بر الوالدين وفوائدة وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَاناً [الأحقاف:15]، وقرن
برهما بالأمر بعبادته في كثير من الآيات؛ برهان ذلك قوله تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً [الإسراء:23]، وقوله تعالى: وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً [النساء:36]، وجاء ذكر الإحسان إلى الوالدين بعد توحيده عز وجل لبيان قدرهما وعظم حقهما ووجوب برهما. قال القرطبي رحمه الله في قوله تعالى: وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً [الأنعام:151]، أي: ( برهما وحفظهما وصيانتهما وامتثال أوامرهما ).
.من معاصي البدن التي هي من الكبائر أي من المعاصي التي لا تلزم جارحة من الجوارح عقوق الوالدين أو أحدهما وإن علا ولو مع وجود أقرب منه، قال بعض الشافعية في ضبطه: "هو ما يتأذّى به الوالدان أو أحدهما تأذيًا ليس بالْهَيِّن في العُرف" .
ومن عقوق الوالدين الذي هو من الكبائر ترك الشخص النفقة الواجبة عليهما إن كانا فقيرين ، أما إن كانا مكتفيين فلا يجب الإنفاق عليهما، لكن ينفق عليهما من باب البِرّ والإحسان إليهما، فيُسنّ له أن يعطيهما ما يحبّانه، بل يُسنّ أن يطيعهما في كل شىء إلا في معصية الله، حتى في المكروهات إذا أطاع أبويه يكون له في ذلك رِفعة درجة عند الله. قال الفقهاء: "إذا أمر أحدُ الوالدين الولد أن يأكل طعامًا فيه شُبهة، أي ليس حرامًا مؤكّدًا، يأكل لأجل خاطرهما ثم من غير علمِهما يتقايؤه" ، وقالوا: "إذا أمر أحد الوالدين ولده بفعل مباح أو تركه وكان يغتمّ قلب الوالد أو الوالدة إن خالفهما يجب عليه أن يطيعهما في ذلك" .
ومن بِرّ الوالدين أن يَبر من كان أبوه يحبه بعد وفاة أبيه بالزيارة والإحسان، كذلك من كان تحبّه أمّه بعد وفاتها أن يصلهم ويُحسن إليهم ويزورهم. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن من أبَرِّ البِرِ أن يَبَرّ الرجل أهل وِدِّ أبيه بعد أن يُوَلّي" أي بعد أن يَموت .
ومن أراد أن يكون بارًّا بوالديه فعليه أن يطيعهما في أغلب المباحات أو كلِّها.
قال النبي صلى الله عليه وسلم
(ما من رجل ينظر إلى والديه نظرة رحمة إلا كتب الله له بها حجة مقبولة مبرورة)
البهيقي
في شعب الإيمان " وفي رواية بلفظ "
(ما من ولد بار ينظر إلى والديه نظرة رحمة إلا كتب الله له بكل نظرة حجة مبرورة) قالوا:
(( وإن ننظر كل يوم مائة مرة ؟ قال :نعم ، الله أكبر وأطيب) )
قال :العلماء أكبر ، أي أعظم مما يتصور وخيره أكثر مما يحصى ويحصر
وأطيب
أي أطهر من أن ينسب إلى قصور في قدرته ونقصان في مشيئته وإرادته
وعن عائشة رضي الله عنها
{النظر في ثلاثة أشياء عبادة " النظر في وجه الأبوين، وفي المصحف ، وفي البحر }
رواه أبو نعيم " وفي رواية النظر إلى الكعبة عبادة ،والنظر إلى وجه الوالدين
عبادة ، والنظر في كتاب الله عبادة "
أبوداود "
احذر أن تحد النظر إلى الوالدين :
قال:
صلى الله عليه وسلم " ما بر أباه من حد إليه الطرف بالغضب " البهيقي ،
ومعناه
أن من نظر إلى والديه نظرة غضب كان عاقا وإن لم يكن يتكلم بالغضب .
فالعقوق
كما يكون بالقول والفعل يكون بمجرد النظر المشعر بالغضب والمخالفة
ولا
يدخل عليهما الحزن ولو بأي سبب؛ لأن إدخال الحزن على الوالدين عقوق لهما
وقدقال
الإمام علي -رضي الله عنه-: مَنْ أحزن والديه فقدعَقَّهُمَا
رضى
الله في رضى الوالدين .
قال
النبي صلى الله عليه وسلم" رضى الله في رضى الوالد، وسخط الله في سخط الوالد "
الترمذي "
ورضى
الوالدين يجعل لك بابين مفتوحين من الجنة .
قال
النبي صلى الله عليه وسلم " من أصبح مطيعا لله في والديه أصبح له بابان
مفتوحتان من الجنة ، وإن كان واحدا فواحد ،ومن أمسى عاصيا لله تعالى في والديه
أمسى له بابان مفتوحان من النار ، وإن كانواحدا فواحد " قال رجل : وإن ظلماه
؟
قال
النبي صلى الله عليه وسلم وإن ظلماه وإنظلماه وإن ظلماه ، " الحاكم "
من بر والديه بره أولاده جزاء وفاقا :
قال:
النبي صلى الله عليه وسلم " بروا آباءكم تبركم أبناؤكم وعفوا تعف نساؤكم " الطبراني
وقال:
النبي صلى الله عليه وسلم " البر لا يبلى والذنب لا ينسى والديان لا يموت فكن
كما شئت فكما تدين تدان " الديلمي "
وعن
ثابت البناني قال : رأيت رجلا يضرب أباه في موضع فقيل له : ما هذا فقال الأب : خلوا
عنه فإني كنت أضرب أبي في هذا الموضع فابتليت بابني يضربني في هذا الموضعبر
الوالدين يطيل العمر ويوسع الرزق .:قال النبي صلى الله عليه وسلم " من سره أن
يمد له في عمره ويزاد في رزقه فليبر والديه وليصل رحمه " أحمد "
إن الله يغفر للبار وإن عمل ما شاء . :عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال النبي صلى
الله عليه وسلم يقال للعاق اعمل ما شئت من الطاعة فإني لا أغفر لك ، ويقال للباراعمل
ما شئت فإني أغفر لك " أبو نعيم في الحلية "
برالوالدين أفضل من الجهاد .:
جاءرجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فاستأذن في الجهاد ، فقال " إحي والداك؟"
قال : نعم . قال " فيهما فجاهد" مسلم "
برالوالدين من أحب الأعمال إلى الله .
عن
ابن مسعود رضي الله عنه قال سألت رسول ألله صلى الله عليه وسلم أي العمل أحب إلى
الله ؟ قال " الصلاة على وقتها ، قلت ثم أي ؟ قال بر الوالدين ، قلت ثم أي ؟
قال الجهاد في سبيل الله . " متفق عليه .
قد
جعل الله للوالدين منزلة عظيمة لا تعدلها منزلة، فجعل برهما والإحسان إليهماوالعمل
على رضاهما فرض عظيم
وذكره
بعد الأمر بعبادته، فقال جلَّ شأنه:-{وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين
إحسانًا}الإسراء23
وقال
تعالى: -{واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئًا وبالوالدين إحسانًا}النساء: 36
وقال
تعالى: -{ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنًا على وهن وفصاله في عامين أن اشكر
لي ولوالديك إلى المصير}لقمان: 14
فالمسلم
يبر والديه في حياتهما، ويبرهما بعد موتهما؛
بأن
يدعو لهما بالرحمةوالمغفرة، وينَفِّذَ عهدهما، ويكرمَ أصدقاءهما
يحكى
أن رجلا من بني سلمة جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم
فقال:
يا رسول الله، هل بقي من بر أبوي شيء أبرُّهمابه من بعد موتهما ؟
قال:
نعم. الصلاة عليهما (الدعاء)، والاستغفار لهما، وإيفاءٌبعهودهما من بعد موتهما،
وإكرام صديقهما
وصلة
الرحم التي لا توصل إلا بهما) ابن ماجه
وحثَّ
الله كلَّ مسلم على الإكثار من الدعاء لوالديه في معظم الأوقات
فقال:
-{ربنا اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين يوم يقوم الحساب }إبراهيم: 41
-{رب اغفر لي ولوالدي ولمن دخل بيتي مؤمنًا وللمؤمنين والمؤمنات }نوح: 28
بارك الله فيكى
ولكى احلى تقييم
ما أتحرم من طلتكم عليا