فكثيرًا ما تتلف أوراق المصحف في بيوت المسلمين ويشترون نسخات جديدة، ويحتار المسلمون في تلك الأوراق فهل يحرقونها أو يمزقونها، أو يدفنونها….
وقد ذكر العلماء طرقا ثلاثة لذلك:
الطريقة الأولى:
وقد استدل العلماء لهذا بما فعله عثمان رضي الله عنه في المصاحف المخالفة لما أجمع عليه الصحابة؛ روى البخاري عن أنس بن مالك رضي الله عنه، أن عثمان بن عفان رضي الله عنه أَمَرَ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ، وَسَعِيدَ بْنَ الْعَاصِ، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ، فَنَسَخُوهَا فِى الْمَصَاحِفِ، وَقَالَ عُثْمَانُ لِلرَّهْطِ الْقُرَشِيِّينَ الثَّلاَثَةِ: إِذَا اخْتَلَفْتُمْ أَنْتُمْ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ فِي شَيءٍ مِنَ الْقُرْآنِ فَاكْتُبُوهُ بِلِسَانِ قُرَيْشٍ، فَإِنَّمَا نَزَلَ بِلِسَانِهِمْ؛ فَفَعَلُوا، حَتَّى إِذَا نَسَخُوا الصُّحُفَ فِي الْمَصَاحِفِ رَدَّ عُثْمَانُ الصُّحُفَ إِلَى حَفْصَةَ، وَأَرْسَلَ إِلَى كُلِّ أُفُقٍ بِمُصْحَفٍ مِمَّا نَسَخُوا، وَأَمَرَ بِمَا سِوَاهُ مِنَ الْقُرْآنِ فِي كُلِّ صَحِيفَةٍ أَوْ مُصْحَفٍ أَنْ يُحْرَقَ.
قال ابن بطال رحمه الله:
في هذا الحديث جواز تحريق الكتب التي فيها اسم الله بالنار، وأن ذلك إكرام لها، وصَوْن عن وطئها بالأقدام، وقد أخرج عبد الرزاق من طريق طاووس أنه كان يحرق الرسائل التي فيها البسملة إذا اجتمعت، وكذا فعل عروة، وكرهه إبراهيم. انتهى من «فتح الباري» (9/20)
ويقول الخطيب الشربيني رحمه الله:
ويُكره إحراقُ خشبٍ نُقِشَ بالقرآن، إلا إن قصد به صيانة القرآن فلا يكره، كما يؤخذ من كلام ابن عبد السلام، وعليه يُحمَل تحريق عثمان رضي الله عنه المصاحف. انتهى من «مغني المحتاج (1/152).
الطريقة الثانية:
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
وأما المصحف العتيق، والذي تخرق وصار بحيث لا ينتفع به بالقراءة فيه، فإنه يدفن في مكان يصان فيه، كما أن كرامة بدن المؤمن دفنه في موضع يصان فيه. انتهى من «مجموع الفتاوى» (12/599).
ويقول البهوتي رحمه الله:
ولو بلي المصحف أو اندرس؛ دُفِن، نصا. ذكر أحمد: أن أبا الجوزاء بلي له مصحف فحفر له في مسجده فدفنه. وفي البخاري: أن الصحابة حرّقته ـ بالحاء المهملة ـ لما جمعوه. وقال ابن الجوزي: ذلك لتعظيمه وصيانته. وذكر القاضي: أن أبا بكر بن أبي داود روى بإسناده عن طلحة بن مصرف قال: دفن عثمان المصاحف بين القبر والمنبر، وبإسناده عن طاوس أنه لم يكن يرى بأسا أن تحرق الكتب، وقال: إن الماء والنار خلق من خلق الله. انتهى من «كشاف القناع» (1/137)
وجاء في «فتاوى اللجنة الدائمة» (4/140):
إذا بليت أوراق المصحف وتمزقت من كثرة القراءة فيها مثلا، أو أصبحت غير صالحة للانتفاع بها، أو عثر فيها على أغلاط مِن إهمال مَن كتبها أو طبعها، ولم يمكن إصلاحها، جاز دفنها بلا تحريق، وجاز تحريقها ثم دفنها بمكان بعيد عن القاذورات ومواطئ الأقدام، صيانة لها من الامتهان، وحفظا للقرآن من أن يحصل فيه لبس أو تحريف أو اختلاف بانتشار المصاحف التي طرأت عليها أغلاط في كتابتها أو طباعتها. انتهى
الطريقة الثالثة:
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
لا أحد من المسلمين يشك أن القرآن الكريم يجب على المسلم احترامه وتعظيمه ومنع تعرضه للإهانة، وهذه الأوراق الممزقة –من المصحف- والتي لا يمكن أن ينتفع بها بقراءة، له فيها طريقتان:
الطريقة الأولى:
الطريقة الثانية:
ولكني أرى أنه إذا أحرقها فليدقَّها حتى تتفتت وتكون رمادًا، ذلك لأن المحروق من المطبوع تبقى فيه الحروف ظاهرة بعد إحراقه، ولا تزول إلا بدقِّه حتى يكون كالرماد.
أما إذا مزقت فتبقى هذه طريقة ثالثة، لكنها صعبة؛ لأن التمزيق لابد أن يأتي على جميع الكلمات والحروف، وهذه صعبة، إلا أن توجد آلة تمزق تمزيقًا دقيقًا جدًا بحيث لا تبقى صورة الحرف؛ فتكون هذه طريقة ثالثة، وهي جائزة.
منقوووووووووووووووووووووول للأفاده