهران.
العلاقات السياسية لقد كانت العلاقات الجزائرية مع قرطاجنة موصوفة بالمودة، وهذا ما يظهر جليا من خلال العلاقات التجارية والمصاهرة التي كانت بينهم، فقرطاجنة لم تشأ أن تبسط نفوذها على الأراضي الجزائرية، مدام مصالحها مضمونة من خلال التحالفات التي كانت قائمة بين أمراء البربر، ومدام هذا الأمر يجعل من قرطاجنة الوصية والحامية على الإمارات البربرية.
العلاقات الاقتصادية لم يكن يهم قرطاجنة التوسع في الأراضي الجزائرية، بقدر ما كان يهمها استثمار أهل البلاد واستغلالهم، وهذا ما جعل البرابرة يكرهونهم، لأن هذا الاستغلال كان قبيحا وقاسيا، فهدف قرطاجنة من خلال إقامة تلك العلاقات الودية مع الجزائريين، هو ضمان القدر الكافي من الأمن للسماح بالازدهار التجاري

الاحتلال الروماني


موريطانية القيصرية
-اطلقت الامبراطورية الرومانية علي القسم الشرقي من المملكة التي كان يحكمها الملك بطليموس ابن يوبا الثاني اسم مقاطعة موريطانية القيصرية prov.mauretania caesareeansis كان ذالك عام 42م بعد أن غزا الامبراطور كاليغولا باغتيال بطليموس لتصبح المملكة في حوزة الإقليم العسكري الخاضع لسلطة التاج الامبراطوري مباشرة. ومعروف ان موريطانية الشرقية أصبحت تنعت بالقيصرية نسبة لعاصمتها الإدارية ايول /شرشال/حاليا التي غير اسمها يوبا الثاني واطلق عليها لقب ولي نعمته الامبراطور *اوكتافيوساغسطس*الملقب بقيصر تكريما له وعرفانا بفضله عليه ثم عمل علي جعلها مدينة مشابهة للمدن الهلينسية في مضهرها العمراني ومضمونها الحضاري ونضرا للشهرة التي بلغتها عاصمة المملكة ايام تحولها الي الإدارة الرومانية كان طبيعيا ان يتخذ منها مقرا لحكام المقاطعة وتسمي المقاطعة الجديدة المقامة علي القسم الغربي من موريطانيا بمقاطعة موريطانية الطنجية prov.mauretania tangitana نسبة لمدينة طنجة التي اتخذ منها الحاكم الروماني مقرا لقيادته.
وقد كانت طنجة بدورها مدينة عريقة وعاصمة لمملكة بوغود من قبل وموريطانية مصطلح جغرافي اشتقه الأقدمون من اسم *المور* وهم اقوام ليبية قديمة كانت تسيطر علي المناطق الغربية من بلاد المغرب وأغلب الضن ان للمصطلح جذور فنيقية علي اعتبار القرابة اللغوية من حيث اللفض والمعني بين عبارة /ماحورين/ الفينيقية التي تعني اهل المغرب أو المغاربة الذين يقطنون الجهات التي تغرب فيها الشمش وهي مطابقة لما تعنيه كلمة *مغرب*في العربية.وعبارة *ماور* أو*مور*mouros التي حافضت علي نفس المدلول الجغرافي عند اليونان والرومان ومنهما الي اللغات الاروبية الحديثة.ولعل اقتناع الرومان بدقة مدلول هذا المصطلح هو الذي جعلهم يحتفضون به ولم يغيروه ولو جزئيا رغم الخلط الذي نضن انه ربما كان يحدث لهم عندما ابقوا علي مقاطعتين متجاورتين تسميان به /موريطانية القيصرية-موريطانية الطنجية/ اذان كلا المقاطعتين تقعان في جهة الغرب بالنسبة اليهم ولايميز بينهما سوي اسمي عاصمتيهما وحتي المقاطعة الثالثة التي استحدثوها فيما بعد علي الجزء الشرقي من القيصرية احتفضوالها بنفس الاصطلاح وميزوها عن المقاطعتين القديمتين باسم عاصمتها الإدارية *سيتيفيس sitifis*فدعوها *موريطانية السيتفية*

يتبع …

    الممالك البربرية

    كان القرطاجيين اثرهم الحضاري في البربر، فعنهم اخد البربر مبادئ النظم الإدارية والاجتماعية وبعض الصناعات وعلى الاخص التعدين وعصر الزيوت والخمور وعندما اشتد الصراع بين روما وقرطاجة، ونشبت بينهما الحروب البوبكية التي استمرت 120 عاما ـ من 264 ق.م. إلى 146 ق. م. ـ استطاع البربر ان يتحرروا من نفوذ قرطاجية، وكوّنوا لآنفسهم دولة مستقلة شملت الأوسط والأقصى. و لعل أشهر ملوك البربر في هذه الفترة هو مسينيسا، فقد وقف حياته في خدمة بلاده وتوفير مصالح شعبه، وعمل على نشر اللغة القومية بين الشعب، وكوّن جيشا واسطولا بربريا قويا، وضرب النقود باسمه، وارتقى بوسائل الري والفلاحة وجلب لذلك الخبراء الفنيين من اليونان وإيطاليا، وعمل على توطيد علاقاته مع روما عروة قرطاجة ليحقق هدفه الذي عاش يعمل له وهو توحيد المغرب و قد ظل في نزاع مع قرطاجة، ناصرته فيه روما ولكنها ارسلت جيوشها خشية ان يتغلب على قرطاجة ويوحد شمال أفريقيا ويتعاضم امره ولا تامن روما القوة التي تنجم عن الوحدة السياسية المغربية. وعندما انتصرت روما على قرطاجة ودمرتها عام ق, م. قسمت بلاد المغرب إلى ثلاث وحدات إدارية هي….. 146 أفريقيا كانت تشمل أكثر المدن التونسية وقد وضعت تحت الإدارة الرومانية مباشر..1 قسنطنية وقسمت مناصفة إلى مملكتين، وحدة برئسة مسبسا ابن مسينسا نوميديا.. وكانت تمتد من البلاد ال تونسية إلى..2 والاخر برئسة يوقورطا مورطانيا ووضع على رأسها القائد البربري بوكوس هذا ولم يخضع الملك يوقورطا للرومان، وبذل جهوده في ترقية شعبه..3 وعمل على توحيد بلاد المغرب واستطاع ان يبسط نفوذه على نوميديا كلها وخشيت روما ان يودين له كل المغرب فأعلنت عليه الحرب، وانتصر الرومان وما هو جدير بالذكر ان بوكوس، ملك موريطانيا وصهر يوقورطا وقف إلى جانب روما في حربها ضد يوقورطا، وعندما فر هذا الأ خير التجأ إلى بوكوس فسلمه هذا إلى أعدائه، وكافأته روما بأن ضمت مملكته الجزء الغربي من نوميديا وقد تمتعت موريطانا الغربية بالاستقلال والرخاء والنهضة في ضل ملكها يوبا الثاني __25,ق، م…إلى 40 ميلادية ,,وقد سهر هذا الملك على خدمة بلاده ومصالح رعاياه ونهض بالزراعة والري وازدهرت الحياة الاقتصادية في عهده.. وقد جمل عاصمته شرشال التي أطلق عليها اسم القيصرية وجلب إليها الفنانين والمهندسين من مصر واليونان.. وشيدوا في أنحائها القصور الجملة والهياكل الفخمة. وأصبحت موطن الشعراء والفلاسفة والكتاب. ولاسيما ان يوبا نفسه كان مولعاًُ بالعلم. الف عدة كتب في الفلسفة والجغرارفية والتاريخ والموسيقة، وبذل من ناحيته عناية فائقة بنشر الثقافة والمعرفة بين رعاياه ,,,,,,,,,,,, ولم يكتمل للرومان بسط مطلق نفوذهم على جميع بيلاد المغرب الا بعد أن فشلت ثورة تاكفريناس. الذي أعلن العصيان في نوميديا والثورة على روما، وعندما استسلم، بسطت روما سلطانها على بلاد المغرب واستعمرتها بشكل مباشر واستقر حكمها لشمال أفريقيا الحضارة الرومانية في أفريقية الشمالية استوطن الرومان بلاد المغرب وبذلوا طاقاتهم في استعمارها وعملوا عل تكثر ارض المغرب من إنتاج ما يمون روما وبذلك حفرو الابار وشقوا القنوات ونضموا وسائل الري وتعهدوا الفلاحة وأقاموا القناطر والطرقات ومن ذلك الطرق المرصوفة الكبيرة التي وصلت بين المدن الكبرى مثل الطريق الذي كان يصل بين طنجة وسلامارا بالعرائش ومن طنجة إلى وليلة وطريق تلمسان وليلة وقرطاجنة قسنطينة وطرابلس وتافنة وقد استخدمت هذه الطرق في الشؤون التجارية ورغم أن الرومان كانو قد شقوها لأغراض عسكرية وقد تزايد الإنتاج الزراعي والحيواني والصناعي لبلاد المغرب حتى أصبحت شمال أفريقية تمول روما بالحبوب والفواكه والخمور والصوف والزيوت والمرمر والمصابيح الزيتية والاقمشة والاواني والخيول والبغال وكذلك كانت شمال أفريقية تمد روماة بالحيوانات الضاري التي كانت عاصمة الامبراطورية تحتاجها في ألعابها وحفلاتها ونتج عن ازدهار التجارة، ان ارتفع مستوى المعيشة وتضخمت الثروات وعددت المباني الفخمة وتزايد عدد السكان كما ازدهر الفن والادب ومختلف العلوم وظهر من بين البرابرة كتاب مبدعون وفلاسفة خالدون سيما بعد دخول المسيحية بنحو قرنين إلى البلاد ومن ذلك الكاتب ترتوليان الذي ولد بمدينة قرطاجنة والذي درس الحقوق وعمل قسيسا وصل إلى روما حيث مات عام 222 م واشهر مؤلفاته تلك التي قاوم بها الوثنية ومن اعلام الفكر المغربي القديس أوغيستين الذي ولد عام 354 م ومات عام 430 م بمدينة عنابة واشهر مؤلفاته | مدينة الألهة وقد بدا ازدهار الفن في المغرب خلال العهد الروماني في تشييد الهيكل الفخمة المزدانة بالأعمدة الرخامية ة الماثيل الجميلة والمساريح والحمامات المزدانة بالفسيفسا وامتازت المنازل بالاروقة والاعمدة الرخمية والنافورات والحدائق ,, ولا تزل بعض هذه الأثار الرومانية منتشرة في مختلف أنخاء بلاد الشمال الأفريقي سيما من سوسة إلى وليلة بالمغرب الأقصى

    -اطلقت الامبراطورية الرومانية علي القسم الشرقي من المملكة التي كان يحكمها الملك بطليموس ابن يوبا الثاني اسم مقاطعة موريطانية القيصرية prov.mauretania caesareeansis كان ذالك عام 42م بعد أن غزا الامبراطور كاليغولا باغتيال بطليموس لتصبح المملكة في حوزة الإقليم العسكري الخاضع لسلطة التاج الامبراطوري مباشرة.ومعروف ان موريطانية الشرقية أصبحت تنعت بالقيصرية نسبة لعاصمتها الإدارية ايول /شرشال/حاليا التي غير اسمها يوبا الثاني واطلق عليها لقب ولي نعمته الامبراطور *اوكتافيوساغسطس*الملقب بقيصر تكريما له وعرفانا بفضله عليه ثم عمل علي جعلها مدينة مشابهة للمدن الهلينسية في مضهرها العمراني ومضمونها الحضاري ونضرا للشهرة التي بلغتها عاصمة المملكة ايام تحولها الي الإدارة الرومانية كان طبيعيا ان يتخذ منها مقرا لحكام المقاطعة وتسمي المقاطعة الجديدة المقامة علي القسم الغربي من موريطانيا بمقاطعة موريطانية الطنجية prov.mauretania tangitana نسبة لمدينة طنجة التي اتخذ منها الحاكم الروماني مقرا لقيادته.وقد كانت طنجة بدورها مدينة عريقة وعاصمة لمملكة بوغود من قبل وموريطانية مصطلح جغرافي اشتقه الأقدمون من اسم *المور* وهم اقوام ليبية قديمة كانت تسيطر علي المناطق الغربية من بلاد المغرب وأغلب الضن ان للمصطلح جذور فنيقية علي اعتبار القرابة اللغوية من حيث اللفض والمعني بين عبارة /ماحورين/ الفينيقية التي تعني اهل المغرب أو المغاربة الذين يقطنون الجهات التي تغرب فيها الشمش وهي مطابقة لما تعنيه كلمة *مغرب*في العربية.وعبارة *ماور* أو*مور*mouros التي حافضت علي نفس المدلول الجغرافي عند اليونان والرومان ومنهما الي اللغات الاروبية الحديثة.ولعل اقتناع الرومان بدقة مدلول هذا المصطلح هو الذي جعلهم يحتفضون به ولم يغيروه ولو جزئيا رغم الخلط الذي نضن انه ربما كان يحدث لهم عندما ابقوا علي مقاطعتين متجاورتين تسميان به /موريطانية القيصرية-موريطانية الطنجية/ اذان كلا المقاطعتين تقعان في جهة الغرب بالنسبة اليهم ولايميز بينهما سوي اسمي عاصمتيهما وحتي المقاطعة الثالثة التي استحدثوها فيما بعد علي الجزء الشرقي من القيصرية احتفضوالها بنفس الاصطلاح وميزوها عن المقاطعتين القديمتين باسم عاصمتها الإدارية *سيتيفيس sitifis*فدعوها *موريطانية السيتفية*

    الاحتلال الوندالي

    كانت مناطق شمال إيفريقيا قبيل الاحتلال الوندالي تحت سيطرة
    الرومان غير أن هذه السيطرة
    لم تكن محكمة ,لرفض سكان المغرب للاحتلال الروماني
    وما يدل علي ذالك حملات البرابرة المتكررة
    نتيجة وجود بعض الجهات ظلت محافظة عل
    استقلالها وسط الحكومة الرومانية مثل جبال الأوراس وجرجرة
    والونشريس وقد كانت هذه الجهات مادة تلقيح الحركة
    الاستقلالية وقد كانت روما مهتمة بهذه المستعمرات
    ولا تريد تضيعها لأنها كانت تنتج قدر وفير من المتوجات الغذائية
    وخاصة القمح ويصدر سنويا كميات كبيرة
    إلي روما إلا ان ذالك الضعف الذي أصاب روما أدي
    إلي انشقاق كبير بينها وبين مستعمرات شمال إيفريقيا.
    وبعد أن مات أونريوس سنة 423 م خلفه في النهاية
    فالنيتان الثالث الذي كان في السادسة من عمره وهو ابن
    جالابلا كيديا فحكمت بلا كيديا خمسة وعشرون سنة بسم إبنها
    وكانت جيوشها تحت إمرة أيتيوس وبونيفاس وهذا الأخير كان
    يبذل جهده لئلا تتمرد إفريقية
    علي الإمبرطورية الشرعية (الإمبرطورية الرومانية)
    وقد حققت على البربر إنتصرات عسكرية من ما
    أدى إلي انتشار صيته وهو ما أدى إلي غيرة منافسه القائد العام
    أيتيوس الذي روج لبلا كيديا أن بونيفاس يوريد الاستقلال
    بإفريقية وطلب منها أن تدعوه ومن جهة أخرى أرسل إلي
    بونيفاس أن الملكة تريد قتله لذالك لم يحضر إلي الملكة
    فعزلته سنة 427م فرفض عزله وهو ما أدي إلي نشوب
    معارك بينهما.

    وقد هزم بونيفاس الجيوش التي أوفد ها فيليكيس لمقاومته ولكن الجيش الذي كان يقوده كونت إيفريقيا سحبسفولت وهو من الغوط إستولي في مايبدوا علي عنابة وقرطاج في أوئل سنة 428م فأصبح بذالك وضع المتمرد بونيفاس خطير وهوا ما أدي إلي استجاده بالوندال. قبل الملك الوندالي جنسريق هذه الدعوة ولم يترك هذه الفرصة تفوته وجهز حملة عبربها مضيق جبل طارق في ماي 429م . لم يكن احتلال الوندال لبلادن شمال إيفرقيا أمر مفاجئا بل تجمعت له عدة أسباب منها : أن الوندال شعبة من الغوط والغوط أمة شديدة البأس صعبة المراس وهوا ما تميز به قووم الوندال ويدل علي ذالك صياغة تاريخهم وإتحادهم في الأخلاق حتي أطلق الرومان عليهم اسم المتوحشين وإتحادهم أيضا في اللغة والدين لذ لك بعد اقتحامهم لبلادن إيطاليا وإسبانيا بدؤوا يهددون سواحل إيفريقيا (حاول قواد من القوم المتوحشون مثل الأريك وليا النزول علي تراب الأرض الموعدة الأجل إشباع عصابتهم الجائعة …… فقد كان سكان إيفريقيا يحتفظون بقدر وفير من المواد الغذائية وخاصة القمح فاستحقت إفريقيا ان تكون المخزن العالمي للحبوب

    ولما أصبح الوندال أسيدا علي معظم تراب أسبانيا في العشرينات
    من القرن 5م.قام ملكهم جنسريق بإكمال مهمة أخيه عندريق لتنظيم
    غارة عل إفريقيا وكان جنسريق أعظم قواد ورجال الدولة الجرمانية في
    القرن 5م وما كان لرجل علي هذا القدر من البراعة أن يجهل ما كانت تتخبط
    فهي إفريقيا من فوضي.

    وخاصة ما آلت إليه الإمبراطورية الرومانية.فضعف السلطة المركزية لروما الذي الذي ظهر في جوانب محتلة للإمبراطورية ,فضعف الجيش وعجزهم علي حماية المناطق البعيدة التي تسيطر عليها, وهذه الحالة من الفساد مست العلاقة بينها وبين مستعمراتها. وشمال إيفرقيا من أحد هذه المستعمرات التي أنتجتها هذه الفوضي وتمرد إليها بونفياس علي الإمبراطورية سنة 427م ودخلت في حرب بينهما. أدت إلي استدعاء بونفاس – عندما حشي الغلب للو ندال وأعانته. فصادف ذالك هواء في نفوس الو ندال ولبوا مسرعين . وعلاوة علي تمرط بونيفاس 0كانت الثورات الببربرية متزامنة وانتفاضات الأقوام ا لتي أرهقتها ضرائب الإمبرطورية وإرهاب الدوناتوسيس الذين كانو يغتنمون جميع الفرص ليعبرو عن سخطهم إزاء السلطة المركزية وكانت إيفرقيا بأكملها علي غرار حكمها تتوق إلي الاستقلال ومن الطبيعي أن يتوقع من تحدثه نفسه بالإغارة علي هذه البلد. بمقاومة ضعيفة ومساعدات ثمينة ولم يترك جنسريق الفرصة تفوته وأنتقل بجيوشه إلي إفرقيا فقد انطلق من طريفة الواقعة علي مضيق جبل طارق في ماي سنة429م وألتحق بالسواحل الإفريقية من جهة طنجة وسبتة

    يتبع …

    الاحتلال البيزنطي

    كان طموح الإمبراطور البيزنطي جوستينيانوس"justinien"، الراغب في إنشاء إمبراطورية عالمية واسترداد أمجاد الإمبراطورية الرومانية وراء الحملة البيزنطية على بلاد المغرب، وكما نجد أيضا جملة من الأسباب والعوامل التي عجلت ذلك، ويمكننا إيجازها في الصراع الديني الذي كان قائما آنذاك بين المذهبين المسيحيين الكاثوليكي والأريوسي ،وما نجم عنه من تعرض كاثوليك إفريقيا لمتابعات واضطهادات عديدة طيلة فترة حكم الوندال الأريوسيين (429-533م)، الذين نعتوا ب:"أعداء الروح والجسد" في قانون جوستينيانوس، فكان من الطبيعي أن يلجأ هؤلاء إلى إمبراطور الشرق لطلب النجدة. ولقد هاجر إلى القسطنطينية في هذا الوقت عددا كبيرا من الأفارقة الذين كانوا ضحايا الاضطهادات الوندالية وعدد من الأساقفة الذي كانوا عرضة للتعذيب الوندالي والتف حول كل هؤلاء الأرثوذكس يتوسلون من الإمبراطور التدخل . وكان "جوستينيانوس" مسيحيا، كاثوليكيا متحمسا، وعند علمه بما يلاقيه أهل مذهبه في المغرب على يد الوندال الأريوسيين عزم على إنقاضهم وهي فرصة للاسترجاع أراضي بلاد المغرب من الو ندال في نفس الوقت.

    جوستينيانوس : إمبراطور بيزنطي رقي العرش سنة 527، وساعدته زوجته ثيودورا، لقب بالإمبراطور الذي لا ينام نظرا لشجاعته وثقته بالنفس.

    كما أظهر هلدريك "Hilirie " تسامحا كبيرا تجاه الكاثوليك، قد تكون صداقته بـ:جوستينيانوس وراء ذلك، وهو ما أثار استياء الو ندال، كما كانت الهزائم العديدة التي منيت بها الجيوش الوندالية أمام الأهالي خاصة في المزاق، وراء الاستياء الجيش الوندالي وإبعاد "هيلدريك" وتعين "جلمير"Geilimer"حاكما جديدا، وهو ما تسبب في انقسام عميق في صفوف الوندال، وساعد ذلك في تدخل البيزنطيين .
    ضف إلى ذلك الثورات المحلية لقبائل المور التي لم تكن أقل إحراجا للسلطة الوندالية إذ لم تتأخر القبائل المحلية في العمل على التخلص من سلطة "جنسريق"، حيث أعلن عن استقلال الأوراس من "هونوريق"Huniric " م477-484 دون أن يتمكن الوندال من إخضاعهم ثانية، بعد الأوراس يأتي دور منطقة الحضنة والزيبان فكانت هذه الثورات التي لم تجد رادعا لها وراء وصول الأهالي إلى السهول، واجتياز خطوط الحصون الرومانية، التي كانت تحول سابقا دون الوصول إلى الهضاب العليا النوميدية، وكما كانت ثورة طرابلس في عهد تراساموندوس "Trassammund"م496-522 بقيادة قابلون Gabaon، وفي عهد هلدريك تمكنت قبائل المزاق من إلحاق الهزيمة بجيوش الوندال أكثر من مرة، فكانت كل هذه الثورات وراء إرهاق إمكانيات الوندال، وإضعاف جيوشهم والحد من نفوذهم الذي بدأ ينحصر شيئا فشيئا ..

    إضافة إلى كل هذه العوامل، تجبر جلمير، وقصر نظره زيادة على انحياز قوط إيطاليا Ostrogoths" إلى جانب الإمبراطور البيزنطي جوستينيانوس، خاصة بعد اغتيال أمالا فريدا " Amalafrida " زوجة "تراساموندوس" القوطية. وكان وزراء جوستينيانوس يوقنون بأن البربر بعد أن نشأت ممالكهم، واسترجعوا قوتهم لا يمكن أن يخضعوا لهم، وأن الخسائر في احتلال ما يستطيعون احتلاله من المغرب أضعاف الربح، ولكن الغيرة على الأرثوذكس وحب الانتقام من الو ندال واستفزاز الأساقفة الأرثوذكس، وتحريضهم على الانتقام من الو ندال الأريوسيين وتخليص أتباع مذهبهم في المغرب جعل جوستينيانوس يصر على غزو المغرب رغم ما كان ينتظره من خسائر مادية وبشرية ..

    وجاءت الفرصة المنتظرة حيث وقعت حرب داخلية بين الوندال في "سردينيا" واصطحب القائد البيزنطي "بليزار"معه في هذه الحملة زوجته فكان لا يخالف لها أمرا كما اصطحب رئيس أركان حربه"صولومون" Solomon" الذي كان له دورا رئيسيا سواء في محاربته للبربر أو في تنظيم أفريقية ورافقه كذلك كاتبه ومؤرخه بروكوب الذي يرجع له الفضل في وصف الحملة البيزنطية على بلاد المغرب .

    بروكوبيوس"Procopuis":مؤرخ بيزنطي ولد في قيصرية بفلسطين حوالي نهاية القرن الخامس بعد الميلاد، عين أمين سر خاصا للقائد بليزار عام527م، وصاحبه في حملاته على فارس وإيطاليا وكان ضمن الحملة على بلاد المغرب، ويعود له الفضل في وصفها.
    نزل الأسطول البيزنطي بسواحل إفريقيا في أوائل سبتمبر من سنة 533م وكان القائد البيزنطي "بليزار" شديد الحذر دائما فأبى السماح لقواده بدخول قرطاجة عنوة، وأذن لجيوشه في رأس كابودية" Ras Kabaudia على بعد حوالي مائة كلم، من جنوب سوسة بـتونس) التي توجه إليها، وكان يتقدم جيشه فيلق من الخيالة ،على يساره جند قوم الهان"Huns " ويواكبه على اليمين الأسطول البحري، وظل يسلك بليزار الطريق الساحلي، حيث كان يقطع كل يوم مرحلة صغيرة خشية الكمائن، ودخل الجيش البيزنطي سوسة بعد أن اجتاز بدون صعوبة رأس ديماس ولمطة ومنها وصل إلى سيدي خليفة..

    وعندما وصل إلى جلمير خبر نزول البيزنطيين بإفريقية أسرع بالكتابة إلى شقيقه أماتاس Ammatas في قرطاجة يأمره بقتل هليدريك والمقربين منه وتجنيد الوندال والاستعداد الانتقال إلى سيد فتح الله وهو المكان الذي اختاره جلمير لمعركة كبرى كانت ستعرقل الزحف البيزنطي لولا الخطأ الذي ارتكبه أما تاس والذي كان سببا في اندحار الوندال في هذه المعركة، وزوال دولتهم من الوجود في ما بعد، حيث كانت خطة المعركة تقتضي بأن يخرج أما تاس من قرطاجة ويتقدم لوقف البيزنطيين عند مضيق سيدي فتح الله على بعد خمسة عشرة كلم من قرطاجة، بينما يهاجم جيباموند Jibamund ابن عم جلمير ميسرة الجيش البيزنطي على رأس ألفي مقاتل، في الوقت الذي يهاجمهم جلمير من الخلف، كانت هذه الخطة مدبرة بشكل جيد، وكان بالإمكان أن تكون لها نتائج وخيمة على الجيوش البيزنطية لو تم تنفيذها بشكل جيد بليزار:قائد بيزنطي، خدم جوستينيانوس وزوجته ثيودورا، قمع ثورة الأحزاب في القسطنطينية سنة532م المعروفة بثورة نيكا، أعاد فرض سيادة بيزنطة على أفريقية وصقلية وايطاليا .

    . لكن وصول أما تاس قبل وصول باقي القوات الوندالية ودخوله المعركة قبلهم مكن يوحنا الأرميني من التقدم نحو قرطاجة بعد إبادة قوات أما تاس الذي قتل في المعركة، تقدم جيباموند لمهاجمة مسيرة القوات البيزنطية لكنه اضطر إلى التراجع قرب سبخة السيجومي بعد أن ترك العديد من القتلى في الميدان، أما جلمير فقد فوت على نفسه الفرصة رغم الانتصار الجزئي الذي حققه على البيزنطيين نتيجة انشغاله بجنازة شقيقه فتمكن على إثره بليزار من جمع قواته ومباغتته وبدالك حققت الجيوش البيزنطية انتصارا كبيرا تمكن على اثر ذلك بليزار من دخول قرطاجة بسهولة في اليوم الموالي:14سيبتمبر533م . عمل جلمير الذي فر إلى "يولاريجيا" حمام الدراجي" بعد شقيقه تازازون "Tazazon" من سردينيا على استرجاع ما فاته، فتقدم نحو قرطاجة التي حاول إخضاعها بقطع الماء عنها، كما حاول إقحام بليزار في المعركة دون جدوى، وفي 15ديسمبر من سنة 533م، هاجمه هذا الأخير وهزمه في معركة" تريكاماروم" Tricamarum" التي لو هاجم فيها جلمير البيزنطي ساعة اقتسام الغنائم لا انتصر في المعركة. لكن تأثره بالصدمة الأولى وفراره نحو جبل" Paprua"فوّت عليه الفرصة مرة ثانية حيث ضيّق عليه فاراس"Pharas" الخناق حتى استسلم في شهر مارس من سنة 534م. بعد استسلام جلمير أرسل بليزار بعض قواده لاسترجاع قيصرية وسبته وبعض جزر البحر المتوسط. ودام الحكم البيزنطي ببلاد المغرب أكثر من قرن (533-709م).

    يتبع …

    الفتح الإسلامي



    امتدت الدولة الإسلامية في عهد الخليفة عثمان بن عفان (23-35 هـ) على مجال شاسع من خراسان وأذربيجان شرقا إلى طرابلس غربا. وكانت الحملات الاستطلاعية الأولى التي قامت بها الجيوش الإسلامية باتجاه بلاد المغرب منذ سنة 27 هـ تهدف إلى اختبار الجيش البيزنطي الذي تراجع نحو المناطق الشمالية لإفريقية، غير أن فتح بلاد المغرب استغرق فترة زمنية طويلة نسبيا تعددت خلالها الحملات إلى حين وصولها إلى المغرب الأقصى والأندلس. ومهّد هذا الفتح إلى تلاقح الثقافتين الإسلامية والإفريقية مما أفرز تحولات حضارية جذرية شملت جميع المجالات الثقافية والعلمية والاجتماعية والعمرانية أدخلت بلاد المغرب كطرف فاعل في الحضارة الإنسانية.
    يهدف هذا المقال إلى تحديد أهم مراحل فتح بلاد المغرب وانعكاساته الحضارية.
    i – مراحل انتشار الإسلام ببلاد المغرب (27 – 82 هـ)
    لم تكن عملية فتح بلاد المغرب يسيرة حيث تعددت الحملات العسكرية وتخللتها عدة صعوبات أفضت في النهاية إلى انتشار الإسلام في كامل شمال إفريقيا والأندلس.
    1 – المرحلة الأولى لفتح بلاد المغرب (27 – 64 هـ)
    منذ عهد الخليفة عمر بن الخطاب فكر عمرو بن العاص في فتح إفريقية سنة 22 هـ وذلك بعد أن فتح ليبيا الحالية، ولكن الخليفة عمر بن الخطاب لم يوافق على ذلك وقد يكون سبب هذا الرفض أن الحدود الشرقية لإفريقية كانت منيعة حيث كتب عمر بن الخطاب "لا إنها ليست بإفريقية ولكنها المفرقة غادرة مغدور بها لا يغزوها أحد ما بقيت"

    – حملة عبد الله بن سعد بن أبي سرح: لما عينه الخليفة عثمان بن عفان عاملا على مصر قام بأول حملة عسكرية باتجاه إفريقية سنة 27 هـ/647 م فتمكن من التقدم والتقى بالجيش البيزنطي عند مشارف سبيطلة وانتصر الجيش الإسلامي وقتل القائد البيزنطي جرجير. واكتفت هذه الحملة بتحقيق أول انتصار على البيزنطيين في بلاد المغرب وجمعت الغنائم وحصل اتفاق بين عبد الله بن سعد وزعماء القبائل على أن يأخذ منهم مالا ويخرج من بلادهم فلم يول عليهم أحدا. وكانت هذه الحملة الأولى مجرد اختبار لمدى قوة دفاعات البيزنطيين والتعرف على طبيعة المنطقة واستكشافها تمهيدا للحملات الموالية.
    – حملات معاوية بن حُديج: قام بثلاث حملات لفتح بلاد المغرب كانت الأولى مع جيش عبد الملك بن مروان سنة 34 هـ حيث اتجه من الفسطاط إلى بلاد قمونية (موضع مدينة القيروان) ثم قاد حملة ثانية سنة 40 هـ وثالثة سنة 46 هـ واستقر في جبل القرن شمال القيروان وأرسل الجيوش لفتح المناطق القريبة ففتح عبد الله بن الزبير سوسة وعبد الملك بن مروان جلولاء.
    – حملة عقبة بن نافع الفهري: اتجه إلى إفريقية سنة 50 هـ 670 م قادما إليها من الصحراء ومعه عشرة آلاف فارس فاتخذ القيروان معسكرا واختار موضعها على سهل فيضي تتوفر فيه المراعي وغابات الزياتين وهي بعيدة عن البحر لتفادي الغزوات البيزنطية وجعلها قاعدة للجيش الإسلامي وعاصمة لكامل بلاد المغرب.
    وواصل عقبة تقدمه باتجاه الغرب متفاديا الصدام مع البيزنطيين المتواجدين على السواحل الشمالية الشرقية لإفريقية.
    وفي سنة 55 هـ تم تعيين أبي المهاجر دينار واليا على القيروان فسلك سياسة مرنة مع البربر أدت إلى تراجع الغنائم والجباية فقرر الأمويون إعادة تنصيب عقبة بن نافع واليا على إفريقية والمغرب سنة 62 هـ فواصل حملته على القبائل البربرية مثل لواتة وهوارة وزناتة ومكناسة ووصل إلى طنجة ووليلى وبلاد السوس وبلغ المحيط الأطلسي. وكانت القبائل البربرية قد أعدت نفسها للانتقام والثأر من عقبة واستعانت في ذلك بالجيش البيزنطي واستغلت بقاء عقبة في عدد قليل من الجنود لتباغته في بسكرة جنوب جبال أوراس بجيش يضم 50000 جندي يقودهم كسيلة البربري فقتل عقبة سنة 64 هـ 684 م ومثلت هذه المعركة نهاية لمرحلة الانتصارات الإسلامية الأولى ببلاد المغرب وبداية لفترة صعوبات واجهت الانتشار الإسلامي.
    2 – مرحلة الصعوبات ومواصلة الفتح باتجاه الغرب
    كان لمقتل عقبة بن نافع الأثر الإيجابي القوي على القبائل البربرية الرافضة لانتشار الإسلام وللبيزنطيين الذين يحكمون سواحل إفريقية. فتبنت هذه الأطراف حركة مسلحة تهدف إلى صدّ الحملات القادمة من الشرق.
    أ – حركة كسيلة: استقر القائد البربري كسيلة بالقيروان بعد أن هجرها عدد كبير من المسلمين باتجاه مصر بعد مقتل عقبة بن نافع، وهكذا أصبحت السلطة في إفريقية مقسمة بين كسيلة بالقيروان والبيزنطيين بقرطاج. وانتهت هذه المرحلة سنة 69 هـ عندما أرسل الخليفة عبد الملك بن مروان ، زهير بن قيس البلوي في جيش لاستعادة إفريقية. ووقعت المعركة في ممس غرب القيروان قتل فيها كسيلة واستعاد فيها المسلمون سيطرتهم على كامل بلاد المغرب إلى حدود نهر ملوية. واضطر زهير إلى الرجوع إلى المشرق على إثر اندلاع حركة عبد الله بن الزبير، وفي طريق العودة هاجمه أسطول بيزنطي في برقة بليبيا وقتل سنة 71 هـ. وتواصل تأثير الأحداث السياسية بالمشرق الإسلامي في فتح بلاد المغرب حيث تعطلت الحملات إلى حين القضاء على الحركة الزبيرية فأرسل الخليفة الأموي حسان بن النعمان على رأس جيش يعد 40000 مقاتل سنة 76 هـ وتمكن حسان من إخضاع القيروان وانتصر على البيزنطيين والبربر ودخل قرطاج وطرد الروم البيزنطيين منها.
    ب – حركة الكاهنة: برزت حركة مقاومة بربرية أخرى قادتها القبائل الزناتية البدوية بجبال أوراس بالمغرب الأوسط (الجزائر) وتزعمتها امرأة وهي داهيا بنت ماتية بن تيفان أطلق عليها لقب الكاهنة وجهزت جيشا لمنع تقدم المسلمين فاتجه إليها حسان ودارت بينهما معركة في جبال أوراس انتهت بانتصار الكاهنة وتراجع الجيش الإسلامي إلى الجريد ثم إلى قابس وفي النهاية استقر في برقة. وهكذا تمكنت الكاهنة من بسط نفوذها على كامل بلاد المغرب من جديد وأعادت بناء مملكة كسيلة في حين انحسر الوجود العربي في منطقة برقة.
    واعتمدت الكاهنة سياسة الأرض المحروقة فخربت العمران وأحرقت الزرع واقتلعت الأشجار وخربت البلاد حتى لا يطمع فيها المسلمون. إلا أن هذه السياسة تسببت في نقمة عدد كبير من البربر والأفارقة والروم على الكاهنة ففروا باتجاه الجيوش الإسلامية. وفي سنة 82 هـ دارت معركة بوسط إفريقية انتهت بانتصار حسان بن النعمان ومقتل الكاهنة واسترجع المسلمون نفوذهم على كامل بلاد المغرب من جديد وساهم هذا الانتصار في نشر الإسلام واللغة العربية في صفوف القبائل البربرية التي لم تكن ترفض الدين الجديد وإنما انساقت في معظمها وراء الطامعين في إنشاء إمارة بربرية.
    وبشكل عام فإن عملية فتح بلاد المغرب كانت صعبة وبطيئة استغرقت حوالي نصف قرن متأثرة بأزمات الخلافة الإسلامية بالمشرق وكذلك بمحاولات التصدي التي تزعمها بعض القادة من البربر ودعمها الروم البيزنطيون.
    ج – فتح المغرب الأقصى والأندلس:
    عينت السلطة الأموية موسى بن نصير واليا جديدا لبلاد المغرب سنة 85 هـ فاتخذ القيروان عاصمة لولايته وواصل حملاته العسكرية باتجاه المغرب الأقصى فأخضع المناطق الغربية لوادي ملوية وصولا إلى المحيط الأطلسي وجعل من مدينة طنجة قاعدة بحرية لتجهيز الجيش والأسطول لدخول الأندلس مستغلا انتشار الإسلام في صفوف البربر الذين اندمجوا في الجيش الإسلامي وكذلك الانقسامات السياسية التي كانت تشهدها الأندلس.
    وبدأت الغارات الأولى على السواحل الجنوبية للأندلس منذ سنة 91 هـ ثم عين موسى بن نصير، طارق بن زياد وهو من أصل بربري على جيش من 7000 مقاتل أغلبهم من القبائل البربرية مثل مكناسة وزناتة وهوارة… وانطلق الأسطول من طنجة سنة 92 هـ/711 م وحقق انتصارا حاسما على جيش لذريق، والتحق موسى بن نصير بالأندلس ليدخل طليطلة وسرقسطة واشبيلية سنة 94 هـ ولم تتوقف الفتوحات الإسلامية بل تواصلت على كامل الأندلس ثم وصل عبد الرحمان الغافقي إلى مدينة بواتيي الفرنسية سنة 114 هـ/ 732 م وانهزم أمام شارل مارتال.
    تؤكد هذه المعارك والحملات التي قادها المسلمون في إفريقية وبلاد المغرب وصولا إلى الأندلس أهمية المشروع الحضاري الذي حمله المسلمون في مغارب الأرض والمتمثل في نشر الدين الإسلامي وتعاليمه لإخراج هذه المناطق من سيطرة المسيحيين الروم والبيزنطيين من جهة ومن الديانات الأخرى التي انتشرت في صفوف البربر. ولم يكن طول المرحلة الزمنية التي استوجبها فتح بلاد المغرب سوى دليلا على أهمية الصراع بين الدعوة إلى الإسلام والمقاومة التي تزعمها أصحاب النفوذ السياسي والاجتماعي الرافضين للدين الجديد الذي سلبهم تلك الزعامة والنفوذ ونزع عنهم كل سلطة تمكنهم من بسط سيطرتهم على السكان الأصليين للمنطقة أي البربر. كما تدل هذه الأحداث على أن أغلب القبائل البربرية دخلت الإسلام اقتناعا ورفضا للمعتقدات السابقة ولم تسلم نتيجة الحروب وحدة السيف والدليل على ذلك سهولة اندماج البربر في الحضارة الإسلامية ومساهمتهم في انتشارها ورقيها على غرار تزعم طارق بن زياد وهو بربري للجيش الفاتح للأندلس رغم تعدد القادة العرب. وتشهد الحضارة الإسلامية لبلاد المغرب على شدة اندماج العنصر الأصلي البربري في المجتمع الإسلامي الجديد من خلال المعالم الثقافية والعلمية والعمرانية لبلاد المغرب والتي قام فيها البربر بدور فعال وبنّاء.
    ii – الأبعاد الحضارية لانتشار الإسلام في بلاد المغرب
    تعددت مظاهر الازدهار الحضاري لبلاد المغرب بعد الفتح الإسلامي ومن بينها اندماج البربر في الحضارة العربية الإسلامية المتواصل إلى زمننا الحاضر وإثراء الحضارة الإنسانية بعدد هام من العلماء والمفكرين والمبدعين فضلا عن تطور الفنون كالعمارة والزخرفة…
    1 – اندماج البربر في الحضارة الإسلامية
    واجهت الجيوش الإسلامية في بلاد المغرب قبائل بربرية تجيد فن القتال ومتمرسة في الحروب إلى جانب الجيش النظامي البيزنطي. وكانت تلك القبائل متحررة في أغلب الحالات من ولاءات أو أحلاف تجمع بينها وبقية القبائل في ما عدى المصالح المشتركة بحيث لم تكن توجد مظاهر وحدة تجمع بينها وتجعلها تتضامن وتتحالف للوقوف بقوة أمام التحديات الخارجية. ولهذا السبب كانت منطقة شمال إفريقيا منذ فجر التاريخ معرضة للغزوات المتتالية من الفينيقيين والرومان والبيزنطيين والوندال… فغياب المصير المشترك ووحدة العقيدة والثقافة أمران جعلا من القبائل البربرية تبحث عن هويتها المشتتة بين ولاء بعضها للبيزنطيين واستقلال البعض الآخر على أرضه طالما أنه قادر على الدفاع عنها. ولما جاء الإسلام فإنه مثل عامل وحدة ثقافية واجتماعية وعقائدية وسياسية اجتمعت حوله مختلف القبائل تتهافت على القيام بدور لبناء هذا الصرح العملاق المتمثل في "خير أمة أخرجت للناس" والمساهمة في تدعيم المكاسب كنشر الإسلام في الأندلس ودعم الحضارة الإسلامية بمعالم وشخصيات علمية لا يزال أثرها قائما إلى يوم الناس هذا. ويتشابه دور الدين الإسلامي في هذا المجال مع الدور الذي لعبه في الجزيرة العربية لما حثّ الرسول محمّد صلى الله عليه وسلم على تأسيس نظام سياسي يتجاوز الإطار القبلي وأدى إلى نشأة الدولة الإسلامية التي يتساوى فيها جميع الناس بقطع النظر عن انتماءاتهم القبلية.
    ولئن كانت بداية عملية اندماج البربر بطيئة فإنها توسعت وفق السياسة التي اتبعها الولاة حيث شجع أبو المهاجر دينار – وهو غير عربي – البربر على اعتناق الإسلام وكان مرنا معهم وأسلم على يده الكثير منهم مثل القائد كسيلة.
    وفي سنة 65 هـ كان ثلث جيش زهير بن قيس البلوي من البربر، كما أن كسيلة لما دخل القيروان لم يدمرها وأمّن أهلها وكذلك فعلت الكاهنة. ومن جهة أخرى ساهمت سياسة القائد حسان بن النعمان في اندماج البربر في الحضارة الإسلامية لما اشترط على القبائل المنهزمة نحو 12019 رهينة لينشر في صفوفهم الدين الإسلامي ويدعم بهم الجيش لتحقيق الانتصارات كما ساهم هؤلاء الرهائن في نشر الإسلام بين ذويهم فيما بعد وشاركوا في الفتوحات ونالوا نصيبهم من الغنائم ومن الأراضي وارتقى العديد منهم في الرتب العسكرية. وتعتبر كل هذه الأمثلة نماذج إسلامية لكيفية تعامل القادة مع السكان الأصليين حيث أن المسلمين لم يصلوا إلى بلاد المغرب ناهبين ومخربين وقاهرين ومستبدين وإنما جاؤوا لرسالة أسمى ونظرة أرقى تتلخص في نشر كلمة التوحيد ورفع راية الإسلام إلى أبعد ما تسمح به الظروف والإمكانيات المتاحة، وكان رد الفعل من طرف البربر بالمثل حيث أقبلت جل القبائل على الإسلام واندمجت في المجتمع الإسلامي الجديد ليس بقوة السيف وإنما بالاقتناع وترسيخ العقيدة الإسلامية لدى فئات واسعة من السكان.
    وليس غريبا عن هذه الحضارة الجديدة ببلاد المغرب أن يعين الوالي – وهو عربي – رجلا من البربر وهو طارق بن زياد ليتولى قيادة الجيش الإسلامي لفتح الأندلس، وأن يتكون جند موسى بن نصير من 17000 من العرب و12019 من البربر وبذلك نجح المسلمون في نقل مجال الصراع من داخل بلاد المغرب إلى الخارج وأصبح كل من العرب والبربر في خط واحد لمواجهة القوط الغربيين ولنشر الإسلام في الأندلس.
    هذه المعالم أتت لتؤسس لحضارة جديدة لم يسبق لها مثيل لدى السكان الأصليين فأمر موسى بن نصير بتعليم القرآن للبربر وأرسل الخليفة عمر بن عبد العزيز عشرة علماء إلى بلاد المغرب لترسيخ القرآن والسنة النبوية وتعاليم الإسلام في صفوف البربر.
    كما ساهم استيطان العرب ببلاد المغرب واختلاطهم بالسكان الأصليين في بناء المجتمع الإسلامي الجديد، فمنذ الفتوحات الأولى وفد إلى بلاد المغرب أكثر من 180000 رجل من المقاتلة العرب استقر أغلبهم فيما بعد بالقيروان وقد كتب اليعقوبي "في مدينة القيروان أخلاط من الناس من قريش ومن سائر بطون العرب من مضر وربيعة وقحطان وبها أصناف من العجم من أهل خراسان ومن كان وردها مع عمال بني هاشم من الجند وبها عجم من عجم البلد البربر والروم وأشباه ذلك"(اليعقوبي، البلدان ).
    ولم تقف مظاهر الحضارة الإسلامية ببلاد المغرب عند هذا الحد بل شملت ميادين كانت مجهولة من قبل مثل العلوم والفنون والعمارة.

    يتبع …

    2 – تطور العلوم ببلاد المغرب بعد الفتح الإسلامي

    شهد المغرب الإسلامي نهضة علمية تبرز معالمها من خلال تعدد مراكز العلم كجامع عقبة بالقيروان وجامع الزيتونة بتونس وجامع القرويين بفاس وجامع قرطبة بالأندلس… وقد اشتهر الولاة والأمراء بحذقهم للعلوم واللغات والفنون والآداب مثل إبراهيم بن الأغلب الذي أجاد الشعر والبلاغة والمعز لدين الله الفاطمي الذي تكلم عدة لغات كالبربرية والرومية والسودانية. وبرز في إفريقية العديد من العلماء المتخرجين من جامعة القيروان فاشتهر في اللغة والأدب ابن الطرماح وأحمد اللؤلؤي ومحمد بن جعفر القزاز، وفي الفلسفة أبو بكر القمودي وسعيد بن الحداد. كما تأسست بالقيروان مدرسة للطب واشتهر فيها عدد من الأطباء مثل اسحاق بن عمران ومحمد بن الجزار وخاصة أحمد بن الجزار صاحب كتاب "زاد المسافر"

    كما تطور علم الجغرافيا واستغل في أغراض تطبيقية كالتجارة، وعلم التاريخ والأنساب وقد اشتهر فيه ابن حيان وابن حزم القرطبي والقاضي النعمان.

    وقد ساهم الغرب الإسلامي مساهمة فعالة في إثراء الحضارة الإسلامية خاصة في المجال الفكري فبرز العديد من المفكرين ومن أبرزهم ابن رشد الفقيه والقاضي والفيلسوف والطبيب الذي ولد سنة 530 هـ/1126 م بقرطبة وعاصر الفيلسوف ابن طفيل والطبيب ابن زهر، وعاش ابن رشد بين الأندلس والمغرب الأقصى وألف العديد من الكتب أهمها "تهافت التهافت" و"فصل المقال فيما بين الشريعة والحكمة من الاتصال" و"الكشف عن مناهج الأدلة في عقائد الملة" و"الكليات في الطب" وصنّف فيه ابن رشد الأدوية حسب فعالياتها وآثارها. كما شرح ابن رشد فلسفة أرسطو ونقلها إلى الغرب ولخص مؤلفات جالينوس في الطب وأقبل الغرب المسيحي على مؤلفاته باعتباره أبرز مفكري التيار العقلاني داخل الفكر العربي الإسلامي ومرجعا هاما في الفكر الأوروبي فشكل بذلك نقطة تواصل وتفاعل بين الثقافتين الإسلامية والمسيحية.

    كما أفرزت الحضارة الإسلامية ببلاد المغرب عالما اشتهر بمؤلفاته الجغرافية رغم أنه كتب في علم النبات والأدوية وهو الإدريسي الذي ولد في مدينة سبتة بالمغرب الأقصى في أواخر القرن الخامس هجري وتنسب عائلته إلى الأشراف الأدارسة العلويين ودرس في قرطبة ثم تنقل في عدة بلدان وألّف عدة كتب من أهمها "نزهة المشتاق في اختراق الآفاق" و"الأدوية المفردة". وأسس الإدريسي جغرافيته على مفاهيم علمية صحيحة أهمها كروية الأرض ووجود خط الاستواء والأقاليم المناخية وتأثير الجبال في تكييف المناخ وتوجيه الرياح ونزول الأمطار، كما أنجز الإدريسي خريطة العالم المعروف في ذلك الوقت على شكل كروي وذلك قبل أن يثبت العلم الحديث صحة هذا الشكل.
    وتجاوز الإشعاع العلمي لبلاد المغرب حدود المنطقة الإفريقية حيث انتقل الإدريسي إلى جزيرة صقلية وعاش في قصر ملكها روجار الثاني الذي كلفه بتأليف كتاب شامل في وصف مملكته والبلدان المعروفة في ذلك العهد. وقد أشار ابن خلدون إلى تلك العلاقة حينما كتب "ونحاذي بذلك ما وقع في كتاب نزهة المشتاق الذي ألفه العلوي الإدريسي الحمودي لملك صقلية من الإفرنج وهو روجار بن روجار عندما كان نازلا عليه بصقلية… وكان تأليفه للكتاب في منتصف المائة السادسة وجمع له كتبا جمّة للمسعودي وابن خرداذبة والحوقلي وابن إسحاق المنجّم وبطليموس والعذري وغيرهم…"

    ولم يقتصر دور الحضارة العربية الإسلامية ببلاد المغرب على العلوم والثقافة
    بل تجاوز ذلك إلى الفنون والعمران بما جعله قادرا على الإسهام في تطوير
    التراث الإنساني وإثرائه بإضافات بناءة كانت منطلقا للنهضة الأوروبية الحديثة.

    3 – ازدهار فن العمارة الإسلامية ببلاد المغرب

    شهد الغرب الإسلامي نهضة عمرانية لم يسبق لها مثيل تميزت بتعدد المدن إلى حد بروز شبكة حضرية متكونة من مدن كبرى ووسطى وصغرى، واشتهرت المدن الهامة بتنوع خصوصياتها المعمارية كالجوامع والقصور المتميزة بأشكالها الفنية المزخرفة.


    أ – تعدد المدن الكبرى بالغرب الإسلامي

    تأسست بالغرب الإسلامي شبكة حضرية متمحورة حول المدن الكبرى التي أسسها الأمراء واتخذوها عواصم لدولهم وقواعد لجيوشهم مثل القيروان وفاس وسجلماسة وتيارت (تاهرت) وقرطبة بالأندلس. ونشأت المدن المتوسطة والصغرى على طول المسالك والطرقات التي اتجهت نحو المشرق وباتجاه بلاد السودان جنوبا.

    مدينة القيروان: تم اختيار موضع القيروان على سهل فسيح حيث شيدت على أنقاض حصن بيزنطي من طرف عقبة بن نافع. وكانت القيروان في موقع حصين بعيدة عن البحر لتفادي غزوات البيزنطيين وهي في سهل خصب تتوفر به المراعي وعلى طريق المسالك التجارية الرابطة بين الشرق والغرب وبين الشمال والجنوب. وفي عهد الخليفة هشام بن عبد الملك تم تجهيز المدينة بفسقيات وهي مواجل كبيرة الحجم تقع شمال المدينة وجنوبها تجمّع بها المياه لحاجة السكان كما توسعت أسواقها وأحيطت بسور يبلغ عرضه خمسة أمتار، وامتدت المدينة خاصة في العهد الأغلبي فشيدت القصور خاصة في العباسية ورقّادة وصبرة المنصورية وازدهرت صناعاتها وقصدها الناس من كل مكان للتعلّم والتجارة والإقامة حتى أصبحت من أهم الحواضر الإسلامية.

    – مدينة المهدية: تقع المهدية على الساحل الشرقي لإفريقية، أسسها عبيد الله المهدي سنة 302 هـ على موقع روماني قديم يسمى جُمّة واختارها عاصمة للدولة الفاطمية عوضا عن القيروان. وقسم المهدي عاصمته إلى قسمين أحدهما مقر الدولة والجامع والأسواق ودار الصناعة والميناء المنقور في الصخر ويدعى المهدية وأحاطها بسور، والثاني لعامة الناس ويدعى زويلة ويفصل بين المدينتين باب الفتوح، ولا تزال معالم المهدية الفاطمية قائمة إلى يومنا هذا شاهدة على شموخ الحضارة الإسلامية بالغرب الإسلامي رغم الحروب والحملات التدميرية التي تعرضت لها. ذكر البكري حول المهدية "ولمدينتها بابا حديد لا خشب فيهما زنة كل باب ألف قنطار وطوله ثلاثون شبرا في كل مسمار من مساميرها ستة أرطال… وفي المهدية من المواجل العظام 360… ومرساها منقور من حجر صلد يسع ثلاثين مركبا وعلى طرف المرسى برجان بينهما سلسلة من حديد… وكان لها أرباض كثيرة آهلة عامرة أقربها إليها ربض زويلة فيه الأسواق والحمامات…" (البكري، المسالك ).

    – مدينة سجلماسة: هي مدينة صحراوية تقع في تافيلالت تنطلق منها القوافل التجارية إلى بلاد السودان جنوبا وإلى فاس شمالا. تأسست سجلماسة سنة 140 هـ لتكون عاصمة لبني مدرار الصفريين ومركزا تجاريا صحراويا هاما. شيدت بها القصور والمصانع والمساجد ولها سور يفتح بواسطة 12 بابا ولها أرباض كثيرة. وكان ازدهار سجلماسة مرتبطا بنشاط التجارة الصحراوية حيث تراكمت إيرادات الذهب من بلاد السودان ومرت بها القوافل قادمة من فاس وأغمات والسوس والسودان وحققت تجارتها أرباحا طائلة.

    – مدينة فاس: أنشأها الأدارسة سنة 172 هـ وتقع أسفل جبال الأطلس الأوسط في سهل فسيح واشتهرت بجامع القرويين الذي يعتبر من أهم معالم المدينة إلى يومنا هذا.

    تعتبر هذه المدن الكبرى أمثلة معبرة عن حركة التعمير والتمدين التي شهدها الغرب الإسلامي بعد الفتح ولا تزال هذه المدن قائمة إلى اليوم لتؤكد تواصل الحضارة الإسلامية ببلاد المغرب على عكس المدن التي شيدت زمن الفينيقيين والرومان والبيزنطيين والتي لم يبق منها سوى بعض الآثار.


    ب – تطور فن العمارة بالغرب الإسلامي


    يبرز ازدهار الفن المعماري ببلاد المغرب من خلال العمارة الدينية والمتمثلة في المساجد والجوامع والرباطات، والعمارة المدنية المتكونة من القصور والمنازل والمنشآت المائية الكبرى.

    المساجد والجوامع: شيدت المساجد والجوامع في جميع مناطق المغرب الإسلامي بالأرياف والمدن وهي تدل على متانة العلاقة القائمة بين السكان والدين الجديد. وكانت خطة بناء الجوامع متشابهة حيث تكوّن أغلبها من الصحن وقاعة الصلاة والمحراب مع تواجد الأعمدة الرخامية والشمسيات البلورية والقباب.

    ويعتبر جامع القيروان من أهم المنشآت الدينية ببلاد المغرب، شيّد على مراحل عديدة وتم توسيعه عدة مرات. تنقسم قاعة الصلاة إلى 17 بلاطة أعرضها البلاطة الوسطى التي تؤدي إلى المحراب، ويقوم الجامع على أعمدة تعلوها تيجان ومسندات خشبية وحوامل عقود وعقود تضمن الإضاءة والتهوئة، ويضم الجامع قبة المحراب وقبة البهو ومنارة قاعدتها ذات شكل مربع تعلوها قبة. أما المحراب فتغطيه لوحات رخامية تعلوها الزخارف الجصية والخشب المذهب.


    جامع عقبة بن نافع بالقيروان


    الرباطات: الرباط منشأة دينية وتعليمية وعسكرية تبنى على السواحل لمراقبتها من الغزوات البحرية وكانت الرباطات عبارة عن حصون دفاعية تتكون من عدة غرف ومسجد وتوجد أبراج دائرية في زواياه ويحتوي كل رباط على منارة مستديرة الشكل. ومن أهم الرباطات ما شيد على ساحل سوسة والمنستير وكذلك رباطات المدن المغربية.

    – القصور: يعتبر تشييد القصور دليلا على أوج الرخاء الاقتصادي والرفاه الاجتماعي الذي تحقق خاصة للفئات الثرية المقيمة بالمدن وخاصة بالقيروان مثل قصر الصحن برقادة وكان يتكون من 109 غرفة ويحيط به سور ضلعه 104 مترا. كما تعددت القصور بفاس وسجلماسة وكذلك بمدن الأندلس وخاصة الزهراء وقرطبة، ولا تزال آثار هذه القصور قائمة إلى اليوم.

    وتميزت العمارة المغربية بالزخرفة كالنقوش والعقود والأعمدة والتيجان والحنيات وكانت هذه الأشكال الفنية تنحت وتنقش على الرخام والحجارة والجص والخشب إضافة إلى الرسوم والألوان التي زينت المواد الخزفية وتكونت من أشكال طبيعية مثل ورق العنب والبراعم وجريد النخل إضافة على الأشكال الهندسية كالظفائر المعقدة والحروف العربية المكتوبة بالقلم الكوفي.




    كانت بلاد المغرب قبل الفتح الإسلامي خاضعة لقوى أجنبية متتالية كالفينيقيين والرومان والبيزنطيين ولم يكن للبربر والأفارقة دور هام في الحضارة المغربية بل كانوا مستغلين من طرف الغزاة عن طريق الجباية والتجنيد والعبودية والسبي… فعلى مر العصور لم يدخل البربر التاريخ البشري ولم تكن مساهمتهم في الحضارة الإنسانية هامة إلى حين دخولهم الإسلام. ومثل فتح بلاد المغرب منعرجا حاسما في تاريخ المنطقة حيث اندمجت العناصر المحلية في المجتمع الجديد ليحصل التلاقح الثقافي بين المسلمين والبربر ومهّد لنشأة حضارة مضيئة في تاريخ الإنسانية لا تزال معالمها قائمة إلى يومنا هذا.


    يتبع …

    الجزائر في ظل الدول الإسلامية

    1- الدولة الرستمية

    الرستميون، سلالة من الاباضية حكمت في الجزائر, تونس وليبيا بين 776-909 م، مقرها كان مدينة تاهرت أو تيهرت وتسمى اليوم تيارت.
    مؤسس السلالة، عبد الرحمن بن رستم (ذو أصول فارسية) كان منذ 758 م واليا على القيروان من قبل الإباضية. فر بعد عودة ولاة العباسيين إليها (القيروان) إلى تيهرت، بويع إماما على الجماعة (776-784 م). سيطر الرستميون على مناطق وسط الجزائر أثناء عهد ابنه عبد الوهاب (784-823 م) ثم وضع نفسه تحت حماية الأمويين حكام الأندلس.

    2- الدولة الإدريسية

    3- الدولة الأغلبية

    الأغالبة أو بنو الأغلب سلالة عربية من بني تميم حكمت في المغرب العربي (شرق الجزائر وتونس وغرب ليبيا) مع جنوب إيطاليا وصقلية وسردينيا وكورسيكا ومالطة.
    فترة الحكم: 800-909 م.
    المقر: القيروان.
    كان مؤسس الأسرة الأغلب بن سالم بن عقال التميمي قائداً لجيش العباسيين، ثم أصبح ابنه إبراهيم (800-812) والياُ على إفريقية من طرف هارون الرشيد ابتداءً من سنة 787، غير أنه استقل بالأمر سنة 800 بعد تراجع دور العباسيين.وقد عمل الرشيد على دعم إبراهيم حتى لا يستقل نهائيًا كباقى الإمارات، بعد القضاء على عدة ثورات كانت أغلبها من طرف دعاة البربر ،وكان من أهمها ثورة حمديس الكندى في المغرب الأدنى، وثورة أهل طرابلس سنة 189 هـ ،ثمّ إستقر الأمر في عهد عبد الله بن إبراهيم (812-817).
    ومات إبراهيم بن الأغلب سنة 196هـ بعد أن ترك إمارة قوية خلفه في حكمها ابنه عبد الله أبو العباس وكان سئ السيرة فقد اشتد مع الناس وزاد في الضرائب. وفى عام 201 مات عبد الله أبو العباس واستراح الناس من حكمه. ثم زيادة الله بن إبراهيم (817-838) وقد شهدت دولة الأغالبة في عهده أزهى أيامها، رغم أنه ظل لفترة منشغلاً بإخماد ثورة منصور الطنبذي الذي حاصر القيروان وهدد وجود الدولة، إلا أن زيادة الله تمكن من الانتصار عليه. بعد سنة 827 تم غزو صقلية من طرف الأغالبة، ثم الاستيلاء على مدينة باري -في إيطالية- عام 841، ثم اجتياح رومية – روما- ونهبها عام 846 -إلا أنهم إنسحبوا بعد ذلك-.
    ويعد الاستيلاء على صقلية أهم إنجاز حققه زيادة الله ابن الأغلب فقد جهز جيشًا كبيرًا بإمرة قاضى القيروان أسد بن الفرات سنة212هـ. فاستولو على جزءًا كبيرًا من الجزيرة، ولم يتوغلوا فيها بسبب وفاة القائد أسد بن الفرات ومساعدة الروم، فجاءت للمسلمين نجدات من القيروان والأندلس وتوغل المسلمون في الجزيرة بقيادة محمد بن أبى الجوارى، وفى عام 221 هـ توفى زيادة الله ابن الأغلب, وخلفه أخوه أبو عقال الأغلب بن إبراهيم الذي قام بعدة إصلاحات فقد أزال المظالم ومنع الخمر، وحقق بعض ا لإنجازات العسكرية بالاستيلاء على بعض حصون «صقلية» وهزيمة أسطول رومى جاء لمحاصرة الجزيرة، وتوفى أبو عقال سنة 226هـ وخلفه ابنه أبو العباس محمد الأول. وظلت دولة الأغالبة قائمة يتعاقب عليها أمراء البيت الأغلبى حتى قضى عليها الفاطميون سنة 296هـ / 909م.
    كما أنهّم غزو مالطا عام 868، وبلغت سطوة الأغالبة مبلغاً كانت فيه كل الدول المسيحية على ساحل إيطالية تدفع لهم الجزية.

    4- الدولة العبيدية الفاطمية

    5- الدولة الحمادية

    الحماديون، بنو حماد، الصنهاجيون: سلالة أمازيغية حكمت في الجزائر، ما بين 1007/15-1152 م.
    المقر: القلعة: 1015-1090 م، بجاية: منذ 1090 م.
    الحماديون فرع من الزيريين حكام إفريقية. أسس دولتهم حماد بن بلكين (1007-1028 م) تولى عمل آشير (في الجزائر) من قبل بنو أعمامه الزيريين حكام تونس. بنى مقره القلعة عام 1007 م ثم أعلن الدعوة العباسية سنة 1015 م واستقل بالحكم. إلا أنه لم يتم الاعتراف بدولته إلا بعد حروب كثيرة خاضها ابنه القايد (1028-1054 م) مع الزيريين. اعترف هؤلاء لا الا المرغهقغبة افي النهاية باستقلال دولة الحماديين.
    في عهد بلكين (1055-1062 م) توسعت الدولة إلى حدود المغرب (مع دخول فاس)، ثم في عهد الناصر (1062-1088 م) بلغت تونس والقيروان، كما امتدت أطراف الدولة جنوبا في الصحراء. قاد هؤلاء الأمراء حركة عمرانية كبيرة كما بلغت الدولة في عهدهما منذ سنة أوجها الثقافي. منذ 1104 م ومع دخول أعراب بنو هلال (مع سليم ورباح) المنطقة، وتزايد ضغطهم على الدولة الحمادية، انحسرت رقعة الدولة إلى المنطقة الساحلية. سقط آخر الحماديين يحيى (1121-1151 م) بعد دخول الموحدين بجاية سنة 1152 م.

    6- الدولة الموحدية

    7- الدولة الزيانية

    تاسست على يد اغمراسن بن عبد الواد هم من اعراق امازيغية مقرهم الاصلي في الجزائر وتحديد في تلمسان

    يتبع …

    اترك تعليقاً

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

    هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.