تخطى إلى المحتوى

الوقوع في المحظور والرجوع منه 2024

الوقوع في المحظور والرجوع منه



ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلاً”



إنها كلمة ثقيلة… ثقيلة في حروفها وثقيلة في نطقها وثقيلة أيضا في كتابتها وأيضا.. في ميزان السيئات في الملأ الأعلى لدى رب العالمين… ولكن دعونا نواجه الواقع المؤلم ولا نزعم أن هذه الفعلة الشنعاء بعيدة عن الشباب أيا كان مستواهم الاجتماعي، بل أيا كانت ثقافتهم الدينية وإلمامهم بمدى حرمة هذه الخطئية..
وليس هذا مجالاً عموماً نناقش فيه الأسباب التي تدفع إلى الزنا أو المبررات التي يركن إليها فاعله وفاعلته، ولكن، في هذه الأيام التي في شهر من أجمل شهور السنة والتي ستنطوي معه صفحة الأوكازيون وكنوزه المتاحة للجميع يجب أن نتنبه لشيء آخر وهو كيفية تطهير سجلاتنا من هذا الكم المؤلم من الذنوب بأن يتفرغ جميع من لهم هذا الرصيد السلبي إلى الله في ليالي وأسحار هذه الأيام المباركة الكريمة حتى يغفر ما فعلوا، وأن يتوبوا التوبة النصوح ذات الشروط الثلاثة:
• التوقف فوراً عن هذا العمل أو أي عمل يقرب إليه ولو من بعيد.
• الندم الشديد الصادق على هذه الأفعال بعد استحضارها وتأنيب النفس ولومها الشديد من أجل ذلك الزلل.
• العزم الصادق واستحضار الإرادة الحقيقية والقوى الخفية من داخل جنبات النفس على عدم العودة لمثل ذلك ولو تيسرت الأمور.
وقد يظن البعض من أصدقائي منكم أن الأمر يخص فقط من قام بالزنا كاملاً -أي بالإتيان الكامل والإيلاج- ولكننا نعلم جميعاً أن الله سبحانه وتعالى قال في كتابه العزيز “ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلاً” سورة الإسراء(32).
حقاً، إن النص القرآني وحده يستحق التأمل والتفكر!! فلنلحظ قول الله تعالى:”لا تقربوا”.. أي لابد من حفظ المسافات الكافية لتقينا شر الوقوع في درجات الزنا، فكما نعلم أنه جاء عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أن العين تزني واليد تزني والرجل تزني، أما الزنا الكامل فهو ما يقام عليه حد الجلد أو الرجم…
شيء آخر أود أن أختم به الحديث عن هذا المحور الثالث والمهم وهو مسألة المفاخرة بالمجاهرة، فقد دأب بعض الشباب على ذكر مآثرهم في المغامرات الجنسية أمام بعضهم البعض بغية التفاخر في هذا المضمار الحرام، وإني لأشفق على أولئك من المصير الذي هم غافلون عنه، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “كل أمتي معافى إلا المجاهرين”، فهم يضحون بستر الله الذي سبله عليهم وبنعمته عليهم بعدم فضح أمرهم، وهم الذين يفعلون ذلك، فلتقلعوا يا أصدقائي عن هذه العادة السيئة ولو في صغائر الذنوب فما بالكم في كبائرها؟! فلينجز الذين بدءوا مشوار التوبة والاستغفار مهمتهم فيما تبقى من أيام رمضان، وليلحق الذين تأخروا في ذلك وليأخذوا على عاتقهم مهمة الاستغفار الجاد والمخلص وليعاهدوا أنفسهم ويقسموا ألا يدعوا هذا الوقت دون أقصى جهد يحقق لهم مغفرة الله تعالى عن كل ما ارتكبوا من ذنوب في سابق أيام حياتهم ومن منا لا يحتاج إلى ذلك؟!!
أما تتويج أيام رمضان فهو التفوق في العبادة حقاً، وبالطبع هناك فرق بين من ينزل اسمه في كشوف الناجحين، ومن يتصدر اسمه كشوف المتفوقين.. قال الله تعالى “فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز” سورة آل عمران( 185) فتعالوا نحاول أن نكون من الفائزين..
أصدقائي الأحباء… إن أقل الطاعات إذا سبقتها نية سليمة وعميقة ومخلصة يمكن أن تكون طريقنا للعتق من النار، وقد أرشدنا الرسول صلى الله عليه وسلم لمثال من هذا القبيل حين قال “عينان لا تمسهما النار: عين بكت من خشية الله، وعين باتت تحرس في سبيل الله” والذي يجمع بين هاتيين العينين هو الإخلاص، فمن يصل لدرجة ذرف الدمع في العبادة فهو أعلى مراحل العبادة المخلصة، ومن بات يحرس في سبيل الله فليس عليه رقيب إلا الله ونفسه، وكون النفس أمارة بالسوء، فذلك يزيد الحمل عليه في مجاهدة النفس التي تفوق في أجرها الجهاد في سبيل الله، فالنفس ترافق الإنسان طوال الوقت، لا رقيب عليهما إلا الله سبحانه وتعالى، وبالذات في رمضان حيث تسلسل الشياطين كما ورد في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم ولا يبقى للإنسان إلا نفسه يصارعها، والله يقوى به وبمعيته له طوال الوقت، واستحضار نموذج الرسول صلى الله عليه وسلم والاقتداء به. وإني لأزعم أن هذا هو طريق العتق من النار، وخاصة حين يكون الشيء الذي توسوس به النفس هو شيء ينطوي على متعة دنيوية كبيرة قد يتراءى للإنسان بإدراكه المحدود أنه لا يقدر على أن يسلاها ولكن يا أصدقائي هذا هو المضمار، وتلك هي قواعد اللعبة، وذاك هو الشهر الكريم، وها هو كنزه سبحانه وتعالى في هذه الأيام المباركة ألا وهو العتق من النار… ياللروعة… أتدركون يا أصدقائي الأحباء قيمة هذه العطية؟ أتدركون معنى أن يجتمع الناس في يوم الحشر، ثم تأتي زمرة منهم يدعون إلى جنة الخلد دون عقاب.. “اللهم اجعلنا منهم يارب العالمين”.
إنها خاتمة لو تعلمون عظيمة!! يا أصدقائي وصديقاتي، إنكم من الموعودين بهذه الخاتمة إن شاء الله لو جاهدتم أنفسكم حق جهادها وفزتم على شهواتكم في مضمار الصراع مع إلحاح مغضبات الله المختلفة من حولكم، وخاصة غلبة الرغبة الجنسية والشهوة العاطفية التي قد تقود الضعفاء منكم إلى ما يغضبه سبحانه وتعالى فتجدهم يفوتون على أنفسهم المكافأة التي قد يوزعها الله على الفائزين لقاء إجادتهم فيما كان منهم من عبادات أقيمت على خير ما يرام، استثمروا فيها موسم الرحمة ثم أتبعوه بالاستفادة القصوى والجائزة الكبرى ألا وهي العتق من النار، هذه هو الجوهرة المكنونة في خزائن رحمة الله وصناديق مغفرته، فلنسعَ جميعاً يا أصدقائي لأن نعتق أجسادنا عضوا عضوا من النار بأن نبتعد جميعاً عما نهى الله عنه، فلا نغتاب أحدا، فنعتق ألسنتنا وأفواهنا، ولا نمسك بشيء حرم علينا فنعتق أيدينا، ولا نذهب لمكان نهانا الله عنه، فنعتق أرجلنا، و… ولنجاهد أنفسنا حق جهادها كما أسلفت، فكلما صعبت المهة زاد الأجر، وأخص هنا توصيتكم بحفظ فروجكم حتى الزواج، حتى تحفظوا عفافكم وتصونوا أنفسكم، وذلك جهادكم الأعظم والأكبر في هذه السن الحديثة، فليكن هذا طريقكم إلى العفة.


    بوركتي يا أختي
    "اللهم اغفر لنا خطايانا إنا كنا من الظالمين"
    أسعدنى مروركم الكريم

    اترك تعليقاً

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

    هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.