ﺑﺴﻢ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﺮﺣﻤﻦ ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ
ﻭﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ ﻋﻠﻰ ﺃﺷﺮﻑ ﺍﻟﻤﺮﺳﻠﻴﻦ
ﻭﻋﻠﻰ ﺁﻟﻪ ﻭﺻﺤﺒﻪ ﺃﺟﻤﻌﻴﻦ
ﺃﺑﻮ ﺟﺎﺑﺮ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﻋﻤﺮﻭ ﺑﻦ ﺣﺮﺍﻡ
ﻇﻠﻴﻞ ﺍﻟﻤﻼﺋﻜﺔ
ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﺍﻷﻧﺼﺎﺭ ﺍﻟﺴﺒﻌﻮﻥ ﻳﺒﺎﻳﻌﻮﻥ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺑﻴﻌﺔ ﺍﻟﻌﻘﺒﺔ
ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ، ﻛﺎﻥ ﻋﺒﺪﺍﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﻋﻤﺮﻭ ﺑﻦ ﺣﺮﺍﻡ، ﺃﺑﻮ ﺟﺎﺑﺮ ﺑﻦ ﻋﺒﺪﺍﻟﻠﻪ ﺃﺣﺪ ﻫﺆﻻﺀ ﺍﻷﻧﺼﺎﺭ
..
ﻭﻟﻤﺎ ﺍﺧﺘﺎﺭ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻣﻨﻬﻢ ﻧﻘﺒﺎﺀ، ﻛﺎﻥ ﻋﺒﺪﺍﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﻋﻤﺮﻭ ﺃﺣﺪ
ﻫﺆﻻﺀ ﺍﻟﻨﻘﺒﺎﺀ
.. ﺟﻌﻠﻪ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻧﻘﻴﺒﺎ ﻋﻠﻰ ﻗﻮﻣﻪ ﻣﻦ ﺑﻨﻲ ﺳﻠﻤﺔ ..
ﻭﻟﻤﺎ ﻋﺎﺩ ﺍﻟﻰ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﻭﺿﻊ ﻧﻔﺴﻪ، ﻭﻣﺎﻟﻪ، ﻭﺃﻫﻠﻪ ﻓﻲ ﺧﺪﻣﺔ ﺍﻻﺳﻼﻡ
..
ﻭﺑﻌﺪ ﻫﺠﺮﺓ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺍﻟﻰ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ، ﻛﺎﻥ ﺃﺑﻮ ﺟﺎﺑﺮ ﻗﺪ ﻭﺟﺪ ﻛﻞ ﺣﻈﻮﻇﻪ ﺍﻟﺴﻌﻴﺪﺓ ﻓﻲ
ﻣﺼﺎﺣﺒﺔ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﻟﻴﻠﻪ ﻭﻧﻬﺎﺭﻩ
..
**
ﻭﻓﻲ ﻏﺰﻭﺓ ﺑﺪﺭ ﺧﺮﺝ ﻣﺠﺎﻫﺪﺍ، ﻭﻗﺎﺗﻞ ﻗﺘﺎﻝ ﺍﻷﺑﻄﺎﻝ
..
ﻭﻓﻲ ﻏﺰﻭﺓ ﺃﺣﺪ ﺗﺮﺍﺀﻯ ﻟﻪ ﻣﺼﺮﻋﻪ ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﻳﺨﺮﺝ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻮﻥ ﻟﻠﻐﺰﻭ
..
ﻭﻏﻤﺮﻩ ﺍﺣﺴﺎﺱ ﺻﺎﺩﻕ ﺑﺄﻧﻪ ﻟﻦ ﻳﻌﻮﺩ، ﻓﻜﺎﺩ ﻗﻠﺒﻪ ﻳﻄﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﺮﺡ
!!
ﻭﺩﻋﺎ ﺍﻟﻴﻪ ﻭﻟﺪ ﺟﺎﺑﺮ ﺑﻦ ﻋﺒﺪﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﻲ ﺍﻟﺠﻠﻴﻞ، ﻭﻗﺎﻝ ﻟﻪ
:
" ﺍﻧﻲ ﻻ ﺃﺭﺍﻱ ﺍﻻ ﻣﻘﺘﻮﻻ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻐﺰﻭﺓ ..
ﺑﻞ ﻟﻌﻠﻲ ﺳﺄﻛﻮﻥ ﺃﻭﻝ ﺷﻬﺪﺍﺋﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ
..
ﻭﺍﻧﻲ ﻭﺍﻟﻠﻪ، ﻻ ﺃﺩﻉ ﺃﺣﺪﺍ ﺑﻌﺪﻱ ﺃﺣﺐّ ﺍﻟﻲّ ﻣﻨﻚ ﺑﻌﺪ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ
ﻭﺳﻠﻢ
..
ﻭﺍﻥ ﻋﻠﻲّ ﺩﺑﻨﺎ، ﻓﺎﻗﺾ ﻋﻨﻲ ﺩﻳﻨﻲ، ﻭﺍﺳﺘﻮﺹ ﺑﺎﺧﻮﺗﻚ ﺧﻴﺮﺍ
.."
**
ﻭﻓﻲ ﺻﺒﻴﺤﺔ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺍﻟﺘﺎﻟﻲ، ﺧﺮﺝ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻮﻥ ﻟﻠﻘﺎﺀ ﻗﺮﻳﺶ
..
ﻗﺮﻳﺶ ﺍﻟﺘﻲ ﺟﺎﺀﺕ ﻓﻲ ﺟﻴﺶ ﻟﺠﺐ ﺗﻐﺰﻭ ﻣﺪﻳﻨﺘﻬﻢ ﺍﻵﻣﻨﺔ
..
ﻭﺩﺍﺭﺕ ﻣﻌﺮﻛﺔ ﺭﻫﻴﺒﺔ، ﺃﺩﺭﻙ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻮﻥ ﻓﻲ ﺑﺪﺍﻳﺘﻬﺎ ﻧﺼﺮﺍ ﺳﺮﻳﻌﺎ، ﻛﺎﻥ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ
ﻧﺼﺮﺍ ﺣﺎﺳﻤﺎ، ﻟﻮﻻ ﺃﻥ ﺍﻟﺮﻣﺎﺓ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺍﻣﺮﻫﻢ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﺑﺎﻟﺒﻘﺎﺀ ﻓﻲ
ﻣﻮﺍﻗﻌﻬﻢ ﻭﻋﺪﻡ ﻣﻐﺎﺩﺭﺗﻬﺎ ﺃﺑﺪﺍ ﺃﻏﺮﺍﻫﻢ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﺼﺮ ﺍﻟﺨﺎﻃﻒ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﺮﺷﻴﻴﻦ، ﻓﺘﺮﻛﻮﺍ
ﻣﻮﺍﻗﻌﻬﻢ ﻓﻮﻕ ﺍﻟﺠﺒﻞ، ﻭﺷﻐﻠﻮﺍ ﺑﺠﻤﻊ ﻏﻨﺎﺋﻢ ﺍﻟﺠﻴﺶ ﺍﻟﻤﻨﻬﺰﻡ
..
ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺠﻴﺶ ﺍﻟﺬﻱ ﺟﻤﻊ ﻓﻠﻮﻟﻪ ﺷﺮﻳﻌﺎ ﺣﻴﻦ ﺭﺃﻯ ﻇﻬﺮ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻗﺪ ﺍﻧﻜﺸﻒ ﺗﻤﺎﻣﺎ،
ﺛﻢ ﻓﺎﺟﺄﻫﻢ ﺑﻬﺠﻮﻡ ﺧﺎﻃﻒ ﻣﻦ ﻭﺭﺍﺀ، ﻓﺘﺤﻮّﻝ ﻧﺼﺮ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﺍﻟﻰ ﻫﺰﻳﻤﺔ
..
**
ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﺘﺎﻝ ﺍﻟﻤﺮﻳﺮ، ﻗﺎﺗﻞ ﻋﺒﺪﺍﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﻋﻤﺮﻭ ﻗﺘﺎﻝ ﻣﻮﺩّﻉ ﺷﻬﻴﺪ
..
ﻭﻟﻤﺎ ﺫﻫﺐ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻮﻥ ﺑﻌﺪ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﺍﻟﻘﺘﺎﻝ ﻳﻨﻈﺮﻭﻥ ﺷﻬﺪﺍﺋﻬﻢ
.. ﺫﻫﺐ ﺟﺎﺑﺮ ﺍﺑﻦ ﻋﺒﺪﺍﻟﻪ ﻳﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﺃﺑﻴﻪ، ﺣﺘﻰ ﺃﻟﻔﺎﻩ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺸﻬﺪﺍﺀ، ﻭﻗﺪ ﻣﺜّﻞ ﺑﻪ
ﺍﻟﻤﺸﺮﻛﻮﻥ، ﻛﻤﺎ ﻣﺜﻠﻮﺍ ﻳﻐﻴﺮﻩ ﻣﻦ ﺍﻷﺑﻄﺎﻝ ..
ﻭﻭﻗﻒ ﺟﺎﺑﺮ ﻭﺑﻌﺾ ﺃﻫﻠﻪ ﻳﺒﻜﻮﻥ ﺷﻬﻴﺪ ﺍﻻﺳﻼﻡ ﻋﺒﺪﺍﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﻋﻤﺮﻭ ﺑﻢ ﺟﺮﺍﻡ، ﻭﻣﺮّ ﺑﻬﻢ
ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻭﻫﻢ ﻳﺒﻜﻮﻧﻪ، ﻓﻘﺎﻝ
:
" ﺍﺑﻜﻮﻩ ..
ﺃ،ﻻ ﺗﺒﻜﻮﻩ
..
ﻓﺎﻥ ﺍﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ﻟﺘﻈﻠﻠﻪ ﺑﺄﺟﻨﺤﺘﻬﺎ
!!.."
**
ﻛﺎﻥ ﺍﻳﻤﺎﻥ ﺃﺑﻮ ﺟﺎﺑﺮ ﻣﺘﺄﻟﻘﺎ ﻭﻭﺛﻴﻘﺎ
..
ﻭﻛﺎﻥ ﺣﺒّﻪ ﺑﺎﻟﻤﻮﺕ ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﻠﻪ ﻣﻨﺘﻬﻰ ﺃﻃﻤﺎﺣﻪ ﻭﺃﻣﺎﻧﻴﻪ
..
ﻭﻟﻘﺪ ﺃﻧﺒﺄ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻋﻨﻪ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌﺪ ﻧﺒﺄ ﻋﻈﻴﻢ، ﻳﺼﻮّﺭ ﺷﻐﻔﻪ
ﺑﺎﻟﺸﻬﺎﺩﺓ
..
ﻗﺎﻝ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﻟﻮﻟﺪﻩ ﺟﺎﺑﺮ ﻳﻮﻣﺎ
:
" ﻳﺎ ﺟﺎﺑﺮ ..
ﻣﺎ ﻛﻠﻢ ﺍﻟﻠﻪ ﺃﺣﺪﺍ ﻗﻂ ﺍﻻ ﻣﻦ ﻭﺭﺍﺀ ﺣﺠﺎﺏ
..
ﻭﻟﻘﺪ ﻛﻠّﻢ ﻛﻔﺎﺣﺎ
_ ﺃﻱ ﻣﻮﺍﺟﻬﺔ_
ﻓﻘﺎﻟﻔﻘﺎﻝ ﻟﻪ
: ﻳﺎ ﻋﺒﺪﻱ، ﺳﻠﻨﻲ ﺃﻋﻄﻚ ..
ﻓﻘﺎﻝ
: ﻳﺎ ﺭﺏ، ﺃﺳﺄﻟﻚ ﺃﻥ ﺗﺮﺩّﻧﻲ ﺍﻟﻰ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ، ﻷﻗﺘﻞ ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻠﻚ ﺛﺎﻧﻴﺔ ..
ﻗﺎﻝ ﻟﻪ ﺍﻟﻠﻪ
:
ﺍﻧﻪ ﻗﺪ ﺳﺒﻖ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﻣﻨﻲ
: ﺃﻧﻬﻢ ﺍﻟﻴﻬﺎ ﻻ ﻳﺮﺟﻌﻮﻥ .
ﻗﺎﻝ
: ﻳﺎ ﺭﺏ ﻓﺄﺑﻠﻎ ﻣﻦ ﻭﺭﺍﺋﻲ ﺑﻤﺎ ﺃﻋﻄﻴﺘﻨﺎ ﻣﻦ ﻧﻌﻤﺔ ..
ﻓﺄﻧﺰﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ
:
) ﻭﻻ ﺗﺤﺴﺒﻦّ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻗﺘﻠﻮﺍ ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﻠﻪ ﺃﻣﻮﺍﺗﺎ، ﺑﻞ ﺃﺣﻴﺎﺀ ﻋﻨﺪ ﺭﺑﻬﻢ ﻳﺮﺯﻗﻮﻥ، ﻓﺮﺣﻴﻦ
ﺑﻤﺎ ﺃﺗﺎﻫﻢ ﺍﻟﻠﻪ ﻣﻦ ﻓﻀﻠﻪ، ﻭﻳﺴﺘﺒﺸﺮﻭﻥ ﺑﺎﻟﺬﻳﻦ ﻟﻢ ﻳﻠﺤﻘﻮﺍ ﺑﻬﻢ ﻣﻦ ﺧﻠﻔﻬﻢ . ﺃﻻ ﺧﻮﻑ
ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻭﻻ ﻫﻢ ﻳﺤﺰﻧﻮﻥ ."(
**
ﻭﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻮﻥ ﻳﺘﻌﺮﻓﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﺷﻬﺪﺍﺋﻬﻢ ﺍﻷﺑﺮﺍﺭ، ﺑﻌﺪ ﻓﺮﺍﻍ ﺍﻟﻘﺘﺎﻝ ﻓﻲ ﺃﺣﺪ
..
ﻭﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻌﺮﻑ ﺃﻫﻞ ﻋﺒﺪﺍﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﻋﻤﺮﻭ ﻋﻠﻰ ﺟﺜﻤﺎﻧﻪ، ﺣﻤﻠﺘﻪ ﺯﻭﺟﺘﻪ ﻋﻠﻰ ﻧﺎﻗﺘﻬﺎ
ﻭﺣﻤﻠﺖ ﻣﻌﻪ ﺃﺧﺎﻫﺎ ﺍﻟﺬﻱ ﺍﺳﺘﺸﻬﺪ ﺃﻳﻀﺎ، ﻭﻫﻤّﺖ ﺑﻬﻤﺎ ﺭﺍﺟﻌﺔ ﺍﻟﻰ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ
ﻟﺘﺪﻓﻨﻬﻤﺎ ﻫﻨﺎﻙ، ﻭﻛﺬﻟﻚ ﻓﻌﻞ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﺑﺸﻬﺪﺍﺋﻬﻢ
..
ﺑﻴﺪ ﺃﻥ ﻣﻨﺎﺩﻱ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻟﺤﻖ ﺑﻬﻢ ﻭﻧﺎﺩﺍﻫﻢ ﺑﺄﻣﺮ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ
ﺃﻥ
:
" ﺃﻥ ﺍﺩﻓﻨﻮﺍ ﺍﻟﻘﺘﻠﻰ ﻓﻲ ﻣﺼﺎﺭﻋﻬﻢ .."
ﻓﻌﺎﺩ ﻛﻞ ﻣﻨﻬﻢ ﺑﺸﻬﻴﺪﻩ
..
ﻭﻭﻗﻒ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻳﺸﺮﻑ ﻋﻠﻰ ﺩﻓﻦ ﺃﺻﺤﺎﺑﻪ ﺍﻟﺸﻬﺪﺍﺀ،
ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺻﺪﻗﻮﺍ ﻣﺎ ﻋﺎﻫﺪﻭﺍ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ، ﻭﺑﺬﻟﻮﺍ ﺃﺭﻭﺍﺣﻬﻢ ﺍﻟﻐﺎﻟﻴﺔ ﻗﺮﺑﺎﻧﺎ ﻣﺘﻮﺍﺿﻌﺎ ﻟﻠﻪ
ﻭﻟﺮﺳﻮﻟﻪ
.
ﻭﻟﻤﺎ ﺟﺎﺀ ﺩﻭﺭ ﻋﺒﺪﺍﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﺣﺮﺍﻡ ﻟﻴﺪﻓﻦ، ﻧﺎﺩﻯ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ
:
" ﺍﺩﻓﻨﻮﺍ ﻋﺒﺪﺍﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﻋﻤﺮﻭ، ﻭﻋﻤﺮﻭ ﺑﻦ ﺍﻟﺠﻤﻮﺡ ﻓﻲ ﻗﺒﺮ ﻭﺍﺣﺪ، ﻓﺎﻧﻬﻤﺎ ﻛﺎﻧﺎ ﻓﻲ
ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻣﺘﺤﺎﺑﻴﻦ، ﻣﺘﺼﺎﻓﻴﻦ .."
**
ﻭﺍﻵﻥ
..
ﻓﻲ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﻠﺤﻈﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﻌﺪّ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﻘﺒﺮ ﺍﻟﺴﻌﻴﺪ ﻻﺳﺘﻘﺒﺎﻝ ﺍﻟﺸﻬﻴﺪﻳﻦ ﺍﻟﻜﺮﻳﻤﻴﻦ،
ﺗﻌﺎﻟﻮﺍ ﻧﻠﻘﻲ ﻧﻈﺮﺓ ﻣﺤﺒّﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺸﻬﻴﺪ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ﻋﻤﺮﻭ ﺑﻦ ﺍﻟﺠﻤﻮﺡ
ﻋﻤﺮﻭ ﺑﻦ ﺍﻟﺠﻤﻮﺡ
ﺃﺭﻳﺪ ﺃﻥ ﺃﺧﻄﺮ ﺑﻌﺮﺟﺘﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻨﺔ
ﺍﻧﻪ ﺻﻬﺮ ﻋﺒﺪﺍﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﺣﺮﺍﻡ، ﺍﺫ ﻛﺎﻥ ﺯﻭﺟﺎ ﻷﺧﺘﻪ ﻫﻨﺪ ﺑﻦ ﻋﻤﺮﻭ
..
ﻭﻛﺎﻥ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﺠﻤﻮﺡ ﻭﺍﺣﺪﺍ ﻣﻦ ﺯﻋﻤﺎﺀ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ، ﻭﺳﻴﺪﺍ ﻣﻦ ﺳﺎﺩﺍﺕ ﺑﻨﻲ ﺳﻠﻤﺔ
..
ﺳﺒﻘﻪ ﺍﻟﻰ ﺍﻻﺳﻼﻡ ﺍﺑﻨﻪ ﻣﻌﺎﺫ ﺑﻦ ﻋﻤﺮﻭ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﺃﺣﺪ ﺍﻷﻧﺼﺎﺭ ﺍﻟﺴﺒﻌﻴﻦ، ﺃﺻﺤﺎﺏ
ﺍﻟﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ
..
ﻭﻛﺎﻥ ﻣﻌﺎﺫ ﺑﻦ ﻋﻤﺮﻭ ﻭﺻﺪﻳﻘﻪ ﻣﻌﺎﺫ ﺑﻦ ﺟﺒﻞ ﻳﺪﻋﻮﺍﻥ ﻟﻼﺳﻼﻡ ﺑﻴﻦ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﻓﻲ
ﺣﻤﺎﺳﺔ ﺍﻟﺸﺒﺎﺏ ﺍﻟﻤﺆﻣﻦ ﺍﻟﺠﺮﻱﺀ
..
ﻭﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﻋﺎﺩﺓ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻫﻨﺎﻙ ﺃﻥ ﺑﺘﺨﺬ ﺍﻷﺷﺮﺍﻑ ﻣﻦ ﺑﻴﻮﺗﻬﻢ ﺃﺻﻨﺎﻣﺎ ﺭﻣﺰﻳﺔ ﻏﻴﺮ ﺗﻠﻚ
ﺍﻷﺻﻨﺎﻡ ﺍﻟﻜﺒﻴﺮﺓ ﺍﻟﻤﻨﺼﻮﺑﺔ ﻓﻲ ﻣﺤﺎﻓﻠﻬﺎ، ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺗﺆﻣّﻬﺎ ﺟﻤﻮﻉ ﺍﻟﻨﺎﺱ
..
ﻭﻋﻤﺮﻭ ﺑﻦ ﺍﻟﺠﻤﻮﺡ ﻣﻊ ﺻﺪﻳﻘﻪ ﻣﻌﺎﺫ ﺑﻦ ﺟﺒﻞ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻳﺠﻌﻼ ﻣﻦ ﺻﻨﻢ ﻋﻤﺮﻭ ﺑﻦ ﺟﻤﻮﺡ
ﺳﺨﺮﻳﺔ ﻭﻟﻌﺒﺎ
..
ﻓﻜﺎﻧﺎ ﻳﺪﻟﺠﺎﻥ ﻋﻠﻴﻪ ﻟﻴﻼ، ﺛﻢ ﻳﺤﻤﻼﻧﻪ ﻭﻳﻄﺮﺣﺎﻧﻪ ﻓﻲ ﺣﻔﺮﺓ ﻳﻄﺮﺡ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻓﻴﻪ ﻓﻀﻼﺗﻬﻢ
..
ﻭﻳﺼﻴﺢ ﻋﻤﺮﻭ ﻓﻼ ﻳﺠﺪ ﻣﻨﺎﻓﺎ ﻓﻲ ﻣﻜﺎﻧﻪ، ﻭﻳﺒﺤﺚ ﻋﻨﻪ ﺣﺘﻰ ﻳﺠﺪﻩ ﻃﺮﻳﺢ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺤﻔﺮﺓ
.. ﻓﻴﺜﻮﺭ ﻭﻳﻘﻮﻝ :
ﻭﻳﻠﻜﻢ ﻣﻦ ﻋﺪﺍ ﻋﻠﻰ ﺁﻟﻬﺘﻨﺎ ﺍﻟﻠﻴﻠﺔ
!..؟
ﺛﻢ ﻳﻐﺴﻠﻪ ﻭﻳﻄﻬﺮﻩ ﻭﻳﻄﻴّﺒﻪ ..
ﻓﺎﺫﺍ ﺟﺎﺀ ﻟﻴﻞ ﺟﺪﻳﺪ، ﺻﻨﻊ ﺍﻟﻤﻌﺎﺫﺍﻥ ﻣﻌﺎﺫ ﺑﻦ ﻋﻤﺮﻭ ﻭﻣﻌﺎﺫ ﺑﻦ ﺟﺒﻞ ﺑﺎﻟﺼﻨﻢ ﻣﺜﻞ ﻣﺎ
ﻳﻔﻌﻼﻥ ﺑﻪ ﻛﻞ ﻟﻴﻠﺔ
.
ﺣﺘﻰ ﺍﺫﺍ ﺳﺌﻢ ﻋﻤﺮﻭ ﺟﺎﺀ ﺑﺴﻴﻔﻪ ﻭﻭﺿﻌﻪ ﻓﻲ ﻋﻨﻖ ﻣﻨﺎﻑ ﻭﻗﺎﻝ ﻟﻪ
: ﺍﻥ ﻛﺎﻥ ﻓﻴﻚ ﺧﻴﺮ ﻓﺪﺍﻓﻊ ﻋﻦ ﻧﻔﺴﻚ !!..
ﻓﻠﻤﺎ ﺍﺻﺒﺢ ﻓﻠﻢ ﻳﺠﺪﻩ ﻣﻜﺎﻧﻪ
.. ﺑﻞ ﻭﺟﺪﻩ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻔﺮﺓ ﺫﺍﺗﻬﺎ ﻃﺮﻳﺤﺎ، ﺑﻴﺪ ﺃﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺮﺓ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻓﻲ ﺣﻔﺮﺗﻪ ﻭﺣﻴﺪﺍ،
ﺑﻞ ﻛﺎﻥ ﻣﺸﺪﻭﺩﺍ ﻣﻊ ﻛﻠﺐ ﻣﻴﺖ ﻓﻲ ﺣﺒﻞ ﻭﺛﻴﻖ .
ﻭﺍﺫﺍ ﻫﻮ ﻓﻲ ﻏﻀﺒﻪ، ﻭﺃﺳﻔﻪ ﻭﺩﻫﺸﻪ، ﺍﻗﺘﺮﺏ ﻣﻨﻪ ﺑﻌﺾ ﺃﺷﺮﺍﻑ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻛﺎﻧﻮﺍ
ﻗﺪ ﺳﺒﻘﻮﺍ ﺍﻟﻰ ﺍﻻﺳﻼﻡ
.. ﻭﺭﺍﺣﻮﺍ، ﻭﻫﻢ ﻳﺸﻴﺮﻭﻥ ﺑﺄﺻﺎﺑﻌﻬﻢ ﺍﻟﻰ ﺍﻟﺼﻨﻢ ﺍﻟﻤﻨﻜّﺲ ﺍﻟﻤﻘﺮﻭﻥ ﺑﻜﻠﺐ ﻣﻴﺖ،
ﻳﺨﺎﻃﺒﻮﻥ ﻓﻲ ﻋﻤﺮﻭ ﺑﻦ ﺍﻟﺠﻤﻮﺡ ﻋﻘﻠﻪ ﻭﻗﻠﺒﻪ ﻭﺭﺷﺪﻩ، ﻣﺤﺪﺛﻴﻨﻪ ﻋﻦ ﺍﻻﻟﻪ ﺍﻟﺤﻖ،
ﺍﻟﻌﻠﻲ ﺍﻷﻋﻠﻰ، ﺍﻟﺬﻱ ﻟﻴﺲ ﻛﻤﺜﻠﻪ ﺷﻲﺀ .
ﻭﻋﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺍﻟﺼﺎﺩﻕ ﺍﻷﻣﻴﻦ، ﺍﻟﺬﻱ ﺟﺎﺀ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻟﻴﻌﻄﻲ ﻻ ﻟﻴﺄﺧﺬ
.. ﻟﻴﻬﺪﻱ، ﻻ ﻟﻴﻀﻞ ..
ﻭﻋﻦ ﺍﻻﺳﻼﻡ، ﺍﻟﺬﻱ ﺟﺎﺀ ﻳﺤﺮﺭ ﺍﻟﺒﺸﺮ ﻣﻦ ﺍﻷﻋﻼﻝ، ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻷﻏﻠﻞ، ﻭﺟﺎﺀ ﻳﺤﻴﻰ ﻓﻴﻬﻢ
ﺭﻭﺡ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﻳﻨﺸﺮ ﻓﻲ ﻗﻠﻮﺑﻬﻢ ﻧﻮﺭﻩ
.
ﻭﻓﻲ ﻟﺤﻈﺎﺕ ﻭﺟﺪ ﻋﻤﺮﻭ ﻧﻔﺴﻪ ﻭﻣﺼﻴﺮﻩ
..
ﻭﻓﻲ ﻟﺤﻈﺎﺕ ﺫﻫﺐ ﻓﻄﻬﺮ ﺛﻮﺑﻪ، ﻭﺑﺪﻧﻪ
.. ﺛﻢ ﺗﻄﻴّﺐ ﻭﺗﺄﻧﻖ، ﻭﺗﺄﻟﻖ، ﻭﺫﻫﺐ ﻋﺎﻟﻲ ﺍﻟﺠﺒﻬﺔ ﻣﺸﺮﻕ ﺍﻟﻨﻔﺲ، ﻟﻴﺒﺎﻳﻊ ﺧﺎﺗﻢ
ﺍﻟﻤﺮﺳﻠﻴﻦ، ﻭﻟﻴﺄﺧﺬ ﻣﻜﺎﻧﻪ ﻣﻊ ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ .
**
ﻗﺪ ﻳﺴﺄﻝ ﺳﺎﺋﻞ ﻧﻔﺴﻪ، ﻛﻴﻒ ﻛﺎﻥ ﺭﺟﺎﻝ ﻣﻦ ﺃﻣﺜﺎﻝ ﻋﻤﺮﻭ ﺑﻦ ﺍﻟﺠﻤﻮﺡ
.. ﻭﻫﻢ ﺯﻋﻤﺎﺀ ﻗﻮﻣﻬﻢ ﻭﺃﺷﺮﺍﻑ .. ﻛﻴﻒ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻳﺆﻣﻨﻮﻥ ﺑﺄﺻﻨﺎﻡ ﻫﺎﺯﻟﺔ ﻛﻞ ﻫﺬﺍ
ﺍﻻﻳﻤﺎﻥ ..؟
ﻭﻛﻴﻒ ﻟﻢ ﺗﻌﺼﻤﻬﻢ ﻋﻘﻮﻟﻬﻢ ﻋﻦ ﻣﺜﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻬﺮﺍﺀ .. ﻭﻛﻴﻒ ﻧﻌﺪّﻫﻢ ﺍﻟﻴﻮﻡ، ﺣﺘﻰ ﻣﻊ
ﺍﺳﻼﻣﻬﻢ ﻭﺗﻀﺤﻴﺎﺗﻬﻢ، ﻣﻦ ﻋﻈﻤﺎﺀ ﺍﻟﺮﺟﺎﻝ .. ؟
ﻭﻣﺜﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺴﺆﺍﻝ ﻳﺒﺪﻭ ﺍﻳﺮﺍﺩﻩ ﺳﻬﻼ ﻓﻲ ﺃﻳﺎﻣﻨﺎ ﻫﺬﻩ ﺣﻴﺚ ﻻ ﻧﺠﺪ ﻃﻔﻼ ﻳﺴﻴﻎ ﻋﻘﻠﻪ
ﺃﻥ ﻳﻨﺼﺐ ﻓﻲ ﺑﻴﺘﻪ ﺧﺸﺒﺔ ﺛﻢ ﻳﻌﺒﺪﻫﺎ ..
ﻟﻜﻦ ﻓﻲ ﺃﻳﺎﻡ ﺧﻠﺖ، ﻛﺎﻧﺖ ﻋﻮﺍﻃﻒ ﺍﻟﺒﺸﺮ ﺗﺘﺴﻊ ﻟﻤﺜﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺼﻨﻴﻊ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ
ﻟﺬﻛﺎﺋﻬﻢ ﻭﻧﺒﻮﻏﻬﻢ ﺣﻴﻠﺔ ﺗﺠﺎﻩ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺘﻘﺎﻟﻴﺪ
!!..
ﻭﺣﺴﺒﻨﺎ ﻟﻬﺬﺍ ﻣﺜﻼ ﺃﺛﻴﻨﺎ
..
ﺃﺛﻴﻨﺎ ﻓﻲ ﻋﺼﺮ ﺑﺎﺭﻛﻠﻴﺰ ﻭﻓﻴﺘﺎﻏﻮﺭﺱ ﻭﺳﻘﺮﺍﻁ
..
ﺃﺛﻴﻨﺎ ﺍﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﻗﺪ ﺑﻠﻐﺖ ﺭﻗﻴّﺎ ﻓﻜﺮﻳﺎ ﻳﺒﻬﺮ ﺍﻷﺑﺎﺏ، ﻛﺎﻥ ﺃﻫﻠﻬﺎ ﺟﻤﻴﻌﺎ
: ﻓﻼﺳﻔﺔ، ﻭﺣﻜﺎﻣﺎ، ﻭﺟﻤﺎﻫﻴﺮ ﻳﺆﻣﻨﻮﻥ ﺑﺄﺻﻨﺎﻡ ﻣﻨﺤﻮﺗﺔ ﺗﻨﺎﻫﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻼﻫﺔ
ﻭﺍﻟﺴﺨﺮﻳﺔ!!
ﺫﻟﻚ ﺃﻥ ﺍﻟﻮﺟﺪﺍﻥ ﺍﻟﺪﻳﻨﻲ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻌﺼﻮﺭ ﺍﻟﺒﻌﻴﺪﺓ، ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻳﺴﻴﺮ ﻓﻲ ﺧﻂ ﻣﻮﺍﺯ
ﻟﻠﺘﻔﻮﻕ ﺍﻟﻌﻘﻠﻲ
…
**
ﺃﺳﻠﻢ ﻋﻤﺮﻭ ﺑﻦ ﺍﻟﺠﻤﻮﺡ ﻗﻠﺒﻪ، ﻭﺣﻴﺎﺗﻪ ﻟﻠﻪ ﺭﺏ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻦ، ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺃﻧﻪ ﻛﺎﻥ
ﻣﻔﻄﻮﺭﺍ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺠﻮﺩ ﻭﺍﻟﺴﺨﺎﺀ، ﻓﺎﻥ ﺍﻻﺳﻼﻡ ﺯﺍﺩ ﺟﻮﺩﻩ ﻣﻀﺎﺀ، ﻓﻮﺿﻊ ﻛﻞ ﻣﺎﻟﻪ ﻓﻲ
ﺧﺪﻣﺔ ﺩﻳﻨﻪ ﻭﺍﺧﻮﺍﻧﻪ
..
ﺳﺄﻝ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ ﺟﻤﺎﻋﺔ ﻣﻦ ﺑﻨﻲ ﺳﻠﻤﺔ ﻗﺒﻴﻠﺔ ﻋﻤﺮﻭ ﺑﻦ ﺍﻟﺠﻤﻮﺡ
ﻓﻘﺎﻝ
:
ﻣﻦ ﺳﻴّﺪﻛﻢ ﻳﺎ ﺑﻨﻲ ﺳﻠﻤﺔ
.. ؟
ﻗﺎﻟﻮﺍ : ﺍﻟﺠﺪّ ﺑﻦ ﻗﻴﺲ، ﻋﻠﻰ ﺑﺨﻞ ﻓﻴﻪ ..
ﻓﻘﺎﻝ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ
:
ﻭﺃﻱ ﺩﺍﺀ ﺃﺩﻭﻯ ﻣﻦ ﺍﻟﺒﺨﻞ
!!
ﺑﻞ ﺳﻴّﺪﻛﻢ ﺍﻟﺠﻌﺪ ﺍﻷﺑﻴﺾ، ﻋﻤﺮﻭ ﺑﻦ ﺍﻟﺠﻤﻮﺡ
..
ﻓﻜﺎﻧﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺸﻬﺎﺩﺓ ﻣﻦ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺗﻜﺮﻳﻤﺎ ﻻﺑﻦ ﺍﻟﺠﻤﻮﺡ،
ﺃﻱ ﺗﻜﺮﻳﻢ
!..
ﻭﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﻗﺎﻝ ﺷﺎﻋﺮ ﺍﻷﻧﺼﺎﺭ
:
ﻓﺴﻮّﺩ ﻋﻤﺮﻭ ﺑﻦ ﺍﻟﺠﻤﻮﺡ ﻟﺠﻮﺩﻩ
ﻭﺣﻖ ﻟﻌﻤﺮﻭ ﺑﺎﻟﻨّﺪﻯ ﺃﻥ ﻳﺴﻮّﺩﺍ
ﺍﺫﺍ ﺟﺎﺀﻩ ﺍﻟﺴﺆﺍﻝ ﺃﺫﻫﺐ ﻣﺎﻟﻪ
ﻭﻗﺎﻝ
: ﺧﺬﻭﻩ، ﺍﻧﻪ ﻋﺎﺋﺪ ﻏﺪﺍ
ﻭﺑﻤﺜﻞ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻋﻤﺮﻭ ﺑﻦ ﺍﻟﺠﻤﻮﺡ ﻳﺠﻮﺩ ﺑﻤﺎﻟﻪ ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﻠﻪ، ﺃﺭﺍﺩ ﺃﻥ ﻳﺠﻮﺩ ﺑﺮﻭﺣﻪ
ﻭﺑﺤﻴﺎﺗﻪ ..
ﻭﻟﻜﻦ ﻛﻴﻒ ﺍﻟﺴﺒﻴﻞ؟؟
ﺍﻥ ﻓﻲ ﺳﺎﻗﻪ ﻋﺮﺟﺎ ﻳﺠﻌﻠﻪ ﻏﻴﺮ ﺻﺎﻟﺢ ﻟﻼﺷﺘﺮﺍﻙ ﻓﻲ ﻗﺘﺎﻝ
.
ﻭﺍﻧﻪ ﻟﻪ ﺃﺭﺑﻌﺔ ﺃﻭﻻﺩ، ﻛﻠﻬﻢ ﻣﺴﻠﻤﻮﻥ، ﻭﻛﻠﻬﻢ ﺭﺟﺎﻝ ﻛﺎﻷﺳﻮﺩ، ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻳﺨﺮﺟﻮﻥ ﻣﻊ
ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﻐﺰﻭ، ﻭﻳﺜﺎﺑﺮﻭﻥ ﻋﻠﻰ ﻓﺮﻳﻀﺔ ﺍﻟﺠﻬﺎﺩ
..
ﻭﻟﻘﺪ ﺣﺎﻭﻝ ﻋﻤﺮﻭ ﺃﻥ ﻳﺨﺮﺝ ﻓﻲ ﻏﺰﻭﺓ ﺑﺪﺭ ﻓﺘﻮﺳّﻞ ﺃﺑﻨﺎﺅﻩ ﺍﻟﻰ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ
ﻭﺳﻠﻢ ﻛﻲ ﻳﻘﻨﻌﻪ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻟﺨﺮﻭﺝ، ﺃ، ﻳﺄﻣﺮﻩ ﺑﻪ ﺍﺫﺍ ﻫﻮ ﻟﻢ ﻳﻘﺘﻨﻊ
..
ﻭﻓﻌﻼ، ﺃﺧﺒﺮﻩ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺃﻥ ﺍﻻﺳﻼﻡ ﻳﻌﻔﻴﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﻬﺎﺩ ﻛﻔﺮﻳﻀﺔ،
ﻭﺫﻟﻚ ﻟﻌﺠﺰﻩ ﺍﻟﻤﺎﺛﻞ ﻓﻲ ﻋﺮﺟﻪ ﺍﻟﺸﺪﻳﺪ
..
ﺑﻴﺪ ﺃﻧﻪ ﺭﺍﺡ ﻳﻠﺢّ ﻭﻳﺮﺟﻮ
.. ﻓﺄﻣﺮﻩ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺑﺎﻟﺒﻘﺎﺀ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ .
**
ﻭﺟﺎﺀﺕ ﻏﺰﻭﺓ ﺃﺣﺪ ﻓﺬﻫﺐ ﻋﻤﺮﻭ ﺍﻟﻰ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻳﺘﻮﺳﻞ ﺍﻟﻴﻪ ﺃﻥ
ﻳﺄﺫﻥ ﻟﻪ ﻭﻗﺎﻝ ﻟﻪ
:
" ﻳﺎ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻥّ ﺑﻨﻲّ ﻳﺮﻳﺪﻭﻥ ﺃﻥ ﻳﺤﺒﺴﻮﻧﻲ ﻋﻦ ﺍﻟﺨﺮﻭﺝ ﻣﻌﻚ ﺍﻟﻰ ﺍﻟﺠﻬﺎﺩ ..
ﻭﻭﺍﻟﻠﻪ ﺍﻧﻲ ﻷﺭﺟﻮ ﺃﻥ، ﺃﺧﻄﺮ، ﺑﻌﺮﺟﺘﻲ ﻫﺬﻩ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻨﺔ
.."
ﻭﺃﻣﺎﻡ ﺍﺻﺮﺍﺭﻩ ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ ﺃﺫﻥ ﻟﻪ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﺑﺎﻟﺨﺮﻭﺝ، ﻓﺄﺧﺬ ﺳﻼﺣﻪ، ﻭﺍﻧﻄﻠﻖ
ﻳﺨﻄﺮ ﻓﻲ ﺣﺒﻮﺭ ﻭﻏﺒﻄﺔ، ﻭﺩﻋﺎ ﺭﺑﻪ ﺑﺼﻮﺕ ﺿﺎﺭﻉ
:
" ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺍﺭﺯﻗﻨﻲ ﺍﻟﺸﻬﺎﺩﺓ ﻭﻻ ﺗﺮﺩّﻧﻲ ﺍﻟﻰ ﺃﻫﻠﻲ ."
ﻭﺍﻟﺘﻘﻰ ﺍﻟﺠﻤﻌﺎﻥ ﻳﻮﻡ ﺃﺣﺪ
..
ﻭﺍﻧﻄﻠﻖ ﻋﻤﺮﻭ ﺑﻦ ﺍﻟﺠﻤﻮﺡ ﻭﺃﺑﻨﺎﺅﻩ ﺍﻷﺭﺑﻌﺔ ﻳﻀﺮﺑﻮﻥ ﺑﺴﻴﻮﻓﻬﻢ ﺟﻴﻮﺵ ﺍﻟﺸﺮﻙ ﻭﺍﻟﻈﻼﻡ
..
ﻛﺎﻥ ﻋﻤﺮﻭ ﺑﻦ ﺍﻟﺠﻤﻮﺡ ﻳﺨﻄﺮ ﻭﺳﻂ ﺍﻟﻤﻌﻤﻌﺔ ﺍﻟﺼﺎﺣﺒﺔ، ﻭﻣﻊ ﻛﻞ ﺧﻄﺮﺓ ﻳﻘﻄﻒ ﺳﻴﻔﻪ
ﺭﺃﺳﺎ ﻣﻦ ﺭﺅﻭﺱ ﺍﻟﻮﺛﻨﻴﺔ
..
ﻛﺎﻥ ﻳﻀﺮﺏ ﺍﻟﻀﺮﺑﺔ ﺑﻴﻤﻴﻨﻪ، ﺛﻢ ﻳﻠﺘﻔﺖ ﺣﻮﺍﻟﻴﻪ ﻓﻲ ﺍﻷﻓﻖ ﺍﻷﻋﻠﻰ، ﻛﺄﻧﻪ ﻳﺘﻌﺠﻞ
ﻗﺪﻭﻡ ﺍﻟﻤﻼﻙ ﺍﻟﺬﻱ ﺳﻴﻘﺒﺾ ﺭﻭﺣﻪ، ﺛﻢ ﻳﺼﺤﺒﻬﺎ ﺍﻟﻰ ﺍﻟﺠﻨﺔ
..
ﺃﺟﻞ
.. ﻓﻠﻘﺪ ﺳﺄﻝ ﺭﺑﻪ ﺍﻟﺸﻬﺎﺩﺓ، ﻭﻫﻮ ﻭﺍﺛﻖ ﺃﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ ﻗﺪ ﺍﺳﺘﺠﺎﺏ ﻟﻪ ..
ﻭﻫﻮ ﻣﻐﺮﻡ ﺑﺄﻥ ﻳﺨﻄﺮ ﺑﺴﺎﻗﻪ ﺍﻟﻌﺮﺟﺎﺀ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻨﺔ ﻟﻴﻌﻠﻢ ﺃﻫﻠﻬﺎ ﺃﻥ ﻣﺤﻤﺪﺍ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻪ
ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ، ﻳﻌﺮﻑ ﻛﻴﻒ ﻳﺨﺘﺎﺭ ﺍﻷﺻﺤﺎﺏ، ﻭﻛﻴﻒ ﻳﺮﺑّﻲ ﺍﻟﺮﺟﺎﻝ
!!..
**
ﻭﺟﺎﺀ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻳﻨﺘﻈﺮ
.
ﺿﺮﺑﺔﺳﻴﻒ ﺃﻭﻣﻀﺖ، ﻣﻌﻠﻨﺔ ﺳﺎﻋﺔ ﺍﻟﺰﻓﺎﻑ
..
ﺯﻓﺎﻑ ﺷﻬﻴﺪ ﻣﺠﻴﺪ ﺍﻟﻰ ﺟﻨﺎﺕ ﺍﻟﺨﻠﺪ، ﻭﻓﺮﺩﻭﺱ ﺍﻟﺮﺣﻤﻦ
!!..
**
ﻭﺍﺫ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻮﻥ ﻳﺪﻓﻨﻮﻥ ﺷﻬﺪﺍﺀﻫﻢ ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ ﺃﻣﺮﻩ ﺍﻟﺬﻱ
ﺳﻤﻌﻨﺎﻩ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ
:
" ﺍﻧﻈﺮﻭﺍ، ﻓﺎﺟﻌﻠﻮﺍ ﻋﺒﺪﺍﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﻋﻤﺮﻭ ﺑﻦ ﺣﺮﺍﻡ ﻭﻋﻤﺮﻭ ﺑﻦ ﺍﻟﺠﻤﻮﺡ ﻓﻲ ﻗﺒﺮ ﻭﺍﺣﺪ،
ﻓﺎﻧﻬﻤﺎ ﻛﺎﻧﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻣﺘﺤﺎﺑﻴﻦ ﻣﺘﺼﺎﻓﻴﻴﻦ !!.."
**
ﻭﺩﻓﻦ ﺍﻟﺤﺒﻴﺒﺎﻥ ﺍﻟﺸﻬﻴﺪﺍﻥ ﺍﻟﺼﺪﻳﻘﺎﻥ ﻓﻲ ﻗﺒﺮ ﻭﺍﺣﺪ، ﺗﺤﺖ ﺛﺮﻯ ﺍﻷﺭﺽ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻠﻘﺖ
ﺟﺜﻤﺎﻧﻴﻬﻤﺎ ﺍﻟﻄﺎﻫﺮﻳﻦ، ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﺷﻬﺪﺕ ﺑﻄﻮﻟﺘﻬﻤﺎ ﺍﻟﺨﺎﺭﻗﺔ
.
ﻭﺑﻌﺪ ﻣﻀﻲ ﺳﺖ ﻭﺃﺭﺑﻌﻴﻦ ﺳﻨﺔ ﻋﻠﻰ ﺩﻓﻨﻬﻤﺎ، ﻧﺰﻝ ﺳﻴﻞ ﺷﺪﻳﺪ ﻏﻄّﻰ ﺃﺭﺽ ﺍﻟﻘﺒﻮﺭ،
ﺑﺴﺒﺐ ﻋﻴﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺎﺀ ﺃﺟﺮﺍﻫﺎ ﻫﻨﺎﻙ ﻣﻌﺎﻭﻳﺔ، ﻓﺴﺎﺭﻉ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻮﻥ ﺍﻟﻰ ﻧﻘﻞ ﺭﻓﺎﺕ
ﺍﻟﺸﻬﺪﺍﺀ، ﻓﺎﺫﺍ ﻫﻢ ﻛﻤﺎ ﻭﺻﻔﻬﻢ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺍﺷﺘﺮﻛﻮﺍ ﻓﻲ ﻧﻘﻞ ﺭﻓﺎﺗﻬﻢ
:
" ﻟﻴّﻨﺔ ﺃﺟﺴﺎﺩﻫﻢ ..
ﺗﺘﺜﻨﻰ ﺃﻃﺮﺍﻓﻬﻢ
!.."
ﻭﻛﺎﻥ ﺟﺎﺑﺮ ﺑﻦ ﻋﺒﺪﺍﻟﻠﻪ ﻻ ﻳﺰﺍﻝ ﺣﻴﺎ، ﻓﺬﻫﺐ ﻣﻊ ﺃﻫﻠﻪ ﻟﻴﻨﻘﻞ ﺭﻓﺎﺕ ﺃﺑﻴﻪ ﻋﺒﺪﺍﻟﻠﻪ ﺑﻦ
ﻋﻤﺮﻭ ﺑﻦ ﺣﺮﺍﻡ، ﻭﺭﻓﺎﺕ ﺯﻭﺝ ﻋﻤﺘﻪ ﻋﻤﺮﻭ ﺑﻦ ﺍﻟﺠﻤﻮﺡ
..
ﻓﻮﺟﺪﻫﻤﺎ ﻓﻲ ﻗﺒﺮﻫﻤﺎ، ﻛﺄﻧﻬﻤﺎ ﻧﺎﺋﻤﺎﻥ
.. ﻟﻢ ﺗﺄﻛﻞ ﺍﻷﺭﺽ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﺷﻴﺌﺎ، ﻭﻟﻢ ﺗﻔﺎﺭﻕ ﺷﻔﺎﻫﻬﻤﺎ ﺑﺴﻤﺔ ﺍﻟﺮﺿﺎ ﻭﺍﻟﻐﺒﻄﺔ ﺍﻟﺘﻲ
ﻛﺎﻧﺖ ﻳﻮﻡ ﺩﻋﻴﺎ ﻟﻠﻘﺎﺀ ﺍﻟﻠﻪ ..
ﺃﺗﻌﺠﺒﻮﻥ
.. ؟
ﻛﻼ، ﻻ ﺗﻌﺠﺒﻮﺍ ..
ﻓﺎﻥ ﺍﻷﺭﻭﺍﺡ ﺍﻟﻜﺒﻴﺮﺓ، ﺍﻟﺘﻘﻴﺔ، ﺍﻟﻨﻘﻴﺔ، ﺍﻟﺘﻲ ﺳﻴﻄﺮﺕ ﻋﻠﻰ ﻣﺼﻴﺮﻫﺎ
.. ﺗﺘﺮﻙ ﻓﻲ ﺍﻷﺟﺴﺎﺩ ﺍﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻮﺋﻼ ﻟﻬﺎ، ﻗﺪﺭﺍ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻨﺎﻋﺔ ﻳﺪﺭﺃ ﻋﻨﻬﺎ ﻋﻮﺍﻣﻞ
ﺍﻟﺘﺤﻠﻞ، ﻭﺳﻄﻮﺓ ﺍﻟﺘﺮﺍﺏ..
ﻭﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ ﻋﻠﻰ ﺃﺷﺮﻑ ﺍﻟﻤﺮﺳﻠﻴﻦ
ﻭﻋﻠﻰ ﺁﻟﻪ ﻭﺻﺤﺒﻪ ﺃﺟﻤﻌﻴﻦ
ﺃﺑﻮ ﺟﺎﺑﺮ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﻋﻤﺮﻭ ﺑﻦ ﺣﺮﺍﻡ
ﻇﻠﻴﻞ ﺍﻟﻤﻼﺋﻜﺔ
ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﺍﻷﻧﺼﺎﺭ ﺍﻟﺴﺒﻌﻮﻥ ﻳﺒﺎﻳﻌﻮﻥ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺑﻴﻌﺔ ﺍﻟﻌﻘﺒﺔ
ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ، ﻛﺎﻥ ﻋﺒﺪﺍﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﻋﻤﺮﻭ ﺑﻦ ﺣﺮﺍﻡ، ﺃﺑﻮ ﺟﺎﺑﺮ ﺑﻦ ﻋﺒﺪﺍﻟﻠﻪ ﺃﺣﺪ ﻫﺆﻻﺀ ﺍﻷﻧﺼﺎﺭ
..
ﻭﻟﻤﺎ ﺍﺧﺘﺎﺭ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻣﻨﻬﻢ ﻧﻘﺒﺎﺀ، ﻛﺎﻥ ﻋﺒﺪﺍﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﻋﻤﺮﻭ ﺃﺣﺪ
ﻫﺆﻻﺀ ﺍﻟﻨﻘﺒﺎﺀ
.. ﺟﻌﻠﻪ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻧﻘﻴﺒﺎ ﻋﻠﻰ ﻗﻮﻣﻪ ﻣﻦ ﺑﻨﻲ ﺳﻠﻤﺔ ..
ﻭﻟﻤﺎ ﻋﺎﺩ ﺍﻟﻰ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﻭﺿﻊ ﻧﻔﺴﻪ، ﻭﻣﺎﻟﻪ، ﻭﺃﻫﻠﻪ ﻓﻲ ﺧﺪﻣﺔ ﺍﻻﺳﻼﻡ
..
ﻭﺑﻌﺪ ﻫﺠﺮﺓ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺍﻟﻰ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ، ﻛﺎﻥ ﺃﺑﻮ ﺟﺎﺑﺮ ﻗﺪ ﻭﺟﺪ ﻛﻞ ﺣﻈﻮﻇﻪ ﺍﻟﺴﻌﻴﺪﺓ ﻓﻲ
ﻣﺼﺎﺣﺒﺔ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﻟﻴﻠﻪ ﻭﻧﻬﺎﺭﻩ
..
**
ﻭﻓﻲ ﻏﺰﻭﺓ ﺑﺪﺭ ﺧﺮﺝ ﻣﺠﺎﻫﺪﺍ، ﻭﻗﺎﺗﻞ ﻗﺘﺎﻝ ﺍﻷﺑﻄﺎﻝ
..
ﻭﻓﻲ ﻏﺰﻭﺓ ﺃﺣﺪ ﺗﺮﺍﺀﻯ ﻟﻪ ﻣﺼﺮﻋﻪ ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﻳﺨﺮﺝ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻮﻥ ﻟﻠﻐﺰﻭ
..
ﻭﻏﻤﺮﻩ ﺍﺣﺴﺎﺱ ﺻﺎﺩﻕ ﺑﺄﻧﻪ ﻟﻦ ﻳﻌﻮﺩ، ﻓﻜﺎﺩ ﻗﻠﺒﻪ ﻳﻄﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﺮﺡ
!!
ﻭﺩﻋﺎ ﺍﻟﻴﻪ ﻭﻟﺪ ﺟﺎﺑﺮ ﺑﻦ ﻋﺒﺪﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﻲ ﺍﻟﺠﻠﻴﻞ، ﻭﻗﺎﻝ ﻟﻪ
:
" ﺍﻧﻲ ﻻ ﺃﺭﺍﻱ ﺍﻻ ﻣﻘﺘﻮﻻ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻐﺰﻭﺓ ..
ﺑﻞ ﻟﻌﻠﻲ ﺳﺄﻛﻮﻥ ﺃﻭﻝ ﺷﻬﺪﺍﺋﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ
..
ﻭﺍﻧﻲ ﻭﺍﻟﻠﻪ، ﻻ ﺃﺩﻉ ﺃﺣﺪﺍ ﺑﻌﺪﻱ ﺃﺣﺐّ ﺍﻟﻲّ ﻣﻨﻚ ﺑﻌﺪ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ
ﻭﺳﻠﻢ
..
ﻭﺍﻥ ﻋﻠﻲّ ﺩﺑﻨﺎ، ﻓﺎﻗﺾ ﻋﻨﻲ ﺩﻳﻨﻲ، ﻭﺍﺳﺘﻮﺹ ﺑﺎﺧﻮﺗﻚ ﺧﻴﺮﺍ
.."
**
ﻭﻓﻲ ﺻﺒﻴﺤﺔ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺍﻟﺘﺎﻟﻲ، ﺧﺮﺝ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻮﻥ ﻟﻠﻘﺎﺀ ﻗﺮﻳﺶ
..
ﻗﺮﻳﺶ ﺍﻟﺘﻲ ﺟﺎﺀﺕ ﻓﻲ ﺟﻴﺶ ﻟﺠﺐ ﺗﻐﺰﻭ ﻣﺪﻳﻨﺘﻬﻢ ﺍﻵﻣﻨﺔ
..
ﻭﺩﺍﺭﺕ ﻣﻌﺮﻛﺔ ﺭﻫﻴﺒﺔ، ﺃﺩﺭﻙ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻮﻥ ﻓﻲ ﺑﺪﺍﻳﺘﻬﺎ ﻧﺼﺮﺍ ﺳﺮﻳﻌﺎ، ﻛﺎﻥ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ
ﻧﺼﺮﺍ ﺣﺎﺳﻤﺎ، ﻟﻮﻻ ﺃﻥ ﺍﻟﺮﻣﺎﺓ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺍﻣﺮﻫﻢ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﺑﺎﻟﺒﻘﺎﺀ ﻓﻲ
ﻣﻮﺍﻗﻌﻬﻢ ﻭﻋﺪﻡ ﻣﻐﺎﺩﺭﺗﻬﺎ ﺃﺑﺪﺍ ﺃﻏﺮﺍﻫﻢ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﺼﺮ ﺍﻟﺨﺎﻃﻒ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﺮﺷﻴﻴﻦ، ﻓﺘﺮﻛﻮﺍ
ﻣﻮﺍﻗﻌﻬﻢ ﻓﻮﻕ ﺍﻟﺠﺒﻞ، ﻭﺷﻐﻠﻮﺍ ﺑﺠﻤﻊ ﻏﻨﺎﺋﻢ ﺍﻟﺠﻴﺶ ﺍﻟﻤﻨﻬﺰﻡ
..
ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺠﻴﺶ ﺍﻟﺬﻱ ﺟﻤﻊ ﻓﻠﻮﻟﻪ ﺷﺮﻳﻌﺎ ﺣﻴﻦ ﺭﺃﻯ ﻇﻬﺮ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻗﺪ ﺍﻧﻜﺸﻒ ﺗﻤﺎﻣﺎ،
ﺛﻢ ﻓﺎﺟﺄﻫﻢ ﺑﻬﺠﻮﻡ ﺧﺎﻃﻒ ﻣﻦ ﻭﺭﺍﺀ، ﻓﺘﺤﻮّﻝ ﻧﺼﺮ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﺍﻟﻰ ﻫﺰﻳﻤﺔ
..
**
ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﺘﺎﻝ ﺍﻟﻤﺮﻳﺮ، ﻗﺎﺗﻞ ﻋﺒﺪﺍﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﻋﻤﺮﻭ ﻗﺘﺎﻝ ﻣﻮﺩّﻉ ﺷﻬﻴﺪ
..
ﻭﻟﻤﺎ ﺫﻫﺐ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻮﻥ ﺑﻌﺪ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﺍﻟﻘﺘﺎﻝ ﻳﻨﻈﺮﻭﻥ ﺷﻬﺪﺍﺋﻬﻢ
.. ﺫﻫﺐ ﺟﺎﺑﺮ ﺍﺑﻦ ﻋﺒﺪﺍﻟﻪ ﻳﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﺃﺑﻴﻪ، ﺣﺘﻰ ﺃﻟﻔﺎﻩ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺸﻬﺪﺍﺀ، ﻭﻗﺪ ﻣﺜّﻞ ﺑﻪ
ﺍﻟﻤﺸﺮﻛﻮﻥ، ﻛﻤﺎ ﻣﺜﻠﻮﺍ ﻳﻐﻴﺮﻩ ﻣﻦ ﺍﻷﺑﻄﺎﻝ ..
ﻭﻭﻗﻒ ﺟﺎﺑﺮ ﻭﺑﻌﺾ ﺃﻫﻠﻪ ﻳﺒﻜﻮﻥ ﺷﻬﻴﺪ ﺍﻻﺳﻼﻡ ﻋﺒﺪﺍﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﻋﻤﺮﻭ ﺑﻢ ﺟﺮﺍﻡ، ﻭﻣﺮّ ﺑﻬﻢ
ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻭﻫﻢ ﻳﺒﻜﻮﻧﻪ، ﻓﻘﺎﻝ
:
" ﺍﺑﻜﻮﻩ ..
ﺃ،ﻻ ﺗﺒﻜﻮﻩ
..
ﻓﺎﻥ ﺍﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ﻟﺘﻈﻠﻠﻪ ﺑﺄﺟﻨﺤﺘﻬﺎ
!!.."
**
ﻛﺎﻥ ﺍﻳﻤﺎﻥ ﺃﺑﻮ ﺟﺎﺑﺮ ﻣﺘﺄﻟﻘﺎ ﻭﻭﺛﻴﻘﺎ
..
ﻭﻛﺎﻥ ﺣﺒّﻪ ﺑﺎﻟﻤﻮﺕ ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﻠﻪ ﻣﻨﺘﻬﻰ ﺃﻃﻤﺎﺣﻪ ﻭﺃﻣﺎﻧﻴﻪ
..
ﻭﻟﻘﺪ ﺃﻧﺒﺄ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻋﻨﻪ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌﺪ ﻧﺒﺄ ﻋﻈﻴﻢ، ﻳﺼﻮّﺭ ﺷﻐﻔﻪ
ﺑﺎﻟﺸﻬﺎﺩﺓ
..
ﻗﺎﻝ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﻟﻮﻟﺪﻩ ﺟﺎﺑﺮ ﻳﻮﻣﺎ
:
" ﻳﺎ ﺟﺎﺑﺮ ..
ﻣﺎ ﻛﻠﻢ ﺍﻟﻠﻪ ﺃﺣﺪﺍ ﻗﻂ ﺍﻻ ﻣﻦ ﻭﺭﺍﺀ ﺣﺠﺎﺏ
..
ﻭﻟﻘﺪ ﻛﻠّﻢ ﻛﻔﺎﺣﺎ
_ ﺃﻱ ﻣﻮﺍﺟﻬﺔ_
ﻓﻘﺎﻟﻔﻘﺎﻝ ﻟﻪ
: ﻳﺎ ﻋﺒﺪﻱ، ﺳﻠﻨﻲ ﺃﻋﻄﻚ ..
ﻓﻘﺎﻝ
: ﻳﺎ ﺭﺏ، ﺃﺳﺄﻟﻚ ﺃﻥ ﺗﺮﺩّﻧﻲ ﺍﻟﻰ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ، ﻷﻗﺘﻞ ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻠﻚ ﺛﺎﻧﻴﺔ ..
ﻗﺎﻝ ﻟﻪ ﺍﻟﻠﻪ
:
ﺍﻧﻪ ﻗﺪ ﺳﺒﻖ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﻣﻨﻲ
: ﺃﻧﻬﻢ ﺍﻟﻴﻬﺎ ﻻ ﻳﺮﺟﻌﻮﻥ .
ﻗﺎﻝ
: ﻳﺎ ﺭﺏ ﻓﺄﺑﻠﻎ ﻣﻦ ﻭﺭﺍﺋﻲ ﺑﻤﺎ ﺃﻋﻄﻴﺘﻨﺎ ﻣﻦ ﻧﻌﻤﺔ ..
ﻓﺄﻧﺰﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ
:
) ﻭﻻ ﺗﺤﺴﺒﻦّ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻗﺘﻠﻮﺍ ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﻠﻪ ﺃﻣﻮﺍﺗﺎ، ﺑﻞ ﺃﺣﻴﺎﺀ ﻋﻨﺪ ﺭﺑﻬﻢ ﻳﺮﺯﻗﻮﻥ، ﻓﺮﺣﻴﻦ
ﺑﻤﺎ ﺃﺗﺎﻫﻢ ﺍﻟﻠﻪ ﻣﻦ ﻓﻀﻠﻪ، ﻭﻳﺴﺘﺒﺸﺮﻭﻥ ﺑﺎﻟﺬﻳﻦ ﻟﻢ ﻳﻠﺤﻘﻮﺍ ﺑﻬﻢ ﻣﻦ ﺧﻠﻔﻬﻢ . ﺃﻻ ﺧﻮﻑ
ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻭﻻ ﻫﻢ ﻳﺤﺰﻧﻮﻥ ."(
**
ﻭﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻮﻥ ﻳﺘﻌﺮﻓﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﺷﻬﺪﺍﺋﻬﻢ ﺍﻷﺑﺮﺍﺭ، ﺑﻌﺪ ﻓﺮﺍﻍ ﺍﻟﻘﺘﺎﻝ ﻓﻲ ﺃﺣﺪ
..
ﻭﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻌﺮﻑ ﺃﻫﻞ ﻋﺒﺪﺍﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﻋﻤﺮﻭ ﻋﻠﻰ ﺟﺜﻤﺎﻧﻪ، ﺣﻤﻠﺘﻪ ﺯﻭﺟﺘﻪ ﻋﻠﻰ ﻧﺎﻗﺘﻬﺎ
ﻭﺣﻤﻠﺖ ﻣﻌﻪ ﺃﺧﺎﻫﺎ ﺍﻟﺬﻱ ﺍﺳﺘﺸﻬﺪ ﺃﻳﻀﺎ، ﻭﻫﻤّﺖ ﺑﻬﻤﺎ ﺭﺍﺟﻌﺔ ﺍﻟﻰ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ
ﻟﺘﺪﻓﻨﻬﻤﺎ ﻫﻨﺎﻙ، ﻭﻛﺬﻟﻚ ﻓﻌﻞ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﺑﺸﻬﺪﺍﺋﻬﻢ
..
ﺑﻴﺪ ﺃﻥ ﻣﻨﺎﺩﻱ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻟﺤﻖ ﺑﻬﻢ ﻭﻧﺎﺩﺍﻫﻢ ﺑﺄﻣﺮ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ
ﺃﻥ
:
" ﺃﻥ ﺍﺩﻓﻨﻮﺍ ﺍﻟﻘﺘﻠﻰ ﻓﻲ ﻣﺼﺎﺭﻋﻬﻢ .."
ﻓﻌﺎﺩ ﻛﻞ ﻣﻨﻬﻢ ﺑﺸﻬﻴﺪﻩ
..
ﻭﻭﻗﻒ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻳﺸﺮﻑ ﻋﻠﻰ ﺩﻓﻦ ﺃﺻﺤﺎﺑﻪ ﺍﻟﺸﻬﺪﺍﺀ،
ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺻﺪﻗﻮﺍ ﻣﺎ ﻋﺎﻫﺪﻭﺍ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ، ﻭﺑﺬﻟﻮﺍ ﺃﺭﻭﺍﺣﻬﻢ ﺍﻟﻐﺎﻟﻴﺔ ﻗﺮﺑﺎﻧﺎ ﻣﺘﻮﺍﺿﻌﺎ ﻟﻠﻪ
ﻭﻟﺮﺳﻮﻟﻪ
.
ﻭﻟﻤﺎ ﺟﺎﺀ ﺩﻭﺭ ﻋﺒﺪﺍﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﺣﺮﺍﻡ ﻟﻴﺪﻓﻦ، ﻧﺎﺩﻯ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ
:
" ﺍﺩﻓﻨﻮﺍ ﻋﺒﺪﺍﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﻋﻤﺮﻭ، ﻭﻋﻤﺮﻭ ﺑﻦ ﺍﻟﺠﻤﻮﺡ ﻓﻲ ﻗﺒﺮ ﻭﺍﺣﺪ، ﻓﺎﻧﻬﻤﺎ ﻛﺎﻧﺎ ﻓﻲ
ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻣﺘﺤﺎﺑﻴﻦ، ﻣﺘﺼﺎﻓﻴﻦ .."
**
ﻭﺍﻵﻥ
..
ﻓﻲ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﻠﺤﻈﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﻌﺪّ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﻘﺒﺮ ﺍﻟﺴﻌﻴﺪ ﻻﺳﺘﻘﺒﺎﻝ ﺍﻟﺸﻬﻴﺪﻳﻦ ﺍﻟﻜﺮﻳﻤﻴﻦ،
ﺗﻌﺎﻟﻮﺍ ﻧﻠﻘﻲ ﻧﻈﺮﺓ ﻣﺤﺒّﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺸﻬﻴﺪ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ﻋﻤﺮﻭ ﺑﻦ ﺍﻟﺠﻤﻮﺡ
ﻋﻤﺮﻭ ﺑﻦ ﺍﻟﺠﻤﻮﺡ
ﺃﺭﻳﺪ ﺃﻥ ﺃﺧﻄﺮ ﺑﻌﺮﺟﺘﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻨﺔ
ﺍﻧﻪ ﺻﻬﺮ ﻋﺒﺪﺍﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﺣﺮﺍﻡ، ﺍﺫ ﻛﺎﻥ ﺯﻭﺟﺎ ﻷﺧﺘﻪ ﻫﻨﺪ ﺑﻦ ﻋﻤﺮﻭ
..
ﻭﻛﺎﻥ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﺠﻤﻮﺡ ﻭﺍﺣﺪﺍ ﻣﻦ ﺯﻋﻤﺎﺀ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ، ﻭﺳﻴﺪﺍ ﻣﻦ ﺳﺎﺩﺍﺕ ﺑﻨﻲ ﺳﻠﻤﺔ
..
ﺳﺒﻘﻪ ﺍﻟﻰ ﺍﻻﺳﻼﻡ ﺍﺑﻨﻪ ﻣﻌﺎﺫ ﺑﻦ ﻋﻤﺮﻭ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﺃﺣﺪ ﺍﻷﻧﺼﺎﺭ ﺍﻟﺴﺒﻌﻴﻦ، ﺃﺻﺤﺎﺏ
ﺍﻟﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ
..
ﻭﻛﺎﻥ ﻣﻌﺎﺫ ﺑﻦ ﻋﻤﺮﻭ ﻭﺻﺪﻳﻘﻪ ﻣﻌﺎﺫ ﺑﻦ ﺟﺒﻞ ﻳﺪﻋﻮﺍﻥ ﻟﻼﺳﻼﻡ ﺑﻴﻦ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﻓﻲ
ﺣﻤﺎﺳﺔ ﺍﻟﺸﺒﺎﺏ ﺍﻟﻤﺆﻣﻦ ﺍﻟﺠﺮﻱﺀ
..
ﻭﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﻋﺎﺩﺓ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻫﻨﺎﻙ ﺃﻥ ﺑﺘﺨﺬ ﺍﻷﺷﺮﺍﻑ ﻣﻦ ﺑﻴﻮﺗﻬﻢ ﺃﺻﻨﺎﻣﺎ ﺭﻣﺰﻳﺔ ﻏﻴﺮ ﺗﻠﻚ
ﺍﻷﺻﻨﺎﻡ ﺍﻟﻜﺒﻴﺮﺓ ﺍﻟﻤﻨﺼﻮﺑﺔ ﻓﻲ ﻣﺤﺎﻓﻠﻬﺎ، ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺗﺆﻣّﻬﺎ ﺟﻤﻮﻉ ﺍﻟﻨﺎﺱ
..
ﻭﻋﻤﺮﻭ ﺑﻦ ﺍﻟﺠﻤﻮﺡ ﻣﻊ ﺻﺪﻳﻘﻪ ﻣﻌﺎﺫ ﺑﻦ ﺟﺒﻞ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻳﺠﻌﻼ ﻣﻦ ﺻﻨﻢ ﻋﻤﺮﻭ ﺑﻦ ﺟﻤﻮﺡ
ﺳﺨﺮﻳﺔ ﻭﻟﻌﺒﺎ
..
ﻓﻜﺎﻧﺎ ﻳﺪﻟﺠﺎﻥ ﻋﻠﻴﻪ ﻟﻴﻼ، ﺛﻢ ﻳﺤﻤﻼﻧﻪ ﻭﻳﻄﺮﺣﺎﻧﻪ ﻓﻲ ﺣﻔﺮﺓ ﻳﻄﺮﺡ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻓﻴﻪ ﻓﻀﻼﺗﻬﻢ
..
ﻭﻳﺼﻴﺢ ﻋﻤﺮﻭ ﻓﻼ ﻳﺠﺪ ﻣﻨﺎﻓﺎ ﻓﻲ ﻣﻜﺎﻧﻪ، ﻭﻳﺒﺤﺚ ﻋﻨﻪ ﺣﺘﻰ ﻳﺠﺪﻩ ﻃﺮﻳﺢ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺤﻔﺮﺓ
.. ﻓﻴﺜﻮﺭ ﻭﻳﻘﻮﻝ :
ﻭﻳﻠﻜﻢ ﻣﻦ ﻋﺪﺍ ﻋﻠﻰ ﺁﻟﻬﺘﻨﺎ ﺍﻟﻠﻴﻠﺔ
!..؟
ﺛﻢ ﻳﻐﺴﻠﻪ ﻭﻳﻄﻬﺮﻩ ﻭﻳﻄﻴّﺒﻪ ..
ﻓﺎﺫﺍ ﺟﺎﺀ ﻟﻴﻞ ﺟﺪﻳﺪ، ﺻﻨﻊ ﺍﻟﻤﻌﺎﺫﺍﻥ ﻣﻌﺎﺫ ﺑﻦ ﻋﻤﺮﻭ ﻭﻣﻌﺎﺫ ﺑﻦ ﺟﺒﻞ ﺑﺎﻟﺼﻨﻢ ﻣﺜﻞ ﻣﺎ
ﻳﻔﻌﻼﻥ ﺑﻪ ﻛﻞ ﻟﻴﻠﺔ
.
ﺣﺘﻰ ﺍﺫﺍ ﺳﺌﻢ ﻋﻤﺮﻭ ﺟﺎﺀ ﺑﺴﻴﻔﻪ ﻭﻭﺿﻌﻪ ﻓﻲ ﻋﻨﻖ ﻣﻨﺎﻑ ﻭﻗﺎﻝ ﻟﻪ
: ﺍﻥ ﻛﺎﻥ ﻓﻴﻚ ﺧﻴﺮ ﻓﺪﺍﻓﻊ ﻋﻦ ﻧﻔﺴﻚ !!..
ﻓﻠﻤﺎ ﺍﺻﺒﺢ ﻓﻠﻢ ﻳﺠﺪﻩ ﻣﻜﺎﻧﻪ
.. ﺑﻞ ﻭﺟﺪﻩ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻔﺮﺓ ﺫﺍﺗﻬﺎ ﻃﺮﻳﺤﺎ، ﺑﻴﺪ ﺃﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺮﺓ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻓﻲ ﺣﻔﺮﺗﻪ ﻭﺣﻴﺪﺍ،
ﺑﻞ ﻛﺎﻥ ﻣﺸﺪﻭﺩﺍ ﻣﻊ ﻛﻠﺐ ﻣﻴﺖ ﻓﻲ ﺣﺒﻞ ﻭﺛﻴﻖ .
ﻭﺍﺫﺍ ﻫﻮ ﻓﻲ ﻏﻀﺒﻪ، ﻭﺃﺳﻔﻪ ﻭﺩﻫﺸﻪ، ﺍﻗﺘﺮﺏ ﻣﻨﻪ ﺑﻌﺾ ﺃﺷﺮﺍﻑ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻛﺎﻧﻮﺍ
ﻗﺪ ﺳﺒﻘﻮﺍ ﺍﻟﻰ ﺍﻻﺳﻼﻡ
.. ﻭﺭﺍﺣﻮﺍ، ﻭﻫﻢ ﻳﺸﻴﺮﻭﻥ ﺑﺄﺻﺎﺑﻌﻬﻢ ﺍﻟﻰ ﺍﻟﺼﻨﻢ ﺍﻟﻤﻨﻜّﺲ ﺍﻟﻤﻘﺮﻭﻥ ﺑﻜﻠﺐ ﻣﻴﺖ،
ﻳﺨﺎﻃﺒﻮﻥ ﻓﻲ ﻋﻤﺮﻭ ﺑﻦ ﺍﻟﺠﻤﻮﺡ ﻋﻘﻠﻪ ﻭﻗﻠﺒﻪ ﻭﺭﺷﺪﻩ، ﻣﺤﺪﺛﻴﻨﻪ ﻋﻦ ﺍﻻﻟﻪ ﺍﻟﺤﻖ،
ﺍﻟﻌﻠﻲ ﺍﻷﻋﻠﻰ، ﺍﻟﺬﻱ ﻟﻴﺲ ﻛﻤﺜﻠﻪ ﺷﻲﺀ .
ﻭﻋﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺍﻟﺼﺎﺩﻕ ﺍﻷﻣﻴﻦ، ﺍﻟﺬﻱ ﺟﺎﺀ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻟﻴﻌﻄﻲ ﻻ ﻟﻴﺄﺧﺬ
.. ﻟﻴﻬﺪﻱ، ﻻ ﻟﻴﻀﻞ ..
ﻭﻋﻦ ﺍﻻﺳﻼﻡ، ﺍﻟﺬﻱ ﺟﺎﺀ ﻳﺤﺮﺭ ﺍﻟﺒﺸﺮ ﻣﻦ ﺍﻷﻋﻼﻝ، ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻷﻏﻠﻞ، ﻭﺟﺎﺀ ﻳﺤﻴﻰ ﻓﻴﻬﻢ
ﺭﻭﺡ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﻳﻨﺸﺮ ﻓﻲ ﻗﻠﻮﺑﻬﻢ ﻧﻮﺭﻩ
.
ﻭﻓﻲ ﻟﺤﻈﺎﺕ ﻭﺟﺪ ﻋﻤﺮﻭ ﻧﻔﺴﻪ ﻭﻣﺼﻴﺮﻩ
..
ﻭﻓﻲ ﻟﺤﻈﺎﺕ ﺫﻫﺐ ﻓﻄﻬﺮ ﺛﻮﺑﻪ، ﻭﺑﺪﻧﻪ
.. ﺛﻢ ﺗﻄﻴّﺐ ﻭﺗﺄﻧﻖ، ﻭﺗﺄﻟﻖ، ﻭﺫﻫﺐ ﻋﺎﻟﻲ ﺍﻟﺠﺒﻬﺔ ﻣﺸﺮﻕ ﺍﻟﻨﻔﺲ، ﻟﻴﺒﺎﻳﻊ ﺧﺎﺗﻢ
ﺍﻟﻤﺮﺳﻠﻴﻦ، ﻭﻟﻴﺄﺧﺬ ﻣﻜﺎﻧﻪ ﻣﻊ ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ .
**
ﻗﺪ ﻳﺴﺄﻝ ﺳﺎﺋﻞ ﻧﻔﺴﻪ، ﻛﻴﻒ ﻛﺎﻥ ﺭﺟﺎﻝ ﻣﻦ ﺃﻣﺜﺎﻝ ﻋﻤﺮﻭ ﺑﻦ ﺍﻟﺠﻤﻮﺡ
.. ﻭﻫﻢ ﺯﻋﻤﺎﺀ ﻗﻮﻣﻬﻢ ﻭﺃﺷﺮﺍﻑ .. ﻛﻴﻒ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻳﺆﻣﻨﻮﻥ ﺑﺄﺻﻨﺎﻡ ﻫﺎﺯﻟﺔ ﻛﻞ ﻫﺬﺍ
ﺍﻻﻳﻤﺎﻥ ..؟
ﻭﻛﻴﻒ ﻟﻢ ﺗﻌﺼﻤﻬﻢ ﻋﻘﻮﻟﻬﻢ ﻋﻦ ﻣﺜﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻬﺮﺍﺀ .. ﻭﻛﻴﻒ ﻧﻌﺪّﻫﻢ ﺍﻟﻴﻮﻡ، ﺣﺘﻰ ﻣﻊ
ﺍﺳﻼﻣﻬﻢ ﻭﺗﻀﺤﻴﺎﺗﻬﻢ، ﻣﻦ ﻋﻈﻤﺎﺀ ﺍﻟﺮﺟﺎﻝ .. ؟
ﻭﻣﺜﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺴﺆﺍﻝ ﻳﺒﺪﻭ ﺍﻳﺮﺍﺩﻩ ﺳﻬﻼ ﻓﻲ ﺃﻳﺎﻣﻨﺎ ﻫﺬﻩ ﺣﻴﺚ ﻻ ﻧﺠﺪ ﻃﻔﻼ ﻳﺴﻴﻎ ﻋﻘﻠﻪ
ﺃﻥ ﻳﻨﺼﺐ ﻓﻲ ﺑﻴﺘﻪ ﺧﺸﺒﺔ ﺛﻢ ﻳﻌﺒﺪﻫﺎ ..
ﻟﻜﻦ ﻓﻲ ﺃﻳﺎﻡ ﺧﻠﺖ، ﻛﺎﻧﺖ ﻋﻮﺍﻃﻒ ﺍﻟﺒﺸﺮ ﺗﺘﺴﻊ ﻟﻤﺜﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺼﻨﻴﻊ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ
ﻟﺬﻛﺎﺋﻬﻢ ﻭﻧﺒﻮﻏﻬﻢ ﺣﻴﻠﺔ ﺗﺠﺎﻩ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺘﻘﺎﻟﻴﺪ
!!..
ﻭﺣﺴﺒﻨﺎ ﻟﻬﺬﺍ ﻣﺜﻼ ﺃﺛﻴﻨﺎ
..
ﺃﺛﻴﻨﺎ ﻓﻲ ﻋﺼﺮ ﺑﺎﺭﻛﻠﻴﺰ ﻭﻓﻴﺘﺎﻏﻮﺭﺱ ﻭﺳﻘﺮﺍﻁ
..
ﺃﺛﻴﻨﺎ ﺍﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﻗﺪ ﺑﻠﻐﺖ ﺭﻗﻴّﺎ ﻓﻜﺮﻳﺎ ﻳﺒﻬﺮ ﺍﻷﺑﺎﺏ، ﻛﺎﻥ ﺃﻫﻠﻬﺎ ﺟﻤﻴﻌﺎ
: ﻓﻼﺳﻔﺔ، ﻭﺣﻜﺎﻣﺎ، ﻭﺟﻤﺎﻫﻴﺮ ﻳﺆﻣﻨﻮﻥ ﺑﺄﺻﻨﺎﻡ ﻣﻨﺤﻮﺗﺔ ﺗﻨﺎﻫﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻼﻫﺔ
ﻭﺍﻟﺴﺨﺮﻳﺔ!!
ﺫﻟﻚ ﺃﻥ ﺍﻟﻮﺟﺪﺍﻥ ﺍﻟﺪﻳﻨﻲ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻌﺼﻮﺭ ﺍﻟﺒﻌﻴﺪﺓ، ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻳﺴﻴﺮ ﻓﻲ ﺧﻂ ﻣﻮﺍﺯ
ﻟﻠﺘﻔﻮﻕ ﺍﻟﻌﻘﻠﻲ
…
**
ﺃﺳﻠﻢ ﻋﻤﺮﻭ ﺑﻦ ﺍﻟﺠﻤﻮﺡ ﻗﻠﺒﻪ، ﻭﺣﻴﺎﺗﻪ ﻟﻠﻪ ﺭﺏ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻦ، ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺃﻧﻪ ﻛﺎﻥ
ﻣﻔﻄﻮﺭﺍ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺠﻮﺩ ﻭﺍﻟﺴﺨﺎﺀ، ﻓﺎﻥ ﺍﻻﺳﻼﻡ ﺯﺍﺩ ﺟﻮﺩﻩ ﻣﻀﺎﺀ، ﻓﻮﺿﻊ ﻛﻞ ﻣﺎﻟﻪ ﻓﻲ
ﺧﺪﻣﺔ ﺩﻳﻨﻪ ﻭﺍﺧﻮﺍﻧﻪ
..
ﺳﺄﻝ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ ﺟﻤﺎﻋﺔ ﻣﻦ ﺑﻨﻲ ﺳﻠﻤﺔ ﻗﺒﻴﻠﺔ ﻋﻤﺮﻭ ﺑﻦ ﺍﻟﺠﻤﻮﺡ
ﻓﻘﺎﻝ
:
ﻣﻦ ﺳﻴّﺪﻛﻢ ﻳﺎ ﺑﻨﻲ ﺳﻠﻤﺔ
.. ؟
ﻗﺎﻟﻮﺍ : ﺍﻟﺠﺪّ ﺑﻦ ﻗﻴﺲ، ﻋﻠﻰ ﺑﺨﻞ ﻓﻴﻪ ..
ﻓﻘﺎﻝ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ
:
ﻭﺃﻱ ﺩﺍﺀ ﺃﺩﻭﻯ ﻣﻦ ﺍﻟﺒﺨﻞ
!!
ﺑﻞ ﺳﻴّﺪﻛﻢ ﺍﻟﺠﻌﺪ ﺍﻷﺑﻴﺾ، ﻋﻤﺮﻭ ﺑﻦ ﺍﻟﺠﻤﻮﺡ
..
ﻓﻜﺎﻧﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺸﻬﺎﺩﺓ ﻣﻦ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺗﻜﺮﻳﻤﺎ ﻻﺑﻦ ﺍﻟﺠﻤﻮﺡ،
ﺃﻱ ﺗﻜﺮﻳﻢ
!..
ﻭﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﻗﺎﻝ ﺷﺎﻋﺮ ﺍﻷﻧﺼﺎﺭ
:
ﻓﺴﻮّﺩ ﻋﻤﺮﻭ ﺑﻦ ﺍﻟﺠﻤﻮﺡ ﻟﺠﻮﺩﻩ
ﻭﺣﻖ ﻟﻌﻤﺮﻭ ﺑﺎﻟﻨّﺪﻯ ﺃﻥ ﻳﺴﻮّﺩﺍ
ﺍﺫﺍ ﺟﺎﺀﻩ ﺍﻟﺴﺆﺍﻝ ﺃﺫﻫﺐ ﻣﺎﻟﻪ
ﻭﻗﺎﻝ
: ﺧﺬﻭﻩ، ﺍﻧﻪ ﻋﺎﺋﺪ ﻏﺪﺍ
ﻭﺑﻤﺜﻞ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻋﻤﺮﻭ ﺑﻦ ﺍﻟﺠﻤﻮﺡ ﻳﺠﻮﺩ ﺑﻤﺎﻟﻪ ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﻠﻪ، ﺃﺭﺍﺩ ﺃﻥ ﻳﺠﻮﺩ ﺑﺮﻭﺣﻪ
ﻭﺑﺤﻴﺎﺗﻪ ..
ﻭﻟﻜﻦ ﻛﻴﻒ ﺍﻟﺴﺒﻴﻞ؟؟
ﺍﻥ ﻓﻲ ﺳﺎﻗﻪ ﻋﺮﺟﺎ ﻳﺠﻌﻠﻪ ﻏﻴﺮ ﺻﺎﻟﺢ ﻟﻼﺷﺘﺮﺍﻙ ﻓﻲ ﻗﺘﺎﻝ
.
ﻭﺍﻧﻪ ﻟﻪ ﺃﺭﺑﻌﺔ ﺃﻭﻻﺩ، ﻛﻠﻬﻢ ﻣﺴﻠﻤﻮﻥ، ﻭﻛﻠﻬﻢ ﺭﺟﺎﻝ ﻛﺎﻷﺳﻮﺩ، ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻳﺨﺮﺟﻮﻥ ﻣﻊ
ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﻐﺰﻭ، ﻭﻳﺜﺎﺑﺮﻭﻥ ﻋﻠﻰ ﻓﺮﻳﻀﺔ ﺍﻟﺠﻬﺎﺩ
..
ﻭﻟﻘﺪ ﺣﺎﻭﻝ ﻋﻤﺮﻭ ﺃﻥ ﻳﺨﺮﺝ ﻓﻲ ﻏﺰﻭﺓ ﺑﺪﺭ ﻓﺘﻮﺳّﻞ ﺃﺑﻨﺎﺅﻩ ﺍﻟﻰ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ
ﻭﺳﻠﻢ ﻛﻲ ﻳﻘﻨﻌﻪ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻟﺨﺮﻭﺝ، ﺃ، ﻳﺄﻣﺮﻩ ﺑﻪ ﺍﺫﺍ ﻫﻮ ﻟﻢ ﻳﻘﺘﻨﻊ
..
ﻭﻓﻌﻼ، ﺃﺧﺒﺮﻩ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺃﻥ ﺍﻻﺳﻼﻡ ﻳﻌﻔﻴﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﻬﺎﺩ ﻛﻔﺮﻳﻀﺔ،
ﻭﺫﻟﻚ ﻟﻌﺠﺰﻩ ﺍﻟﻤﺎﺛﻞ ﻓﻲ ﻋﺮﺟﻪ ﺍﻟﺸﺪﻳﺪ
..
ﺑﻴﺪ ﺃﻧﻪ ﺭﺍﺡ ﻳﻠﺢّ ﻭﻳﺮﺟﻮ
.. ﻓﺄﻣﺮﻩ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺑﺎﻟﺒﻘﺎﺀ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ .
**
ﻭﺟﺎﺀﺕ ﻏﺰﻭﺓ ﺃﺣﺪ ﻓﺬﻫﺐ ﻋﻤﺮﻭ ﺍﻟﻰ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻳﺘﻮﺳﻞ ﺍﻟﻴﻪ ﺃﻥ
ﻳﺄﺫﻥ ﻟﻪ ﻭﻗﺎﻝ ﻟﻪ
:
" ﻳﺎ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻥّ ﺑﻨﻲّ ﻳﺮﻳﺪﻭﻥ ﺃﻥ ﻳﺤﺒﺴﻮﻧﻲ ﻋﻦ ﺍﻟﺨﺮﻭﺝ ﻣﻌﻚ ﺍﻟﻰ ﺍﻟﺠﻬﺎﺩ ..
ﻭﻭﺍﻟﻠﻪ ﺍﻧﻲ ﻷﺭﺟﻮ ﺃﻥ، ﺃﺧﻄﺮ، ﺑﻌﺮﺟﺘﻲ ﻫﺬﻩ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻨﺔ
.."
ﻭﺃﻣﺎﻡ ﺍﺻﺮﺍﺭﻩ ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ ﺃﺫﻥ ﻟﻪ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﺑﺎﻟﺨﺮﻭﺝ، ﻓﺄﺧﺬ ﺳﻼﺣﻪ، ﻭﺍﻧﻄﻠﻖ
ﻳﺨﻄﺮ ﻓﻲ ﺣﺒﻮﺭ ﻭﻏﺒﻄﺔ، ﻭﺩﻋﺎ ﺭﺑﻪ ﺑﺼﻮﺕ ﺿﺎﺭﻉ
:
" ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺍﺭﺯﻗﻨﻲ ﺍﻟﺸﻬﺎﺩﺓ ﻭﻻ ﺗﺮﺩّﻧﻲ ﺍﻟﻰ ﺃﻫﻠﻲ ."
ﻭﺍﻟﺘﻘﻰ ﺍﻟﺠﻤﻌﺎﻥ ﻳﻮﻡ ﺃﺣﺪ
..
ﻭﺍﻧﻄﻠﻖ ﻋﻤﺮﻭ ﺑﻦ ﺍﻟﺠﻤﻮﺡ ﻭﺃﺑﻨﺎﺅﻩ ﺍﻷﺭﺑﻌﺔ ﻳﻀﺮﺑﻮﻥ ﺑﺴﻴﻮﻓﻬﻢ ﺟﻴﻮﺵ ﺍﻟﺸﺮﻙ ﻭﺍﻟﻈﻼﻡ
..
ﻛﺎﻥ ﻋﻤﺮﻭ ﺑﻦ ﺍﻟﺠﻤﻮﺡ ﻳﺨﻄﺮ ﻭﺳﻂ ﺍﻟﻤﻌﻤﻌﺔ ﺍﻟﺼﺎﺣﺒﺔ، ﻭﻣﻊ ﻛﻞ ﺧﻄﺮﺓ ﻳﻘﻄﻒ ﺳﻴﻔﻪ
ﺭﺃﺳﺎ ﻣﻦ ﺭﺅﻭﺱ ﺍﻟﻮﺛﻨﻴﺔ
..
ﻛﺎﻥ ﻳﻀﺮﺏ ﺍﻟﻀﺮﺑﺔ ﺑﻴﻤﻴﻨﻪ، ﺛﻢ ﻳﻠﺘﻔﺖ ﺣﻮﺍﻟﻴﻪ ﻓﻲ ﺍﻷﻓﻖ ﺍﻷﻋﻠﻰ، ﻛﺄﻧﻪ ﻳﺘﻌﺠﻞ
ﻗﺪﻭﻡ ﺍﻟﻤﻼﻙ ﺍﻟﺬﻱ ﺳﻴﻘﺒﺾ ﺭﻭﺣﻪ، ﺛﻢ ﻳﺼﺤﺒﻬﺎ ﺍﻟﻰ ﺍﻟﺠﻨﺔ
..
ﺃﺟﻞ
.. ﻓﻠﻘﺪ ﺳﺄﻝ ﺭﺑﻪ ﺍﻟﺸﻬﺎﺩﺓ، ﻭﻫﻮ ﻭﺍﺛﻖ ﺃﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ ﻗﺪ ﺍﺳﺘﺠﺎﺏ ﻟﻪ ..
ﻭﻫﻮ ﻣﻐﺮﻡ ﺑﺄﻥ ﻳﺨﻄﺮ ﺑﺴﺎﻗﻪ ﺍﻟﻌﺮﺟﺎﺀ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻨﺔ ﻟﻴﻌﻠﻢ ﺃﻫﻠﻬﺎ ﺃﻥ ﻣﺤﻤﺪﺍ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻪ
ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ، ﻳﻌﺮﻑ ﻛﻴﻒ ﻳﺨﺘﺎﺭ ﺍﻷﺻﺤﺎﺏ، ﻭﻛﻴﻒ ﻳﺮﺑّﻲ ﺍﻟﺮﺟﺎﻝ
!!..
**
ﻭﺟﺎﺀ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻳﻨﺘﻈﺮ
.
ﺿﺮﺑﺔﺳﻴﻒ ﺃﻭﻣﻀﺖ، ﻣﻌﻠﻨﺔ ﺳﺎﻋﺔ ﺍﻟﺰﻓﺎﻑ
..
ﺯﻓﺎﻑ ﺷﻬﻴﺪ ﻣﺠﻴﺪ ﺍﻟﻰ ﺟﻨﺎﺕ ﺍﻟﺨﻠﺪ، ﻭﻓﺮﺩﻭﺱ ﺍﻟﺮﺣﻤﻦ
!!..
**
ﻭﺍﺫ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻮﻥ ﻳﺪﻓﻨﻮﻥ ﺷﻬﺪﺍﺀﻫﻢ ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ ﺃﻣﺮﻩ ﺍﻟﺬﻱ
ﺳﻤﻌﻨﺎﻩ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ
:
" ﺍﻧﻈﺮﻭﺍ، ﻓﺎﺟﻌﻠﻮﺍ ﻋﺒﺪﺍﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﻋﻤﺮﻭ ﺑﻦ ﺣﺮﺍﻡ ﻭﻋﻤﺮﻭ ﺑﻦ ﺍﻟﺠﻤﻮﺡ ﻓﻲ ﻗﺒﺮ ﻭﺍﺣﺪ،
ﻓﺎﻧﻬﻤﺎ ﻛﺎﻧﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻣﺘﺤﺎﺑﻴﻦ ﻣﺘﺼﺎﻓﻴﻴﻦ !!.."
**
ﻭﺩﻓﻦ ﺍﻟﺤﺒﻴﺒﺎﻥ ﺍﻟﺸﻬﻴﺪﺍﻥ ﺍﻟﺼﺪﻳﻘﺎﻥ ﻓﻲ ﻗﺒﺮ ﻭﺍﺣﺪ، ﺗﺤﺖ ﺛﺮﻯ ﺍﻷﺭﺽ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻠﻘﺖ
ﺟﺜﻤﺎﻧﻴﻬﻤﺎ ﺍﻟﻄﺎﻫﺮﻳﻦ، ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﺷﻬﺪﺕ ﺑﻄﻮﻟﺘﻬﻤﺎ ﺍﻟﺨﺎﺭﻗﺔ
.
ﻭﺑﻌﺪ ﻣﻀﻲ ﺳﺖ ﻭﺃﺭﺑﻌﻴﻦ ﺳﻨﺔ ﻋﻠﻰ ﺩﻓﻨﻬﻤﺎ، ﻧﺰﻝ ﺳﻴﻞ ﺷﺪﻳﺪ ﻏﻄّﻰ ﺃﺭﺽ ﺍﻟﻘﺒﻮﺭ،
ﺑﺴﺒﺐ ﻋﻴﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺎﺀ ﺃﺟﺮﺍﻫﺎ ﻫﻨﺎﻙ ﻣﻌﺎﻭﻳﺔ، ﻓﺴﺎﺭﻉ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻮﻥ ﺍﻟﻰ ﻧﻘﻞ ﺭﻓﺎﺕ
ﺍﻟﺸﻬﺪﺍﺀ، ﻓﺎﺫﺍ ﻫﻢ ﻛﻤﺎ ﻭﺻﻔﻬﻢ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺍﺷﺘﺮﻛﻮﺍ ﻓﻲ ﻧﻘﻞ ﺭﻓﺎﺗﻬﻢ
:
" ﻟﻴّﻨﺔ ﺃﺟﺴﺎﺩﻫﻢ ..
ﺗﺘﺜﻨﻰ ﺃﻃﺮﺍﻓﻬﻢ
!.."
ﻭﻛﺎﻥ ﺟﺎﺑﺮ ﺑﻦ ﻋﺒﺪﺍﻟﻠﻪ ﻻ ﻳﺰﺍﻝ ﺣﻴﺎ، ﻓﺬﻫﺐ ﻣﻊ ﺃﻫﻠﻪ ﻟﻴﻨﻘﻞ ﺭﻓﺎﺕ ﺃﺑﻴﻪ ﻋﺒﺪﺍﻟﻠﻪ ﺑﻦ
ﻋﻤﺮﻭ ﺑﻦ ﺣﺮﺍﻡ، ﻭﺭﻓﺎﺕ ﺯﻭﺝ ﻋﻤﺘﻪ ﻋﻤﺮﻭ ﺑﻦ ﺍﻟﺠﻤﻮﺡ
..
ﻓﻮﺟﺪﻫﻤﺎ ﻓﻲ ﻗﺒﺮﻫﻤﺎ، ﻛﺄﻧﻬﻤﺎ ﻧﺎﺋﻤﺎﻥ
.. ﻟﻢ ﺗﺄﻛﻞ ﺍﻷﺭﺽ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﺷﻴﺌﺎ، ﻭﻟﻢ ﺗﻔﺎﺭﻕ ﺷﻔﺎﻫﻬﻤﺎ ﺑﺴﻤﺔ ﺍﻟﺮﺿﺎ ﻭﺍﻟﻐﺒﻄﺔ ﺍﻟﺘﻲ
ﻛﺎﻧﺖ ﻳﻮﻡ ﺩﻋﻴﺎ ﻟﻠﻘﺎﺀ ﺍﻟﻠﻪ ..
ﺃﺗﻌﺠﺒﻮﻥ
.. ؟
ﻛﻼ، ﻻ ﺗﻌﺠﺒﻮﺍ ..
ﻓﺎﻥ ﺍﻷﺭﻭﺍﺡ ﺍﻟﻜﺒﻴﺮﺓ، ﺍﻟﺘﻘﻴﺔ، ﺍﻟﻨﻘﻴﺔ، ﺍﻟﺘﻲ ﺳﻴﻄﺮﺕ ﻋﻠﻰ ﻣﺼﻴﺮﻫﺎ
.. ﺗﺘﺮﻙ ﻓﻲ ﺍﻷﺟﺴﺎﺩ ﺍﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻮﺋﻼ ﻟﻬﺎ، ﻗﺪﺭﺍ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻨﺎﻋﺔ ﻳﺪﺭﺃ ﻋﻨﻬﺎ ﻋﻮﺍﻣﻞ
ﺍﻟﺘﺤﻠﻞ، ﻭﺳﻄﻮﺓ ﺍﻟﺘﺮﺍﺏ..
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم
بارك الله فيك ورعاك
|
واياكي
مشكورة يا قمر