الكثير من الناس يختلط عليهم الفرق بين إنسان متخلف عقلياً أو إنسان "مجنون"
كما نقول بالعامية، وهو المعنى العلمي للإنسان المريض عقلياً.
إذاً فهناك خلط بين مفهوم التخلف العقلي ومفهوم المرض العقلي
الذي نطلق عليه بالعامية "الجنون". من هذا المنطلق ارتأيت أن ألقي الضو
على كلا المفهومين. وسنتطرق أولاً لمعنى التخلف العقلي, ومن هو المتخلف عقلياً
ثم نتطرق لمفهوم المرض العقلي ومن هو المريض عقلياً، وسنشرح الفرق بينهما.
* ما هو التخلف العقلي؟
هو انخفاض وتدهور في الوظائف العقلية العامة أو توقف تطور ونمو العقل
مما يؤدى إلى نقص معدّل الذكاء الذي لا يسمح للفرد بحياة مستقلة وحماية نفسه
من الأخطار العادية نتيجة نقص في قدراته العقلية أو الفكرية. ويعرّفه البعض الآخر
على أنه حالة من عدم تكامل نمو خلايا الدماغ أو توقف نمو أنسجته منذ الولادة أو في
السنوات الأولى من الطفولة لسببٍ ما. ويعرّفه آخرون على أنه نقص في الذكاء
الذي ينشأ عنه نقصٌ في التعلُّم والتكيف مع البيئة على أن يبدأ ذلك قبل بلوغ الثامنة عشر
من العمر. إذاً فالتخلف العقلي هو خللٌ في المقدرة العقلية يحدث منذ الولادة
أو في فترات الطفولة المبكرة.
* يقسم التخلف العقلي إلى أربعة أقسام وهي:
1. التخلف العقلي الخفيف.
2. التخلف العقلي المتوسط.
3. التخلف العقلي الشديد.
4. التخلف العقلي العميق.
الإنسان المتخلف عقلياً هو ذلك الإنسان الذي يتوقف نمو عقله في سن مبكرة
ويستمر نموه الجسدي,الأمر الذي يخلق فجوةً بين عمره العقلي وعمره الزمني
فنجد أن المتخلف عقلياً هو طفلٌ في جسم بالغ.
* من هو المريض عقلياً "المجنون"؟
تنتج الكثير من الأمراض العقلية عن تغيرات كيميائية أو تلف في المخ. والمصاب
يتكلم ويتصرف بشكل غير طبيعي، ووظائفه العقلية والجسدية تكون في المخ
في حالة غير طبيعية وبحالة اضطراب شديد. ومن أعراض الأمراض العقلية أيضاً: العزلة والانسحاب عن الناس, وسماع أصوات غريبة ورؤية أشياء غير موجودة في الواقع, وسلوك سلبي تجاه الأحداث وانعدام المسئولية, يهمل نفسه وملابسه ونظافته الشخصية,
ويعاني من قلة التركيز, ومن وساوس وهمية مرتبطة بشعور الفرد بالمخاوف والاضطهاد
والظلم والحسد ممن حوله, وشعور الفرد بعدم فهم الآخرين له, وإحساس الفرد بأن الناس
تتكلم عنه بالسوء, والمغالاة والغرور، وينسب لنفسه شخصيات عظيمة مثل (أنا ملك عظيم)،
وحالات متعاقبة من الشعور بالحزن الشديد أو الفرح الشديد دون سبب مباشر, وحالات نشاط
مستمرة غير عادية, وكثرةالكلام في مواضيع غير مترابطة, وأحياناً يشتد في الصياح وينفعل
ويزعق وقد يحطم الأشياء وقد يصبح عدوانياً, يضحك كثيراً وبصوتٍ عالٍ.
إن أغلب الأمراض النفسية والعقلية تمكن الوقاية منها أو السيطرة عليها بشكل أفضل
إذا تم التعرف عليها مبكراً، وبالتالي لا يجب التأخير في طلب المساعدة
والاستشارة النفسية من المختصين حتى لو ظهرت المشكلة فجأة.
* العوامل التي تسبب الأمراض النفسية والعقلية
هناك عوامل كثيرة تلعب دوراً مباشراً أو غير مباشر في إصابة الفرد بالأمراض النفسية والعقلية
منها: تغيرات كيمائية في المخ, العوامل الوراثية, الأحداث السيئة في الطفولة, الجو الأسري
المضطرب أو المفكك, عوامل اجتماعية كالفقر والبطالة وعدم توفر السكن الملائم.
* الفروق بين التخلف العقلي وبين المرض العقلي "الجنون":
1. التخلف العقلي يكون منذ الولادة أو في الطفولة المبكرة, أما المرض العقلي فيظهر في فترات
متقدمة من العمر نسبياً.
2. وجود خلل في النمو الحركي لدى المتخلفين عقليا عادةً. هذا الأمر لا يكون لدى المريض عقلياً.
3. بطء في النمو اللغوي لدى المتخلف عقلياً. أما لدى المريض عقلياً فالنمو اللغوي يكون طبيعياً ولكنه
مشوش وغريب.
4. قدرة التعلم لدى المتخلف عقلياً تكون منخفضة وبطيئة. أما المريض عقلياً فيكون التعلم لديه اختيارياً,
أي قد يتعلم أموراً معينة بدرجة ممتاز وأموراً أخرى يكون فيها سيئاً.
5. المتخلف عقلياً يكون قليل الانتباه للمحفزات. أما المريض عقلياً فيكون شديد التأثر والحساسية
للمحفزات.
6. سلوك المتخلف عقلياً يتميز بالتكرار. أما المريض عقلياً فيتميز سلوكه بالغرابة.
7. كلام المتخلف عقلياً قليل وموجز. أما المريض عقلياً فكلامه يتميز بعدم التواصل مع الآخرين وعدم
الواقعية.
تحياتي للجميع