مَعْرُوفُ فَلاَحُ يَعِيشُ فِي مَزْرَعَتِهِ الصَّغِيرَةِ عَلَى شَاطِئِ أُحْدَى الْبُحَيْرَاتِ ،
تَعُودُ عَلَى عَمَلِهِ الَّذِي أَخَذَهُ عَنْ وَالِدِهِ ، وَهُوَ حُرِثَ الْأرْضُ وَزِراعَتُهَا وَرَيُهَا .
.
اُعْتُبِرَ هَذَا الْعَمَلُ خِدْمَةَ لِوَطَنِهِ الْغالِي الَّذِي أَعْطَاهُ الْكَثِيرَ وَلَمْ يُبْخَلْ عَلَيه بِأَيُّ شئ ..
وَكَانَ مَعْرُوفُ يُتَسَلَّى بِمَظْهَرِ الْبُحَيْرَةِ الَّتِي تَعِيشُ فِيهَا مَجْمُوعَةُ طُيُورِ الأوز وَالْبَطَّ ،
وَكَانَتْ أَشْكَالُهَا الْجَمِيلَةِ وَسِبَاحَتَهَا فِي الْبُحَيْرَةِ مِمَّا تَعُودُ أَنْ يَرَاهُ يَوْمِيًّا وَهَذِهِ هِي تَسْلِيَتُهُ الْوَحِيدَةِ …
إِنَّه لَا يَعْرُفَ الْكَسَلُ ، فَهُوَ مُنْذُ الْفَجْرِ يُسْتَيْقَظُ نَشِيطَا مُتَفَائِلَا ..
وَلَمَّا كَانَ عَمَلُهُ بدنيَّا فَقَدْ اِزْدَادَتْ صِحَّتُهُ قُوَّةُ وَصَلاَبَةُ ، وَأَصْبَحَ يُضَاعِفَ الْعَمَلُ فِي مَزْرَعَتِهِ ،
فَعَرَفَ أَنَّ زِيادَةَ الانتاج دَائِمَا تَأْتِي بِالْعَزِيمَةِ والايمان .
وَذَاتُ يَوْمَ وَهُوَ فِي مَزْرَعَتِهِ أَثْناءِ قِيَامِهِ بِشِقِّ الْأرْضِ ، إِذَا بِصَوْتِ خَافِتِ يَأْتِي مِنْ خَلْفَه ،
فَاِسْتَدَارَ فَإِذَا هُوَ ثُعْبَانُ ضَخْمٍ ، فَتَخَوُّفُ الْفَلاَحِ وَأُرَادُ الْفِرَارَ
وَلَكِنَّ الثُّعْبَانَ قَالَ لَهُ :
قَفَّ أَيُّهَا الْفَلاَحُ وَأَسْمَعَ حَديثَي لَعَلَّكَ تُشْفِقَ عَلِيَّ ،
وَإِنَّ لَمْ تُقْتَنَعْ فَلَا عَلَيكَ ، أَتَرَكُّنِيِ وَمَصِيرِيِ
فَصُعِدَ الْفَلاَحُ عَلَى رَبْوَةِ وَبِسُرْعَةِ حَتَّى جَعَلَ الْبُحَيْرَةَ بَيْنَه وَبَيْنَ الثُّعْبَانِ مِنْ بَعيدِ
فَقَالَ الثُّعْبَانُ :
إنني لَمْ أُضَرْ أحَدًا فِي هَذِهِ الْقَرْيَةَ وَقَدْ عُشْتِ فَتْرَةَ طَوِيلَةِ فِيهَا
وَاُنْظُرْ سَتَجِدُ أَبِنَائِيِ خَلْفَ الشَّجَرَةِ يُنْتَظَرُونَ قَدُومَي بِفَارِغِ الصَّبْرِ وَاُنْظُرْ الى الرَّاعِي يُرِيدُ أَنَّ يَقْضِيَ عَلِيُّ بِفَأْسِهِ فَخَبِّئِنَّي حَتَّى يَذْهَبَ وَسَوْفَ لَا تَنْدَمُ عَلَى عَمَلِكَ
فَنُزِلَ مَعْرُوفُ وَخَبَّأَهُ فِي مَكَانِ لَا يراه ذَلِكَ الرَّاعِي الَّذِي ظَلَّ يُبْحَثُ عَنْه هُنَا وَهُنَاكَ وَغَابَ الرَّاعِي عَنْ الْأَنْظَارِ وَكَأَنَّه لَمْ يَجِدْ فَائِدَةُ مِنْ الْبَحْثِ عَنْ الثُّعْبَانِ حَيْثُ اِخْتَفَى
وَلَمَّا أُحْسَ الثُّعْبَانَ بِالْأمَانِ أَخَذَ يَلْتَفُّ عَلَى مَعْرُوفِ الَّذِي أَمِنْه عَلَى نَفْسُه
وَوُجِدَ مَعْرُوفُ نَفْسُه فِي وَرْطَةِ كَبِيرَةِ ، فَالثُّعْبَانُ السَّامُّ يُلْتَفُّ حَوْلَ عُنُقِهِ
، وَحَتَّى الصّراخِ لَوْ فِكْرَ فِيه لَنْ يُفِيدَهُ
فَالْمَكَانُ لَا يُوجَدُ فِيه أحَدُ وَخَاصَّةُ أَنَّ خُيُوطَ اللَّيْلِ بَدَأْتِ تَظْهَرُ فِي السَّمَاءِ ،
وَأهَالِي الْقَرْيَةِ الْبَعيدُونَ عَنْ كُوخِهِ وَمَزْرَعَتِهِ تَعُودُوا أَنْ يَنَامُوا مُبَكِّرِينَ ،
وَمِنْ يُغِيثُهُ مِنْ هَذَا الثُّعْبَانِ الَّذِي يَضْغَطُ عَلَى رَقَبَتِهِ وَيَقْضِيَ عَلِيُّهُ ؟
وَهَلْ فِي الامكان لِشَخْصِ مَا أَنَّ يَقْتَرِبَ ؟
الْمَنْظَرُ رَهيبَ ، وَهَلْ يُصَدَّقُ أحَدُ أَنَّ أَنَّسَانَا مَا يَسْمَعَ كَلاَمَ الثُّعْبَانِ
مِثْلُ مَعْرُوفِ وَيَأْمَنُهُ وَيَقْرَبُهُ الِيِهُ ؟
وَهُنَا قَالَ مَعْرُوفُ لِلْثُعْبَانِ :
أَمْهِلِنَّي حَتَّى أُصَلِّيَ –
وَفِعْلَا تُوضَأُ وَصَلَّى رَكَعَتَيْنِ وَطِلَبِ مِنْ اللهِ سُبْحَانَه وَتَعَالَى
أَنْ يُخَلِّصَهُ مِنْ هَذَا الثُّعْبَانِ الْمُخِيفِ الرَّهيبِ بِضَخَامَتِهِ وَسَمُومِهِ الْقَاتِلَةِ
وَبَيْنَما هُوَ كَذَلِكَ إِذَا بِشَجَرَةِ قَدْ نَبَتْتِ وَاُرْتُفِعْتِ أَغْصَانَهَا وَصَارَتْ لَهَا فُرُوعُ
، فَتُدْلَى غُصْنَ تُحَبُّ أَكُلُّه الثَّعَابِينُ وَتُبْحَثُ عَنْه ، فَاُقْتُرِبَ الْغُصْنُ الى فَمُ الثُّعْبَانِ ، فأخذالثعبان يَلْتَهِمَ الْغُصْنُ وماهي الَا دَقائِقُ حَتَّى إنهار الثُّعْبَانَ وَسَقَطَ وَكَانَتْ الشَّجَرَةُ عِبَارَةَ عَنْ سَمِّ
فَقُتِلَ ذَلِكَ الثُّعْبَانَ الَّذِي لَمْ يُوفَ بِعَهْدِهِ مَعَ مَنْ حَمَاه
وَفَجْأَةُ اِخْتَفَتْ الشجرة المسمومة وَعِلْمُ مَعْرُوفُ أَنَّ اللهَ قَرِيبِ مِنْ الانسان
وَاِنْهَ لاَبِدَ أَنْ يَعْمَلَ الْمَعْرُوفُ مَعَ كُلُّ النَّاسِ ، وَمَعَ مَنْ يُطْلَبُ مِنْه ذَلِكَ..
اتمنى تنال اعجابكم..منقووووووووووووووووولة