إنّ صدقة التطوّع هي ما يبذله المسلم من ماله ويُمَلُّكُه لغيره من المحتاجين طلبًا للأجر والثواب من الله تعالى، وهي مشروعة ومستحبة في الإسلام، وقد تضافرت الكثير من النصوص الشرعية على الحث عليها والترغيب بها، مع بيان الأجر الكبير لمن بذلها. ومن تلك النصوص قوله تبارك وتعالى: { مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِئَةُ حَبَّةٍ وَاللهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَآءُ وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ } [البقرة: 261]. ومن تلك النصوص أيضًا قوله صلى الله عليه وسلم: « ما من يوم يُصْبح العباد فيه، إلا ومَلَكَان ينزلان، فيقول أحدهما: اللهم أعط منفقًا خلفًا، ويقول الآخر: اللهم أعط ممسكًا تلفًا. » [رواه مسلم]. وقد جاء أيضًا في بعض الأحاديث الأخرى أن الصدقة تُطْفأ غضب الرب.
والصدقة لا تختص فقط ببذل المال وإنفاقه على المحتاجين، بل هي تشمل كل أعمال البر والمعروف التي يقوم بها المسلم، سواءً أكانت إنفاقًا من ماله على المحتاجين، أو أمرًا بالمعروف، أو نهيًا عن المنكر، أو صلةً للأرحام، أو برًا للوالدين، أو إماطةً للأذى عن الطريق، أو كلمةً طيبة، أو غير ذلك، فكل هذه الأمور تدخل في باب الصدقات. كما تشمل الصدقة الأعمال التي تكون منفعتها قاصرة على المتصدق فقط، حيث يتصدق المسلم على نفسه بأداء مختلف أنواع العبادات من الفرائض أو النوافل.
فالصدقة مصطلح جامع لكل أعمال البر والخير والمعروف، وبرهان هذا الأمر قوله صلى الله عليه وسلم: « كل معروف صدقة… » [صححه الألباني]. ولكن اصْطُلِح على اعتبار صدقة التطوع خاصة ببذل الأموال وإنفاقها في سبيل الله.
ولا يجوز للمتصدق أن يُتْبع صدقته بالمن والأذى على من يتصدق عليه، أو أن يُرَائي بتلك الصدقة، فكل هذا منهيٌ عنه في العديد من النصوص الشرعية، فالصدقة تَبْطل بهذه الأعمال، ولا تنفع صاحبها بشيء.
والفرق بين صدقة التطوع والهبة، هو أن هذه الصدقة لا تُعْتَبر صدقةً إلا إذا قصد ونوى المتصدق بها وجه الله تعالى، وطَمِع بالأجر والثواب منه، أما الهبة فقد تكون بهذه النية أو لا. كما أن الهبة قد تكون مالًا أو أي شيءٍ آخر، أما الصدقة فلا تكون إلا بالأموال. فالفرق بين الهبة والصدقة هو فرقٌ من جهة العموم والخصوص، فكل صدقة هبة، ولكن ليست كل هبة صدقة. ويُعَرِّف العلماء الهبة بأنها تمليك الشيء للغير بلا عِوَض.
الطرح الرائع الجميل
الله يعطيكـِ العافيه يارب