قبل أشهر حدث حادث مروع عند تقاطع ( سور المزاريع ) بولاية شناص طبعاً بسبب التزاحم والتفاجىء , فكان ركاب السيارة زوج وزوجته وطفله الصغير البالغ من العمر 6 سنوات , فأدى الحادث إلى وفاة الأم ( الزوجة ) والطفل لم يصاب بأي أذى , والزوج أصيب بكدمة قوية على رأسه تسببت بفقدان ذاكرته , وتكفل عائلة الزوج والزوجة بمبالغ لمعالجة الزوج من هذا المرض الذي ليس له علاج إطلاقاً لأن المرض ليس بسبب فايرس أو بكتيريا بل بسبب الخلايا العصبية وتصعب زراعة خلايا عصبية أو معالجة الخلايا في ذلك , فسافر الزوج إلى أماكن كثيرة لمعالجة المرض ولكن للأسف باتت جميعها بالفشل , وذهب الأهل إلى مركز الهاشمي وللأسف بلا منفعة , وأتوا بمشايخ يقرؤون عليه القرآن وأيضاً بلا جدوى , ولقد كان هذا الزوج يعلم طفله القرآن من الصغر , ويرى هذا الطفل ما يفعله أبيه عندما تمرض زوجته أو تصاب بالتعب أو شي من هذا القبيل , كان يرى الطفل بأن أبيه يضع كفه على جبين زوجته ويقرأ القرآن ويدعوا لها بالشفاء , والطفل كان يحفظ تقريبا نصف جزء الثلاثين مع سورة النبأ وبعض الآيات , وبعد الحادث ؛ الزوج لا يعلم عائلته ولا أبنه ولا حتى أخوانه ولا أخواته , فعندما جاء الأب من سفرته وكانت السفرة الأخيرة من ألمانيا قامت أم الزوج بإدخال إبنه وهي تبكي في مستشفى السلطاني , بعد رجاء الأطباء والممرضات , فأدخلته فما أستطاعت البقاء مع الطفل من شدة البكاء فخرجت وجلست عند الباب وتركت الطفل لوحده مع أبيه وكان شبه نائم , فبكى الطفل على رأس أبيه فكان ممسك بكاءه لربما خجلا من جدته فعندما تركته كان بكاءه من حبه لأبيه فتذكر أبيه ما يفعله مع أمه (رحمها الله) عندما يقرأ القرأن عليها عندما تمرض , فمع بكاءه جعل كفه على جبين أبيه وقرأ الفاتحة والمعوذات ويبكي وكانت آياته متقطعة بمعنى فيها تقفيزات , ورددها ثلاث مرات كما يفعل أبيه وبعد ذلك فجأة قرأة :
قال تعالى : (عَمَّ يَتَسَاءلُونَ (1) عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ (2) الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ (3) كَلَّا سَيَعْلَمُونَ (4) ثُمَّ كَلَّا سَيَعْلَمُونَ (5) أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَاداً (6) وَالْجِبَالَ أَوْتَاداً (7) وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجاً (8) وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتاً (9) وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاساً (10) وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشاً (11) وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعاً شِدَاداً (12) وَجَعَلْنَا سِرَاجاً وَهَّاجاً (13) وَأَنزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ مَاء ثَجَّاجاً (14) ) صدق الله العظيم
وكان يقف عند هذه الأيات بسبب عدم حفظه ومقدرته على المواصلة فكان يرددها ويرددها ويكررهها فعندما لا يستطيع المواصلة يقف عند (وَأَنزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ مَاء ثَجَّاجاً) ويبكي وتسقط دمعاته على جبين والده وصدره ويديه ويكررها ليكمل السورة وبلا جدوى , وجدته عند الباب تسمع ما يفعل الطفل لوالده , وفجأة قام الأب بإكمال الأية الأخيرة إلى نهاية السورة :
قال تعالى : (وَأَنزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ مَاء ثَجَّاجاً (14) لِنُخْرِجَ بِهِ حَبّاً وَنَبَاتاً (15) وَجَنَّاتٍ أَلْفَافاً (16) إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتاً (17)…. صدق الله العظيم .
فدخلت الأم ومسكت الطفل لإخراجه ودخلت الممرضة لإعطاء الزوج بعض الحبوب وهي تسبب النوم , فنام الزوج وبعد إستيقاظه تذكر طفله ونادى بإدخاله وتذكر أمه وزوجته والحادث والسفر وكل ما كان وحصل له , وأستعاد ذاكرته التي عجز الأطباء وعجز كل إنسان في هذا الكون من إستعادت الشفاء إلا بفضل الله ثم إبنه البالغ من العمر 6 سنوات ., وأخبرت الجدة بما حصل وبما فعله الطفل لوالده لعائلة الزوجة والزوج , فلقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بفضل دعاء الإبن لأبيه وأن دعاء الأبن لأبيه لا ينقطع حتى ولو كان ميتاً في قبره , وعندما دخل الأب بيته مع أمه وأبنه تفاجىء بأن أبنه يحفظ آيات أخرى فعند دخولهم قال :
قال تعالى : (تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ (16) فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (17) أَفَمَن كَانَ مُؤْمِناً كَمَن كَانَ فَاسِقاً لَّا يَسْتَوُونَ (18) أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوَى نُزُلاً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (19)) صدق الله العظيم
فسأله من الذي حفظك هذه الآيات فقال أمي (الزوجة الصالحة) , فسبحان الله وكأن الأبن يعلم بعض مفهوم هذه الآيات , ولكن لربما كانت بركة الله بأن جعل علاج أبيه على يده ابنه الوحيد , فلقد خسرت عائلة الزوج والزوجة مبالغ مادية عالية تقدر بأكثر من 15 ألف ريال عماني , وفي الأخير جاء هذا الأبن ليعالجه بلا مبالغ وبلا جزاء سوى محبة خالصة لأبيه و رداً ليجازيهم بما علموه من القرآن العظيم والدين الحنيف.
فهذه رسالة وعبرة وموعظة موجهة إلى جميع أولياء الأمور و الوالدين المحبين الخير لأبنائهم , علموا أولادكم القرآن ففيه شفاء ورحمة وبركة , وعلموهم الأدعية المأثورة وكونوا كهذين الزوجين الصالحين , ولا تتركوا أبنائكم هباء منثورا كما يفعل البعض أو يكونوا عالة على المجتمع ويؤذوا الجيران ويؤذوا الناس فمسألة التربية مسألة شديدة الخطورة وهي أخطر المشاكل وحتى أنها أخطر من المال من وجهة نظري , فكلنا نعلم بما يفعله أولاد اليوم من حماقات كسب أبيه وضرب أمه وقضايا في السجون بسبب أذية الجيران وأذية أخوانه , وخاصة بعض الشباب الذين يتزوجون ويطلقون في السنة الأولى كلها ترجع إلى التربية والثقافة ومسؤولية الوالدين , فعلموهم قصص الصحابة وحب الصالحين وحب آل البيت وحب الخلفاء الراشدين , وذكروهم بأمهاتهم كـالسيدة عائشة حبيبة المصطفى وأم المؤمنين رضي الله عنها , وأبيهم المصطفى وقدوتهم , وعلموهم كيف يتلذذون بقرأة القرآن فعندما تموتون تجدون من يدعي ربكم ليغفر لكم .
علموهم….علموهم …..علموهم ….. وتذكروا عندما تموتون …. أن هناك إبن يدعو الله بأن يدخلكم الفردوس الأعلى في الجنان….علموهم…وأدبوهم….وأدبوهم….وخلقوهم.. .كما يفعل الصالحين..
منقوول
|
بارك الله فيكى غاليتى