تخطى إلى المحتوى

نبذة عن حياة الأخطل الصغير "بشارة الخوري" مع جميع قصائده 2024

بِشـارة الخـوري
ألأخطل الصغير
1885 ـ 1968 م

هو بشارة بن عبد الله الخوري البيروتي المعروف بالأخطل الصغير ولقب أيضا بشاعر الحب والهوى وسبب تسميته بالأخطل الصغير اقتداءه بالشاعر الأموي الاخطل التغلبي.

مولده ووفاته في بيروت، وأصله من قرية إهمج في قضاء جبيل. تعلّم بمدرسة مطرانية الروم الأرثوذكس، وتخرّج بمدرسة الحكمة المارونية، وكان من تلاميذ عبد الله بن ميخائيل البستاني. أنشأ جريدة البرق، وعُيِّن مستشاراً فنياً للغة العربية في وزارة التّربية الوطنية في بيروت، واستمر يعمل في الصّحافة طوال حياته، وانتُخِبَ عضواً مراسلاً في المجمع العلمي العربي بدمشق.
من آثاره الشّعريّة: "ديوان الهوى والشباب"، و"شعر الأخطل الصّغير".
حَمَل الأخطل في جريدته "البرق"، لواء القضية العربية ونشر مقالات عديدة في الدعوة لها ضدّ التعسف التركي.
نهَلَ بشارة من الثقافة الفرنسية، ولكنه كان أمْيَل إلى الثقافة العربية. فقرأ كتاب "الأغاني" للأصفهاني، وتأثّر بأجوائه، واستقى منه عددًا من الأقاصيص الشعرية.
ترجم الأخطل كثيرًا من القصائد الرّومنسية الفرنسية إلى العربية.
وكان لبشارة مشاركة فعلية واسعة في الحياة العربية عبر صحيفته وعبر القصائد الملحمية التي كان يشارك فيها في المهرجانات الأدبيّة والقوميّة.
أصدرت مؤسّسة البابطين قبل بضع سنوات أعمال الأخطل الصّغير كاملةً في مجموعةٍ فخمة الإخراج.

أنشأ عام 1908 جريدة البرق، واستمرت في الصدور حتى بداية عام 1933، عندما أغلقتها السلطات الفرنسية وألغت امتيازها نهائياً. وكانت قد توقفت طوعياً أثناء سنوات الحرب العالمية الأولى.
كانت حياته سلسلة من المعارك الأدبية والسياسية نذر خلالها قلمه وشعره للدفاع عن أمته وإيقاظ هممها ضد الاستعمار والصهيونية، وكانت اللغة العربية ديدنه ومدار اعتزازه وفخره.
اتسم شعره بالأصالة، وقوة السبك والديباجة، وجزالة الأسلوب، وأناقة العبارة، وطرافة الصورة، بالإضافة إلى تنوع الأغراض وتعددها.
تأثر الأخطل الصغير بحركات التجديد في الشعر العربي المعاصر ويمتاز شعره بالغنائية الرقيقة والكلمة المختارة بعناية فائقة.


صدر له من الدواوين الشعرية :

ديوان الهوى والشباب عام 1953.
ديوان شعر الأخطل الصغير عام 1961.

وصلت شهرتة إلى الأقطار العربية، وكرم في لبنان والقاهرة
في حفل تكريمه بقاعة الأونيسكو ببيروت سنة 1961 أطلق عليه لقب أمير الشعراء.
كان قد تسلم مسئولية نقابة الصحافة في العام 1928.
أنشأ حزبا سياسيا عرف باسم حزب الشبيبة اللبنانية
وانتخب رئيسا لبلدية برج حمود عام 1930
غنى له محمد عبدالوهاب ووديع الصافي و فيروز و فريد الأطرش.

وقد قال في الغزل:

بلِّغُـوها إذا أتَـيْـتُـمْ حِمَاهَا
أنني مِتُّ في الغـرام فِـداها

واذكـروني لهـا بكلِّ جميلٍ
فعساها تبكي عليَّ.. عسـاها

واصحَبُوها لِـتُرْبَتي فعِظامي
تشتهي أن تَدُوسَهـا قـدماها

ومن اجمل ماقال وتغنى بها فؤاد الاطرش رائعته:

عش أنت …إني مت بعدك وأطل إلى ماشئت صدك
كانت بقايا للغرام بمهجتي فختمت بعدك
مـاكان ضرك لو عدلت أمـا رأت عيناك قدك
وجـعلت من جفني متكأً ومـن عـيني مـهدك
ورفعت بي عرش الهوى ورفعت فوق العرش بندك
أنقى من الفجر الضحوك فـهل أعرت الفجر خدك ؟
وأرق مـن طبع النسيم فـهل خلعت عليه بردك ؟
وألـذ مـن كأس النديم فهل أبحت الكأس شهدك ؟
وحياة عينك وهي عندي مـثلما الأيـمان عندك ؟

وقال أيضاً قصيدة قد أتاك يعتذر التي غنتها فيروز

قد أتاك يعتذرُ لا تسله ما الخبر
كلما أطلت له في الحديث يختصر
في عيونه خبر ليس يكذب النظر
فد وهبته عمري ضاع عنده العمر
حبنا الذي نشروا من شذاه ما نشروا
صوحت أزاهره قبل يعقد الثمر
عد فعنك يؤنسني في سماءه القمر
قد وفى بموعده حين خانتِ البشرُ

قصيدته الرائعة : اضنيتني بالهجر

ضنيتني بالهجر …ما أظلـمـك
فارحم عسى الرحمن أن يرحمك

مـولاي .. حكمتـك فـي مهجـتـي
فارفـق بهـا يفديـك مــن حكـمـك!

مــا كــان أحـلـى قـبـلات الـهـوى
ان كنـت لا تذكـر.. فاسـأل فـمـك

تـمــر بـــي كـأنـنـي لــــم أكــــن
قـلـبـك أو صـــدرك أو مـعـصـمـك

لو مرّ سيف بيننا.. لـم نكـن نعلـم
هــل أجــرى دمــي أم دمـــك ؟!

سـل الدجـى كـم راقنـي نجـمـه
لمّـا حكـى .. مبسـمـه مبسـمـك

يــا بــدر .. ان واصلتـنـي بالـجـفـا
ومتّ في شرخ الصبـا .. مغرمـك

قـلّ للدجـى مــات شهـيـد الـوفـا
فـانـثـر عـلــى أكـفـانـه أنـجـمــك

قصيدة جفنه علم الغزل وهذه القصيدة لحنها وغناها محمد عبد الوهاب

جفنه علم الغزل ومن العلم ما قتل
فحرقنا نفوسنا في جحيم من القبل
هاتها من يد الرضى جرعة تبعث الجنون
كيف يشكو من الظما من له هذه العيون
يا حبيبي ، أكلما ضمنا للهوي مكان
أشعلوا النار حولنا فغدونا لها دخان
قل لمن لام في الهوي ، هكذا أحسن قد أمر
إن عشقنا … فعذرنا أن في وجهنا نظر


قصيدة يا عاقد الحاجبين التي غنتها فيروز

يـاعاقد الـحاجبين **** على الجبين اللجين
إن كنت تقصد قتلي**** قـتلتني مـرتين
مـاذا يـريبك مني ***** ومـاهممت بـشين
أصُـفرةٌ في جبيني **** أم رعشة في اليدين
تَـمر قـفز غزالٍ **** بين الرصيف وبيني
وما نصبت شباكي **** ولا أذنت لـعيني
تـبدو كأن لاتراني**** ومـلء عينك عيني
ومـثل فعلك فعلي **** ويلي من الأحمقين
مولاي لم تبق مني **** حـياً سوى رمقين
صبرت حتى براني **** وجدي وقرب حيني
ستحرم الشعر مني **** وليس هـذا بهين
أخاف تدعو القوافي **** عليك في المشرقين

قصيدة إني مت بعدك

عش أنت أني مت بعدك**** وأطل إلى ماشئت صدك
كانت بقايا للغرام بمهجتي**** فختمت بعدك
مـاكان ضرك لو عدلت**** أمـا رأت عيناك قدك
وجـعلت من جفني متكأً **** ومـن عـيني مـهدك
ورفعت بي عرش الهوى **** ورفعت فوق العرش بندك
وأعـدت للشعراء سيدهم **** ولـلـعـشاق عـبـدك
أغـضاضه ياروض إن **** أنا شاقني فشممت وردك
أنقى من الفجر الضحوك**** فـهل أعرت الفجر خدك
وأرق مـن طبع النسيم **** فـهل خلعت عليه بردك
وألـذ مـن كأس النديم فهل**** أبحت الكأس شهدك
وحياة عينك وهي عندي**** مـثلما الأيـمان عندك
مـاقلب أمك إن تفارقها **** ولــم تـبـلغ أشـدك
فـهوت عليك بصدرها **** يـوم الـفراق لتستردك
بـأشد مـن خفقان قلبي **** يـوم قيل:خفرت عهدك

قصيدة المسلول

حسناء ، أي فتى رأت تصد

قتلى الهوى فيها بلا عدد

بصرت به رث الثياب ، بلا

مأوى بلا أهل بلا بلد

فتخيرته ، وكان شافعه

لطف الغزال وقوة الأسد

***

ورأى الفتى الآمال باسمة

في وجهها ، لفؤاده الكمد

والمال ملء يديه ، ينفقه

متشفياً إنفاق ذي حرد

ظمآن والأهواء جارية

كالسلسبيل ، مسى يرد يرد

روض من اللذات ، طيبة

أثماره ، خلو من الرصد

نعم أفانين ، يكاد لها

يختال من غلواه في برد

ماضيه ، لو يدري بحاضره ،

رغم الأخوة مات من حسد

***

سكران ، والكاسات شاهدة ،

إن الكؤوس لها من العدد

سكران لا يصحو كسكرته

أمساً ، وسكرته غداة غد

سكران ، وهي تزقه قبلاً

ويزقها ، وإذا تزد يزد

سكران ، وهي تمص من دمه

وتريه قلب الأم للولد

سكران ، حتى رأسه أبداً

لا يستقر لكثرة الميد

(( قالت له : نم ، نم لفجر غد

ضع رأسك الواهي على كبدي

نم ، لا تسلط يا حبيب على

مخمور جسمك قلة الجلد

عيناك متعبتان من سهر

ويداك راجفتان من جهد

– لا ، لا أنام ولا أذوق كرى ،

إن النهار مضى ولم يعد

لا ، لا أنام و لا أذوق كرى ،

أنا لست من يحيا لفجر غد

سلمى ، أحس النار سائة

بدمي ، وتجري معه في جسدي

وأحس قلبي فاغراً فمه

للحب ، للذات ، للرغد

إن ضاع يومي ، ما أسفت على

خضر الربيع وزرقة الجلد

***

نم لا تكابر ، كاد رأسك أن

يهوي بكأسك ، غير أن يدي ..

– يهوي ! .. نعم يا فتنتي ومنى

نفسي ، وزهرة جنة الخلد

يهوي ! .. ولم لا ، والشباب ذوى

وعلى شبابي كان معتمدي

لم تبق لي مني ، سوى رمق

متراوح في أضلع همد …

رباه مذ يومين كنت فتى

لي قوتي وشبيبتي وغدي

واليوم ، أسرع للبلى ، وأنا

لم أبلغ العشرين أو أكد

سلماي إنك أنت قاتلي !

فجميل جسمك مدفني الأبدي

وطويل شعرك صار لي كفناً

كفن الشباب ذوى وكان ندي

سلمى اطفئي الأنوار وافتتحي

هذي الكوى لنسائم جدد

ودعي شعاع الشمس يضحك لي

فشعاعها يرد على كبدي

ودعي أريج الزهر ينعشني

وهديل طر الأيكة الغرد

أنا ، إن قضيت هوى ، فلا طلعت

شمس الضحى بعدي على أحد ))

***

– أنا إن قتلتك كيف تحفظني

إن صح زعمك ، حقظ مقتصد

أو كنت مت لليلتي جهد

يا مهجتي خفف ولا تزد

– لا ، أنت محييتي ومنقذتي

من عيشي المتنكر النكد

أفأنت قاتلتي ؟ كذبت أنا ،

لولاك كنت أذل من وتد

لكنما العشاق ، عادتهم

ذكر المنايا ذكر مفتئد

يبكون من جزع للذتهم

أن لا تكون طويلة الأمد ..

قلبي لقلبك خافق أبداً

ويظل يخفق غير متئد

– إن كان ذاك ، فهذه شفتي

من يشتعل في الحب يبترد

***

وتصافحا فتعانقا فهما

روحان خافقتان في جسد

***

نهبا أويقات الصفاء ، وقد

عكفا عليهما عكف مجتهد

وترشفا كأس الغرام ، وما

تركا بها من نهلة لصدي

ومشى الهوى بهما كعادته ،

والبحر لا يخلو من الزبد …

***

سنة مضت ، فإذا خرجت إلى

ذاك الطريق بظاهر البلد

ولفت وجهك يمنة ، فترى

وجهاً متى تذكره ترتعد :

هذا الفتى في الأمس ، صار إلى

رجل هزيل الجسم منجرد

متلجلج الألفاظ مضطرب

متواصل الأنفاس مطرد

متجعد الخدين من سرف

متكسر الجفنين من سهد

***

عيناه عالقتان في نفق

كسراج كوخ نصف متقد

أو كالحباحب ، باخ لامعه ،

يبدو من الوجنات في خدد

تهتز أنمله ، فتحسبها

ورق الخريف أصيب بالبرد

ويكاد يحمله ، لما تركت

منه الصبابة ، مخلب الصرد

***

يمشي بعلته على مهل

فكأنه يمشي على قصد

ويمج أحياناً دماً . فعلى

منديله قطع من الكبد

قطع تآبين مفجعة

مكتوبة بدم بغير يد

قطع تقول له : تموت غداً

وإذا ترق ، تقول : بعد غد ..

والموت أرحم زائر لفتى

متزمل بالداء مغتمد

قد كان منتحراً ، لو أن له

شبه القوى في جسمه الخصد

لكنه ، والداء ينهشه ،

كالشلو بين مخالب الأسد ..

جلد على الآلام ، ينجده

طلل الشباب ودارس الصيد ..

***

أين التي علقت به غصناً

حلو المجاني ناضر الملد

أين التي كانت تقول له :

ضع رأسك الواهي على كبدي ؟..

مات الفتى ، فأقيم في جدث

مستوحش الأرجاء منفرد

متجلل بالفقر ، مؤتزر

بالنبت من متيبس وندي

وتزوره حيناً ، فتؤنسه

بعض الطيور بصوتها الغرد ..

قصيدة أرق الحسن التي غنتها فيروز أيضاً

يبكي ويضحك لاحزناً ولا فرحا**** كعاشقٍ خطَّ سطراً في الهوى ومحا
من بسمة النجم همس في قصائده **** ومن مخالسة الظّبـي الذي سـنحا
قلبٌ تمرس باللذات وهو فتى كبر**** عم لـمـسته الريح فانفـتحا
ماللأقاحية السمراء قد صرفـت عـنّا **** هواها؟أرق الـحسن ما سمحا
لو كنت تدرين ماألقاه من شجن لكنت **** أرفق مـن آسى ومن صفحا
غداةَ لوَّحْتِ بالآمال باسمةً لان **** الذي ثار وانقاد الذي جمحا
ما همني ولسانُ الحب يهتف بي **** اذا تبسم وجه الدهر أو كلحا
فالروضُ مهما زهتْ قفرٌ اذا حرمت**** من جانحٍ رفَّ أو من صادحٍ صدحا

قصيدة يا جهاداً صفق المجد له

يا جهاداً صَفَّقَ المجد له:

لبس الغار عليه الأرجوانا

سائل العلياء عنا والزمانا

هل خفرنا ذمَّةً مُذْ عرفانا

المروءاتُ التي عاشت بنا

لم تزل تجري سعيراً في دِمانا

قل (لجونْ بولٍ)* إذا عاتبتَهُ

سوف تدعونا ولكن لا ترانا

قد شفينا غلّة في صدره

وعطشنا، فانظروا ماذا سقانا

يوم نادانا فلبّينا النِدا

وتركنا نُهيَةَ الدين ورانا

ضجَّت الصحراء تشكو عُرْيَها

فكسوناها زئيراً ودُخانا

مذ سقيناها العُلا من دمنا

أيقنت أن مَعَدّاً قد نمانا

* * *

ضحك المجدُ لنا لما رآنا

بدم الأبطال مصبوغاً لِوانا

عرسُ الأحرار أن تسقي العِدى

أكؤساً حُمراً وأنغاماً حزانى

نركب الموتِ إلى (العهد) الذي

نحرتْه دون ذنب حُلفانا

أمِنَ العدل لديهم أننا

نزورع النصر ويجنيه سِوانا

كلّما لَوَّحتَ بالذكرى لهم

أوسعوا القول طلاء ودِهانا

ذنبنا والدهر في صرعته

أنٍْ وفينا لأخي الوِد وخانا

* * *

يا جهاداً صفّق المجد له

ليس الغارُ عليه الأرجوانا

شرفٌ باهتْ فلسطينٌ به

وبناءٌ للمعالي لا يُدانى

إن جرحاً سال منْ جبهتها

لثمتهُ بخشوعٍ شفتانا

وأنيناً باحت النجوى به

عربياً رشفتهُ مقلتانا

* * *

يا فلسطين التي كدنا لما

كابدته من أسىً ننسى أسانا

نحن يا أختُ على العهد الذي

قد رضعناه من المهد كِلانا

يثربٌ والقدسُ منذُ احتلما

كعبتانا وهوى العرب هوانا

شرفٌ للمت أن نطعمه

أنفساً جبارة تأبى الهوانا

وردةٌ من دمنا في يده

لو أتى النار بها حالت جنانا

انشروا الهول وصُبّوا ناركمْ

كيفما شئتم فلن تلقوا جبانا

غذّتِ الأحداثُ منّا أنفُساً

لمْ يزدها العنفُ إلاّ عنفوانا

قَرَعَ (الدوتشي) لكم ظهر العصا

وتحدّاكم حساماً ولسانا

إنهُ كفوٌ لكمْ فانتقموا

ودعونا نسألُ الله الأمانا

* * *

قُمْ إلى الأبطال نلمسْ جرحهمْ

لمسة تسبحُ بالطيب يدانا

قم نجعْ يوماً من العمر لهمْ

هبْهُ صوم الفصح، هبهُ رمضانا

إنما الحقُّ الذي ماتوا له

حقنا، نمشي إليه أين كانا

يتبــــــــــع


    قصيدة مصرع النسر

    لبستْ بعدكَ السوادَ العواصمْ **** واستقلّتْ لكَ الدموعَ المآتمْ
    ودّ لو يفتديكَ صقرُ قريشٍ **** بالخوافي، من الردى، والقوادم
    دارَ هولُ المصابِ حتى احتوى **** الكو نَ، كما دار بالأصابع خاتم
    فإذا البحرُ مثقلُ الصدْرِ بالأَحْـ **** ـزانِ، والأفقُ شاحبُ الوجهِ ساهم
    وإذا أنتَ ، لا ترى غيرَ رأسٍ **** مُطرِقٍ وارمِ المحاجرِ واجم
    أسْنِدوا «البيتَ» بالصدور، فقد ما**** دَ، وخانتْ جدرانهنَّ الدَّعائم
    وامنعوا «القبرَ» أن يلمَّ به النا **** عي، فينعى إلى «الرسول» «القاسم»
    عرفتْ قدركَ العيونُ فأغضتْ**** واستعارتْ لها عيونَ الفواطم
    فطغى مصرعُ «الحسينِ» على الشَّرْ **** قِ، وشُدّتْ على الرماح العمائم
    واكتسى مفرقُ الجهادِ جمالاً**** بالأكاليل من ذؤابة هاشم

    ****

    «فيصلَ» العُرْبِ، ما هززناكَ**** إلا بالجفونِ المقرَّحات السواجم
    بالمنى الذابلاتِ، بالأمل الدا **** مي، بثُكل الهوى، بفقد المراهم
    فهززنا، لما هززناكَ، دنيا من **** جمالٍ وجنَّةٍ من مَراحم
    قل لتلك العهودِ في رَهَج الحَرْ**** بِ، وفي سكرة القنا والغلاصم
    قد لمحناكَ في عيون الثعالي **** ولمسناكَ في جلود الأراقم
    حَدَّثونا عن الحقوق فلمّا كبَّر**** النصرُ ، أعوزتْنا التراجم
    نفحتْنا بها الحروبُ سلاماً **** ورمانا بها السلامُ أداهم
    قُلْ – وقُيتَ العِثارَ – في ندوة القَوْ**** مِ، متى أصبح الحليفُ مُخاصِم؟
    أين ذاك الهيامُ في أول الحبْ **** بِ، وتلك الموشّحاتُ النواعم؟…
    كدتُ أخشى عليكمُ تلفَ النفْـ **** ـسِ ببان اللِّوى وظبْي الصرائم
    علِّمونا كيف الشفاءُ من الحبْ **** بِ، فما يستوي جهولٌ وعالمْ
    واذكروا عهدَنا القديم، فقِدماً **** بخل الدهرُ بالصديق الملائمْ..
    إنَّ تحت الصدورِ جذوةَ مَوْتو **** رٍ، وخلف الحدودِ زأْرَة ناقم
    ليس في الدهر أوَّلٌ وأخيرٌ **** فالبداياتُ كنَّ قبلاً خواتم
    لو أفاد العتابُ، ملنا على النفْـ **** ـسِ بما لا تطيقهُ نفسُ نادم
    أخذتنا الدنيا بما زيّنتْهُ من أمانٍ،**** ونحن بعدُ براعمْ
    وعلِقْتم من عهدهم بسرابٍ **** كمْ سُمومٍ تحت الشفاهِ البواسم
    هفوةٌ ، جرَّها الزمانُ علينا لا**** ملومٌ أنا، ولا أنا لائم
    ذلك الليلُ في السنين الخوالي **** سوف يغدو فجرَ السنين القوادم
    للتجاريب في الأمور يداها رُبَّ**** بانٍ ما كان بالأمس هادم

    ****
    رجَّةٌ ، أجفلَ الكواسرُ منها ورمى**** الذُّعرُ في العرين الضراغم
    واشرأبّ الوجودُ، ينظر للنَّسْـ **** ـرِ على ذروة العروبة جاثم
    مدَّ فوق الثرى جناحاً وألقى **** شامخاً ما له من الموت عاصم
    حاملاً ملء ثوبه من جراحا**** تِ الليالي، ومنْ غبار الملاحم
    يُطبق الناظِرَيْن، إلا بقايا من**** شعاعٍ حول المحاجر هائم
    هكذا مصرعُ النسورِ: وِسادٌ**** من جلالٍ وقبةٌ من طلاسم

    ****
    قد حملنا الشآمَ من طرفيهِ **** فوق بحرٍ من الأسى مُتلاطِم
    وسفحنا في «دجلةٍ» قلبَ «لبنا **** نَ»، وأجفانَه الهوامي الهوائم
    خذْ بهمس القلوبِ في أذن الحُبْ **** ـبِ، ودعْ عنكَ كاذباتِ المزاعمْ..
    نَسِيَتْ نوحَها الحمائمُ في الدَّوْ**** حِ، فجاءت تُصغي إليَّ الحمائم
    ومن النَّوْح ما يهزّكَ للعَطْـ **** ـفِ، ومنه المدمدِماتُ الهوادم

    مشكورة

    منوره

    اترك تعليقاً

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

    هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.