صلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم –
العصر بأصحابه ، ثم سبّحوا ، وحمدوا الله تعالى ، وكبّروا ، ثم سألوا الله تعالى
العافية في الدنيا ، وسألوه الجنة في الآخرة ، ولم يقم أحد منهمفقد رأوا في وجه رسول الله
صلى الله عليه وسلم ابتسامة تُشيع في نفوسهم الاطمئنان ، وكأنه سمع منهم دعاءً سره
، فأراد أن يحدثهم ليسرّهم كذلك ،فابتسموا له صلى الله عليه
وسلم ، ورنت إليه عيونهم وقلوبهم ينتظرون ما يقول . قال : أراكم تسألون الله تعالى الجنة ، أفتعلمون ما فيها ؟قالوا : الله ورسوله أعلم .قال : قال
الله تعالى : أعددت لعبادي ما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت
، ولا خطر على قلب بشر . اقرؤوا إن شئتم " فلا تعلم نفس ما أُخفيَ لهم من قرّة أعين
جزاء بما كانوا يعملون " .
قالوا : فمن أول الداخلين إليها ؟.قال : أول
زمرة تلج الجنة صورتهم على صورة القمر ليلة البدر .قالوا
: ثمّ مَنْ ؛ يا رسول الله ؟ .قال : والذين على إثرهم كأشد كوكبٍ إضاءةً . قالوا : فما صفات هؤلاء وهؤلاء ؟. قال : قلوبهم تملؤها المحبة ، وكأنهم على قلب رجل
واحد ، لا اختلاف بينهم ولا تباغض ، لا يبصقون فيه ، ولا يتمخّطون ، ولا يتغوّطون ،
آنيتُهم فيها الذهب ، أمشاطُهم من الذهب والفضّة ، يتبخرون بعود الصندل ، وعرَقـُهم
المسك الزكيّ الرائحة ، ولكل منهم زوجتان يُرى مُخّ سوقهما من وراء اللحم من
الحُسن ، يسبحون الله بُكرة وعشيّاًقالوا : أهم كـُثـُرٌ ؛ يا رسول الله ؟.قال : سبع مئة ألف .
لا يدخل أولهم حتى يدخل
آخرهم. فأبواب الجنة عريضة تضمّهم جميعاً ، يدخلون
بغير حساب .قال عُكّاشة بن مِحصن : ادع اللهَ ؛ يا رسول الله أن أكون منهم . قال : أنت منهم . … فانتعشت
أوصال عُكّاشة ، وحمد الله وكبّر ، فليس من بشرى أفضل من هذه البشرى .قالوا : فزدنا توضيحاً يا رسول الله .قال : إن في الجنة لشجرة يسير الراكب في ظلالها
مئة عام لا يقطعها ! ، واقرأوا إن شئتم " وظلٍّ ممدود " ولَقابُ قوسِ أحدكم في الجنة خير مما طلعت
عليه الشمس أو غربتْ ، وإن موضع سوط أحدكم في الجنة خير من الدنيا وما فيها . قالوا : أمنازل المؤمنين فيها متساوية ؟.قال : لا ، إن أهل الجنة ينظرون إلى أهل الغرف من
فوقهم كما ينظر أحدكم إلى الكوكب الدريّ العالي في كبد السماء شرقاً وغرباً ، إن
مقام أهل الفردوس الأعلى عظيم عظيم .
قالوا : لعل تلك المنازل تخص الأنبياء فقط ؟.قال : لا ، والذي نفسي بيده ! إنها منازل رجال آمنوا بالله ، وصدّقوا المرسلين .رفع المسلمون أيديَهم إلى السماء ، وقالت قلوبهم قبل ألسنتهم :اللهم ؛ يا ربنا :
أمنا بك إيماناً يزداد بك
يقيناً ، وصدّقنا رسولك الكريم ، فاكتبنا في أهل الفردوس الأعلى ، وارزقنا الغـُرف
في علـّيـّيـن . آمين ، يا رب العالمين .
صحيح البخاري ج/ 4 كتاب بدء الخلق ، / باب ما جاء في صفة الجنة
بارك الله فيكي
والله يجعلنا واياكِ والجميع في الفردوس الاعلى من الجنة