أوراق الورد
ومنها:
أكتب إليك يا حبيبتي كتاب عيني ، إذ أكتب عن نظرتك السحرية التي أجد لها في قلبي معرض فن كامل من صور المعاني الجميلة فإن نظرة الحب تقع موقعها في العين وحقيقة معناها في القلب ، كأختها قبلة الحب :هي في الفم وحلاوة طعمها في الفكر..
أتدرين يا حبيبتي كيف أراك ، إن في عيني من أثر حبك ما جعل في نظري قوة خلق معنوي تريني كل شيء من فوق معانيه…كأني خلقت فيه جمالا أو معنى ، أو خلقت فيه القدرة على أن يسمو في روحي ويرتفع بها فوق ما هو في نفسه وحقيقته وعلى الجملة فكأني أسبغ الفن على المادة ، فإذا كل شيء يُرى هو في عيني شيء ألبس مجازا أو استعارة أو نحوهما مما يحقق فيه مع صنع مادته عمل فكري وخيالي..
من أوراق الورد – مصطفى صادق الرافعي
ياليل : هيجت أشواقا أداريها …..فسل بها البدر :إن البدر يدريها
رأى حقيقة هذا الحس غامضة ….فجاء يظهرها للناس تشبيها
في صورة من جمال البدر ننظرها…وننظر البدر يبدو صورة فيها
**************
يأتي بملء سماء من محاسنه…لمهجتي وأراه ليس يكفيها
وراحة الخلد تأتي في أشعته ….. تبغي على الأرض من في الأرض يبغيها
وكم رسائل تلقيها السماء بها …..للعاشقين فيأتيهم ويلقيها
************
يقول للعاشق المهجور مبتسما :……خذني ×يالا أتى ممن تسميها
وللذي أبعدته في مطارحها ……يد النوى ، أنا من عينيم أدنيه
وللذي مضه يس الهوى فسلا:……أنظر إلى ولا تترك تمنيها
*********
أما أنا فأتاني البدر مزدهيا …..وقال جئت بمعنى من معانيها
فقلت : من خدها ، أم من لواحظها …..أم من تدللها أم من تأبيها
أم من معاطفها أم من عواطفها……….أم من مراشفها ام من مجانيها
أم من تفترها ، أم من تكسرها …….أم من تلفتها أم من تثنيها!؟
كن مثلها لي .جذبا في دمي وهوى …أو كن دلالا وكن سحرا وكن تيها
فقال وهو حزين : ما استطعت سوى ……..أني خطفت ابتساما لاح من فيها.
القمر
وكانت تأنس بضوء القمر ويعجبها نوره على الحديقة
خاصة فسألته مرة أن يناجي هذا الجميل في رسالة فقال حبا وكرامة..(للقمر) وكتب:
إني لأراك أيه القمر منذ عقلت معاني ما أرى ولكنني لم أعرف أنك أنت كما أنت إلا بعد ان وضع الحب فيها بينك وبين من اهواها كما يوضع التفسير إلى جانب الكلمة الدقيقة …
عندئذ وصلتك قرابة الجمال بوجهها فاتصل بك شعوري وبت على بعدك في أفلاك السماء تسبح أيضا في دائرة قلبي واستةيت متسقا كأن عملك لي أن تتم فن جمالها بإظهارها أجمل منك وأمسيت عندي ولك مثلها شكل السر المبهم المحيط بالنفس المعشوقة ، يدخل كل جمال في تفسيره ولا يكمل تفسيره أبدا…
ومن شبهك بوجهها أزهر الضوء فيك ما يزهر اللحم والدم فيها، فتكاد أشعتك تقطف منها القبلة ، ويكاد جوك يساقط من نواحيه تنهدات خافته وتكاد تكون مثلها يا قمر مخلوقا من الزهر والندى وأنفاس الفجر…
أما قبل حبها فكنت اراك أيها القمر بنظرات لا تحمل أفكارا …
كنت جميلا ولك جمال ورق الزهر الأبيض وكنت في رقعتك المضيئة تشبه النهار مطويا بعضه على بعض حتى يرجع في قدر المنديل…وكنت ساطعا في هذه الزرقاء ولكن سطوع المصباح الكهربائي على منارة قائمة في ماء البحر وكنت زينة السماء ولكن كما تناط مرآة صغيرة من البلور إلى حائط فتشبه من صفائها موجة ضوء أمسكت ووضعت في إطار معلق..
وكنت يا قمر …كنت ملء الوجود ولكنك ضائع في فكري…
ومن قسوة القدر على الشاعر العظيم أن لا يجعل حبه
حبا خالق الوحي إلا في امرأة على قدر تألهه عظة وسخرية .
يقول عنها : ما أحوجني إلى معجزة نبي تحول الحجر الذي في ضلوعها إلى القلب . . . وتقول هي عنه :ما أحوجني إلى بعض الملائكة والشياطين ليكشف لي سر نفسه المخبوءة تحت مكان الصبر في قلبه !
ويعيشان في الحب كما يعيش اثنان في قصة . . . وضعها مؤلف خيالي فأحكم عقدتها . . .وتخاصم سعادة كل منهما سعادة الآخر ويعملان كما يعمل الغني الشحيح . يفقد الحياة لينال الدنيا . ثم إذا سأت ذلك المسكين الأعظم : ما لذة هذا الحب الأليم اللهفان ؟ قال لك لذته أنه حب . . .
أكتب إليك يا حبيبت كتاب عيني ، إذ أكتب عن نظرتك السحرية التي أجد لها في قلبي معرض فن كامل من صور المعاني الجميلة فإن نظرة الحب تقع موقعها في العين وحقيقة معناها في القلب ، كأختها قبلة الحب :هي في الفم وحلاوة طعمها في الفكر..
ودمتم
تسلم ايدك ياسكره
موضوع مميز