السؤال
قال صلى الله عليه وسلم: من قرأ سورة البقرة، وآل عمران كانت له غمامتان. فهل يقصد قراءتهما من المصحف أم حفظهما عن ظهر قلب أي حفظهما غيبا؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ثبت الترغيب في قراءة سورة البقرة وآل عمران, ومن ذلك ما جاء في صحيح مسلم عن أبي أمامة قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: اقْرَءُوا الْقُرْآنَ فَإِنَّهُ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ شَفِيعًا لِأَصْحَابِهِ، اقْرَءُوا الزَّهْرَاوَيْنِ الْبَقَرَةَ، وَسُورَةَ آلِ عِمْرَانَ، فَإِنَّهُمَا تَأْتِيَانِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَأَنَّهُمَا غَمَامَتَانِ، أَوْ كَأَنَّهُمَا غَيَايَتَانِ، أَوْ كَأَنَّهُمَا فِرْقَانِ مِنْ طَيْرٍ صَوَافَّ، تُحَاجَّانِ عَنْ أَصْحَابِهِمَا، اقْرَءُوا سُورَةَ الْبَقَرَةِ، فَإِنَّ أَخْذَهَا بَرَكَةٌ، وَتَرْكَهَا حَسْرَةٌ، وَلَا تَسْتَطِيعُهَا الْبَطَلَةُ. قَالَ مُعَاوِيَةُ: بَلَغَنِي أَنَّ الْبَطَلَةَ: السَّحَرَةُ. انتهى.
والظاهرأن فضل هاتين السورتين يحصل بقراءتهما من المصحف, أو عن ظهر قلب, فالقراءة شاملة للحالتين معا، والأصل في الألفاظ أن تحمل على العموم حتى يثبت ما يدل على التخصيص.
وقد اختلف أهل العلم في القراءة من المصحف, أو عن ظهر قلب أيهما أفضل.
جاء في إرشاد الساري للقسطلاني على صحيح البخاري: وقد صرّح كثير بأن القراءة من المصحف نظرًا أفضل من ظهر القلب. واستدلّ له بحديث عند أبي عبيد في فضائل القرآن عن بعض أصحاب النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رفعه: فضل قراءة القرآن نظرًا على من يقرؤه ظهرًا، كفضل الفريضة على النافلة. وإسناده ضعيف. وعن ابن مسعود موقوفًا بإسنادٍ صحيح: أديموا النظر في المصحف. والأولى أن ذلك يختلف باختلاف الأحوال والأشخاص. انتهى.
وجاء في فتح الباري لابن حجر: ومن حيث المعنى أن القراءة في المصحف أسلم من الغلط، لكن القراءة عن ظهر قلب أبعد من الرياء، وأمكن للخشوع. والذي يظهر أن ذلك يختلف باختلاف الأحوال والأشخاص. انتهى.
والله أعلم.