تخطى إلى المحتوى

موليير الضاحك الحزين,لويس الرابع عشر وموليير: الفن كأداة للاصلاح 2024

  • بواسطة

موليير الضاحك الحزين…..

ولد (موليير) في 15 يناير سنة 1622 في البيت الذي تحول إلى مبنى من مباني باريس وعنوانه الآن هو (96 شارع سانت أونريه) وفي واجهة هذا المبنى توجد عبارة مكتوبة بحروف من الذهب تقول (أقيم هذا البيت فوق موقع البيت الذي ولد فيه موليير) وهكذا يحافظ الفرنسيون على تراثهم صغيرا كان أو كبيراً, حتى لو اضطروا إلى أن يهدموا أثراً من الآثار فإنهم يحاولون المحافظة على ذكراه بمثل هذا الاسلوب الذي تصرفوا به مع بيت (موليير) العظيم.

الونشريس

ان في التأريخ الانساني الكثير من الشخصيات التي تركت آثار بصماتها ودوّنت أسماءها في صفحاته. احدى هذه الشخصيات البارزة في تأريخ فرنسا هو الملك لويس الرابع عشر الملقب بملك الشمس أو الملك العظيم (عاش ما بين 1638-1715). ملك الشمس كما كان يحب ان ينادى، كان ذكيّاً وسياسياً بارعاً لم يستطع اعداءه النيل منه ولو لمرة. هذا الملك العظيم قام بانجاز الكثير من المشاريع التي كانت مشاريع كبيرة وطموحة حينذاك، فعلى سبيل المثال مشروع قصر فرساى الذي أصبح في عهده مقر البلاط الملكي الذي يصدر منه كل القرارات الملكية، وأصبح اليوم قبلة السيَاح حيث يزوره في السنة الملايين من كل أنحاء العالم.
في عهد ملك الشمس، ظهرت وبرزت شخصية أدبية وفنيّة مرموقة هو موليير (عاش ما بين
1622-1673) الذي وصفه الكثيرين بأنه أعظم فنان عصره. حاول موليير في بداياته كفنان حزين ان يعطي بعداً تراجيدياً لمسرحياته، ولكنه فشل في الحصول على كسب قلوب الجماهير. لم يتوقف بمجرد الفشل في عرض المسرحيات التراجيدية فاتجه الى الكوميديا كوسيلة وأداة للتعبير عن أفكاره الاصلاحية بالعكس من توجهات الطبقات الارستقراطية والبورجوازية المتوسطة الذين كانوا يكنّون له مشاعر الكراهية والشر. نصوص ومسرحيات موليير كشفت الى حد كبير عن عيوب المجتمع الباريسي في ذلك الوقت وكشفت مسرحياته مواقع الفساد والمفسدين والمتاجرين بالدين والمتزمتين. وبسبب مسرحياته أصبح موليير هدف المتزمتين والمفسدين في الأرض للنيل منه، فنعتوه بالشيطان الذي يجب ان يعاقب. ولكن الملك لويس الرابع عشر، لم يشأ ان يعاقبه، فكان يساعده في السر وأحيانا يمنع عرض مسرحياته لمدة قصيرة كي لا يعطي ذريعة للمتزمتين والمفسدين للهجوم عليه.
انّ في مسرحيات موليير العديد من الحكم والعبر التي يمكننا ان نستفاد منه لحد اليوم. ففي مسرحية "طرطوف أو المحتال Tartuffe ou l’Imposteur "، يكشف لنا موليير عن شخصية دنيئة كثيراً ما صادفناه أو نصادفه وهي شخصية المحتال "طرطوف" الذي يقدم نفسه كصاحب مبدأ وانسان شريف ومؤمن يخاف الله في نهاره وليله، ولكن هذه الصورة التي يعطيها "طرطوف" لنفسه ما هي الاّ وسيلة كي يحتال على "أورجون" الطيب الذي ائتمنه على عرضه وماله. ولكن أمر "طرطوف" المحتال ينكشف في الأخير ويطرده "أورجون" من بيته بعد أن كشف حقيقته حيث حاول "طرطوف" مغازلة زوجته وسرقة ماله. هذه المسرحية قد ثار ثائرة المفسدين وخاصة رجال الدّين في ذلك الوقت فطالبوا الملك بعقاب الشيطان موليير الذي يزعجهم ويفسد عليهم تجارتهم الرابحة.
موليير وظّف قدراته ومواهبه للمطالبة باصلاح المجتمع والتقليل من العادات السيئة والمشينة، والملك لويس الرابع عشر ساعده وحماه ( لا أعرف ايمانا منه بالقضية أم خطوة تكتيكية منه لاستعماله كبلدوزر أمامي لكشف المؤيدين والرافضين للاصلاح).
أن الأفكار والمواضيع التي طرحها الضاحك الحزين موليير على الجمهور، أصبحت في نهاية المطاف أكثرها أسباباً كافية لاندلاع أشهر ثورة عرفتها البشرية وهي الثورة الفرنسية عام 1789 بعد أكثر من مئة سنة على رحيل موليير.

باريس

    الونشريس

    الونشريس

    الونشريس

    الونشريس

    شكرا يا حبى ع الموضوع
    الونشريس

    اترك تعليقاً

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

    هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.