يعد رجب طيب إردوجان -51 عاما وزعيم حزب العدالة والتنمية- رجلا عصاميا ينحدر من أسرة فقيرة ، ويعتبر أحد أكثر السياسيين شعبية في تركيا، اختاره قراء إحدى الصحف الأسبوعية البلجيكية واسعة الانتشار لكي يمنحوه لقب "رجل العام في القارة الأوربية"…
هيا بنا سويا نتعرف أكثر – وعن قرب – على هذه الشخصية العصامية.
نشأته:
ولد رجب طيب أردوغان في اسطنبول بتاريخ 26 شباط/فبراير 1954 جاءت عائلته من ولاية ريزه الكائنة على سواحل البحر الأسود. تخرج من المدرسة الابتدائية في عام 1965 ومن ثانوية الأئمة والخطباء عام 1973. ثم حصل على الشهادة من ثانوية أيوب الرسمية باسطنبول بعد اجتيازه امتحانات الدروس الغير الموجودة في منهج ثانوية الأئمة والخطباء.
وأتم دراسته العليا في كلية العلوم الاقتصادية والتجارية بجامعة مرمره في اسطنبول حيث تخرج منها عام 1981.
واعتباراً من مطلع شبابه أولى أردوغان اهتماماً كبيراً بالحياة الاجتماعية والسياسة ورياضة كرة القدم التي مارسها من 1969 الى 1982 كهاوي علمته روح العمل الجماعي. في نفس الوقت كان أردوغان يخطو خطواته الاولى في السياسة الفعلية كشاب يافع مثالي الأفكار يعنى بقضايا البلاد.
تولى رجب طيب أردوغان خلال دراسته الثانوية والجامعية مهاماً فعلية في فرع الشبيبة باتحاد الطلبة الوطني, وفي عام 1976 تولى رئاسة فرع الشباب لحزب السلامة الوطنية في منطقة بيوغلو في اسطنبول ثم انتخب في نفس العام رئاسة تنظيم الشباب لاسطنبول حتى انقلاب عام 1980 حيث أغلقت كافة الأحزاب السياسية, تحول أردوغان معها الى القطاع الخاص كمشاور واداري.
في عام 1983 عاد أردوغان الى السياسة مع حزب الرفاه وارتقى بعد عام واحد الى رئاسة تنظيم الحزب لمنطقة بيوغلو وتسلق سلم السياسة بسرعة ليصل في عام 1985 الى رئاسة فرع حزب الرفاه في اسطنبول أكبر الدوائر السياسية في تركيا وأيضاً عضوية اللجنة المركزية للحزب, وطوّر العديد من أشكال التنظيم التي اقتبستها الأحزاب الأخرى وخاصة في مجال مشاركة الشباب والنساء في السياسة. هذه النشاطات ساهمت من جهة في احراز الحزب نجاحاً باهراً في منطقة بيوغلو في انتخابات الادارات المحلية (البلديات) عام 1989 ومن جهة أخرى في احتذاء بقية أفرع الحزب بها.
وتمخضت انتخابات الادارات المحلية التي جرت في عام 1994 عن فوز اردوغان برئاسة بلدية اسطنبول التي استطاع بفضل قابليته الادارية ومهارته في الشؤون المالية واختياره الصائب لكادره المقرب من حل المشاكل المزمنة لهذه المدينة الكبيرة مثل مشكلة المياه والنفايات والمرور وتلوث الجو وغيرها, وفي مجال الفساد اتخذ تدابير حازمة كما وفّق في استخدام مصادر البلدية استخداماً مثمراً أدت الى تمكنه من تسديد الشطر الأكبر من ديون البلدية البالغة 2 مليار دولار التي انتقلت اليه لدى استلامه رئاستها الى جانب قيامه باستثمارات مهمة تجاوزت قيمتها 4 مليار دولار. وهكذا فتح أردوغان عهداً جديداً في تاريخ البلديات بتركيا أصبح معه نموذجاً يحتذى به من جهة, وحاز من جهة أخرى على ثقة شريحة واسعة من المواطنين .
بتاريخ 12 ديسمبر/كانون الأول عام 1997 تلى أردوغان ضمن خطاب ألقاه أمام اجتماع جماهيري بمدينة سعرت أبياتاً شعرية من قصيدة وطنية وردت في كتاب صادر من مؤسسة رسمية ومدرج في قائمة الكتب التي توصي بها وزارة التربية الوطنية للمعلمين والمدرسين, وأُقصي من منصبه كما حكم عليه بالسجن لهذا السبب. وبعد قضاء 4 اشهر في السجن أُطلق سراحه, ونتيجة للمرحلة الديمقراطية المتطورة وتلبية لطلبات المواطنين الملحة قام رجب طيب أردوغان مع مجموعة من رفاقه بتأسيس حزب العدالة والتنمية بتاريخ 14 آب/أغسطس 2024 وانتخب من قبل مجلس المؤسسين رئيساً مؤسساً للحزب الذي لقي منذ عامه الأول دعماً قوياً من قبل شريحة واسعة من المواطنين حصل معها على ثلثي مقاعد مجلس الأمة التركي في الانتخابات التشريعية العامة التي جرت في 3 نوفمبر/تشرين الثاني عام 2024.
وبسبب وجود قرار عدلي بحقه لم يتمكن أردوغان من خوض هذه الانتخابات, الا أن التعديل القانوني الذي أجري من قبل البرلمان الجديد أزال العوائق من أمام ترشحه الذي تحقق في 9 مارس/اذار 2024 اثر استقالة نائب من دائرة ولاية سعرت, وسجل فوزاً ساحقاً بحصوله على 85% من أصوات الناخبين. وبتاريخ 15 اذار من نفس العام تولى أردوغان رئاسة الحكومة انكب بعدها على انجاز اصلاحات كثيرة خلال فترة قصيرة وقطع شوطاً واسعاً في طريق احلال الممارسات الديمقراطية وشفافية الادارة والوقوف بوجه الفساد, كما استطاع ايقاف التضخم المالي الذي أثر سلباً على اقتصاديات البلاد ومعنويات الشعب طوال عقود كثيرة عجزت فيها الحكومات عن ايقافه, وحذف 6 أصفار من الليرة التركية معيداً اليها اعتبارها السابق, وخفض نسبة الفوائد المصرفية وتحقيق زيادة كبيرة في الدخل القومي, كما استطاع انجاز مشاريع واسعة كبناء السدود والمساكن والمدارس والطرق والمستشفيات ومحطات توليد الطاقة الكهربائية بسرعة غير مسبوقة أطلق عليها بعض المراقبين الأجانب اسم الثورة الصامتة.
وحقق أردوغان خلال توليه السلطة أشواطاً واسعة في مجال عضوية تركيا في الاتحاد الأوروبي وفي طريق تسوية القضية القبرصية عبر حركة اتصالات وزيارات مكثفة وفق رؤية سياسية عقلانية أثمرت عن تطوير علاقات ايجابية وتضاعف الحجم التجاري مع مختلف دول العالم مما حول تركيا الى دولة مركزية هامة في المنطقة والعالم.
وعقب انتخابات 22 تموز/يوليو 2207 العامة التي حاز فيها حزب العدالة والتنمية على 46.6% محققاً فوزاً لامعاً شكل أردوغان الحكومة التركية الـ61 .
العائلة
• ولد بتاريخ 26 شباط/فبراير عام 1954.
• تزوج السيدة أمينة في 4 تموز/يوليو 1978.
• له ولدان, أحمد بوراق و نجم الدين بلال, وابنتان هما أسراء وسمية.
الدراسة
• تخرج من المدرسة الابتدائية عام 1965.
• تخرج من ثانوية الأئمة والخطباء عام 1973.
• تخرج من كلية العلوم الاقتصادية والتجارية بجامعة مرمره عام 1981.
السياسة
• انتخب لرئاسة تنظيم شباب حزب الرفاه في اسطنبول عام 1976.
• انتخب لرئاسة فرع حزب الرفاه لمنطقة بيوغلو باسطنبول عام 1984.
• انتخب لرئاسة تنظيم حزب الرفاه فرع اسطنبول عام 1985.
• انتخب لرئاسة بلدية اسطنبول في عام 1994.
• قام بتشكيل حزب العدالة والتنمية وانتخب لرئاسته في عام 2024.
• تولى رئاسة حكومة بتركيا في 15 مارس/اذار 2024.
• شخصيات اثرت في حياته : يؤكد "طيب" أن الرسول صلى الله عليه وسلم هو أسوته الأولى، كما كان لتعليمه الديني وتديّن والده دورا بارزًا في ملامح شخصيته، وتأثر كثيرا بكتابات الشاعر الاسلامي التركي محمد عاكف، وبل كان شعره سببا في دخول اردوجان السجن كما ذكرنا في السابق، كما تأثر بالشاعر نجيب فاضل وتلقى عنه دروسًا كثيرة في الشعر والأدب.
تأثر أيضا بالزعيم "نجم الدين أربكان" الذي منحه الثقة، وأعطاه الفرصة ليصل لمنصب رئيس فرع حزب الرفاه وهو في الخامسة والثلاثين، ثم رئيس بلدية إستانبول.
الجانب الانساني والاجتماعي في حياته:
لم يتخلف أردوغان يومًا عن واجب العزاء لأي تركي يفقد عزيزا ويدعوه للجنازة، مثلما لبى الكثير من دعوات الشباب له بالمشاركة في مباريات كرة القدم. اقترب من الناس كثيرا .. ربما يكون هذا هو السر في أنْ منحه الناس حبًّا جارفاً لم تعرفه تركيا منذ سنين طويلة فيما يتعلق برجال السياسة والحكم.
كما أنه متحدثًا بارعًا ويجيد الاستماع الى الناس .. حماسي جدا وعاطفي جدا فالعلاقات الاجتماعية الدافئة من أهم ملامح شخصيته؛ فهو أول شخصية سياسية يرعى المعوقين في ظل تجاهل حكومي واسع لهم، ويخصص لهم امتيازات كثيرة مثل تخصيص حافلات، وتوزيع مقاعد متحركة، بل أصبح أول رئيس حزب يرشح عضوا معوقًا في الانتخابات.
شخصيته الشجاعة دفعته لتعيين مجموعة كبيرة من المحجبات داخل رئاسة البلدية، مثلما أعطى الفرصة للطرف الآخر دون خوف من النقد الإعلامي، مثلما لم يتردد في هدم منازل وفيلات لكبار الشخصيات، من بينهم فيلا الرئيس الراحل تورجوت أوزال؛ لأنها بُنيت مخالفة للقانون.
لم يتردد في إرسال بناته لأمريكا لإكمال تعليمهن، بعد أن أغلقت الأبواب أمامهن داخل تركيا بسبب ارتداء الحجاب، ولم يلتفت للحملة الإعلامية الشرسة التي تعقبته أثناء ذهابه للحج أو العمرة مع زوجته المحجبة؛ حيث راحت تستهزئ به بإطلاق تعبير "الحاج الرئيس".
ولهذا كله القى الشعب التركي بآماله على شخصيته القوية والكارزمية.. فهو جديد وشاب يدعو إلى التجديد والتغيير، وقد أثبت جدارته بالحكم عندما كان رئيسا لبلدية إسطنبول، كما أنه شخصية معتدلة ومتواضعة، أضف إلى ذلك أنه رجل نظيف لم تتلطخ سمعته بعمليات الفساد
أردوغان : أهم الأزمات والمعالجات:
كانت تركيا حينها تمر بمشاكل مزمنة لا يمكن حلها، لذا لم يبد العلمانيون والجيش أية مشاكل من انتخابه ليفشل في سياسة الدولة، فراهنوا على إخفاقه في حل مشكلات تركيا والتي منها حينها:
1- شح المياه: حيث كان الماء شحيحا جدا في اسطنبول، فقد كان يصل للبيوت يومين في الأسبوع لمدة ساعتين فقط، وبسبب عدم وجود البحيرات وعدم سقوط الأمطار بكثافة لفترة تزيد عن 30 سنة أصبح 97% من السدود فارغة.
2- تلوث الهواء في البرد الشديد: حيث كانت هناك سحابة سوداء منخفضة من أثر حرق الفحم الحجري الذي كان يُستخدم للتدفئة؛ فبلغت نسبة تركيز تلوث الهواء 7 أضعاف وكان عدد سكان اسطنبول 13 مليون نسمة.
3- اختناق شديد في طرقات اسطنبول: حيث كانت هي المدينة الوحيدة التي تقع على قارتين وتسمى مدينة التلال السبع طولها 193 كلم، فكان الفرد يستغرق في الانتقال من قارة إلى قارة ذهابا وإياباً ثمان ساعات ونصف يوميا للذهاب إلى عمله.
4- مشكلة السكن: فالعقار في اسطنبول غال جدا, كونها العاصمة التجارية لتركيا ويوجد بها الميناء الأكبر، فكان لا يتوفر بها السكن، ما اضطر سكانها إلى الخروج خارجها للاستئجار، مما كان له الأثر السلبي على حياة المواطنين.
5- تلوث ماء القرن الذهبي: إذ كان بمثابة مستنقع للميكروبات والطحالب وتنبعث منه رائحة كريهة في حين أنه كان من أفضل المناطق السياحية وكان يقطنه الأكابر وعليه القوم.
6- تكدس القمامة وانتشارها: حيث كانت القمامة تتكدس في كل شوارع اسطنبول مما أدى إلى انبعاث روائح كريهة في كل مكان.
7 – الرشوة: فقد كانت مستحكمة في كل الدوائر الحكومية.
8 – ارتفاع نسبة التضخم: حيث بلغ الدولار الواحد 1,760,000 (مليون وسبعمائة وستين ألف ليرة) ووصلت نسبة الفوائد لمن لدية سيولة 7000% وخلال ذلك أفلست شركات كثيرة وانهار الاقتصاد، وسبب ذلك يعود إلى التخبط السياسي والاقتصادي علاوة على الفساد المالي والإداري المستفحل.
المعالجات و الحلول:
• وضع أردوغان أمام عينيه تلك المشاكل التي تعاني منها تركيا وسعى جاهداً في سبيل القضاء عليها أو الحد منها وفق رؤية اقتصادية واجتماعية محكمة تمثلت في الآتي:
• 1) معالجة مشكلة المياه:
• – أسس شركة ski أسكي وتتبع بلدية اسطنبول، وتم اختيار أصحاب الكفاءة في مجال المياه والمخلصين في عملهم، على أن تكون طبيعة عملها خاضعة لقانون الشركة دون الرجوع إلى المجلس البلدي الذي يسيطر عليه العلمانيون حتى لا يعارضوه ويفشلوا نجاح المشروع.
• – بعدها طلب تقريراً عن حاجة اسطنبول من المياه والسدود لتستوعب هذه المياه فأجاب الخبراء بضرورة إنشاء (7) سدود بسعة عالية إضافة إلى (4) سدود موجودة من قبل، حينها ثار العلمانيون عليه بدعوى أنه يبدد أموال الدولة (وكانت هذه المرحلة الأولى من الخطة) أما المرحلة الثانية من الخطة فتمثلت في مد خط أنابيب مياه من بحيرة صلنجة إلى الجهات الأخرى.
• – دعا الناس بعدها إلى صلاة الاستسقاء (فسخر العلمانيون من ذلك الأمر) فاستجاب الله دعاء المصلين وأمطرت السماء في الصيف بعد أن كانت الأمطار منقطعة منذ 30 سنه وامتلأت السدود، وقد كانوا يستخدمون التلقيح الصناعي للسحب عن طريق الطائرات ولم تمطر فلما أمطرت قال العلمانيون هذا الرجل قريب من ربه.
• – تم بناء شبكة أنابيب ضخمة جدا لنقل المياه وأخرى للصرف الصحي وتم إنزال المشروع في مناقصة, فكان أفضل عرض قدمته شركة فرنسية ولما علم أردوغان بالخبر رفض إرساء المناقصة عليها وأرسى العرض على شركة سعودية كونها إسلامية مع فارق السعر.
• 2) معالجة تلوث الهواء:
• أسس شركة أكداش (لتشغيل وتوريد الغاز الطبيعي) ولأنه استلم ميزانية اسطنبول بمديونية اثنين مليار دولار فقد أمر أردوغان بإيصال الغاز إلى البيوت دون أن يدفع شيئاً من خزينة اسطنبول, فكانت أوامره صارمة ولا يقبل أنصاف الحلول، لذا قررت الشركة الموكل إليها الأمر أن تستورد الغاز من روسيا (وكون الأمر مكلفاً للغاية) فقد هداهم الله لفكرة غاية في الروعة وكانت بحسب ما طلب أردوغان -لاشك أن الله عز وجل إذا علم صدق النوايا هيأ الأسباب ويسرها- فوضع التصور في 1990م وتم تفعيله عام 1994م وكانت خلاصة الفكرة أنه تم التفاوض مع الأحياء الغنية في اسطنبول بدفع إيجار سنة مقدما لمن يرغب في توصيل الغاز إلى بيته، حينها توفرت السيولة الـتي تسمح بالتوقيع الأولي على العقد, وبعدها أعلنت الشركة توقيع العقد لكل الفئات المتوسطة والمحدودة ولكن بالأقساط المريحة, فتوفر الغاز لكل فئات المجتمع وتحولت التدفئة في الشتاء عبر الغاز الطبيعي بدلا من الفحم, فتنفس الأتراك الصعداء وتم القضاء على مشكلة تلوث البيئة والتي كانت من أعقد المشكلات في اسطنبول، وتم تغطية خدمة الغاز لاسطنبول بنسبة 97%.
• 3) معالجة مشكلة زحمة المواصلات:
• أسس شركة edo وهي أكبر شركة نقل في العالم نقلت 87 مليون شخص في السنة واستخدمت المسطحات المائية كبديل بين البحر الأسود وبحر مرمرة، وبنت 37 مرفأً ليس لنقل البشر فقط بل حتى لنقل السيارات وسائقيها, كما عملت مترو الأنفاق الذي كان آية في الروعة.
• – في عام 2024م تم إنشاء شركتين: شركة spak لتصنيع الأجهزة والسيرفرات المطلوبة لتحميل البرامج وشركة لتصنيع البرامج.
• – تم تصميم خارطة طرق اسطنبول وتحديد المسارات الأساسية والتقاطعات وغيرها على الشبكة الالكترونية.
• – عمل كاميرات مربوطة بحساسات تقيس الكثافة المرورية ثم تنقلها إلى السيرفرات ومن ثم تبث وتستقبلها الهواتف الجوالة لمعرفة تحليل الكثافة المرورية للسيارات واختيار خط السير أو من خلال الانترنت، فتحلل الكثافة المرورية إلى ألوان، مثلا: 50-70 أخضر, 30-40 أزرق، فحين تدخل على أي لون تحصل على الحركة في شبكة المواصلات.
• – عند البوابة الرئيسية بالمطار توجد شاشة الكترونية بها كل هذه المعلومات وتحدث حركة السير كل خمس ثوان.
• – الهدف من ذلك كله اختيار الطريق الأسهل, فتيسرت حركة السير وانتظمت بشكل غير مسبوق، ولتوضيح الفكرة أكثر تحدد مكانك في الجوال (برنامج يحمل على الجوال وهو نظام خاص بالبلدية) والمكان الذي ستذهب إليه للمفاضلة بين الأقصر مسافة أو الأقل زمنا فيرسم المسار لتتبعه.
• – وخيار آخر عندما تكون مدة الوصول 20 دقيقة أخبرني، أي عندما يخف الزحام، وتعتبر تركيا أغلى دولة في العالم في سعر البنزين فساعد هذا الأمر كثيرا في تخفيف أعباء المجتمع.
• – الحافلات صارت أسرع من السيارات وذلك لتخصيص مسارات خاصة لها لا يقف أمامها شيء فانخفض زمن الذهاب والإياب للموظفين من ثمان ساعات ونصف إلى ساعتين مع فارق توفير البنزين.
• – تم ابتكار البطاقة الذكية أو الفيش الكهربائي الذي يُشحن بوحدات تستخدمها في جميع وسائل النقل (المترو، القطار الكهربائي، الحافلات وبعض السفن) كما أنه يوجد قارئ يحدد عدد الركاب بالحافلة، ومن خلال جهاز التحكم يتم برمجة حركة الحافلات حسب الازدحام.
• – تخصم قيمة المسافة فقط التي قطعتها في الحافلة وليس قيمة المسافة كاملة التي في مسار الحافلة.
• 4) معالجة مشكلة السكن:
• كوّن شركة kebtash للتسويق العقاري تحت شعار (كل شخص يملك بيتاً) فتم تخصيص منطقة قريبة من المطار لبناء مجمع سكني يحوي 5000 وحدة سكنية منحة من الدولة، وتمت على مراحل:
• المرحلة الأولى: أعلنت شركة kebtash أنها ستبني 5000 وحدة سكنية لمن (ليس له بيت وهو فقير) ومن تنطبق عليه المعايير المحددة والمقرة يقدم طلباً للشركة, فتقدمت حينها 52 ألف أسرة لطلب بناء سكن.
• البناء سيتم خلال سنتين بالآلية التالية:
• * يدفع كل فرد 250 دولار تقسط لمدة 12 سنة وكلفة البيت (36000 $).
• * رسوم أساسية 100 $ على كل أسرة × 52019 = 5,200,000 دولار حيث وفر السيولة الأولية للبناء.
• * تم دعوة المتقدمين إلى الأستاد الرياضي وحضرت الحكومة وتم السحب بالقرعة وكان يُبث مباشرة عبر القنوات الفضائية الرسمية.. إنها شفافية غاية في الروعة.
• فكانت نتائج القرعة مؤثرة إلى حد كبير فحينما يفوز أحدهم بالطلب فمنهم من كان يقفز من الفرح.. وبعضهم يُغمى عليه وآخر يقفز فوق المنصة ويعانق أردوغان بحرارة.
• المرحلة الثانية: تم بناء 7500 وحدة سكنية.
• المرحلة الثالثة: تم بناء 12500 وحدة سكنية.
• المرحلة الرابعة: تم بناء 17000 وحدة سكنية.
• بعض تلك الأسر الفقيرة بعد استكمال الوحدات السكنية تؤجر غرفة في مسكنها للسياح بـ 400 $ في الشهر فصار يدفع من هذا الإيجار القسط الذي عليه للدولة وهو 250 $ والباقي صار ربحا له، فالمحصلة النهائية للسكن صارت مجانا للفقير بحكمة بالغة في الروعة.
• وبعدها قامت الشركة بتعميم الفكرة على تركيا كلها ووصل حجم البناء 750,000 وحدة سكنية خلال 7 سنوات، والأعجب من ذلك أن الشركة أعلنت أنها ستبني 1300 وحدة سكنية لمن ليس لديهم دخل (عاطلين عن العمل) وقسطها 100 $ شهرياً.
• * تدفع الشركة عن العاطل الأقساط لمدة 6 شهور وخلالها يقوم بالبحث عن عمل، ما لم يجد يفقد حقه في امتلاك البيت، أو تقوم الشركة بتأمين عمـل له في شركة المواقف إذا أثبت جدارته بالتدريب على ذلك العمل ويحصل على راتب 600 $ ويُخصم منه 100 $ قسطاً للسكن.
يتبـــــــع
• – عمل لقاء مع مستشاريه والمختصين في البيئة.
• – تقدمت مجموعة شركات لحل المشكلة وفحصوا الخليج ووصلوا إلى خيارين:
• الأول: لا يمكن إعادة المياه للخليج كون الأحياء البحرية قد ماتت فيه.
• الثاني: يتم ردم الخليج ويصبح مواقف للسيارات.
• فأصر أردوغان على أن يعود القرن الذهبي مثل سابق عهده، فلما أعادوا تحليل المشكلة وجدوا أنها تكمن في القمامة والمخلفات التي تُرمى من المصانع والبيوت العشوائية الموجودة على ضفاف القرن الذهبي مع عدم وجود تجديد للماء فكان الحل تبعاً لذلك يتمثل في:
• * إزالة المساكن والمصانع ونقلها بعيداً.
• * إزالة الأتربة والمخلفات الممتلئة بالميكروبات من الخليج من خلال وضع منصات تطفو على الماء وفيها رافعات لها أذرع طويلة فأزالوا 2 مليون طن من التراب والمخلفات واستخدمت كسماد للحدائق.
• * وضع طوربينات في نهاية الخليج ومضخات لعمل تدوير للماء لمدة 2-3 ساعات.
• حاليا صار القرن الذهبي من أجمل المواقع في اسطنبول ويوجد به:
• – متحـف لجميع الآثار التركية (ميناترك).
• – قصر المؤتمرات والمعارض.
• – مركز حزب العدالة والتنمية.
• – جمعية مجلس رجال الأعمال الأتراك (الموسياد) وفي عضويتها 5000 عضو يمثلون 15000 شركة تحت مظلة حزب العدالة والتنمية.
• – نمت الاستثمارات فيه بشكل كبير.
• 6) معالجة مشكلة القمامة:
• بدأ العمل بحملة إعلامية تثقيفية كبيرة يتم من خلالها غرس القيم الإسلامية كحديث (النظافة من الإيمان) حيث كتبوه وعلقوه في كل مكان حتى على السيارات التي تجمع النفايات, مع توفير إمكانات النظافة، فصارت اسطنبول من أروع المدن عالميا وربما صارت الآن ثالث أجمل مدينة في العالم.
• والأغرب من ذلك ما ذكره الأستاذ أحمد الشقيري في برنامجه (خواطر 6) من أنهم استفادوا من القمامة في اسطنبول واستثمروها، فولدوا منها طاقة تكفي لإنارة 100 ألف منزل من خلال تسيير 500 شاحنة كبيرة يوميا محملة بالقمامة من المدينة وتُفرش بها الأرض في منطقة منعزلة، ثم توضع الرمال فوقها حتى يُمنع عنها الأوكسجين لمدة عامين، وخلال تلك الفترة تقوم أنابيب كبيرة بشفط غاز الميثان من القمامـــة وتحويله إلى مصنع لإنتاج الكهرباء.
• 7) معالجة مشكلة الرشوة:
• قاموا بتدوين حديث (الراشي والمرتشي في النار) وعلقوه في كل مكان داخل الدوائر الحكومية، وأنشئوا المائدة البيضاء وهي عبارة عن طاولة طويلة في صحن ديوان بلدية اسطنبول ثم صاغوا دليلاً إرشاديا لكيفية تقديم الخدمات للزائرين، وجمعوا في هذه الطاولة جميع مدراء الأقسام في البلدية، وفي حالة وصول صاحب المعاملة يتم استقباله بحفاوة وتؤخذ المعاملة من قبل أفراد مكلفين بذلك فيما هو يستريح في الاستقبال وتقدم له القهوة التركية والعصائر، ولا يكاد يمر زمن يسير إلا وتقدم له أوراقه جاهزة، متجاوزين بذلك مرحلة قاسية تستغرق فيها المعاملات حينها يوما كاملا في السابق مع ما يخسره المواطن من أمواله كرشى لمراحل المعاملة, فشعر الناس بانقلاب هائل في المعاملات لم يكونوا يألفوه أو يتخيلوه.
• 8) معالجة مشكلة التضخم:
• لما تولى أردوغان قال قولته الشهيرة: (سنقطع اليد التي تثقب هذه الجرة) ولما سئل كيف حققتم هذا النمو السريع في الاقتصاد؟ قال: قفلنا مناخير الفساد.
• إضافة إلى المعالجات التي ذكرناها آنفا والأهم من ذلك هو تمكين أهل الكفاءة والخبرة والنزاهة من مفاصل السلطة، لقد بلغت نسبة التضخم في تركيا عام 2024م 1170% وانخفضت إلى 7.6% في عام 2024م فيما كانت نسبة النمو 2.2% في 2024م فارتفعت إلى 9.8% في 2024م.
• وكذلك كان حجم الصادرات 30 مليار في 2024م فارتفعت إلى 130 مليار.
• وكان متوسط دخل الفرد 3150$ فارتفع إلى 10990$ ولديهم طموح في أن يصل إلى 15000$ فتعززت العملة بعد ذلك حتى صار الدولار الواحد يساوي 1.15 ليرة بدلا من 1,76,0000 ليره.
• إن الحديث عن شخصية بهذا القدر والتأثير لا بد أنه ذو شجون وفيه تفاصيل كثيرة لا يتسع بكل تأكيد المقام لتناولها في هذه العجالة، لكن لعلنا نخلص إلى جزء ولو يسير من أسرار التغيير في تركيا والمتمثلة في التالي:
• 1) ما قاله أردوغان حينما سئل عن ذلك (لدينا سلاح أنتم لا تعرفونه إنه الإيمان، لدينا الأخلاق الإسلامية وأسوة رسول الإنسانية عليه الصلاة والسلام) يؤكد بلا شك أن تركيا قد نحت منحى آخر يختلف تماماً عما كانت عليه قبل خمسة أعوام وهو ما لامس الحياة في المجتمع التركي في جميع المجالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية… إلخ.
• 2) البناء الإيماني والتربوي الصارم والراسخ لكثير من شرائح المجتمع وخاصة طلاب الجامعة، فقد سألتُ أحد العاملين في حقل الدعوة عندما كنا في زيارة لأحد مساكن الطلاب في اسطنبول عن سر هذا التمكين الذي حصل للتيار الإسلامي في بلد نخر الفساد في كل أركانه.. فرد عليّ قائلاً: إن هذا لم يأت من فراغ وإنما جاء من البناء التربوي العميق منذ قرابة الثلاثين عاماً، وخاصة من خلال التعليم. ولقد لمست هذا الأمر في ذلك السكن، حيث أنهم يلزمون الطلاب الساكنين في اسطنبول بالسكن يومين في الأسبوع مع معلميهم في ذلك السكن لاستكمال البناء التربوي من قيام ليل جماعي وغيره.
• 3) التركيز على التعليم من خلال إنشاء المدارس والجامعات والمعاهد الخاصة التي ربما بلغت الآلاف.
• 4) التركيز على بناء الإنسان كما ونوعاً جعل منهم محبين لدينهم مغرمين بالتغيير من خلال مواقعهم وتخصصهم, فيتهيئون دوما للارتباط بالله واستمداد العون منه مع نكران الذات.
• 5) الاهتمام بالإعلام بكل أشكاله (القنوات الفضائية, الصحف, المجلات, الكتب…) كونه أقوى وسائل التأثير، ويكفينا إذا علمنا أن أحد التوجهات الإسلامية وهم النورسيون يمتلكون تسع قنوات فضائيه وهي التي ربما لا تمتلكها دول بحالها.
رجل يستحق التقدير
شكرا لك غاليتي