التهاب الغدة النكفية أو مرض «النكاف»، هو التهاب فيروسي حاد ويتم شفاؤه تلقائيا، وهو التهاب لواحدة أو أكثر من الغدد اللعابية، وتقع الغدد اللعابية على جانبي الخدين في المسافة بين الأذن والفك أو تحت الفكين. وفى مرض النكاف يكون الالتهاب في الأغلب بالغدة التي على جانبي الخد وتسمى (الباروتيد) parotid glands، ونتيجة للالتهاب، تتورم الغدة ويزيد حجمها ويبدو الخد منتفخا ومتورما، ويسبب ألما.من المعروف أن الإصابة بالمرض تراجعت بعد فرض التطعيم الإجباري ضد الالتهاب من قبل منظمة الصحة العالمية، خاصة في الدول المتقدمة؛ ولكن مع الأسف، فهناك كثير من الدول النامية لم يطبق بها نظام التطعيم بعد. وفى السابق، كانت الإصابات تنتشر بشكل كبير، وفى دولة مثل الولايات المتحدة الأميركية وقبيل نهاية الستينات (بدء تطبيق التطعيم الإجباري) كانت معدلات الإصابة كبيرة وتصل إلى نحو 200 ألف حالة؛ ولكن بعد إدراج تطعيم النكاف ضمن جدول التطعيمات الإجبارية للأطفال تراجع معدل الإصابة ليصل إلى أقل من 1000 حالة في العام.
الحالة المرضية
* ينتشر المرض في معظم بلدان العالم، وهو السبب الوحيد لالتهاب الغدة النكفية بشكل وبائي، أي يشبه العدوى epidemic ويصيب الأطفال في الفئة العمرية من 10 إلى 15 عاما، وأحيانا نادرة يمكن أن يصيب المراهقين أو الشباب ويصيب الأطفال من الجنسين بالنسبة نفسها، والأطفال قبل عمر العام يكونون في حماية من الإصابة بسبب الأجسام المضادة من الأم.
ينتقل المرض عن طريق الرذاذ أو اللعاب، وهناك فترة حضانة للفيروس نحو أسبوعين إلى 3 أسابيع؛ ولكن في بعض الأحيان تظهر الأعراض في وقت أقل يتراوح بين 10 أيام و14 يوما؟ وبعد فترة الحضانة للفيروس تظهر أعراض عامة غير محددة للمرض مثل آلام في العضلات، وعدم الرغبة في الأكل، وصداع، وارتفاع طفيف في درجة الحرارة، وتستمر هذه الفترة من 3 إلى 5 أيام ويكون الطفل معديا بدءا من نحو 3 أيام قبل ظهور الورم وحتى 3 أيام بعد اختفاء الورم، وفى نحو 20 إلى 30% من الأطفال لا تكون هناك أي أعراض.
وبعد فترة الأعراض العامة، تبدأ الغدة اللعابية التي على جانب الخد في التورم، ثم تليها الأخرى على الخد الآخر؛ ولكن يمكن تورمهما معا، وتصبح مؤلمة، ويحدث ألم في الأذن، ويزداد الألم عن تناول المشروبات الحمضية مثل عصير الليمون أو مضغ اللبان، وفى الأغلب يختفي هذا الورم في خلال أسبوع.
المضاعفات
* في الأغلب يتم شفاء مرض النكاف بسهولة ومن دون حدوث مضاعفات؛ ولكن أحيانا يمكن حدوث بعض المضاعفات ومن أهمها:
– التهاب الخصيتين Orchitis وهو عرض شائع جدا إذا حدثت الإصابة للأطفال الذكور بعد البلوغ، ويحدث لما يقرب من 30%، ويندر حدوثه في الأطفال أقل من 10 سنوات، ويحدث الالتهاب في الأغلب في خصية واحدة؛ ولكن يمكن حدوثه في الخصيتين بنسبة تصل إلى 10% من مجموع الحالات، ويظهر في الأسبوع الأول من المرض؛ ولكن في أحيان أخرى يمكن ظهوره في الأسبوع الثاني أو الثالث. ويحدث ارتفاع في درجة الحرارة يصل إلى 40 درجة مئوية، ويحدث ألم في الخصية واحمرار وتورم في كيس الصفن المحيط بالخصيتين scrotum ويزول هذا الالتهاب خلال أسبوع؛ ولكن أحيانا يمكن أن يتسبب في ضمور الخصية في حالة إصابة الخصيتين؛ ولكن حتى في حالة حدوث الضمور تبقى الإصابة بالعقم نادرة الحدوث.
– التهاب في الأغشية المخاطية للمخ، أو بنسبة أقل يحدث التهاب لخلايا المخ نتيجة لانتشار الفيروس، ويمكن حدوثه بعد الإصابة بنحو 10 أيام. ويصاب الأطفال الذكور أكثر مما تصاب الإناث بمعدل نحو 3 أضعاف؛ ولكن الأعراض المعروفة لالتهاب الغشاء المخاطي للمخ مثل الصداع والقيء وارتفاع في درجة الحرارة وتصلب الرقبة؛ تكون نادرة الحدوث. وكذلك من المضاعفات الخطيرة؛ ولكنها نادرة الحدوث، فقدان السمع.
– التهاب البنكرياس يحدث انتفاخا وألما في البطن، وكذلك يحدث إحساسا بالغثيان والقيء وارتفاعا طفيف في درجة الحرارة، ونتيجة للالتهاب تحدث زيادة في مستوى السكر؛ ولكن الإصابة بمرض السكري نتيجة لالتهاب الغدة النكفية، غير مؤكدة.
وفي أحيان نادرة يمكن حدوث التهاب للغدة الدرقية أو التهاب للمبيض للأطفال الإناث في مرحلة ما بعد البلوغ؛ ولكنه لا يسبب العقم وليس له تأثير على خصوبة الإناث، أو الالتهاب الرئوي أو التهاب الأعصاب أو التهاب الكليتين أو التهاب المفاصل، وهذه الأعراض يتم شفاؤها خلال أسبوعين أو ثلاثة من دون أن تترك آثارا.
التشخيص والعلاج
* يجب أن يتم تشخيص التهاب الغدة النكفية بالكشف الإكلينيكي مع الوضع في الاعتبار استبعاد أي أمراض أخرى يمكن أن تتشابه أعراضها مع التهاب الغدة النكفية الفيروسي مثل، وجود حصوة في القناة اللعابية للغدة النكفية، أو التهاب في الغدد الليمفاوية الموجودة بالرقبة (cervical lymphadenitis)، وكذلك التهاب الخصيتين لأي سبب آخر، والتهاب الأغشية المخاطية للمخ وغيرها، ويمكن أيضا عمل تحاليل في حالة وجود المضاعفات.
ويتم علاج النكاف في المنزل، ويتم علاج الأعراض التي تظهر على الطفل ولا يتم إعطاؤه أي مضادات حيوية أو حتى مضادات للفيروس. ويتم شفاء المرض تلقائيا، وينصح أن يخلد الطفل إلى الراحة التامة بالفراش لتفادى المضاعفات، ويتم تناول الغذاء بالشكل الذي يتقبله الطفل مع الابتعاد عن الأطعمة التي تحتوى على أحماض مثل الطماطم أو الخل، ويتم إعطاء الطفل السوائل بكثرة مع الابتعاد أيضا عن المشروبات الحمضية مثل الليمون والبرتقال، حيث إنها يمكن أن تسبب صعوبة في البلع، ويمكن إعطاء الأدوية المسكنة في حالة الشعور بالألم، وفى حالات التهاب الخصية يتم إعطاء المسكنات مع الراحة التامة واستخدام كيس رافع للخصية.
الوقاية
* وقد أصبحت الآن الوقاية من مرض النكاف ميسرة بعد التطعيم الإجباري بالمصل الواقي منه، ويؤدى إلى نسبة حماية كبيرة جدا. ويفضل أن يتم تطعيم المراهقين أو البالغين الذين لم يتم تطعيمهم من قبل ويتم وجودهم في أماكن بها نسبة إصابات. والتطعيم عبارة عن إعطاء الفيروس بعد أن يتم إضعافه عن طريق الحقن تحت الجلد، ويتم إعطاؤه في عمر 15 شهرا من عمر الطفل أو يتم إعطاؤه عن طريق التطعيم الثلاثيMMR وهو التطعيم الواقي من الحصبة والنكاف والحصبة الألمانية، في عمر 9 أشهر.
والتطعيم آمن، ويستحسن إعطاؤه حتى في حالات إصابة الطفل بارتفاع طفيف في درجة الحرارة نتيجة لنزلة برد أو التهاب بسيط في الحلق بدلا من تأخير التطعيم، والاستثناءات من التطعيم هم الأطفال الذين يعانون من نقص شديد في المناعة نتيجة للإصابة بمرض الإيدز أو الأطفال الذين يتناولون جرعات عالية من عقار الكورتيزون؛ ولكن يجب عرض هذه الحالات على الطبيب لتقييم الحالة المناعية، حيث يمكن إعطاء الأطفال المصابين بالإيدز التطعيم الثلاثي إذا كانت حالتهم المناعية تسمح بذلك، ويفضل عزل الطفل المصاب بالغدة النكفية 5 أيام منذ بداية الأعراض عن باقي الأطفال.