الفأر فأرور
قال فأرور: ” سيء، سيء، سيء. أمي لا تراني الآن وسأخرج إلى الشارع “.
فأرور، إلى أين أنت ذاهب يا فأرور؟ صاحت الأم.
أنا؟ أنا ذاهب يا أمي لأتفرج خارج وكرنا!
إياك أن تخرج يا فأرور.
لا أخرج؟ لماذا لا أخرج؟
لا تخرج يعني لا تخرج. هل فهمت ما أعني؟
نعم، نعم يا أمي، ولكن لماذا؟
أوه! لماذا الأسئلة؟ ولكن يجب أن أقول لا، يجب أن يعرف لماذا أقول لا.
لم تخبريني يا أمي لماذا.
يا حبيبي في الخارج يمكث هرّ.
هه! ما هو الهر يا أمي؟
الهر هو عدوّ الفئران.
عدونا؟ ماذا تقصدين بكلمة عدونا؟
عدونا يعني عدونا. يعني خصمنا يا حبيبي. يعني إن خرجنا ولم ننتبه إليه يأكلنا.
يأكلنا! ولماذا يأكلنا؟
أسئلة! أسئلة يا فأرور! يعني إذا أكلنا يعني انتهينا. يعني لم يعد لنا حياة.
و.و.. وهل إذا خرجت أنا يأكلني الهر؟
طبعا. الخوف عليك أكبر من الخوف على أي فأر كبير آخر.
لماذا؟ لماذا يا أمي؟
لماذا؟ لماذا؟ دائما لماذا؟ لأنك يا فأرور صغير، جاهل، لا تعرف كيف تتصرف.
إن أقبل إليّ الهر أهرب منه… ززز… ولا يستطيع أن يمسك بي، أكد لها فأرور.
أجابت الأم: كثيرون من الفئران اعتقدوا ذلك، ولكنهم وقعوا بيد الهر.
ولماذا لا نطرده؟
هه! نحن نطرده؟ نحن الفئران جبناء، حتى لو طردناه هناك آلاف غيره تأتي وتهاجمنا.
هاه! إذن هناك هررة كثيرة مثلما هناك فئران كثيرة؟
نعم. ويكفي الآن أسئلة يا فأرور.
طبعا لم يكفّ فأرور عن الأسئلة، فقد لمس أن أمه قد تضايقت منه، فذهب إلى أبيه الفأر يسأله.
أبي، أبي…
نعم، نعم يا فأرور.
حكت لي أمي عن الهرة وحذرتني منها.
نعم يا بني.
هل لك أن تخبرني يا أبي كيف السبيل لاتقاء شرور هذه الهررة؟
يا بني، نحن نستطيع أن نتقي شرورها باتباع وصايا أجدادنا.
ما هي وصايا الأجداد؟
يا حبيبي، يا بني! أوصانا أجدادنا بمزيد من الحذر، كما أوصونا بالرشاقة وخفة الوزن للهرب والركض. وقد أوصونا أيضا بأن نتعلم الصبر على آلام الجوع ريثما تتاح لنا الفرصة لنخرج ونبحث عن طعامنا.
أه.. فهمت. يعني يجب ألا أخرج من الوكر إلا عندما أتأكد من أن لا شر يتربص بي في الخارج.
بالضبط! بالضبط يا صغيري!
شكرا، شكرا، يا أبي.
وذات يوم خرج أبو فأرور لإحضار الطعام، لكنه ذهب ولم يعد. وبكت الأم كثيراً.
لماذا تبكين يا أمي؟
أبوك الفأر خرج ولم يعد.
هه! ماذا أصابه يا أمي؟
ليتني أدري يا حبيبي. ولكن هناك من رأى الهرة تضربه وتلتهمه.
الهرة؟
أنا أحذرك يا بني، فبرضاي عليك انتبه من الهرة.
اسمعوا يا معشر الفئران!
ما بك يا صغيري؟ هل تريد أن تخطب بهذه المناسبة؟
أريد أن أقول كلمتي أمام الجميع.
[صوت فئران: سء، سء، سء].
قالت أحدها: دعوه يتكلم! إنه حزين على أبيه. استمعوا إليه.
لا يسعني أيها الإخوة إلا أن أعلن أمام جميع الفئران هنا في هذا الحجر الكبير بأن نصائح الأجداد لم تعد صالحة. أعني أن الحذر لم ينجّ والدي الفأر من براثن الهرة.
[الفئران تتكلم وأحدها يصيح: ما هو البديل]؟
أه… الآن وصلنا إلى صلب الموضوع، البديل هو أن تنكب الفئران على قراءة الكتب التي وصلت إلى الحجور المجاورة والتي تعلمنا كيف نتخلص من بطش القطط الماكرة.
وهكذا عكف فأرور على قراءة الكتب التي ألفها عباقرة الفئران منذ آلاف السنين، من دون أن يقوم بالتمرينات للمحافظة على رشاقة جسده. ولما فرغ كان الجوع قد أصابه بالضعف والهزال. ولما أراد أن يخرج للبحث عن طعامه داهمه الهر. فتمكنت كل الفئران من الهرب باستثناء فأرور.
استنجد فأرور برفاقه: أنقذوني لقد أمسك الهر بي.
يا حسرتي! وقع فأرور في يد الهر. خلصوه يا رفاق!
علا صوت القط: ميو ميو ميو. ميو.
أرجوك يا هر.. دعني وشأني. أنا فأر مثقف، درست كل شيء. أقرض الشعر وأغني.
الهر بقوة: ميو! ميو! أما أنا يا فأرور، هر لا أعرف شيئا، وكل ما أجيده هو اصطياد الفئران التي لا تعرف كيف تهرب ولا كيف تدافع عن نفسها.
أه… أه…
بكت الأم وقالت: أه! يا حسرتي عليك يا فأرور! لو درست أصول الرياضة والركض وتمرنت كما فعلت وأنت تدرس، لما واجهت هذا المصير.