تعود إلى البيت بعد يوم عمل مرهق، مشتاقاً إلى الجلوس مع أولادك، وسماع أخبارهم ومحاورتهم في أمور معينة، فتجد أحدهم قابعاً قبالة شاشة اللابتوب، وقد ردّ على تحيّتك من دون أن ينظر إليك، لأنه مأخوذ بما يفعل. ويكون ابنك الأصغر مستغرقاً في إحدى ألعاب البلاي ستيشن، ولم يشعر بأن أحداً دخل البيت. أما ابنتك فمنكبّة على الكمبيوتر الآخر "تدردش" مع صديقتها، تسلّم عليك وتقبّلك لكنها سرعان ما تعود إلى حيث كانت.
وقد يستمر انغماسهم فيما يفعلون، إلى أن يحين موعد الذهاب إلى النوم. فلا يتسنى لك حتى مكالمة كل منهم، ولو على نحو خاطف. وهذا لا يحدث معك فحسب، فهنالك آباء كثر يعانون مثلك، وأكثر، من تفضيل أولادهم الكمبيوتر والإنترنت وملحقاتهما على الجلوسمعهم، مما يتسبب في انعكاسات سلبية على الجو العائلي الذي من المفترض أن يكون متماسكاً ودافئاً. ويأتي شغف الأولاد بأجهزة الاتصال الحديثة، وغياب مراقبة الأهل وتنظيم الوقت، ليهدد صفاء الأسرة الاجتماعي والعاطفي.
وكي تضبط الوضع، ينبغي لك عدم ترك الأمور خارج سيطرتك. فليس منطقياً أن تمنع أولادك من الكمبيوتر والبلاي ستيشن، خصوصاً أن هذين الجهازين، إضافة إلى أجهزة مماثلة، باتا في صلب اهتمامات النشء الطالع. لكن في المقابل، يجب أن تنظّم مواعيد استخدام تلك الأجهزة. فمثلاً منح كل ولد ساعة واحدة بعد إتمام المذاكرة والواجبات المدرسية الأخرى، وساعتين أو ثلاثاً في يوم الإجازة.
ولتعزيز التواصل اليومي بينك وبين أولادك، لابدّ من أن تعوّدهم على مجالستك في ساعة معينة واطلاعك على شؤونهم وأخبارهم ودعاباتهم، فضلاً عن الأحاديث السريعة التي تجري عادة على مائدة العشاء. وهذا ما يتيح لك الوقوف على "يومياتهم"، ويجعلهم في المقابل، يدخرون ما يجري في نهارهم لجلسة المساء كي يحكوه لك. عدا أنهم يعرفون أن هنالك عيناً ساهرة تواكبهم من بعيد.
واحرص على ألا يتحوّل استخدامهم الإنترنت وسواه من الوسائل الحديثة المخصصة للأولاد والفتيان إدماناً، لأن ذلك قد يدفعهم إلى الانطواء على أنفسهم، وإلى تمتين الصلة بالعالم الافتراضي، وإلى الابتعاد عن الجميع، حتّى عنك أنت، وعن أمّهم أيضاً.
م / ن