إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره
ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا
والصلاة والسلام على نبينا وحبيبنا وقدوتنا محمد
وعلى آله وصحبه وسلم
وأخواتي أسمحوا لي أن آخذكم برحلة
مع صحابة رسول الله عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم
انهم رجال ونساء عظام من صحابة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – حملوا معه الأمانة … و بذلوا كل غالي و نفيس من أجل إعلاء كلمة الحق ..
فما أجمل أن نتدارس سيرهم
أولا
لابد أن نتعرف على لفظ صحابي أو معنى كلمة صحابي
الصحبة في اللغة الملازمة والمرافقة والمعاشرة ، يقال صحبه يصحبه صحبة ، وصحابة بالفتح وبالكسر عاشره ورافقه ولازمه ، وفي حديث قيلة خرجت أبتغي الصحابة إلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ، هذا مطلق الصحبة لغة
الصَّاحِب المرافق ومالك الشيء و القائم على الشيء ، ويطلق على من اعتنق مذهباً أو رأياً فيقال أصحاب أبي حنيفة وأصحاب الشافعي
الصَّاحِبَة الزوجة ، قال تعالى ( وأنَّهُ تَعَالى جَدُّ رَبِّنا ما اتَّخَذَ صَاحِبَةً ولا وَلداً )
الصَّحَابِيّ من لقي النبي – صلى الله عليه وسلم – مؤمناً به ومات على الإسلام ، وجمعها صحابة
ما تثبت به الصُّحْبَة
ويخرج بقيد الإيمان من لقيه كافرا وإن أسلم فيما بعد ، إن لم يجتمع به مرة أخرى بعد الإيمان
كما يخرج بقيد الموت على الإيمان من ارتد عن الإسلام بعد صحبة النبي – صلى الله عليه وسلم- ومات على الردة فلا يعد صحابيا
وهل يشترط التمييز عند الرؤية ؟
وقال بعضهم لا يستحق اسم الصحبة , ولا يعد في الصحابة إلا من أقام مع النبي -صلى الله عليه وسلم- سنة فصاعدا ، أو غزا معه غزوة فصاعدا ، حكي هذا عن سعيد بن المسيب ، وقال ابن الصلاح هذا إن صح طريقة الأصوليين
وقيل يشترط في صحة الصحبة طول الاجتماع والرواية عنه معا ، وقيل يشترط أحدهما ، وقيل يشترط الغزو معه ، أو مضي سنة على الاجتماع ، وقال أصحاب هذا القول لأن لصحبة النبي صلى الله عليه وسلم شرفا عظيما لا ينال إلا باجتماع طويل يظهر فيه الخلق المطبوع عليه الشخص كالغزو المشتمل على السفر الذي هو قطعة من العذاب ، والسنة المشتملة على الفصول الأربعة التي يختلف فيها المزاج
***************
اختلف أهل العلم فيما تثبت به الصحبة ، وفي مستحق اسم الصحبة ، قال بعضهم ( إن الصحابي من لقي النبي -صلى الله عليه وسلم- مؤمنا به ، ومات على الإسلام ) وقال ابن حجر العسقلاني ( هذا أصح ما وقفت عليه في ذلك ) فيدخل فيمن لقيه من طالت مجالسته له ، ومن قصرت ، ومن روى عنه ، ومن لم يرو عنه ، ومن غزا معه ، ومن لم يغز معه ، ومن رآه رؤية ولو من بعيد ، ومن لم يره لعارض كالعمى منهم من اشترط ذلك ومنهم من لم يشترط التمييز
طرق إثبات الصحبة
1- منها التواتر بأنه صحابي
2 - ثم الاستفاضة والشهرة القاصرة عن التواتر
3 - ثم بأن يروى عن أحد من الصحابة أن فلانا له صحبة ، أو عن أحد التابعين بناء على قبول التزكية عن واحد
4 - ثم بأن يقول هو إذا كان ثابت العدالة والمعاصرة أنا صحابي
أما الشرط الأول وهو العدالة فجزم به الآمدي وغيره ، لأن قوله أنا صحابي ، قبل ثبوت عدالته يلزم من قبول قوله إثبات عدالته , لأن الصحابة كلهم عدول فيصير بمنزلة قول القائل أنا عدل وذلك لا يقبل
وأما الشرط الثاني وهو المعاصرة فيعتبر بمضي مائة سنة وعشر سنين من هجرة النبي -صلى الله عليه وسلم- لقوله -صلى الله عليه وسلم- في آخر عمره لأصحابه ( أرأيتكم ليلتكم هذه ؟ فإن على رأس مائة سنة منها لا يبقى ممن هو على ظهر الأرض أحد ) وزاد مسلم من حديث جابر ( أن ذلك كان قبل موته -صلى الله عليه وسلم- بشهر )
عدالة من ثبتت صحبته
قال تعالى ( كُنْتُمْ خَيْرَ أمَّةٍ أخْرِجَت للنّاس )
قال تعالى ( وَكَذلِك جَعَلنَاكُم أمَّةً وَسَطا لِتَكُونوا شُهَدَاء عَلى النّاسِ )
وقال تعالى ( مُحَمّدٌ رَسُولُ اللّهِ والذين مَعْهُ أشِدّاءٌ على الكُفّارِ )
وفي نصوص السنة الشاهدة بذلك كثرة ،
منها حديث أبي سعيد المتفق على صحته أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم- قال ( لا تسبوا أصحابي فوالذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما أدرك مد أحدهم ولا نصيفه )
ونقل ابن حجر عن الخطيب في " الكفاية " أنه لو لم يرد من الله ورسوله فيهم شيء مما ذكرناه لأوجبت الحال التي كانوا عليها من الهجرة ، والجهاد ، ونصرة الإسلام ، وبذل المهج والأموال ، وقتل الآباء ، والأبناء ، والمناصحة في الدين ، وقوة الإيمان واليقين القطع بتعديلهم ، والاعتقاد بنزاهتهم ، وأنهم كافة أفضل من جميع الخالفين بعدهم والمعدلين الذين يجيئون من بعدهم )
ثم قال ( هذا مذهب كافة العلماء ، ومن يعتمد قوله ، وروى بسنده إلى أبي زرعة الرازي قال ( إذا رأيت الرجل ينتقص أحدا من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فاعلم أنه زنديق ) ذلك أن الرسول – صلى الله عليه وسلم – حق ، والقرآن حق ، وما جاء به حق ، وإنما أدى إلينا ذلك كله الصحابة ، وهؤلاء يريدون أن يجرحوا شهودنا ، ليبطلوا الكتاب والسنة ، والجرح بهم أولى ، وهم زنادقة )
***************
اتفق اهل السننة على أن جميع الصحابة عدول ، ولم يخالف في ذلك إلا شذوذ من المبتدعة وهذه الخصيصة للصحابة بأسرهم ، ولا يسأل عن عدالة أحد منهم ، بل ذلك أمر مفروغ منه ، لكونهم على الإطلاق معدلين بتعديل الله لهم وإخباره عن طهارتهم ، واختياره لهم بنصوص القرآن واتفق المفسرون على أن الآية واردة في أصحاب رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وقال – صلى الله عليه وسلم – ( الله ، الله في أصحابي لا تتخذوهم غرضا بعدي ، فمن أحبهم فبحبي أحبهم ، ومن أبغضهم فببغضي أبغضهم ، ومن آذاهم فقد أذاني ، و
قال ابن الصلاح ( ثم إن الأمة مجمعة على تعديل جميع الصحابة ، ومن لابس الفتن منهم فكذلك ، بإجماع العلماء الذين يعتد بهم في الإجماع ، إحسانا للظن بهم ، ونظرا إلى ما تمهد لهم من المآثر ، وكأن الله سبحانه وتعالى أتاح الإجماع على ذلك لكونهم نقلة الشريعة ، وجميع ما ذكرنا يقتضي القطع بتعديلهم ، ولا يحتاجون مع تعديل الله ورسوله لهم إلى تعديل أحد من الناس
إنكار صحبة من ثبتت
صحبته بنص القرآن
بسم الله الرحمن الرحيم
( إذْ يَقُول لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إنّ اللّهَ مَعَنَا )
اتفق الفقهاء
على تكفير من أنكر صحبة أبي بكر -رضي الله عنه- لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، لما فيه من تكذيب قوله تعالى
واختلفوا في تكفير من أنكر صحبة غيره من الخلفاء الراشدين ، كعمر ، وعثمان ، وعلي - رضي الله عنهم - فنص الشافعية على أن من أنكر صحبة سائر الصحابة غير أبي بكر لا يكفر بهذا الإنكار ، وهو مفهوم مذهب المالكية ، وهو مقتضى قول الحنفية ، وقال الحنابلة يكفر لتكذيبه النبي -صلى الله عليه وسلم- ولأنه يعرفها العام والخاص وانعقد الإجماع على ذلك فنافي صحبة أحدهم أو كلهم مكذب للنبي – صلى الله عليه وسلم-
سب الصحابة
من سب الصحابة أو واحدا منهم ، فإن نسب إليهم ما لا يقدح في عدالتهم أو في دينهم بأن يصف بعضهم ببخل أو جبن أو قلة علم أو عدم الزهد ونحو ذلك ، فلا يكفر باتفاق الفقهاء ، ولكنه يستحق التأديب
أما إن رماهم بما يقدح في دينهم أو عدالتهم كقذفهم فقد اتفق الفقهاء على تكفير من قذف الصديقة بنت الصديق عائشة -رضي الله عنهما- زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- بما برأها الله منه ، لأنه مكذب لنص القرآن
أما بقية الصحابة فقد اختلفوا في تكفير من سبهم ، فقال الجمهور لا يكفر بسب أحد الصحابة ، ولو عائشة بغير ما برأها الله منه ويكفر بتكفير جميع الصحابة ، أو القول بأن الصحابة ارتدوا جميعا بعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أو أنهم فسقوا ، لأن ذلك تكذيب لما نص عليه القرآن في غير موضع من الرضا عنهم ، والثناء عليهم ، وأن مضمون هذه المقالة أن نقلة الكتاب والسنة كفار أو فسقة ، وأن هذه الأمة التي هي خير أمة أخرجت ، وخيرها القرن الأول كان عامتهم كفارا أو فساقا ، ومضمون هذا أن هذه الأمة شر الأمم ، وأن سابقيها هم أشرارها ، وكفر من يقول هذا مما علم من الدين بالضرورة
وجاء في فتاوى قاضي خان يجب إكفار من كفر عثمان ، أو عليا ، أو طلحة ، أو عائشة ، وكذا من يسب الشيخين أو يلعنهما
وسنبتدأ الموسوعة
ان شاء الله
بالعشرة المبشرون بالجنة
أحد العشرة المبشرين بالجنة
( ثاني اثنين اذ هما في الغار ، اذ يقول لصاحبه لا تحزن ان الله معنا )
قرآن كريم
ولد بعد الرسول بثلاث سنين
أمه أم الخير سلمى بنت صخر التيمية بنت عم أبيه ،
كان يعمل بالتجارة ومنأغنياء مكة المعروفين
وكان أنسب قريشاً لقريش وأعلم قريش بها وبما كان فيها من خير وشر
وكان ذا خلق ومعروف يأتونه الرجال ويألفونه اعتنق الاسلام دون تردد
فهوأول من أسلم من الرجال الأحرار
ثم أخذ يدعو لدين الله فاستجاب له عدد من قريش من بينهم عثمان بن عفان ، والزبير بن العوام ، وعبدالرحمن بن عوف ، والأرقم ابن أبي الأرقم
إسلامه
لقي أبو بكر – رضي الله عنه – رسول الله فقال :
أحقّ ما تقول قريش يا محمد من تركِكَ آلهتنا ، وتسفيهك عقولنا وتكفيرك آباءَنا ؟! ) … فقال الرسول : إني رسول الله يا أبا بكر ، ونبّيه بعثني لأبلغ رسالته ، وأدعوك الى الله بالحق ، فوالله إنه للحق أدعوك الى الله يا أبا بكر ، وحده لا شريك له ، ولا نعبد غيره ، و الموالاة على طاعته أهل طاعته ) …
وقرأ عليه القرآن فلم ينكر ، فأسلم وكفر بالأصنام وخلع الأنداد ، و أقرّ بحقّ الإسلام
ورجع أبو بكر وهو مؤمن مُصَدّق …
يقول الرسول – صلى الله عليه وسلم – : ما دعوت أحدا إلى الإسلام إلا كانت له عنه كَبْوَة وتردد ونظر إلا أبا بكر ما عَتّم عنه حين ذكرته له وما تردد فيه )…
أول خطيب
عندما بلغ عدد المسلمين تسعة وثلاثين رجلاً ، ألح أبو بكر على الرسول في الظهور فقال الرسول : يا أبا بكر إنّا قليل )…
فلم يزل يلح حتى ظهر الرسول وتفرّق المسلمون في نواحي المسجد ، وكل رجل معه ، وقام أبو بكر خطيباً و رسول الله جالس ، وكان أول خطيب دعا الى الله عزّ وجل والى رسول الله
وثار المشركون على أبي بكر وعلى المسلمين ، فضربوهم ضربا شديدا ، ووُطىءَ أبو بكر ودنا منه الفاسق عتبة بن ربيعة ، فجعل يضربه بنعلين مخصوفين ، وأثّر على وجه أبي بكر حتى لا يعرف أنفه من وجهه ، وجاء بنو تيم تتعادى ، فأجلوا المشركين عن أبي بكر ، وحملوا أبا بكر في ثوب حتى أدخلوه ولا يشكون في موته ، ورجعوا بيوتهم و قالوا .. والله لئن مات أبو بكر لنقتلن عُتبة )…
ورجعوا الى أبي بكر وأخذوا يكلمونه حتى أجابهم فتكلم آخر النهار فقال : ما فعل رسول الله ؟ )… فنالوه بألسنتهم وقاموا …
أم الخير
ولمّا خلت أم الخير ( والدة أبي بكر ) به جعل يقول : ما فعل رسول الله – ؟ ) .. قالت : والله ما لي علم بصاحبك )… قال : فاذهبي الى أم جميل بنت الخطاب فاسأليها عنه )… فخرجت حتى جاءت أم جميل ، فقالت : إن أبا بكر يسألك عن محمد بن عبد الله ؟)… قالت : ما أعرف أبا بكر و لا محمد بن عبد الله وإن تحبي أن أمضي معك الى ابنك فعلت ؟)… قالت : نعم )… فمضت معها حتى وجدت أبا بكر صريعا ، فدنت أم جميل وأعلنت بالصياح وقالت : إنّ قوما نالوا منك هذا لأهل فسق ؟! وإنّي لأرجو أن ينتقم الله لك )…
قال : فما فعل رسول الله ؟)… قالت : هذه أمك تسمع ؟)…قال : فلا عين عليك منها )… قالت : سالم صالح )… قال : فأين هو ؟)… قالت : في دار الأرقم )… قال : فإن لله عليّ ألِيّة ألا أذوق طعاما أو شرابا أو آتي رسول الله )… فأمهَلَتا حتى إذا هدأت الرِّجْل وسكن الناس خرجتا به يتكىء عليهما حتى دخل على رسول الله – فانكب عليه يقبله وانكبّ عليه المسلمون ورقّ رسول الله فقال أبو بكر : بأبي أنت وأمي ليس بي إلاّ ما نال الفاسق من وجهي ، وهذه أمي بَرّة بوالديها ، وأنت مبارك فادعها الى الله ، وادع الله لها عسى أن يستنقذها بك من النار )… فدعا لها رسول الله
ثم دعاها الى الله عزّ وجل ، فأسلمت فأقاموا مع رسول الله في الدار شهراً ، وكان حمزة يوم ضُرِب أبو بكر قد أسلم …جهاده بماله
من العذاب الذي كان يلحقه بهم ساداتهم من مشركي قريش ، فأعتق بلال بن رباح وستة آخرين من بينهم عامر بن فهيرة و أم عبيس
…فنزل فيه قوله تعالى :"( وسيجنبها الأتقى الذي يؤتي ماله يتزكى ")
منزلته من الرسول
ان من أمَنِّ الناس علي في صحبته وماله أبوبكر ، و لو كنت متخذا خليلا غير ربي لاتخذت أبا بكر خليلا ، ولكن أخوة الاسلام ومودته ، لا يبقين في المسجد باب إلا سُدّ إلا باب أبي بكر)
كما أخبر الرسول بأن أبا بكر أرحم الأمة للأمة ، وأنه أول من يدخل معه الجنة فقد قال له الرسول : أما إنك يا أبا بكر أول من يدخل الجنة من أمتي )… وأنه صاحبه على الحوض فقد قال له الرسول : أنت صاحبي على الحوض ، وصاحبي في الغار )…
كما أن أبو بكر الصديق هو والد أم المؤمنين عائشة لذا كان عظيم الإفتخار بقرابته من رسول الله ومصاهرته له وفي ذلك يقول : والذي نفسي بيده لقرابة رسول الله أحبُّ إليّ من أن أصل قرابتي ..
الاسراء والمعراج
حينما أسري برسول اللهمن مكة الى بيت المقدس ذهب الناس الى أبي بكر فقالوا له : هل لك يا أبا بكر في صاحبك ، يزعم أنه قد جاء هذه الليلة بيت المقدس وصلى فيه ورجع الى مكة !)… فقال لهم أبو بكر : إنكم تكذبون عليه )… فقالوا : بلى ، ها هو ذاك في المسجد يحدث به الناس ) فقال أبو بكر : والله لئن كان قاله لقد صدق ، فما يعجّبكم من ذلك ! فوالله إنه ليخبرني أن الخبر ليأتيه من الله من السماء الى الأرض في ساعة من ليل أو نهار فأصدقه ! فهذا أبعد مما تعجبون منه ) …
ثم أقبل حتى انتهى الى الرسول فقال : يا نبي الله ، أحدثت هؤلاء القوم أنك جئت بيت المقدس هذه الليلة ؟)… قال : نعم )… قال : يا نبي الله فاصفه لي ، فإني قد جئته )… فقال رسول الله : فرفع لي حتى نظرت إليه )… فجعل الرسول الكريم يصفه لأبي بكر ويقول أبوبكر : صدقت ، أشهد أنك رسول الله )… حتى إذا انتهى قال الرسوللأبي بكر : وأنت يا أبا بكر الصديق )… فيومئذ سماه الصديق …
الصحبه
فقال تعالى :"( ثاني اثنين اذ هما في الغار ، اذ يقول لصاحبه لا تحزن ان الله معنا )"
كان أبو بكر رجلا ذا مال ، فاستأذن رسول الله في الهجرة
فقال له الرسول : لا تعْجل لعل الله يجعل لك صاحباً )… فطمع بأن يكون رسول الله إنما يعني نفسه حين قال له ذلك ، فابتاع راحلتين فاحتبسهما في داره يعلفهما إعدادا لذلك ، وفي يوم الهجرة ، أتى الرسول بيت أبي بكر بالهاجرة في ساعة كان لا يأتي فيها ، فلما رآه أبو بكر قال : ما جاء رسول الله هذه الساعة إلا لأمر حدث )…
فلما دخل تأخر له أبو بكر عن سريره ، فجلس رسول الله وليس عند أبي بكر إلا أسماء وعائشة ، فقال الرسول : أخرج عني من عندك )… فقال أبو بكر : يا رسول الله ، إنما هما ابنتاي ، وما ذاك ؟ فداك أبي وأمي !)
فقال : إن الله قد أذن لي في الخروج والهجرة )…
فقال أبو بكر : الصُّحبة يا رسول الله ؟)… قال : الصُّحبة )… تقول السيدة عائشة : فوالله ما شعرت قط قبل ذلك اليوم أن أحدا يبكي من الفرح حتى رأيت أبا بكر يبكي يومئذ )… ثم قال أبو بكر : يا نبيّ الله إن هاتين راحلتان قد كنت أعددتهما لهذا )…
أبواب الجنة
عن أبا هريرة قال : سمعت رسول الله يقول : من أنفق زوجين من شيء من الأشياء في سبيل الله دعي من أبواب - يعني الجنة – يا عبد الله هذا خير ، فمن كان من أهل الصلاة دعي من باب الصلاة ، ومن كان من أهل الجهاد ، دعي من باب الجهاد ، ومن كان من أهل الصدقة دعي من باب الصدقة ، ومن كان من أهل الصيام دعي من باب الصيام وباب الريان )… فقال أبو بكر : ما على هذا الذي يدعى من تلك الأبواب من ضرورة )… وقال : هل يدعى منها كلها أحد يا رسول الله )… قال : نعم ، وأرجو أن تكون منهم يا أبا بكر )…
مناقبه وكراماته
مناقب أبو بكر – رضي الله عنه – كثيرة ومتعددة فمن مناقبه السبق الى أنواع الخيرات والعبادات حتى قال عمر بن الخطاب : ما سبقت أبا بكر الى خير إلاّ سبقني )… وكان أبو بكر الصديق يفهم إشارات الرسول – التي تخفى على غيره كحديث : أن عبداً خيره الله بين الدنيا وبين ما عنده ، فاختار ما عنده ) ، ففهم أنه عليه الصلاة والسلام ينعي نفسه ، ومن ذلك أيضا فتواه في حضرة الرسول وإقراره على ذلك …
وهو أول خليفة في الإسلام ، وأول من جمع المصحف الشريف ، وأول من أقام للناس حجّهم في حياة رسول الله وبعده … وكان في الجاهلية قد حرم على نفسه شرب الخمر ، وفي الإسلام امتنع عن قول الشعر … كما أنه – رضي الله عنه – لم يفته أي مشهد مع الرسول… وقد قال له الرسول : أنت عتيق الله من النار ) ، فسمّي عتيقاً …
وقد بلغ بلال بن رباح أن ناساً يفضلونه على أبي بكر فقال : كيف تفضِّلوني عليه ، وإنما أنا حسنة من حسناته !!)…
عن أبي الدرداء – رضي الله عنه – قال : كنت جالسا عند النبي
إذ أقبل أبو بكر آخذا بطرف ثوبه حتى أبدى عن ركبته ، فقال النبي أما صاحبكم فقد غامر )… فسلم وقال : إني كان بيني وبين ابن الخطاب شيء ، فأسرعت إليه ثم ندمت ، فسألته أن يغفر لي ، فأبى علي فأقبلت إليك )… فقال : يغفر الله لك يا أبا بكر )… ثلاثا ، ثم إن عمر ندم ، فأتى منزل أبي بكر ، فسأل : أثم أبو بكر )… فقالوا : لا )… فأتى إلى النبي فسلم ، فجعل وجه النبي - يتمعر ، حتى أشفق أبو بكر ، فجثا على ركبتيه فقال : يا رسول الله ، والله أنا كنت أظلم مرتين )… فقال النبي - : إن الله بعثني إليكم فقلتم كذبت ، وقال أبو بكر صدق ، وواساني بنفسه وماله ، فهل أنتم تاركوا لي صاحبي )… مرتين فما أوذي بعدها …خلافته
وفي أثناء مرض الرسول أمره أن يصلي بالمسلمين ، وبعد وفاة الرسول الكريم بويع أبوبكر بالخلافة في سقيفة بني ساعدة ، وكان زاهدا فيها ولم يسع اليها ، اذ دخل عليه ذات يوم عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – فوجده يبكي ، فساله عن ذلك فقال له : يا عمر لا حاجة لي في امارتكم !!)… فرد عليه عمر : أين المفر ؟ والله لا نقيلك ولا نستقيلك) …
جيش اسامه
وجَّه رسول الله أسامة بن زيد في سبعمائة الى الشام ، فلمّا نزل بذي خُشُب – واد على مسيرة ليلة من المدينة – قُبِض رسول الله وارتدّت العرب حول المدينة ، فاجتمع إليه أصحاب رسول الله فقالوا : يا أبا بكر رُدَّ هؤلاء ، تُوجِّه هؤلاء الى الروم وقد ارتدت العرب حول المدينة ؟!)… فقال : والذي لا إله إلا هو لو جرّت الكلاب بأرجل أزواج رسول الله ما رَدَدْت جيشاً وجَّهه رسول الله ولا حللت عقدَهُ رسول الله )… فوجّه أسامة فجعل لا يمر بقبيل يريدون الارتداد إلا قالوا : لولا أن لهؤلاء قوّة ما خرج مثل هؤلاء من عندهم ، ولكن ندعهم حتى يلقوا الروم )… فلقوا الروم فهزموهم وقتلوهم ورجعوا سالمين فثبتوا على الإسلام …
حروب الرده
عد وفاة الرسول ارتدت العرب ومنعت الزكاة ، واختلف رأي الصحابة في قتالهم مع تكلمهم بالتوحيد ، قال عمر بن الخطاب : كيف تقاتل الناس وقد قال رسول الله : أُمرتُ أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله ، فإذا قالوها عصموا منّي دماءَهم وأموالهم إلا بحقها ، وحسابهم على الله ؟!)… فقال أبو بكر : الزكاة حقُّ المال )… وقال : والله لأقاتلن من فرّق الصلاة والزكاة ، والله لو منعوني عَنَاقاً كانوا يُؤدّونها الى رسول الله لقاتلتهم على منعها )… ونصب أبو بكر الصديق وجهه وقام وحده حاسراً مشمِّراً حتى رجع الكل الى رأيه ، ولم يمت حتى استقام الدين ، وانتهى أمر المرتدين …
جيوش العراق والشام
ولمّا فرغ أبو بكر – رضي الله عنه – من قتال المرتدين بعث أبا عبيدة الى الشام و خالد بن الوليد الى العراق ، وكان لا يعتمد في حروب الفتوحات على أحد ممن ارتدَّ من العرب ، فلم يدخل في الفتوح إلا من كان ثابتا على الإسلام …
استخلاف عمر
مّا أراد أبو بكر أن يستخلف عمر بن الخطاب بعث إليه وقال : إني أدعوك إلى أمر متعب لمن وليه ،فاتق الله يا عمر بطاعته ، وأطعه بتقواه ، فإن المتقي آمن محفوظ ، ثم إن الأمر معروض لا يستوجبه إلا من عمل به ، فمن أمر بالحق وعمل بالباطل ، وأمر بالمعروف وعمل بالمنكر يوشك أن تنقطع أمنيتُهُ ، وأن يحبط عمله ، فإن أنت وليت عليهم أمرهم فإن استطعت أن تخفّ يدك من دمائهم ، وأن تصم بطنك من أموالهم ، وأن يخف لسانك عن أعراضهم ، فافعل ولا حول ولا قوة إلا بالله )…
وفاته
يتبع
حديث شريف
وسمع خباب كلمات عمر ، فخرج من مخبئه وصاح ( يا عمر والله إني لأرجو أن يكون الله قد خصك بدعوة نبيه
فإني سمعته بالأمس يقول ( اللهم أيد الإسلام بأحب الرجلين إليك ، أبي الحكم بن هشام ، وعمر بن الخطاب ) فسأله عمر من فوره ( وأين أجد الرسول الآن يا خباب ؟) وأجاب خباب ( عند الصفا في دار الأرقم بن أبي الأرقم )ومضى عمر الى مصيره العظيم ففي دار الأرقم خرج إليه الرسول
فأخذ بمجامع ثوبه وحمائل السيف فقال ( أما أنت منتهيا يا عمر حتى يُنزل الله بك من الخزي والنكال ما أنزل بالوليد بن المغيرة ؟ اللهم هذا عمر بن الخطاب ، اللهم أعزّ الدين بعمر بن الخطاب ) فقال عمر ( أشهد أنّك رسول الله )وباسلامه ظهر الاسلام في مكة اذ قال للرسولوالمسلمون في دار الأرقم ( والذي بعثك بالحق لتخرجن ولنخرجن معك ) وخرج المسلمون ومعهم عمر ودخلوا المسجد الحرام وصلوا حول الكعبة دون أن تجرؤ قريش على اعتراضهم أو منعهم ، لذلك سماه الرسول ( الفاروق ) لأن الله فرق بين الحق والباطل
عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال : قال رسول الله
( لقد كان فيما قبلكم من الأمم محدثون ، فإن يك في أمتي أحد فإنه عمر ) وزاد زكرياء بن أبي زائدة عن سعد عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال : قال النبي ( لقد كان فيمن كان قبلكم من بني إسرائيل رجال يكلمون من غير أن يكونوا أنبياء ، فإن يكن من أمتي منهم أحد فعمر ) قال ابن عباس -رضي الله عنهما- ( من نبي ولا محدث )
ومن شجاعته وهيبته أنه أعلن على مسامع قريش أنه مهاجر بينما كان المسلمون يخرجون سرا ، وقال متحديا لهم ( من أراد أن تثكله أمه وييتم ولده وترمل زوجته فليلقني وراء هذا الوادي ) فلم يجرؤ أحد على الوقوف في وجهه
( الحق بعدي مع عمر حيث كان )
( لو كان بعدي نبيّ لكان عمر بن الخطاب )
( إن الشيطان لم يلق عمر منذ أسلم إلا خرَّ لوجهه )
( ما في السماء ملك إلا وهو يوقّر عمر ، ولا في الأرض شيطان إلا وهو يفرق من عمر )
قال الرسول
( رأيتني دخلت الجنة فإذا أنا بالرميصاء امرأةِ أبي طلحة وسمعت خشفاً أمامي ، فقلت : ما هذا يا جبريل ؟ قال : هذا بلال ، ورأيت قصرا أبيض بفنائه جارية ، فقلت : لمن هذا القصر ؟ قالوا : لعمر بن الخطاب ، فأردت أن أدخله فأنظر إليه ، فذكرت غيْرتك ) فقال عمر ( بأبي وأمي يا رسول الله أعليك أغار !)وقال الرسول ( بيْنا أنا نائم إذ أتيت بقدح لبنٍ ، فشربت منه حتى إنّي لأرى الريّ يجري في أظفاري ، ثم أعطيت فضْلي عمر بن الخطاب ) قالوا ( فما أوّلته يا رسول الله ؟) قال ( العلم )
قال الرسول ( بينا أنا نائم رأيت الناس يعرضون عليّ وعليهم قمصٌ ، منها ما يبلغ الثدي ومنها ما يبلغ أسفل من ذلك ، وعُرِضَ عليّ عمر بن الخطاب وعليه قميص يجرّه ) قالوا ( فما أوَّلته يا رسول الله ؟) قال ( الدين )
أوصى أبو بكر الصديق بخلافة عمر من بعده ، وأوضح سبب اختياره قائلا (اللهم اني لم أرد بذلك الا صلاحهم ، وخفت عليهم الفتنة فعملت فيهم بما أنت أعلم ، واجتهدت لهم رأيا فوليت عليهم خيرهم وأقواهم عليهم ) ثم أخذ البيعة العامة له بالمسجد اذ خاطب المسلمين قائلا (أترضون بمن أستخلف عليكم ؟ فوالله ما آليت من جهد الرأي ، ولا وليت ذا قربى ، واني قد استخلفت عمر بن الخطاب فاسمعوا له وأطيعوا ) فرد المسلمون (سمعنا وأطعنا) وبايعوه سنة ( 13 ه )
يتبع
استمرت خلافته عشر سنين تم فيها كثير من الانجازات المهمة لهذا وصفه ابن مسعود -رضي الله عنه- فقال ( كان اسلام عمر فتحا ، وكانت هجرته نصرا ، وكانت إمامته رحمه ، ولقد رأيتنا وما نستطيع أن نصلي الى البيت حتى أسلم عمر ، فلما أسلم عمر قاتلهم حتى تركونا فصلينا)
فهو أول من جمع الناس لقيام رمضان في شهر رمضان سنة ( 14 ه ) ، وأول من كتب التاريخ من الهجرة في شهر ربيع الأول سنة ( 16 ه ) ، وأول من عسّ في عمله ، يتفقد رعيته في الليل وهو واضع الخراج ، كما أنه مصّر الأمصار ، واستقضى القضاة ، ودون الدواوين ، وفرض الأعطية ، وحج بالناس عشر حِجَجٍ متوالية ، وحج بأمهات المؤمنين في آخر حجة حجها
وهدم مسجد الرسول
وعمر -رضي الله عنه- هو أول من أخرج اليهود وأجلاهم من جزيرة العرب الى الشام ، وأخرج أهل نجران وأنزلهم ناحية الكوفة
حديث شريف
إسلامه
كان عثمان بن عفان -رضي الله عنه- غنياً شريفاً في الجاهلية ، وأسلم بعد البعثة بقليل ، فكان من السابقين إلى الإسلام ، فهو أول من هاجر إلى الحبشة مع زوجته رقيّة بنت رسول الله الهجرة الأولى والثانية وقد قال رسول الله ( إنّهما لأوّل من هاجر إلى الله بعد لوطٍ )
( إن عثمان لأول من هاجر إلى الله بأهله بعد لوطٍ )
وهو أوّل من شيّد المسجد ، وأوّل من خطَّ المفصَّل ، وأوّل من ختم القرآن في ركعة ، وكان أخوه من المهاجرين عبد الرحمن بن عوف ومن الأنصار أوس بن ثابت أخا حسّان
قال عثمان ( ان الله عز وجل بعث محمداً بالحق ، فكنتُ ممن استجاب لله ولرسوله ، وآمن بما بُعِثَ به محمدٌ ، ثم هاجرت الهجرتين وكنت صهْرَ رسول الله
وبايعتُ رسول الله فوالله ما عصيتُه ولا غَشَشْتُهُ حتى توفّاهُ الله عز وجل )الصلابة
لمّا أسلم عثمان -رضي الله عنه- أخذه عمّه الحكم بن أبي العاص بن أميّة فأوثقه رباطاً ، وقال ( أترغبُ عن ملّة آبائك إلى دين محدث ؟ والله لا أحلّك أبداً حتى تدعَ ما أنت عليه من هذا الدين ) فقال عثمان ( والله لا أدَعُهُ أبداً ولا أفارقُهُ ) فلمّا رأى الحكم صلابتَه في دينه تركه
ذى النورين
لقّب عثمان -رضي الله عنه- بذي النورين لتزوجه بنتيْ النبيرقيّة ثم أم كلثوم ، فقد زوّجه رسول الله ابنته رقيّة ، فلّما ماتت زوّجه أختها أم كلثوم فلمّا ماتت تأسّف رسول الله على مصاهرته فقال ( والذي نفسي بيده لو كان عندي ثالثة لزوّجنُكَها يا عثمان )
سهم بدر
أثبت له رسول الله سهمَ البدريين وأجرَهم ، وكان غاب عنها لتمريضه زوجته رقيّة بنت رسول الله فقد قال الرسول ( إن لك أجر رجلٍ ممن شهد بدراً وسهمه )
الحديبية
بعث الرسول عثمان بن عفان يوم الحديبية إلى أهل مكة ، لكونه أعزَّ بيتٍ بمكة ، واتفقت بيعة الرضوان في غيبته ، فضرب الرسول بشماله على يمينه وقال ( هذه يدُ عثمان ) فقال الناس ( هنيئاً لعثمان )
جهاده بماله
قام عثمان بن عفان -رضي الله عنه- بنفسه وماله في واجب النصرة ، كما اشترى بئر رومة بعشرين ألفاً وتصدّق بها ، وجعل دلوه فيها لدِلاِءِ المسلمين ، كما ابتاع توسعة المسجد النبوي بخمسة وعشرين ألفاً
كان الصحابة مع رسول الله
في غزاةٍ ، فأصاب الناس جَهْدٌ حتى بدت الكآبة في وجوه المسلمين ، والفرح في وجوه المنافقين ، فلما رأى الرسول ذلك قال ( والله لا تغيب الشمس حتى يأتيكم الله برزقٍ ) فعلم عثمان أنّ الله ورسوله سيصدقان ، فاشترى أربعَ عشرة راحلةً بما عليها من الطعام ، فوجّه إلى النبي منها بتسعٍ ، فلما رأى ذلك النبي قال ( ما هذا ؟)قالوا أُهدي إليك من عثمان .. فعُرِفَ الفرحُ في وجه رسول الله والكآبة في وجوه المنافقين ، فرفع النبييديه حتى رُؤيَ بياضُ إبطيْه ، يدعو لعثمان دعاءً ما سُمِعَ دعا لأحد قبله ولا بعده ( اللهم اعط عثمان ، اللهم افعل بعثمان )
قالت السيدة عائشة -رضي الله عنها- دخل رسول اللهعليَّ فرأى لحماً فقال ( من بعث بهذا ؟) قلت عثمان فرأيت رسول الله رافعاً يديْهِ يدعو لعثمان