" هُنّ لِبَاسٌ لَكُمْ وأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنّ "
الآية اشتملت على قاعدة ( لطيفة ) من قواعد السعادة الزوجية والحياة الطيّبة بينهما .
فاشتملت على ما يجمل به ( الحس ) وتجمُل به ( النفس ) .
فهي قاعدة حسيّة نفسيّة . .
وفيها من المعاني :
1 – أن اللباس ( حاجة ) ضروريّة للانسان .
وكذلك الرجل والمرأة – والزوجان حصوصاً – كل طرف بحاجة إلى الآخر ، ولا تكمل حياة طرف بدون الطرف الآخر .
فالرجل محتاج إلى المرأة لتكون له ( سكناً ) والمرأة بحاجة إلى الرجل ليكون لها ( سنداً ) .
وهذا من الجمال النفسي : ( وجود الحاجة بين الطرفين لبعضهما ) . والذي ينعكس أثره على الحسّ والسلوك .
فمما يهذّب ( سلوك ) كل طرف تجاه الطرف الآخر .. استشعاره بأن له في شريكه حاجة .
2 – الخصوصيّة .
فعادة اللباس أن يكون خاصّاً بصاحبه .. وهكذا العلاقة الزوجية في الإسلام هي علاقة ( خاصة ) بطرفين ( زوج وزوجة ) ، وهذا مما يميّز علاقة الزواج عن العلاقات الأخرى .
فالزوجة تختص بزوجها لا تنظر إلى غيره . والزوج يختص بزوجته لا ينظر إلى غيرها ، فذلك مما يديم بينهما الودّ والحياة الطيّبة .
3 – السّتر .
فجمال اللباس أن يكون ساتراً ؛ وحين لا يكون اللباس ساتراً فإنه يجلب لصاحبه العيب والمذمّة والريبة .
وهكذا تجمل الحياة بين الزوجين حين تكون العلاقة بينهما علاقة ( ستر ) .. فإن كل طرف في العلاقة الزوجية ينكشف للطرف الآخر ما لا يمكن أن ينكشف به لغيره .. ولذلك يظهر لكل طرف ( سرّ ) الطرف الآخر . ولذلك من أدب العلاقة بين الزوجين أن لا يفشي أي طرف سرّ الطرف الآخر مهما كانت الظروف ..
فمن الستر المطلوب بين الزوجين :
– عدم التحديث بما يكون بينهما في العلاقة الخاصة .
– عدم فضح كل طرف للطرف الآخر عند الآخرين في لحظة الخلاف والمشكلة أو حتى عند الطلاق .
4 – النظافة والزينة والتجمّل .
فإن من أخصّ معاني اللباس وجماله أن يكون ( نظيفاً ) ( جميلاً ) طيب الرائحة .
وهذا مما تقلّ العناية به عند بعض الأزواج ( رجالاً ونساءً ) حسن التنظّف والأخذ بسنن الفطرة والتجمّل وتزيّن كل طرف للطرف الآخر .
النظافة والزينة والتجمّل عامل من عوامل زيادة الألفة بين الزوجين .. وإهمال ذلك يسبب النفور بينهما !
5 – الوقاية .
فلا يكفي في جمال اللباس أن يكون ساتراً حتى يكون واقياً . فلباس لا يقيك الحر ولا البرد يقلل في النفس الرغبة فيه ويزهّد النفس عنه
وهذا معنى لطيف يشير إليه القرآن باستخدام هذا اللفظ ( لباس ) . .. فإن من غاية مقاصد النّكاح أن ( يقي ) كل شريك شريكه من الوقوع في المحظور ، وذلك من خلال ( إشباع ) حاجته الغريزيّة والعاطفيّة .
وفي هذا تأديب للزوجين أن يهتم كل زوج بهذاالمعنى . أن يُشبع كل شريك شريكه وأن لا يعجل حاجته وأن لا يكون أنانيّاً في قضاء وطره .
فإن ( الأنانيّة ) لا تقي من غوائل الفتنة سيما في زمن أقرب ما تكون فيه الفتنة إلى المرء .
6 – جمال الطلب .
وهذا من لطيف القرآن في هذا التعبير القرآن ( هُنّ لِبَاسٌ لَكُمْ وأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنّ ) .
فإن مما يزيد المتعة واللذّة بين الزوجين – سيما في العلاقة الخاصّة بينهما – أن يكون الرجل هو الذي يبتدئ طلب المرأة .
وفي هذا مراعاة لطبيعة المرأة وفطرة ( الحياء ) فيها .
وطلب الرجل للمرأة يزيد في المرأة حسن ثقتها بنفسها . .
ويمنحها شعوراً بالقبول . .
وييد من الشعور بالودّ بينهما . .
وهذاالمعنى يفهم من تقديم الله تعالى قوله ( هُنّ لِبَاسٌ لَكُمْ ) على قوله : ( وأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنّ ) .
الكاتب : أ. منير بن فرحان الصالح
يارب الموضوع بعجبكم
يارب
راااائع
سبحان الله و بحمده سبحان الله العظيم