تخطى إلى المحتوى

الإسلام قول وعمل وعقيدة 2024

  • بواسطة

الونشريس

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، نبينا وإمامنا محمدٍ وعلى آله وصحبه أما بعد:

فقد نشرت صحيفة الندوة في عددها (1590) الصادر في 17/ 12/ 1983م. تحت عنوان: (هذه الصفحات الإسلامية) بقلم المحرر ما نصه: (تحرص كل الصحف هنا تقريباً وفي أكثر البلاد الإسلامية على أن تخصص بعض صفحاتها أو بعض أعمدتها للحديث عن الإسلام بين الحين والحين فلماذا؟ أليس الناس مسلمين يشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ولو باللسان، أليسوا يحملون أسماء إسلامية وتقول شهادات ميلادهم أو حفائظ نفوسهم إنهم مسلمون، بل وتقول دساتير دولهم كلها تقريباً إن دينهم هو الإسلام، فلماذا إذن يكثر الحديث عن الإسلام وإلى أي شيء تهدف هذه الصحف أو هذه الصفحات أهي للدعوة إلى الصلاة؟ ما شاء الله المساجد مملوءة بالمصلين الذين يتقنون تسوية الصفوف والرد على الإمام استوينا. أم هي الدعوة إلى الحج؟ مثلاً إن أكثر المسلمين يتسابقون إلى الحج والله أعلم بالنيات. أم هي إلى الزكاة؟ وكثيرون منهم يؤدون الزكاة طائعين أو مكرهين إن الإسلام الذي يكثر الناس الحديث عنه يتضمن كل هذه الأركان لكنه يتضمنها كقواعد يقوم عليها نظام كامل للحياة.
الونشريس
الحياة كلها بكل ما فيها من نشاط وبكل ما فيها من قيم وتصورات توضح أن الإسلام في صميمه نظام حياة، نظام يقوم على تصور خاص للحياة بكل ما فيها من قيم وعلى أساس هذا التصور الصحيح يقوم نظام الحكم ونظام الاقتصاد ونظام التربية ونظام الأخلاق، كما تقوم العلاقات الدولية بين الدول المسلمة وسائر الناس، وعلى هذا التصور وحده يجب أن تسير الدعوة إلى الإسلام، وعلى هذا التصور سنحاول أن تكون هذه الصفحة إن شاء الله، وإننا ندعو القراء أن يكتبوا إلينا حين يكتبون على هذا الاعتبار وبهذه النظرة) هذا كله أيها القارئ كلام المحرر في صحيفة الندوة.

وأقول وبالله التوفيق: إنه لأمر غريب، وعجب لا ينقضي، أن ينبري كاتب ممن يشار إليه في أم القرى مهبط الوحي ومطلع شمس الرسالة فيسمح لقلمه أن يكتب في صحيفة سيارة مقالا مضمونه: دعوة المسلمين إلى أن يعرضوا عن دينهم فلا ينشروا محاسنه، ولا يدعوا إليه، ولا يحذروا من مخالفته، وأن يتساءل تساؤل المستغرب المستنكر (أليس الناس مسلمين؟!) الخ.. ويدعو الناس أن يكتفوا من دينهم بمجرد اللفظ فقط بل إلى أدنى من ذلك وهو الاكتفاء بمجرد الأسماء الإسلامية كمحمد وعبد الله وعبد الرحمن ونحو ذلك، وشهادة الميلاد وحفيظة النفوس، أو ما هو أدنى من ذلك، وهو الانتساب إلى دولة تزعم أن دستورها الإسلام!
الونشريس
سبحان الله! كيف بلغ الجهل بهذا الرجل أو التجاهل للإسلام إلى هذا الحد حتى كتب هذه المقالة، مع أنه يعلم نشاط المبشرين في دعوتهم إلى أديانهم الباطلة، ونشاط الدعاة إلى المذاهب الهدامة؛ كالبعثية والاشتراكية والشيوعية، وتكريس جهودهم في تحبيذها وإبراز ما يزعمون أنه من محاسنها، وإنفاق الأموال الطائلة في هذا السبيل الذي يقود أهله إلى النار. أيها المحرر، أين ذهب عقلك حتى قلت هذه المقالة الشنعاء عن دين الإسلام الذي هو خير الأديان وأحبها إلى الله؟ وهو دين ودولة، وعبادة وجهاد، وسيف ومصحف، وثقافة وحكم، وهو المشتمل على صلاح أمر الدنيا والآخرة، وعلى سعادة الفرد والجماعة في هذه الحياة العاجلة وفي الآخرة.

أليس دين هذه بعض محاسنه ومزاياه حقيقاً بأن يدعى إليه، وتنشر محاسنه على صفحات الصحف السيارة، وفي المجلات والنشرات، وعلى المنابر، وفي سائر الحفلات والاجتماعات. أليس خليقاً بأن تكرس الجهود والأموال للدعوة إليه والترغيب في اعتناقه وتحكيمه والاستقامة عليه، وتزييف ما خالفه من الأديان والمذاهب.

أليس القرآن الكريم الذي هو أعظم كتاب وأشرف دستور قد أمر بالدعوة إلى الإسلام ونشر محاسنه، وحصر الفلاح في الدعاة إليه، وحكم بأن أهله هم خير أمة أخرجت للناس؛ لإيمانهم به ودعوتهم إليه، وإن كنت قد نسيت ذلك فاسمع قوله عز وجل: قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي[1] الآية.
الونشريس
أوضح سبحانه في هذه الآية الكريمة أن أتباع الرسول صلى الله عليه وسلم على الحقيقة والكمال هم الدعاة إلى سبيله على بصيرة. وسبيله هو الإسلام الذي أنكرت على أهله الدعوة إليه، وقال تعالى: ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أحسن[2]، أمر سبحانه في هذه الآية نبيه صلى الله عليه وسلم أن يدعو إلى الإسلام وأن يجادل عليه بالتي هي أحسن، وأنت تعلم وهكذا غيرك من القراء أن كل دين وكل مذهب يهمل ولا يدعى إليه ولا تنشر محاسنه بل يغفل عنه وينسى، مصيره إلى الذهاب والزوال، وإن دل ذلك على شيء فإنما يدل على رغبة أهله عنه وقلة اكتراثهم به، فكيف سمحت لقلمك، بل كيف سمحت لك مروءتك وعروبتك إن لم يكن هناك غيرة على الإسلام أن تقول هذا المقال الذي مقتضاه وخلاصته: الدعوة إلى نبذ الإسلام والإعراض عنه، وألا يذكر في الصحف السيارة بين الناس؟ وأي قيمة لدين هذا شأنه؟ سبحان الله ما أعظم شأنه، والله أكبر وأجل وأعظم من أن تكون قيمة دينه ما ذكرته أيها المحرر.

وقال عز وجل: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ[3]، وقال جل ذكره: وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ[4]، وقال تعالى: وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ[5]، تأمل أيها المحرر، وتأملوا أيها القراء هذه الآيات كيف حكم الرب جل وعلا للدعاة إلى الله بالفلاح، وأنهم خير الأمم، وأنهم لا أحد أحسن قولاً منهم.
الونشريس
وصاحب المقال يحذر من طريقهم وينتقد سبيلهم، ويتعجب منهم تعجب المستنكر والمستغرب، ثم نتأمل جميعاً هل رضي الله سبحانه من أهل الإسلام بمجرد اللفظ أو التسمي بالأسماء الإسلامية أو الانتساب إلى دولة إسلامية؟ أم طالب المسلمين بالإيمان والعمل اللذين يترتب عليهما الفلاح والخير والسعادة في الدنيا والآخرة، إن الأمر في غاية الوضوح بل هو أوضح من الشمس في الظهيرة، ولكن الأمر كما قال الله عز وجل: فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ[6]، ولولا ما يخشى من اغترار بعض الجهال بهذا المقال وصاحبه لما كان حقيقا بالرد عليه لظهور بطلانه لكل من يطلع عليه من عامة المسلمين فضلاً عن مثقفيهم، ونسأل الله أن يهدي كاتبه وأن يردنا وإياه إلى التوبة الصادقة.

وأما قوله في آخر المقال بعد ما ذكر الصلاة والزكاة والحج ما نصه:

(إن الإسلام يتضمن كل هذه الأركان لكنه يتضمنها كقواعد يقوم عليها نظام كامل للحياة، الحياة كلها بكل ما فيها من نشاط وبكل ما فيها من قيم وتصورات، إن الإسلام في صميمه نظام حياة، نظام يقوم على تصور خاص للحياة بكل ما فيها من قيم، وعلى أساس هذا التصور الصحيح يقوم نظام الحكم ونظام الاقتصاد ونظام التربية ونظام الأخلاق) الخ..
الونشريس
فالجواب أن يقال لهذا الكاتب: إذا كان الإسلام ديناً يتضمن هذه الأسس ويصلح أن ينظم الحياة في جميع شئونها فكيف تنكر على أهله الدعوة إليه ونشر محاسنه؟ وتقول: إن الناس مسلمون ولو باللفظ، إذا كان يكفي من الإسلام مجرد اللفظ؟ لم تتحقق هذه المقاصد وهذه الأسس والتي أشرت إليها أخيراً، إنه لأمر عجيب وتناقض غريب، أو تلبيس وخداع، ولماذا لم تذكر أنه دين يترتب عليه صلاح أمر الدنيا والآخرة ويسعد أهله في الدنيا والآخرة؟ وإنما قصرته على هذه الحياة فقط! أتظن أن هذا الدين إنما جاء لإصلاح الدنيا فقط وليس له تعلق بالآخرة أم ماذا؟ إن المقام واضح لا يحتاج إلى تفصيل، وكل من له أدنى علم بالإسلام يعلم أنه نظام صالح شامل لكل ما فيه سعادة البشرية في هذه الدنيا وفي الآخرة، وإنما يجيء الخلل لبعض أهله بسبب جهلهم به أو عدم تطبيقهم لأحكامه، والواقع قديماً وحديثاً شاهد بذلك لكل من تأمل أحوال المسلمين في صدر الإسلام، وفي ما بعد ذلك. فاتق الله أيها الكاتب وحاسب نفسك وتب إلى ربك وارجع عن أخطائك فالرجوع إلى الحق فضيلة، بل واجب لا بد منه، وهو خير لك في الدنيا والآخرة من التمادي في الباطل.

وأسأل الله لي ولك ولسائر المسلمين التوفيق لما يرضيه، والهداية إلى سبيله إنه خير مسئول وهو المستعان، ولا حول ولا قوة إلا به، وحسبنا الله ونعم الوكيل، وصلى الله على عبده ورسوله محمد وآله وصحبه وسلم.

الونشريس

    مشكوووووره

    نورتيني ☺

    ربي يجعله في ميزان حسناتك

    امين يارب العالمين

    نورتي ☺

    بارك الله فيك

    اترك تعليقاً

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

    هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.