حتى لو كان من أصحاب النار والعياذ بالله
الجواب
الحمد لله
ليعلم ـ أولا ـ أن من كان من أهل الجنة كان في نعيم مقيم ،
لا يحزن ، ولا ينصب ، ولا يغتم ، ولا يهتم ؛ فهو مشغول عن
كل شيء آخر سوى ما هو فيه من النعيم المقيم ، والبهجة الخالدة
، فلا يعكر عليه صفو نعيمه كدر أبدا . قال الله تعالى
: ( إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ * هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلالٍ عَلَى الأرَائِكِ مُتَّكِئُونَ * لَهُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ وَلَهُمْ مَا يَدَّعُونَ * سَلامٌ قَوْلا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ ) يس/55-58 .
ولا يضره من في النار ، كائنا من كان . وقد أخبر الله تعالى عن حال الشتات والتفريق والعداوة بين الأخلاء والأحبة يوم القيامة ، إلا
المتقين ، فقال تعالى :
( الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ ) الزخرف / 67.
وقد روى البخاري (3350) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
( يَلْقَى إِبْرَاهِيمُ أَبَاهُ آزَرَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وعلَى وَجْهِ آزَرَ قَتَرَةٌ وَغَبَرَةٌ فَيَقُولُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ : أَلَمْ أَقُلْ لَكَ لَا تَعْصِنِي ؟ فَيَقُولُ أَبُوهُ : فَالْيَوْمَ لَا أَعْصِيكَ
. فَيَقُولُ إِبْرَاهِيمُ : يَا رَبِّ إِنَّكَ وَعَدْتَنِي أَنْ لَا تُخْزِيَنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ فَأَيُّ خِزْيٍ أَخْزَى مِنْ أَبِي الْأَبْعَدِ ؟! فَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى : إِنِّي حَرَّمْتُ الْجَنَّةَ
عَلَى الْكَافِرِينَ . ثُمَّ يُقَالُ : يَا إِبْرَاهِيمُ مَا تَحْتَ رِجْلَيْكَ ؟ فَيَنْظُرُ فَإِذَا هُوَ بِذِيخٍ (ضبع) مُلْتَطِخٍ فَيُؤْخَذُ بِقَوَائِمِهِ فَيُلْقَى فِي النَّارِ ) .
ورواه ابن المنذر وزاد : ( فإذا رآه كذا تبرأ منه ، وقال : لست أبي ) .
"فتح الباري" (8/500) .
فتبين بذلك أنه أهل الجنة تنقطع ولايتهم بأهل النار الذين هم أهلها من الكفار المخلدين فيها ، حتى وإن كانوا أقرب الأقربين لهم ، ولا يبقى
لهم تعلق بهم ، ولا شوق إليهم ينغص عليهم ما هم فيه من النعيم .
وأما إن كان الشخصان جميعا من أهل النار ، فما ينفعهم فيها اجتماعهم ، ولا رؤية بعضهم بعضا ، وكل منهم مرتهن بعمله ، مشغول بما
هو فيه من الألم والعذاب ، ما يفيده ولا ينفعه أن يرى معه أهله الأقربين ، ولا أهل الأرض أجمعين :
( وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ ) الزخرف/39 ؛
بل لو كان معه قريبه وحبيبه لود أنه فدى نفسه به ، وخرج هو من العذاب وخلاه :
( يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ * وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْوِيهِ * وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ يُنْجِيهِ ) المعارج/11-14 .
وأما إن كان الشخصان جميعا من أهل الجنة ، ولكن اختلفت منازلهم فيها :
فقد ذكر بعض أهل العلم كلاما في تزاور أهل الجنة
، وأورد ابن القيم في كتابه " حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح
"
فصلا خاصا بذلك ، ذكر فيه مجموعة من الأحاديث والآثار ،
لا تخلو أسانيدها من ضعف ، ولا تقوم بمثلها حجة
، وذكر طرفا من ذلك أيضا الحافظ المنذري في كتابه
" الترغيب والترهيب " في فصل " تزاورهم ومراكبهم
" . ومع ما في أسانيد الباب من الضعف : فإن تزاور أهل الجنة
، وتعارفهم وهم فيها هو الظاهر من حالهم
، لا سيما إن كان ذلك من تمام نعيمهم وقرة أعينهم فيها
، وقد صرح بذلك غير واحد من السلف .
والله أعلم من كلام اهل العلم
ينقل لقسم فتاوي وفقه المرأه المسلمة