لا شك أنّ الزواج فيه مسؤوليات كثيرة، وليس أشق من السير بالزواج في طريق النجاح والعمل على إسعاده. فالذي يجب على الرجل أن يكون ذا مودة ورحمة، وأن يكون ممن يتصفون بالصفات اللازمة فهم المسئولون عن عائلتهم، المكلفون بإطعامها، وبكسائها، وبتعليم أولادهم، ومن أجل هذا فهم يبذلون ما في جهدهم في الحصول على ثمن هذه الأشياء كلها، وهم أحرار في أن ينفقوا على زوجاتهم ما شاءوا أن ينفقوه من مال، وغرضه أن يقنعها، ويشرفها بين الناس وبالاختصار فإنه حر في أن يستبقي على صفات الرجولة اللازمة له في هذا المعترك.
ولا يبقى بعد ذلك إلا أن يهنآ بعيشهما، وأن يسعدا تحت سقف بيتهما، فيرتبطان بالحب، ويتماسكان بالضرورات من شؤون الحياة، ويعملان على أن يكونا أصحاء الأجسام أقوياء، ليحصلا على السعادة
وبالاختصار فهما في حاجة إلى ماذا؟
الجواب إنهما في حاجة إلى (( الوفاق الزوجي )) وقد يتفقان من حيث العقل، ومن حيث الاحترام، ولكنهما يجهلان الحياة، ويجهلان طريق السعادة فيها، وربما يقنعان بما هما فيه، من نجاح أو فشل شقائهما، ويكتمان ذلك عن أعز أصدقائهما، ثم يتعرفان خطأهما أخيراً، ويبدآن يتشاحنان، ويعركان الحياة، ويشقيان ما شاءا أن يشقيا مدى حياتهما، أو يجابهان الحقيقة فيسعيان إلى الطلاق ويفران من بعضهما.
والرجل، يرتاب من نفسه بعد، ويري حكمته قد ضاعت، وقد انهدم هيكل أمله، إذ شاء يوما أن يحلم بالسعادة، وعاد فلم يستطع أن يفسّر حلمه، فأخذ يكيل للنساء ما شاء من سخط، ويرفع عقيرته بالإساءة إليهن ويذكرهن بكل قبيح.
وترى خير الرجال، وأعقلهم، أولئك الذين حافظوا على الفضيلة واحتموا فيها، وغريب أمر هؤلاء على سعة عقولهم، وكثرة معارفهم أن يدخلوا ميدان الزواج، وهم يجهلون المرأة التي أحبوها؟
نعرف كثيراً من الرجال الذين كانوا يطمرهم الجهل بالشؤون الزوجية، وكان جهلهم لا يطاق، لكن العطف والإشفاق والحنان كانت كلها بسبيل إلى تخفيف فداحة هذا الجهل، وإلى جانب هذا، فإن هناك أضراراً جسمية جمة، وأخطاء خلقية، كان الزواج بسبيل إلى إيجادها.
قال أحد المفكرين: إنه كثيراً ما رأى امرأة شريفة ترتعش خائفة، عند اقتراب زوجها منها، وليست هي حادثة واحدة، بل هناك حوادث غير محصورة من هذا القبيل يبقى أثرها في كل الحياة الزوجية.
يقول هافلوك أليس ضمن كتاباته عن الأزواج: يظهر انه لم يخبرهم أحد أن الحب فن، وأن الرجل في حاجة إلى ذكاء وحكمة ليحصل بهما على المرأة، ويمتلك منها جسمها وقلبها.
منقول