على الرغم من تعدد السلبيات التي يقع فيها الآباء والأمهات في التعامل التربوي مع أبنائهم.. وكثرة البحوث العلمية والتطبيقية حول أفضل الطرق التربوية.. يعد اختلاف ا لأب والأم في تربية الأولاد من أكثر المشاكل تكراراً في الأسر ومن أعمها ضرراً وأبلغها أثراً .
وتأتي هذه الحالة عندما يقوم أحد الطرفين (الأب أو الأم) بتربية أحد أبنائهم بطريقة معينة وفق فكر معين، ويأتي الطرف الآخر لينقض تلك التربية وذلك الفكر بفكر وطريقة مختلفة، قد تصل حد التضاد، ما يوقع الابن في حيرة مركبة، ويضيع بالتالي تعب الطرفين في تحقيق أي أثر ناجح في تربيتهما
على من تقع سلبيات الاختلاف التربوي؟
المشكلة الحقيقية لا تقع على الآباء والأمهات رغم أنهما المعنيّان الأساسيان في هذه القضية، بل تقع على الأبناء الذين يحتارون بين أفكار الأب والأم وبين طرق تعامل الأب والأم، ويؤثر ذلك على مستقبل الأبناء, فالرسالة التربوية التي يحرص الأب على إيصالها ستضيع ويتلاشى أثرها إن قامت الأم بتوجيه رسالة تربوية مغايرة لها, ورسالة الأم ذاتها تضيع في ظل وجود رسالة الأب.. وفي معظم الأحيان يختار الأبناء الرسائل التي تتماشى مع أهوائهم وميولهم ورغباتهم.
يقول الدكتور عبد الرحمن العيسوي في كتاب له يحمل عنوان (مشكلات الطفولة والمراهقة): إن من بين المشاكل التي قد تظهر على الأبناء نتيجة هذه الطريقة المتضاربة في التربية :
1- قد يكره الطفل والده ويميل إلى الأم، وقد يحدث العكس بأن يتقمص صفات الخشونة من والده.
2- قد يجد هذا الطفل صعوبة في التميز بين الصح والخطأ، أو الحلال والحرام، كما يعاني من ضعف الولاء لأحدهما أو كلاهما.
3- وقد يؤدي ميله وارتباطه بأمه إلى تقمص صفاتها الأنثوية، فتبدو عليه علامات الرقة والميوعة
أسباب نشوء هذه الظاهرة:
1- خوف الأم على ابنها من ممارسات قاسية للأب.. أو خوف الأب من أن يؤدي الدلال المفرط للأم في التأثير على سلوكيات الابن.
2- أن تكون المسألة شخصية بين الأب والأم عبر خلافات بينهما.. تنعكس على طريقة تربية الأولاد.
3- أن يكون هناك اختلاف واسع في الثقافة والمستوى التعليمي بين الأب والأم.. ما يعكس معه اختلافاً في الأفكار والرؤى حول الكثير من القضايا الخاصة بتربية الأبناء.
4- اختلاف البيئة التي ينتمي إليها الأب والأم.. كأن تكون بيئة أحدهما محافظة جداً، والأخرى أكثر انفتاحاً.. أو أن يكون أحدهما من مدينة تختلف عن الأخرى.
5- عدم إدراك الأب والأم أن المشكلة الأساسية تسيء لأبنائهم قبل كل شيء وأن آثارها ستبقى لسنوات طويلة في أذهان الأبناء.
6- عدم الاتفاق المسبق بين الأب والأم على طريقة معينة لتربية الأبناء، وافتقارهما لوجود حوار مشترك حول التربية.
كيف يمكن تجنب المشكلة؟؟
الحوار والنقاش المسبق بين الآباء والأمهات هو أقرب الطرق وأسهلها لتلافي حدوث أية مشاكل من هذا النوع بين الطرفين, ولعل من المناسب جداً أن يكون هناك اتفاق مبدئي بين الأب والأم على عدم قيام أي طرف منهما بتوجيه رسالة تربوية مخالفة للرسالة التي وجهها أحدهما لتوه إلى الأبناء، خاصة أمامهم.
وفي حال خطأ أحد الطرفين أو فرض عقوبة معينة أو توجيه رسالة تربوية معينة يراها الطرف الآخر خاطئة، يجب عدم لفت انتباه الطفل لذلك، ومن ثم النقاش حول صحة وخطأ هذا التصرف في مكان آخر بعيداً عن أعين الأبناء، مع الحرص على عدم المشادات أو الاختلاف بين الطرفين أمام الأبناء، فذلك يولد لديهم إحساساً بأن الخطأ قابل لأن يكون صواباً، وأن الصواب قابل لأن يكون خطأ في ظل غياب أحد الأبوين