(حديث مرفوع)
حَدَّثنا سُفْيَانُ ، قَالَ : حَدَّثنا الزُّهْرِيُّ ، عَنْ عُرْوَةَ ، عَنْ عَائِشَةَ ، أَنَّ رَهْطًا مِنَ الْيَهُودِ دَخَلُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالُوا : السَّامُ عَلَيْكَ أَبَا الْقَاسِمِ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " عَلَيْكُمْ " ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ : بَلْ عَلَيْكُمُ السَّامُ وَاللَّعْنَةُ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " يَا عَائِشَةُ ! إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُحِبُّ الرِّفْقَ فِي الأَمْرِ كُلِّهِ " ، قَالَتْ : قُلْتُ : أَوَلَمْ تَسْمَعْ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا قَالُوا ؟ قَالُوا : السَّامُ عَلَيْكُمْ ، فَقَالَ : " قَدْ قُلْتُ عَلَيْكُمْ " . قَالَ أَبُو بَكْرٍ : وَكَانَ سُفْيَانُ رُبَّمَا قَالَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ : وَعَلَيْكُمْ ، فَإِذَا وَقَفَ عَلَيْهِ تَرَكَ الْوَاوَ .
لحمد لله والصلاة والسلام على سيد ولد آدم محمد خاتم الأنبياء والرسل وعلى آله وصحبه وعلى كل من عزره ووقره وآزره ونصره متبعا هداه إلى اليوم الموعود الذي يجمع فيه الواحد القهار الأولين و الآخرين فيناديهم ، فيقول : ( مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ ) ؟ فالسعيد من أجابهم بالتصديق والطاعة والإتباع ، والشقي من كذب وعصى وابتدع … ( فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ) (الشورى : 7 ) …
أما بعد ،
فإن تحيةَ اللهِ وملائكتِه والمومنين على المبعوث رحمة للآنام صلاةٌ وسلامٌ ، فما كانت " تحية " اليهود الذين قال فيهم الله تعالى : ( وَإِذَا جَاؤُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ ) (المجادلة : 8 ) ؟؟
٭ قال ابن كثير رحمه الله ، قوله تعالى: ( وإذا جاءوك حيوك بما لم يحيك به الله ) = قال ابن أبي حاتم …عن عائشة قالت: دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم يهود فقالوا : السام عليك يا أبا القاسم …فقالت عائشة: وعليكم السام .. قالت: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « يا عائشة إن الله لا يحب الفحش ولا التفحش» ، قلت: ألا تسمعهم يقولون السام عليك ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :« أو ما سمعت أقول وعليكم »؟ فأنزل الله تعالى: {وإذا جاءوك حيوك بما لم يحيك به الله} … وفي رواية في الصحيح أنها قالت لهم: عليكم السام والذام واللعنة, وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال «إنه يستجاب لنا فيهم ولا يستجاب لهم فينا».
وقال ابن جرير: … عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بينما هو جالس مع أصحابه إذ أتى عليهم يهودي, فسلم عليهم فردوا عليه فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم : «هل تدرون ما قال ؟» .. قالوا : سلم يا رسول الله …قال : «بل قال سام عليكم» أي تسامون دينكم …. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «ردوه»… فردوه عليه ، فقال نبي الله، «أقلت سام عليكم ؟» قال: نعم … فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إذا سلم عليكم أحد من أهل الكتاب فقولوا عليك» أي عليك ما قلت…
٭ ٭ روى مالك عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ الْيَهُودَ إِذَا سَلَّمَ عَلَيْكُمْ أَحَدُهُمْ فَإِنَّمَا يَقُولُ السَّامُ عَلَيْكُمْ فَقُلْ عَلَيْكَ …
٭ قال صاحب المنتقى شرح الموطأ
وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: ( فَإِنَّمَا يَقُولُ السَّامُّ عَلَيْكُمْ ) يُرِيدُ أَنَّهُمْ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ كَمَا وَصَفَهُمْ اللَّهُ سُبْحَانَهُ فَيَقُولُونَ مَكَانَ " السَّلَامُ عَلَيْكُمْ " السَّامُّ ، وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: وَالسَّامُّ الْمَوْتُ… فَأَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم أَنْ يَقُولَ لَهُمْ الرَّادُّ عَلَيْهِمْ: عَلَيْكُمْ … فَيَرُدُّ مَا دَعَوْا بِهِ مِنْ الشَّرِّ عَلَيْهِمْ ، قَالَ عِيسَى بْنُ دِينَارٍ وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ ، وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ : لَا يُرَدُّ عَلَى الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى ، فَإِنْ رَدَدْت فَقُلْ : عَلَيْك… وَهَذَا قَوْلُ عِيسَى بْنِ دِينَارٍ ؛ لِأَنَّهُ مَنَعَ أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهِمْ بِغَيْرِ هَذَا اللَّفْظِ ، وَإِنَّمَا يَنْبَغِي الرَّدُّ عَلَيْهِمْ فِي رِوَايَةِ ابْنِ وَهْبٍ وَأَشْهَبَ عَنْ مَالِكٍ أَنْ يُرَدَّ عَلَيْهِمْ السَّلَامُ وَذَلِكَ غَيْرُ مَشْرُوعٍ بَلْ هُوَ مَمْنُوعٌ …وَالْمَشْرُوعُ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يُرَدَّ عَلَيْهِ قَوْلَهُ ، وَقَدْ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْقَاسِمِ مَنْ سَلَّمَ عَلَيْهِ ذِمِّيٌّ فَلَا يَرُدَّ عَلَيْهِ وَلْيَقُلْ : عَلَيْك … فَاقْتَضَى هَذَا أَنَّ الرَّدَّ هُوَ رَدُّ السَّلَامِ وَأَنَّ قَوْلَهُ وَعَلَيْك لَيْسَ بِرَدٍّ لِلسَّلَامِ يُرِيدُ وَإِنَّمَا هُوَ رَدٌّ لِقَوْلِهِ ، وَقَدْ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ( وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا ) (النساء : 86 )… فَقَالَ عَطَاءٌ الْآيَةُ فِي أَهْلِ الْإِسْلَامِ خَاصَّةً ، وَهَذَا مُقْتَضَى قَوْلِ مَالِكٍ فَإِنَّهُ مَنَعَ أَنْ يُرَدَّ عَلَى الْيَهُودِ بِأَحْسَنَ مِمَّا حَيُّوا بِهِ وَهُوَ مَعْنَى حَدِيثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم .
٭ ٭ ومما روى البخاري
1- عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ دَخَلَ رَهْطٌ مِنْ الْيَهُودِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا : السَّامُ عَلَيْكُمْ …قَالَتْ عَائِشَةُ : فَفَهِمْتُهَا فَقُلْتُ: وَعَلَيْكُمْ السَّامُ وَاللَّعْنَةُ …قَالَتْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَهْلًا يَا عَائِشَةُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الرِّفْقَ فِي الْأَمْرِ كُلِّهِ… فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَوَلَمْ تَسْمَعْ مَا قَالُوا ؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : قَدْ قُلْتُ وَعَلَيْكُمْ …
٭ قال ابن حجر رحمه الله
– قَوْله ( وَاللَّعْنَة ) يَحْتَمِل أَنْ تَكُون عَائِشَة فَهِمَتْ كَلَامهمْ بِفِطْنَتِهَا فَأَنْكَرَتْ عَلَيْهِمْ وَظَنَّتْ أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ظَنَّ أَنَّهُمْ تَلَفَّظُوا بِلَفْظِ السَّلَام فَبَالَغَتْ فِي الْإِنْكَار عَلَيْهِمْ ، وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون سَبَقَ لَهَا سَمَاع ذَلِكَ مِنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا فِي حَدِيثَيْ اِبْن عُمَر وَأَنَس فِي الْبَاب ، وَإِنَّمَا أَطْلَقَتْ عَلَيْهِمْ اللَّعْنَة إِمَّا لِأَنَّهَا كَانَتْ تَرَى جَوَاز لَعْن الْكَافِر الْمُعَيَّن بِاعْتِبَارِ الْحَالَة الرَّاهِنَة لَا سِيَّمَا إِذَا صَدَرَ مِنْهُ مَا يَقْتَضِي التَّأْدِيب ، وَإِمَّا لِأَنَّهَا تَقَدَّمَ لَهَا عِلْم بِأَنَّ الْمَذْكُورِينَ يَمُوتُونَ عَلَى الْكُفْر فَأَطْلَقَتْ اللَّعْن وَلَمْ تُقَيِّدهُ بِالْمَوْتِ ، وَاَلَّذِي يَظْهَر أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرَادَ أَنْ لَا يَتَعَوَّد لِسَانها بِالْفُحْشِ ، أَوْ أَنْكَرَ عَلَيْهَا الْإِفْرَاط فِي السَّبّ…
-وقَوْله : " إِنَّ اللَّه يُحِبّ الرِّفْق فِي الْأَمْر كُلّه "
فِي حَدِيث عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَة عِنْدَ مُسْلِم " إِنَّ اللَّه رَفِيق يُحِبّ الرِّفْق ، وَيُعْطِي عَلَى الرِّفْق مَا لَا يُعْطِي عَلَى الْعُنْف " وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يَتَأَتَّى مَعَهُ مِنْ الْأُمُور مَا لَا يَتَأَتَّى مَعَ ضِدّه ، وَقِيلَ : الْمُرَاد يُثِيب عَلَيْهِ مَا لَا يُثِيب عَلَى غَيْره ، وَالْأَوَّل أَوْجَه . وَلَهُ فِي حَدِيث شُرَيْحِ بْن هَانِئ عَنْهَا " إِنَّ الرِّفْق لَا يَكُون فِي شَيْء إِلَّا زَانَهُ ، وَلَا يُنْزَع مِنْ شَيْء إِلَّا شَانَهُ " وَفِي حَدِيث أَبِي الدَّرْدَاء " مَنْ أُعْطِيَ حَظّه مِنْ الرِّفْق فَقَدْ أُعْطِيَ حَظّه مِنْ الْخَيْر " الْحَدِيث ، وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيّ وَصَحَّحَهُ وَابْن خُزَيْمَةَ وَفِي حَدِيث جَرِير عِنْدَ مُسْلِم " مَنْ يُحْرَم الرِّفْق يُحْرَم الْخَيْر كُلّه "
2 – عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ يَهُودَ أَتَوْا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا : السَّامُ عَلَيْكُمْ … فَقَالَتْ عَائِشَةُ : عَلَيْكُمْ ، وَلَعَنَكُمْ اللَّهُ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ … قَالَ: مَهْلًا يَا عَائِشَةُ عَلَيْكِ بِالرِّفْقِ وَإِيَّاكِ وَالْعُنْفَ وَالْفُحْشَ… قَالَتْ : أَوَلَمْ تَسْمَعْ مَا قَالُوا ؟ قَالَ : أَوَلَمْ تَسْمَعِي مَا قُلْتُ ؟ رَدَدْتُ عَلَيْهِمْ فَيُسْتَجَابُ لِي فِيهِمْ وَلَا يُسْتَجَابُ لَهُمْ فِيَّ .
قوله :" فَيُسْتَجَاب لِي فِيهِمْ وَلَا يُسْتَجَاب لَهُمْ فِيَّ " قَالَ الْخَطَّابِيُّ مَا مُلَخَّصه : إِنَّ الدَّاعِي إِذَا دَعَا بِشَيْءٍ ظُلْمًا فَإِنَّ اللَّه لَا يَسْتَجِيب لَهُ وَلَا يَجِد دُعَاؤُهُ مَحَلًّا فِي الْمَدْعُوّ عَلَيْهِ اِنْتَهَى . وَلَهُ شَاهِد مِنْ حَدِيث جَابِر قَالَ " سَلَّمَ نَاس مِنْ الْيَهُود عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا : السَّام عَلَيْكُمْ . قَالَ وَعَلَيْكُمْ . قَالَتْ عَائِشَة وَغَضِبَتْ : أَلَم تَسْمَع مَا قَالُوا ؟ قَالَ : بَلَى قَدْ رَدَدْت عَلَيْهِمْ فَنُجَاب عَلَيْهِمْ وَلَا يُجَابُونَ فِينَا " أَخْرَجَهُ مُسْلِم ، وَالْبُخَارِيّ فِي " الْأَدَب الْمُفْرَد " .
3- عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ الْيَهُودَ أَتَوْا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا السَّامُ عَلَيْكَ قَالَ وَعَلَيْكُمْ فَقَالَتْ عَائِشَةُ : السَّامُ عَلَيْكُمْ وَلَعَنَكُمْ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْكُمْ… فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَهْلًا يَا عَائِشَةُ عَلَيْكِ بِالرِّفْقِ وَإِيَّاكِ وَالْعُنْفَ أَوْ الْفُحْشَ… قَالَتْ: أَوَلَمْ تَسْمَعْ مَا قَالُوا؟ قَالَ: أَوَلَمْ تَسْمَعِي مَا قُلْتُ ؟ رَدَدْتُ عَلَيْهِمْ فَيُسْتَجَابُ لِي فِيهِمْ وَلَا يُسْتَجَابُ لَهُمْ فِيَّ..
٭ قال ابن حجر رحمه الله
وَلِأَحْمَد مِنْ طَرِيق مُحَمَّد بْن الْأَشْعَث عَنْ عَائِشَة فِي نَحْو حَدِيث الْبَاب " فَقَالَ : مَهْ ، إِنَّ اللَّه لَا يُحِبّ الْفُحْش وَلَا التَّفَحُّش ، قَالُوا قَوْلًا فَرَدَدْنَاهُ عَلَيْهِمْ ، فَلَمْ يَضُرّنَا شَيْء وَلَزِمَهُمْ إِلَى يَوْم الْقِيَامَة " … وَيُسْتَفَاد مِنْهُ أَنَّ الدَّاعِي إِذَا كَانَ ظَالِمًا عَلَى مَنْ دَعَا عَلَيْهِ لَا يُسْتَجَاب دُعَاؤُهُ ، وَيُؤَيِّدهُ قَوْله تَعَالَى : ( وَمَا دُعَاء الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَال ) (الرعد : 14 )
– وَالْعُنْف " بِضَمِّ الْعَيْن وَيَجُوز كَسْرهَا وَفَتْحهَا ، وَهُوَ ضِدّ الرِّفْق .
– والْفُحْشِ ، َهُوَ الزِّيَادَة عَلَى الْحَدّ فِي الْكَلَام السَّيِّئ ، وَالْمُتَفَحِّش الْمُتَكَلِّف لِذَلِكَ
4 – عَنْ هِشَامِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ مَرَّ يَهُودِيٌّ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: السَّامُ عَلَيْكَ… فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَعَلَيْكَ … فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَتَدْرُونَ مَا يَقُولُ ؟ قَالَ السَّامُ عَلَيْكَ… قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلَا نَقْتُلُهُ ؟ قَالَ : لَا … إِذَا سَلَّمَ عَلَيْكُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ فَقُولُوا وَعَلَيْكُمْ….
٭ قال ابن حجر رحمه الله
– فِي رِوَايَة الطَّيَالِسِيّ أَنَّ الْقَائِل أَلَا نَقْتُلهُ عُمَر . وَالْجَمْع بَيْن هَذِهِ الرِّوَايَات أَنَّ بَعْض الرُّوَاة حَفِظَ مَا لَمْ يَحْفَظ الْآخَر ، وَأَتَمّهَا سِيَاقًا رِوَايَة هِشَام بْن زَيْد هَذِهِ ، وَكَأَنَّ بَعْض الصَّحَابَة لَمَّا أَخْبَرَهُمْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ الْيَهُود تَقُول ذَلِكَ سَأَلُوا حِينَئِذٍ عَنْ كَيْفِيَّة الرَّدّ عَلَيْهِمْ كَمَا رَوَاهُ شُعْبَة عَنْ قَتَادَة ، وَلَمْ يَقَع هَذَا السُّؤَال فِي رِوَايَة هِشَام بْن زَيْد ، وَلَمْ تَخْتَلِف الرُّوَاة عَنْ أَنَس فِي لَفْظ الْجَوَاب وَهُوَ " وَعَلَيْكُمْ " بِالْوَاوِ وَبِصِيغَةِ الْجَمْع .
+ رواية الطيالسي في مسنده : حدثنا أبو داود قال : حدثنا شعبة ، عن هشام بن زيد ، عن أنس ، أن رجلا من أهل الكتاب سلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : « السام عليك » فقال عمر : يا رسول الله أنا أضرب عنقه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إذا سلم عليك أهل الكتاب ، فقولوا : وعليكم »
5- حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ عَنْ ابْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ اسْتَأْذَنَ رَهْطٌ مِنْ الْيَهُودِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا : السَّامُ عَلَيْكَ … فقُلْتُ: بَلْ عَلَيْكُمْ السَّامُ وَاللَّعْنَةُ …فَقَالَ: يَا عَائِشَةُ إِنَّ اللَّهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ فِي الْأَمْرِ كُلِّهِ … قُلْتُ : أَوَلَمْ تَسْمَعْ مَا قَالُوا ؟ قَالَ : قُلْتُ وَعَلَيْكُمْ .
٭ قال ابن حجر رحمه الله
قَالَ اِبْن بَطَّال : فَسَّرَ أَبُو عُبَيْد السَّام بِالْمَوْتِ ، وَذَكَرَ الْخَطَّابِيُّ أَنَّ قَتَادَة تَأَوَّلَهُ عَلَى خِلَاف ذَلِكَ ، فَفِي رِوَايَة عَبْد الْوَارِث بْن سَعِيد عَنْ سَعِيد بْن أَبِي عَرُوبَة قَالَ : كَانَ قَتَادَة يَقُول تَفْسِير : السَّام عَلَيْكُمْ = تُسَامُونَ دِينكُمْ وَهُوَ – يَعْنِي السَّام – مَصْدَر سَئِمَهُ سَآمَة وَسَآمًا … قَالَ اِبْن بَطَّال : وَوَجَدْت هَذَا الَّذِي فَسَّرَهُ قَتَادَة مَرْوِيًّا عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أَخْرَجَهُ بَقِيّ بْن مَخْلَد فِي تَفْسِيره مِنْ طَرِيق سَعِيد عَنْ قَتَادَة عَنْ أَنَس " أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَا هُوَ جَالِس مَعَ أَصْحَابه إِذْ أَتَى يَهُودِيّ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ فَرَدُّوا عَلَيْهِ فَقَالَ : هَلْ تَدْرُونَ مَا قَالَ ؟ قَالُوا سَلَّمَ يَا رَسُول اللَّه ، قَالَ : قَالَ : سَام عَلَيْكُمْ، أَيْ تُسَامُونَ دِينكُمْ ….
– قُلْت : يَحْتَمِل أَنْ يَكُون قَوْله أَيْ تُسَامُونَ دِينكُمْ تَفْسِير قَتَادَة كَمَا بَيَّنَتْهُ رِوَايَة عَبْد الْوَارِث الَّتِي ذَكَرَهَا الْخَطَّابِيُّ ، وَقَدْ أَخْرَجَ الْبَزَّار وَابْن حِبَّان فِي صَحِيحه مِنْ طَرِيق سَعِيد بْن أَبِي عَرُوبَة عَنْ قَتَادَة عَنْ أَنَس: مَرَّ يَهُودِيّ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابه فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ فَرَدَّ عَلَيْهِ أَصْحَاب النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : هَلْ تَدْرُونَ مَا قَالَ ؟ قَالُوا نَعَمْ سَلَّمَ عَلَيْنَا . قَالَ: فَإِنَّهُ قَالَ: السَّام عَلَيْكُمْ ، أَيْ تُسَامُونَ دِينكُمْ … رُدُّوهُ عَلَيَّ ، فَرَدُّوهُ فَقَالَ ،كَيْف قُلْت؟ قَالَ السَّام عَلَيْكُمْ . فَقَالَ : إِذَا سَلَّمَ عَلَيْكُمْ أَهْل الْكِتَاب فَقُولُوا عَلَيْكُمْ مَا قُلْتُمْ … لَفْظ الْبَزَّار ؛ وَفِي رِوَايَة اِبْن حِبَّان : عن قتادة ، عن أنس ، أن يهوديا سلم على النبي صلى الله عليه وسلم ، وأصحابه ، فقال : السام عليكم ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : « أتدرون ما قال ؟ » قالوا : نعم ، سلم علينا ، قال : « لا ، إنما ، قال : السام عليكم ، أي : تسامون دينكم ، فإذا سلم عليكم رجل من أهل الكتاب ، فقولوا : وعليك »
٭ ٭ ومما روى مسلم
2 – عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُنَاسٌ مِنْ الْيَهُودِ فَقَالُوا : السَّامُ عَلَيْكَ يَا أَبَا الْقَاسِمِ… قَالَ : وَعَلَيْكُمْ … قَالَتْ عَائِشَةُ : قُلْتُ بَلْ عَلَيْكُمْ السَّامُ وَالذَّامُ … فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يَا عَائِشَةُ ، لَا تَكُونِي فَاحِشَةً …فَقَالَتْ: مَا سَمِعْتَ مَا قَالُوا ؟ فَقَالَ : أَوَلَيْسَ قَدْ رَدَدْتُ عَلَيْهِمْ الَّذِي قَالُوا ؟ قُلْتُ: وَعَلَيْكُمْ …
حَدَّثَنَاه إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَخْبَرَنَا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ بِهَذَا الْإِسْنَادِ غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ فَفَطِنَتْ بِهِمْ عَائِشَةُ فَسَبَّتْهُمْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَهْ يَا عَائِشَةُ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفُحْشَ وَالتَّفَحُّشَ … – وَزَادَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : { وَإِذَا جَاؤُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ وَيَقُولُونَ فِي أَنفُسِهِمْ لَوْلَا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِمَا نَقُولُ حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمَصِير } (المجادلة : 8 ) .
٭ قال النووي رحمه الله
قَولها : ( عَلَيْكُمْ السَّام وَالذَّامُ ) =هُوَ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَة وَتَخْفِيف الْمِيم ، وَهُوَ الذَّمّ ، وَيُقَال بِالْهَمْزِ أَيْضًا ، وَالْأَشْهَر تَرْك الْهَمْز ، وَأَلِفه مُنْقَلِبَة عَنْ وَاو ، وَالذَّمّ وَالذَّيْم وَالذَّمّ بِمَعْنَى الْعَيْب ، وَرُوِيَ الدَّامُ بِالدَّالِ الْمُهْمَلَة ، وَمَعْنَاهُ الدَّائِم ، وَمِمَّنْ ذَكَرَ أَنَّهُ رُوِيَ بِالْمُهْمَلَةِ اِبْن الْأَثِير ، وَنَقَلَ الْقَاضِي الِاتِّفَاق عَلَى أَنَّهُ بِالْمُعْجَمَةِ . قَالَ : وَلَوْ رُوِيَ بِالْمُهْمَلَةِ لَكَانَ لَهُ وَجْه . وَاللَّهُ أَعْلَم .
قَوْله ( فَفَطِنَتْ بِهِمْ عَائِشَة فَسَبَّتْهُمْ ، فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( مَهْ يَا عَائِشَة فَإِنَّ اللَّه لَا يُحِبّ الْفُحْش وَالتَّفَحُّش )
( مَهْ ) كَلِمَة زَجْر عَنْ الشَّيْء . وَقَوْله : ( فَفَطِنَتْ هُوَ بِالْفَاءِ وَبِالنُّونِ بَعْد الطَّاء مِنْ الْفِطْنَة ، هَكَذَا هُوَ فِي جَمِيع النُّسَخ ، وَكَذَا نَقَلَهُ الْقَاضِي عَنْ الْجُمْهُور . قَالَ : وَرَوَاهُ بَعْضهمْ : ( فَقَطَّبَتْ ) بِالْقَافِ وَتَشْدِيد الطَّاء وَبِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَة ، وَقَدْ تُخَفَّف الطَّاء فِي هَذَا اللَّفْظ ، وَهُوَ بِمَعْنَى قَوْله فِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى : ( غَضِبَتْ ) وَلَكِنَّ الصَّحِيح الْأَوَّل . وَأَمَّا سَبّهَا لَهُمْ فَفِيهِ الِانْتِصَار مِنْ الظَّالِم ، وَفِيهِ الِانْتِصَار لِأَهْلِ الْفَضْل مِمَّنْ يُؤْذِيهِمْ . وَأَمَّا الْفُحْش فَهُوَ الْقَبِيح مِنْ الْقَوْل وَالْفِعْل . وَقِيلَ : الْفُحْش مُجَاوَزَة الْحَدّ . وَفِي هَذَا الْحَدِيث اِسْتِحْبَاب تَغَافُل أَهْل الْفَضْل عَنْ سَفَه الْمُبْطِلِينَ إِذَا لَمْ تَتَرَتَّب عَلَيْهِ مَفْسَدَة . قَالَ الشَّافِعِيّ رَحِمَهُ اللَّه : الْكَيِّس الْعَاقِل هُوَ الْفَطِن الْمُتَغَافِل .
الحديث في بعض الكتب الأخرى
1 – أحمد في المسند
– عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ دَخَلَ نَاسٌ مِنْ الْيَهُودِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا: السَّامُ عَلَيْكَ… فَقَالَ: عَلَيْكُمْ . فَقَالَتْ عَائِشَةُ: عَلَيْكُمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَلَعْنَةُ اللَّاعِنِينَ … قَالُوا : مَا كَانَ أَبُوكِ فَحَّاشًا …فَلَمَّا خَرَجُوا ، قَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :مَا حَمَلَكِ عَلَى مَا صَنَعْتِ؟ قَالَتْ : أَمَا سَمِعْتَ مَا قَالُوا ؟ قَالَ: فَمَا رَأَيْتِينِي قُلْتُ عَلَيْكُمْ ؟ إِنَّهُ يُصِيبُهُمْ مَا أَقُولُ لَهُمْ وَلَا يُصِيبُنِي مَا قَالُوا لِي…
+ وفي رواية أخرى له : … عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْأَشْعَثِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ : بَيْنَا أَنَا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ اسْتَأْذَنَ رَجُلٌ مِنْ الْيَهُودِ فَأَذِنَ لَهُ فَقَالَ : السَّامُ عَلَيْكَ… فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَعَلَيْكَ… قَالَتْ: فَهَمَمْتُ أَنْ أَتَكَلَّمَ ، قَالَتْ : ثُمَّ دَخَلَ الثَّانِيَةَ فَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَعَلَيْكَ … قَالَتْ : ثُمَّ دَخَلَ الثَّالِثَةَ فَقَالَ : السَّامُ عَلَيْكَ… قَالَتْ : فَقُلْتُ بَلْ السَّامُ عَلَيْكُمْ وَغَضَبُ اللَّهِ إِخْوَانَ الْقِرَدَةِ وَالْخَنَازِيرِ، أَتُحَيُّونَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا لَمْ يُحَيِّهِ بِهِ اللَّهُ ؟ قَالَتْ : فَنَظَرَ إِلَيَّ فَقَالَ : مَهْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفُحْشَ وَلَا التَّفَحُّشَ قَالُوا قَوْلًا فَرَدَدْنَاهُ عَلَيْهِمْ فَلَمْ يَضُرَّنَا شَيْءٌ وَلَزِمَهُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، إِنَّهُمْ لَا يَحْسُدُونَا عَلَى شَيْءٍ كَمَا يَحْسُدُونَا عَلَى يَوْمِ الْجُمُعَةِ الَّتِي هَدَانَا اللَّهُ لَهَا وَضَلُّوا عَنْهَا وَعَلَى الْقِبْلَةِ الَّتِي هَدَانَا اللَّهُ لَهَا وَضَلُّوا عَنْهَا وَعَلَى قَوْلِنَا خَلْفَ الْإِمَامِ آمِينَ …
2 – النسائي في السنن
– عن مسروق عن عائشة قالت دخل يهودي على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: السام عليك… فقال النبي صلى الله عليه وسلم: وعليك …فقالت عائشة :وعليك السام وغضب الله …قالت فخرج اليهودي ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: يا عائشة إن الله تبارك وتعالى لا يحب الفاحش المتفحش… قالت :يا رسول الله أما تدري ما قال ؟ قال: وما قال ؟ قالت : قال السام عليك …
– فهو قوله تعالى : ( وإذا جاؤوك حيوك بما لم يحيك به الله )…قال فخرج اليهودي وهو يقول بينه وبين نفسه، فأنزل الله عزوجل * (ويقولون في أنفسهم لولا يعذبنا الله بما نقول حسبهم جهنم يصلونها فبئس المصير) *
3 – الطبراني في الأوسط
– حدثنا عمرو بن إسحاق قال : نا أبي قال : نا عمرو بن الحارث ، عن عبد الله بن سالم ، عن الزبيدي قال : نا عيسى بن يزيد ، أن طاوسا أبا عبد الرحمن حدثه ، أن منبها أبا وهب حدثه يرده إلى معاذ ، أن نبي الله صلى الله عليه وسلم جلس في بيت من بيوت أزواجه ، وعنده عائشة ، فدخل عليه نفر من اليهود ، فقالوا : السام عليك يا محمد . قال : « وعليكم » . فجلسوا فتحدثوا ، وقد فهمت عائشة تحيتهم التي حيوا بها النبي صلى الله عليه وسلم ، فاستجمعت غضبا وتصبرت ، فلم تملك غيظها ، فقالت : بل عليكم السام وغضب الله ولعنته ، بهذا تحيون نبي الله صلى الله عليه وسلم ؟ ثم خرجوا ، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم : « ما حملك على ما قلت ؟ » قالت : أو لم تسمع كيف حيوك يا رسول الله ؟ والله ما ملكت نفسي حين سمعت تحيتهم إياك ، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم : « لا جرم ، كيف رأيت رددت عليهم إن اليهود قوم سئموا دينهم ، وهم قوم حسد ، ولم يحسدوا المسلمين على أفضل من ثلاث : رد السلام ، وإقامة الصفوف ، وقولهم خلف إمامهم في المكتوبة : آمين » « لا يروى هذا الحديث عن معاذ بن جبل إلا بهذا الإسناد ، ولا نعلم منبها أبا وهب أسند حديثا غير هذا »
شرح : السام =: الموت والهلاك.
4 – البيهقي في شعب الإيمان
– عن محمد بن الأشعث ، قال : دخلنا على عائشة رضي الله عنها فحدثتني فقالت : بينا أنا قاعدة عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ جاء نفر من اليهود ، فاستأذن أحدهم فدخل ، فقال : السام عليكم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « وعليك » ثم دخل آخر ، فقال : السام عليكم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « وعليك » فلم أملك نفسي فقلت : بل عليكم السام وفعل الله بكم وفعل.. قالت : فأظن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تكلم علمت أنه قد وجَد عليّ ،فلما خرجوا قال لي : « ما حملك على ما صنعت ؟ » قلت : يا رسول الله، سمعتُ الذي قالوا فلم أملك نفسي… فقال : « ألم تريني قد رددت عليهم ، لم يضرنا ، ولزمهم إلى يوم القيامة … تدرين على ما حسدونا ؟ » قلت : الله ورسوله أعلم ، قال : « فإنهم حسدونا على القبلة التي هدينا لها ، وضلوا عنها وعلى الجمعة التي هدينا لها ، وضلوا عنها ، وعلى قولنا خلف الإمام آمين »
شرح : وجد عليّ ، من الوُجد وهو هنا بمعنى الغضب ، والحزن والمساءة .
5 – ابن خزيمة في صحيحه
– عن عائشة قالت : دخل يهودي على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : السأم عليك يا محمد ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : « وعليك » ، فقالت عائشة فهممت أن أتكلم فعلمت كراهية النبي صلى الله عليه وسلم لذلك فسكت ، ثم دخل آخر ، فقال : السأم عليك ، فقال : « عليك » ، فهممت أن أتكلم فعلمت كراهية النبي صلى الله عليه وسلم لذلك ، ثم دخل الثالث ، فقال : السأم عليك ، فلم أصبر حتى قلت : وعليك السأم وغضب الله ولعنته إخوان القردة والخنازير ، أتحيون رسول الله صلى الله عليه وسلم بما لم يحيه الله ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إن الله لا يحب الفحش ولا التفحش ، قالوا قولا فرددنا عليهم ، إن اليهود قوم حسد ، وهم لا يحسدونا على شيء كما يحسدونا على السلام ، وعلى آمين »
قلت : غضبت أم المومنين عائشة رضي الله عنها … فحاولت أن تملك نفسها … لكن لعلمها بأن تعزير الرسول صلى الله عليه وسلم ، وتوقيره ، وتعظيمه وإجلاله ، والقيام بحقوقه من أوجب الواجبان ، انتفضت لنصرته ، فردت على اليهود وأغلظت لهم في القول…قالت ( فيما جاء في مختلف الروايات ) : وَعَلَيْكُمْ السَّامُ وَاللَّعْنَةُ ….، وَلَعَنَكُمْ اللَّهُ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ …. السَّامُ عَلَيْكُمْ وَلَعَنَكُمْ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْكُمْ…. بَلْ عَلَيْكُمْ السَّامُ وَاللَّعْنَةُ …. بَلْ عَلَيْكُمْ السَّامُ وَالذَّامُ …. عَلَيْكُمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَلَعْنَةُ اللَّاعِنِينَ …. بَلْ السَّامُ عَلَيْكُمْ وَغَضَبُ اللَّهِ إِخْوَانَ الْقِرَدَةِ وَالْخَنَازِيرِ …. بل عليكم السام وغضبُ الله ولعنتُه …
– إذا جمعنا هذه الأحاديث وجدنا أن قوم الحسد يحسدوننا علىخمسة أشياء : يوم الجمعة ،والقبلة ، والتأمين خلف الإمام ، ورد السلام ، وإقامة الصفوف … نقول لهم ما قال ربنا : ( مُوتُواْ بِغَيْظِكُمْ ) … ونقرع وقر آذانهم بقوله جل وعلا ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ ) …
ولننظر الآن إلى موقف الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه …. قال : يا رسول الله أنا أضرب عنقه …منعه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : لا …. أفوْق هذا الحِلم حِلم ؟ إنه العفو في قمَّته ، والصَّفح في ذروته …مخلوق سيء الخلق ، أساء الأدب ، يدفع الضربَ عن رقبته صاحبُ الخلق العظيم ، ثم يرشد صحابته الكرام رضوان الله عليهم إلى ما يردّون به إذا حياهم اليهود والنصارى ؛ قال : إذا سلم عليك أهل الكتاب ، فقولوا : وعليكم .
* على ضوء هذا الهدي النبوي الطيب الزكي المشع نوره ، نصيحتي لنفسي ولكل مسلم ومسلمة تهزُّ كيانَهم الغيرةُ عن دينهم ، وجندوا أنفسهم للذب عن نبيهم ونصرته في هذه الأيام التي تكالب علينا فيها الملحدون فبسطوا أيديهم وألسنتهم بالسوء إلى الرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم ، أجملها فيما يلي :
1 – نبذ العنف.
2 – اجتناب الفحش.
3 – الأخذ بالرفق.
4 – اليقين على أنهم لن يضرونا … إلا أذى.
5 – التمسك بالخمس التي يحسدوننا عليها : الجمعة ، القبلة ، التأمين خلف الإمام ، رد السلام ، إقامة الصفوف ..
6 – رد التحية بكلمة واحدة باللسان العربي المبين، للفرد : عليك ، وللجمع : عليكم .