{وأنا لا ندري أشر أريد بمن في الأرض أم أراد بهم ربهم رشدا}
إعراب الآية :
جملة "لا ندري" خبر "أنَّ"، والهمزة للاستفهام، ويليها غالبًا الفعل، وقد يليها الاسم كهذه الآية، وجملة "أشر أريد" سدَّت مسدَّ مفعولي درى، و"أم" عاطفة متصلة، وجملة "أراد بهم ربهم" معطوفة على جملة "أشرٌّ أريد"، والجملة هذه بتأويل مفرد أي: أشر أريد بهم أم خير ؟
تفسير الجلالين :
10 – (وأنا لا ندري أشر أريد) بعد استراق السمع (بمن في الأرض أم أراد بهم ربهم رشدا) خيرا
تفسير ابن كثير :
أي ما ندري هذا الأمر الذي قد حدث في السماء لا ندري أشر أريد بمن في الأرض أم أراد بهم ربهم رشدا وهذا من أدبهم في العبارة حيث أسندوا الشر إلى غير فاعل والخير أضافوه إلى الله عز وجل وقد ورد في الصحيح " الشر ليس إليك " وقد كانت الكواكب يرمى بها قبل ذلك ولكن ليس بكثير بل في الأحيان بعد الأحيان كما في حديث العباس بينما نحن جلوس مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ رمي بنجم فاستنار فقال " ما كنتم تقولون في هذا ؟ فقلنا كنا نقول يولد عظيم يموت عظيم فقال " ليس كذلك ولكن الله إذا قضى الأمر في السماء " وذكر تمام الحديث وقد أوردناه في سورة سبأ بتمامه وهذا هو السبب الذي حملهم على تطلب السبب في ذلك فأخذوا يضربون مشارق الأرض ومغاربها فوجدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ بأصحابه في الصلاة فعرفوا أن هذا هو الذي حفظت من أجله السماء فآمن من آمن منهم وتمرد في طغيانه من بقي كما تقدم حديث ابن عباس في ذلك عند قوله في سورة الأحقاف " وإذ صرفنا إليك نفرا من الجن يستمعون القرآن " الآية ولا شك أنه لما حدث هذا الأمر وهو كثرة الشهب في السماء والرمي بها هال ذلك الإنس والجن وانزعجوا له وارتاعوا لذلك وظنوا أن ذلك لخراب العالم كما قال السدي لم تكن السماء تحرس إلا أن يكون في الأرض نبي أو دين لله ظاهر فكانت الشياطين قبل محمد صلى الله عليه وسلم قد اتخذت المقاعد في السماء الدنيا يستمعون ما يحدث في السماء من أمر فلما بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم نبيا رسولا رجموا ليلة من الليالي ففزع لذلك أهل الطائف فقالوا هلك أهل السماء لما رأوا من شدة النار في السماء واختلاف الشهب فجعلوا يعتقون أرقاءهم ويسيبون مواشيهم فقال لهم عبد يا ليل بن عمرو بن عمير : ويحكم يا معشر أهل الطائف أمسكوا عن أموالكم وانظروا إلى معالم النجوم فإن رأيتموها مستقرة في أمكنتها فلم يهلك أهل السماء إنما هذا من أجل ابن أبي كبشة يعني محمدا صلى الله عليه وسلم وإن نظرتم فلم تروها فقد هلك أهل السماء فنظروا فرأوها فكفوا عن أموالهم وفزعت الشياطين في تلك الليلة فأتوا إبليس فحدثوه بالذي كان من أمرهم فقال ائتوني من كل أرض بقبضة من تراب أشمها فأتوه فشم فقال صاحبكم بمكة فبعث سبعة نفر من جن نصيبين فقدموا مكة فوجدوا نبي الله صلى الله عليه وسلم قائما يصلي في المسجد الحرام يقرأ القرآن فدنوا منه حرصا على القرآن حتى كادت كلاكلهم تصيبه ثم أسلموا فأنزل الله تعالى أمرهم على رسوله صلى الله عليه وسلم وقد ذكرنا هذا الفصل مستقصى في أول البعث من " كتاب السيرة " المطول والله أعلم ولله الحمد والمنة .
تفسير القرطبي :
"وأنا لا ندري أشر أريد بمن في الأرض " أي هذا الحرس الذي حرست بهم السماء " أم أراد بهم ربهم رشدا " أي خيرا . قال ابن زيد . قال إبليس لا ندري , هل أراد الله بهذا المنع أن ينزل على أهل الأرض عذابا أو يرسل إليهم رسولا . وقيل : هو من قول الجن فيما بينهم قبل أن يسمعوا قراءة النبي صلى الله عليه وسلم . أي لا ندري أشر أريد بمن في الأرض بإرسال محمد إليهم , فإنهم يكذبونه ويهلكون بتكذيبه كما هلك من كذب من الأمم , أم أراد أن يؤمنوا فيهتدوا ; فالشر والرشد على هذا الكفر والإيمان ; وعلى هذا كان عندهم علم بمبعث النبي صلى الله عليه وسلم , ولما سمعوا قراءته علموا أنهم منعوا من السماء حراسة للوحي . وقيل : لا ; بل هذا قول قالوه لقومهم بعد أن انصرفوا إليهم منذرين ; أي لما آمنوا أشفقوا ألا يؤمن كثير من أهل الأرض فقالوا : إنا لا ندري أيكفر أهل الأرض بما آمنا به أم يؤمنون ؟
بارك الله فيكى
تسلمو حبايبي
بارك الله فيكى وجزاكى الله كل خير
حزانا واياكي حبيبتي