بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كان رجل يعمل عند كفيله فلم يعطه راتب الشهر الأول ، والثاني ، والثالث ، وهو يتردد إليه ويلح وأنه في حاجة إلى النقود ، وله والدان وزوجة وأبناء في بلده وأنهم في حاجة ماسة ، فلم يستجب له وكأن في أذنيه وقر ، والعياذ بالله .
فقال له المظلوم : حسبي الله بيني وبينك ، والله سأدعو عليك ، فقال له : أذهب وأدعوعلي عند الكعبة (انظر هذه الجرأة) وشتمه وطرده .
وفعلا استجاب لرغبته ودعا عليه عند الكعبة بتحري أوقات الإجابة ، على حسب طلبه ، ويريد الله عز وجل أن تكون تلك الأيام من أيام رمضان المبارك ( وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ ) ، ومرت الأيام، فإذا بالكفيل مرض مرضاً شديداً لا يستطيع تحريك جسده وانصب عليه الألم صباً حتى تنوم في إحدى المستشفيات فترة من الزمن. فعلم المظلوم بما حصل له، وذهب يعاوده مع الناس. فلما رآه قال: أدعوت علي؟ قال له: نعم وفي المكان الذي طلبته مني. فنادى على ابنه وقال: أعطه جميع حقوقه، وطلب منه السماح وأن يدعو له بالشفاء
وهـــــذه قصـــــة أخـــــرى :
تقول (نورة عبدالله) استاذة جامعية ومطلقة مرتين: (حدثت قصتي مع الظلم قبل سبع سنوات فبعد طلاقي الثاني قررت الزواج بأحد اقاربي والذي كان ينعم بحياة هادئة مع زوجته وأولاده الخمسة).
وتتابع: (اتفقت مع ابن خالتي والذي كان يحب زوجة الرجل الذي قررت الزواج به على اتهامها بخيانة زوجها وبدأنا في إطلاق الشائعات بين الأقارب ومع مرور الوقت نجحنا حيث بدأت الحياة تتدهور بين الزوجين حتى وصلت إلى الطلاق) وتتوقف والدموع في عينيها.. (بعد مضي سنة تزوجت المرأة برجل ذي مركز أما الرجل فقد تزوج بامرأة غيري وبالتالي لم احصل مع ابن خالتي على هدفنا المنشود ولكن حصلنا على نتيجة ظلمنا حيث أصبت بسرطان الدم، اما ابن خالتي فقد احترق مع الشاهد الثاني بسبب التماس كهربائي في الشقة التي كان يقيم فيها وذلك بعد ثلاث سنوات من القضية).
المزيد من القصص..
إنه الظلم الذي حرمه الله على نفسه، وجعله بين عباده محرماً،عن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربِه عز وجل أنه قال : ( يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي ، وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا)
أخواتي : إن الظلم مذهب لبركة العمر، مضيع لجهد الإنسان، ممحق للكسب، بل إن الظلم إفلاس من كل مكسب في الدنيا والآخرة. وهو سبب لحلول العقوبات ، وفي الآخرة ظلمات بعضها فوق بعض .
همســـــة فـــــي أذنـــــك :
اعلم أن دعوة المظلوم مستجابة لا ترد مسلماً كان أو كافراً، عن أبي هريرة – رضي الله عنه – أن الرسول – صلى الله عليه وسلم – قال: ((ودعوة المظلوم يرفعها الله فوق الغمام ويفتح لها أبواب السماء ويقول الرب: وعزتي لأنصرنك ولو بعد حين)).
وقد أجاد من قال:
لاتظلمن إذا ما كنت مقتدراً *** فالظلم آخره يأتيك بالندم
نامت عيونك والمظلوم منتبه *** يدعو عليك وعين الله لم تنم
اعلم أن من مات قبل رد المظالم أحاط به خُصماؤه يوم القيامة، فهذا يأخذ بيده، وهذا يقبض على ناصيته، وهذا يتعلّق برقبته, هذا يقول: ظلمَني فغَشّني، وهذا يقول: ظلمني فخدعني، وهذا يقول: ظلمني فأكل مالي, وهذا يقول: اغتابني، وهذا يقول: كذب عليّ, وهذا يقول: شتمني، والجار يقول: جاوَرَني فأساء مجاورتي، وهذا يقول: رآني مظلوماً فلم ينصرني، وهذا يقول: رآني على مُنكر فلم ينهَني، فبينما أنت على تلك الحال المُخيفة، وأنت مُتحيِّرٌ مضطرب العقل, فلم يَبْق أحد ممن ظلمته في الدنيا إلا وقد استحقّ عليك مَظلَمة، وقد ضعُفت عن مقاومتهم، ومددت عنق الرجاء إلى سيدك ومولاك لعله أن يخلصك من أيديهم، إذ قَرَع سمعك نداء الجبّار – جل وعلا -: ( ٱلْيَوْمَ تُجْزَىٰ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَـسَبَتْ لاَ ظُلْمَ ٱلْيَوْمَ )
فعند ذلك ينخَلِعُ قلبك، وتضطرب أعضاؤك من الهيبة, وتوقن نفسُك بالخسران، وتتذكّر ما أنذرك الله تعالى به حيث قال: ( وَتَرَى الظَّالِمِينَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ يَقُولُونَ هَلْ إِلَى مَرَدٍّ مِنْ سَبِيلٍ ) فيالها من مصيبة، وما أشدّها من حسرة في ذلك اليوم، فعند ذلك تؤخذ حسناته وتُعطى للخُصَماء عِوَضاً عن حقوقهم، فلينظر العاقل إلى المصيبة في مثل ذلك اليوم الذي رُبَّما لا يبقى معه شيء من الحسنات وإن بقي شيء أخَذه الغُرماء، فكيف يكون حالك أيها العبد إذا رأيت صحيفتك خالية من حسنات طالما تَعِبت عليها؟ فإذا سَألت عنها قيل لك نُقِلت إلى صحيفة خصمائك الذين ظلمتهم.
وكيف بك إذا رأيت صحيفتك مشحونة مملوءة بسيئات لم تعملها، فإذا سَألت عنها من أين جاءت؟ قيل: هذه سيئات القوم الذين طالما اغْتَبْتَهُم، وتناولت أموالهم بالباطل، وشتمتهم وخُنْتَهم في البيع والجوار والمعاملة.
أحسبت يا بن آدم أنّك تُهمَل وتترك فلا تعاقب، وتَظلِم وتتقلّب في النعم كيف شئت ولا تُحاسب؟ أنسيت قول النبي : ((إنّ الله لَيُمْلي للظالم حتى إذا أخَذه لم يُفلِته)). كل هذا من جهالتك وعميان بصيرتك، ولكن اعمل ما شئت، فإنّك مُحاسب عليه، واظلم من شئت فإنه مُنتصر منك يوم القيامة.
بــشــــــــــرى :
فما دمت في وقت المهلة فباب التوبة مفتوح، قال : { إن الله تعالى يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها } [رواه مسلم]. وفي رواية للترمذي وحسنه: { إن الله عز وجل يقبل توبة العبد ما لم يغرغر }.
التوبة ليست ضرب من الخيال ولا أمنيه مستحيلة المنال
إنما هي العزيمه والإصرار والعودة إلى الرحيم الديّان
بالرجوع إلى الله تتحول دنياك إلى جنة
وعندما تلامس التوبة شغاف القلب يصبح للحياه طعم اخر ولون اخر
فتصبح قلوب المحبين لله أغلى أمانيها رضاه ويصبح الشعار ( وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى )
عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: { من كانت عنده مظلمة لأخيه؛ من عرضه أو من شيء، فليتحلله من اليوم قبل أن لا يكون دينار ولا درهم، إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته، وإن لم يكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه } [رواه البخاري].
خلص نفسك من مظالم العباد، أيّ مال دخل عليك بغير حق فتخلص منه، ردّ الحقوق إلى أهلها
تذكّـــــري : أنت المحاسب، أنت المعذب، أنت المعاقب، إن ما أكلت من مظالم العباد ينساها الناس، ولكنها محفوظة عند الله ( أَحْصَـٰهُ ٱللَّهُ وَنَسُوهُ ) .
كل مذكور سيُنسى
وكل ملبوس سيبلى
وكل مذخور سيفنى
ليس غير الله يبقى
من على فالله أعلى
فإياك والمماطلة، وإياك والتسويف، وإياك واللجوء إلى الحيل والخداع، خلص نفسك، فإنه لا ينقذك إلا أن تخلص نفسك في الدنيا قبل الوقوف بين يدي الله ( ٱلْيَوْمَ تُجْزَىٰ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَـسَبَتْ لاَ ظُلْمَ ٱلْيَوْمَ إِنَّ ٱللَّهَ سَرِيعُ ٱلْحِسَابِ ) [(17) سورة غافر].
وفـــــي الختـــــام ..
نسأل الله تعالى أن يُجنِّبنا الظلم، وأن يكفينا شر الظالمين، إنه وليّ ذلك والقادر عليه.