صداع الراس، الشقيقة او الصداع النصفي (Migraine)، يمكن ان تكون معوقة عوارضها شديدة جدا، تجعل من المصابين بها يفكرون، احيانا، فقط بايجاد مكان مظلم وهادئ للاستلقاء. تفيد المعطيات ان حتى 17% من النساء و 6% من الرجال عانوا في السابق من نوبة الصداع النصفي.
في بعض الحالات تظهر علامات تحذير (اورة – Aura) لصداع الراس الشديد هذا، او تكون مصحوبة بعلامات مثل ومض الضوء، تشوش في الرؤية (Blurred Vision) او الشعور بوخز في الذراع او الرجل. كثيرا ما تكون الشقيقة مصحوبة باعراض اضافية، مثل الغثيان، التقيؤ، والحساسية المفرطة للضوء والضجيج. قد تكون الشقيقة شديدة لدرجة شل حركة المريض لعدة ساعات او حتى ايام.
لحسن الحظ، لقد طرا في العقد الاخير تحسنا ملحوظا على اساليب التعامل مع الشقيقة. من المفضل ان يقوم المرضى الذين استشاروا الطبيب في الماضي ولم ينجحوا في السيطرة على عوارض الشقيقة، بمعاودة استشارة الطبيب.
حتى الان، لا يوجد علاج شاف للمرض، ولكن الادوية تساهم في تقليل معدل ظهور الشقيقة ووقف الصداع بمجرد ان يبدا. تناول الادوية المناسبة، الى جانب قيام المريض باجراءات وتغييرات بنمط الحياة ممكن ان تؤدي الى تحول هائل في مجرى مرض الشقيقة.
أعراض الشقيقة
قد تكون نوبات اعراض الشقيقة النموذجية مصحوبة بجزء من الاعراض التالية او جميعها:
عادة ما تستمر نوبة الشقيقة ما بين 4 – 72 ساعة اذا لم يتم علاجها، اما تواتر النوبات فيختلف من شخص لاخر. قد تظهر الشقيقة عدة مرات في الشهر او مرة او مرتين فقط في السنة.
هناك تفاوت بحدة الشقيقة، لدى غالبية الاشخاص يظهر الصداع بدون علامات انذار سابقة. وقد سمي هذا النوع من الشقيقة في الماضي بالشقيقة الشائعة (Common Migraine).
بينما تظهر لدى جزء اخر من المرضى علامات انذار مبكرة (اورة – aura)، وقد سمي هذا النوع من الشقيقة في الماضي، بالشقيقة التقليدية (Classical Migraine).
صداع نصفي مع الاورة
يشعر الاشخاص بعوارض الانذار المبكر للشقيقة قبل 15 – 30 دقيقة من بدء الصداع. وقد تستمر علامات الانذار حتى بعد بدء الصداع، وممكن ان تبدا فقط بعد ظهور الصداع.
فيما يلي علامات الانذار المبكرة (اورة – aura) التي يشعر بها الناس:
في الحالات التي تظهر فيها العلامات المبكرة، وايضا في تلك التي لا تظهر فيها، قد يظهر شعور مبكر، قبل ساعات او يوم من بدء الصداع النصفي. وقد يشمل هذا الشعور:
علامات الصداع لدى الاطفال
تبدا الشقيقة بالظهور، عادة، في فترة الطفولة، في جيل المراهقة او لدى الشباب. وقد ينخفض تواترها او تكون اقل شدة مع البلوغ. وبالاضافة الى المعاناة الجسدية، تتسبب الشقيقة بالتغيب عن المدرسة، مراجعة اقسام الطوارئ في المستشفيات، وبالتالي تغيب الاهل القلقين عن اماكن عملهم.
تستمر نوبة الشقيقة لدى الاطفال لفترة اقصر منها لدى الكبار. بينما يمكن للالم ان يشل حركة المريض ويصاحبه شعور بالغثيان، التقيؤ، الدوخة والحساسية المفرطة للضوء (Photophobia). وعادة ما يشعر الاطفال بالشقيقة في كلا شقي الراس.
قد يشعر الطفل بكل علامات وعوارض الشقيقة: غثيان، تقيؤ، حساسية مفرطة للضوء والضجيج دون الشعور بصداع. هذا النوع يسمى الشقيقة البطنية (Abdominal Migraine) وعادة يكون من الصعب تشخيصه.
الامر المشجع هو ان جزء من الادوية الفعالة لدى البالغين، فعالة ايضا لدى لاطفال.
لا ينبغي ترك الاطفال يعانون من الالم وتشويشات الروتين اليومي التي تسببها الشقيقة. في حال كان الطفل يعاني من صداع، على الوالدين التوجه لطبيب الاطفال لاستشارته. قد يوجههم طبيب الاطفال لطبيب الامراض العصبية للاطفال.
أسباب وعوامل خطر الشقيقة
موضوع الصداع، بشكل عام، لا يزال غير مفهوم كليا، لكن بعض الباحثين يعتقدون ان مسبب الشقيقة هو التغييرات الحاصلة في عمل العصب الثلاثي التوائم (Trigeminal) بالاضافة الى خلل في توازن المواد الكيماوية في الدماغ، من بينها السيروتونين، الذي يعمل كمنظم لنقل اشارات الالم في هذا المسار.
في الوقت الذي يشعر فيه الشخص بالصداع تكون مستويات السيروتونين منخفضة. يعتقد الباحثون ان هذا ما يجعل العصب الثلاثي التوائم يفرز ببتيدات عصبية (Neuropeptides)، تتحرك نحو غشاء الدماغ الخارجي (السحايا – meninges)، فتؤدي الى توسع والتهاب الاوعية الدموية. والنتيجة حدوث الصداع.
العوامل التي تحفز نوبات الشقيقة :
بغض النظر عن الالية التي تؤدي للشعور بالصداع، هناك عوامل يمكنها ان تخفي الام الراس.
ومن بين ما يمكن ان تشمله محفزات الشقيقة المنتشرة:
تغيرات هورمونية، انواع اطعمة معينة، التوتر، مثيرات حسية، تغييرات في نمط النوم والاستيقاظ، عوامل جسدية، تغييرات بيئية وادوية.
لدى العديد من المصابين بمرض الشقيقة هناك تاريخ عائلي للاصابة بالشقيقة. فاذا كان كلا الوالدين لشخص ما مصابين بالشقيقة، فعلى الارجح ان يصاب هو ايضا بالمرض. حتى الاشخاص الذين عانى احد والديهم من صداع الشقيقة، معرضون لخطر الاصابة بمرض الشقيقة.
كما ان الشابات يعتبرن عرضة لخطر الاصابة بالشقيقة. وفي الواقع، فان خطر الاصابة بالشقيقة لدى النساء يفوق الخطر لدى الرجال بثلاثة اضعاف. خلال فترة الطفولة، تكون نسبة الاصابة بالصداع لدى البنات والبنين متساوية، بينما تكون النسبة مرتفعة اكثر وسط الشابات بعد جيل المراهقة مقارنة بالشبان.
الكثير من النساء اللواتي تعانين من الشقيقة، تشعرن بالصداع في الفترة التي تسبق الحيض او بعد فترة قصيرة من بدايته. ولهذا قد تحصل تغييرات على الصداع خلال فترة الحمل او بعد انقطاع الطمث (سن الاياس – menopause).
كما ان الكثير من النساء اشرن الى حدوث تحسن في حالة الشقيقة، في المراحل المتاخرة من الحمل، فيما اشارت اخريات الى اشتداد الالم خلال الاشهر الثلاث الاولى من الحمل.
لدى النساء اللواتي تتاثر الشقيقة لديهن من الحمل والدورة الشهرية، يحتمل ازدياد شدة الصداع لديهن عقب استعمال حبوب منع الحمل او علاج هورموني بديل (HRT).
مضاعفات الشقيقة
قد يؤدي علاج الصداع نفسه الى بعض المشاكل. فمضادات الالتهاب غير الستيروئيدية (NSAID)، مثل الايبوبروفين (Ibuprofen) (ادفيل – advil وغيره) والاسبيرين (Aspirin) من الممكن ان تسبب الام في البطن، نزيفا وقرحة (ulcers)، خاصة عند اولئك الذين يتناولون جرعات كبيرة او يتناولون الدواء لفترات طويلة.
بالاضافة الى ذلك، فان الاشخاص الذين يتناولون ادوية دون وصفة طبية، او حتى مع وصفة طبية، اكثر من مرتين او ثلاث اسبوعيا او بكميات مفرطة يعرضون انفسهم لمضاعفات خطيرة معروفة باسم الصداع المرتد (Rebound Headache)، صداع متكرر.
يظهر الصداع المرتد في الحالات التي تفشل فيها الادوية في منع الصداع بل تصبح هي سببا للصداع. ونتيجة لذلك، يتناول الشخص المزيد من الادوية ويقع فريسة دائرة قاسية.
متلازمة السيروتونين (Serotonin Syndrome):
هي تفاعل بين الادوية التي من الممكن ان تؤدي للموت. قد تظهر هذه المتلازمة عند تناول ادوية لعلاج الشقيقة من عائلة التريبتان (triptans) مثل السومتريبتان (Sumatriptan) (ايميتركس – Imitrex) او الزولميتربتان (zolmitriptan)، مع ادوية مضادة للاكتئاب تسمى مثبطات اعادة امتصاص السيروتونين الاختيارية (SSRI) او مع مثبطات اعادة امتصاص السيروتونين والنورابينفرين (Norepinephrine) الاختيارية (SNRI).
الادوية المثبطة لاعادة امتصاص السيروتونين الاختيارية (SSRI) شائعة جدا وتشمل: زولوفات (Zoloft)، بروزاك (Prozac) وباكسيل (Paxil). ايضا الادوية المثبطة لاعادة امتصاص السيروتونين والنورابينفرين الاختيارية (SNRI) شائعة وتشمل السيمبالتا (cymbalta) والفينلافكسين (Venlafaxine). ومن حسن الحظ، ان متلازمة السيروتونين نادرة.
تشخيص الشقيقة
لدى الاشخاص الذين يعانون من الشقيقة التقليدية (Classical Migraine)، او الذين لهم تاريخ عائلي في مجال الشقيقة، من المحتمل ان يشخص الطبيب المرض من خلال التاريخ الطبي والفحص البدني. بينما اذا كان الصداع غير تقليدي، شديد او مفاجئ سيوصى الطبيب بالخضوع لعدة فحوصات، بهدف التاكد من عدم وجود عوامل اخرى ممكن ان تؤدي للصداع.
من هذه الفحوصات:
علاج الشقيقة
هناك العديد من الادوية التي تم تطويرها، تساهم في علاجالصداع النصفي. وبالاضافة، هناك ادوية تستخدم عادة لعلاج امراض اخرى ولكنها قد تساعد في تخفيف الصداع او منعه.
يمكن تقسم ادوية علاج الشقيقة الى مجموعتين:
1: علاج الشقيقة بمسكنات الالم.
2: علاج الشقيقة بادوية وقائية.
اختيار الاستراتيجية الملائمة لكيفية علاج الشقيقة يتم بعد الاخذ بالحسبان تواتر وشدة الصداع ومدى تاثيره على قدرة المريض على ادارة اموره اليومية ووضعه الصحي.
يمكن للمرشحين للعلاج بادوية وقائية من الشقيقة ان يكونوا اشخاصا يعانون من نوبات تعطل قدرتهم على ادارة امورهم اليومية، يصابون بنوبتين او اكثر شهريا، يتناولون المسكنات اكثر من مرتين اسبوعيا، والاشخاص الذين لم تعد تفيدهم مسكنات الالام، او الاشخاص الذين تشمل علامات وعوارض الشقيقة لديهم علامات تحذير (aura) متواصلة، تخدر او اضطرابات حركية في جانب واحد من الجسم.
الجدير ذكره ايضا، ان هناك ادوية غير محبذة للاستعمال من قبل النساء الحوامل او النساء المرضعات. بعض الادوية غير ملائمة للاطفال. ويستطيع الطبيب ان يساعد في ايجاد الدواء الانسب لكل مريض.
مسكنات الالم:
يتم تحقيق افضل نتيجة عند تناول المسكنات فور ظهور علامات وعوارض الشقيقة. ويمكن للراحة او النوم في غرفة مظلمة بعد تناول المسكنات التالية، ان تساعد على تخفيف الالم:
ادوية وقائية وعلاج الشقيقة:
يمكن للعلاج الوقائي ان يقلل من تواتر، شدة ومدة الشقيقة، وان يزيد من نجاعة الادوية وعلاج الشقيقة وعوارضها، والتي يتم استخدامها اثناء حدوث نوبات الالم. قد يوصي الطبيب بتناول ادوية الوقاية يوميا او فقط في الحالات التي تشمل محفزات يمكنها ان تثير نوبات الشقيقة، كالايام التي تسبق فترة الحيض، مثلا.
في معظم الحالات، لا تنجح ادوية الوقاية بمنع الصداع كليا، ولبعضها تاثيرات جانبية خطيرة جدا.
للحصول على افضل النتائج يجب استشارة الطبيب قبل تناول الادوية التالية:
الوقاية من الشقيقة
الوقاية هو علاج الشقيقة الافضل!
سواء كنت تتناول مسكنات الالام ام لا، هناك بضع تغييرات في نمط الحياة بامكانها المساهمة في تقليل عدد نوبات الشقيقة وتخفيف حدتها.
نصيحة واحدة او اكثر مما يلي يمكنها المساعدة:
العلاجات البديلة
علاج الشقيقة بطرق بديلة، من الممكن ان يساعد الاشخاص الذين يعانون من صداع نصفي مزمن: