الزهراء …العروس الزاهدة
كان شعار رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) في كثير من الأحايين:
اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة
وهذا من تعاليم القرآن لرسوله ( صلى الله عليه وسلم ): " لا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذينَ كَفَروا في البِلادِ (196) مَتاعٌ قَليلٌ ثُمَّ مَأواهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ المِهادُ (197)". ( سورة آل عمران)
" ولا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكِ إلى ما مَتَّعنا بِهِ أزواجاً مِنهُمْ زَهْرَةَ الحَياةِ الدُّنيا لِنَفْتِنَهُمْ فيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأبقى (131)". (سورة طه)
فبعون من الله ، كانت الزهراء حقلاً قابلاً لغرس أبيها، فصارت القناعة التي هي الكنز حقاً سجيتها – فرضي الله عنها وأرضاها – يقول عمر – رضي الله عنه – بعد أن ذكر ما أصاب الناس من الدنيا: " لقد رأيت رسول يظل اليوم يتلوى ما يجد من الدقل ما يملأ بطنه". (رواه مسلم) . والدقل: أردأ التمر، ذلك حال البيت الذي تربت فيه الزهراء!!
فيا ترى أيتها الفتاة الفاضلة كم كان صداق بنت أفضل الخلق وأفضل نساء هذه الأمة؟ وما الذي أهداه إليها أبوها؟ وكم من ذهب وفضة وجواهر نحلها؟
إنها قد أعطيت أغلى من ذلك وأبهى .. لقد أعطيت التربية الصالحة، والرعاية النبوية، والأخلاق الحميدة، وفي ذلك فليتنافس المتنافسون، وليتسابق فيه المتسابقون والمتسابقات، لا في كثرة الذهب والمجوهرات.فاسمعي يا فتاة الإسلام كيف كان عرس الزاهدة القانعة، فقد تزوجها علي – رضي الله عنه – وليس له صفراء ولا بيضاء، فروى النسائي وأبو داوود عن ابن عباس قال: لما تزوج علي – رضي الله عنه – فاطمة – رضي الله عنها – قال له رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ): أعطها شيئاً، قال: ما عندي. قال: وأين درعك الحطيمة؟
قارني يا رعاك الله بين مهر سيدة نساء العالمين وبين ما نحن عليه الآن من التفاخر في كثرة المهور .. والشق على الراغب في الزواج بكثرة الطلبات، وإرهاقه بالمصروفات، مما سبب عزوف الكثير من الشباب، وبقيت النساء عوانس في البيوت، فلأم لا تريد أن تكون ابنتها على حد قولها أقل من فلانة، بل لا بد أن تقيم لها حفلة لا تُنسى، وبعض الأمهات يتحملن جزئاً من المسؤولية في المغالاة بالمهور .. لأن الأم هي التي تصر أحياناً على المغالاة بمهر ابنتها، ولو سار الناس على ما سار عليه رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) في تزويج فاطمة لكان الحال على أحسن الأحوال.
وكانت الزهراء – رضي الله عنها – في بيت زوجها في شظف من العيش، لما دخل النبي ( صلى الله عليه وسلم ) على فاطمة وزوجها علي بن أبي طالب – رضي الله عنه – وقد دخلا في قطيفتيهما إذا غطيا رأسيهما بدت أقدامهما، وإذا غطيا أقدامهما بدا رأساهما.
هذه حال سيدة نساء العالمين. وما ضرها ذلك، فالدنيا معبر، والآخرة مقر، ما ضرها – رضي الله عنها – أن زهدت في هذه الحياة لتنال تلك المنزلة الرفيعة، والمكانة السامية، ويوم أن ملكت ساسلة من الذهب أخذتها في عنقها وقالت لرسول الله ( صلى الله عليه وسلم وهي مسرورة: هذه أهداها لي أبو الحسن، فقال: أيسرك أن يقول الناس هذه فاطمة بنت محمد وفي يدها سلسلة من نار؟
فماذا تتوقعن أيتها الكريمات ما تفعله قدوتكن فاطمة الزهراء؟ إنها بإشارة بسيطة وكلمة رحيمة حولت السلسلة الذهبية إلى صدقة جارية اشترت بها غلاماً فأعتقته.
ولما رأى النبي ( صلى الله عليه وسلم ) بابها ستراً موشياً (( أي مزوقاً ملوناً )) قال: " مالي وللدنيا " فامتنع من دخول بيتها فأخذته ووهبته لمن به حاجة.
فرحم الله امرأ عمل لآخرته، وقمع شهوته، وتذكر ما بعد موته.
( سلسلة دروس من حياة فاطمة الزهراء، الشيخ محمد الهبدان، مجلة أسرتنا العدد: 57 )
من كتاب قصص مؤثرة للنساء للكاتب هاني درار عثمان
اللهم صلي وسلم على رسولنا صلى الله عليه وسلم
وارضى عن أمهات المؤمنين وسيدة نساء العالمين والصحابيات رضوان الله عليهم
وصل الله على سيدنا محمد
عليه افضل الصلاة والسلام
وصل الله على سيدنا محمد
عليه افضل الصلاة والسلام