تخطى إلى المحتوى

العشرة المبشرون بالجنة 2024

1-أبو بكر الصديق
"الصديق "
اسمه – على الصحيح – :
عبد الله بن عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي القرشي التيمي .
كنيته :
أبو بكر
ولُقّب بـ " الصدّيق " لأنه صدّق النبي صلى الله عليه وسلم ، وبالغ في تصديقه كما في صبيحة الإسراء وقد قيل له : إن صاحبك يزعم أنه أُسري به ، فقال : إن كان قال فقد صدق !
وقد سماه الله صديقا فقال سبحانه : ( وَالَّذِي جَاء بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ )
جاء في تفسيرها : الذي جاء بالصدق هو النبي صلى الله عليه وسلم ، والذي صدّق به هو أبو بكر رضي الله عنه .
ولُقّب بـ " الصدِّيق " لأنه أول من صدّق وآمن بالنبي صلى الله عليه وسلم من الرجال .
وسماه النبي صلى الله عليه وسلم " الصدّيق "
روى البخاري عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم صعد أُحداً وأبو بكر وعمر وعثمان ، فرجف بهم فقال : اثبت أُحد ، فإنما عليك نبي وصديق وشهيدان .
وكان أبو بكر رضي الله عنه يُسمى " الأوّاه " لرأفته

فضائله :
ما حاز الفضائل رجل كما حازها أبو بكر رضي الله عنه

• فهو أفضل هذه الأمة بعد نبيها صلى الله عليه وسلم
قال ابن عمر رضي الله عنهما : كنا نخيّر بين الناس في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ، فنخيّر أبا بكر ، ثم عمر بن الخطاب ، ثم عثمان بن عفان رضي الله عنهم . رواه البخاري .

وروى البخاري عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال : كنت جالسا عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ أقبل أبو بكر آخذا بطرف ثوبه حتى أبدى عن ركبته فقال النبي صلى الله عليه وسلم : أما صاحبكم فقد غامر . وقال : إني كان بيني وبين ابن الخطاب شيء ، فأسرعت إليه ثم ندمت فسألته أن يغفر لي فأبى عليّ ، فأقبلت إليك فقال : يغفر الله لك يا أبا بكر – ثلاثا – ثم إن عمر ندم فأتى منزل أبي بكر فسأل : أثَـمّ أبو بكر ؟ فقالوا : لا ، فأتى إلى النبي فجعل وجه النبي صلى الله عليه وسلم يتمعّر ، حتى أشفق أبو بكر فجثا على ركبتيه فقال : يا رسول الله والله أنا كنت أظلم – مرتين – فقال النبي صلى الله عليه وسلم : إن الله بعثني إليكم فقلتم : كذبت ، وقال أبو بكر : صَدَق ، وواساني بنفسه وماله ، فهل أنتم تاركو لي صاحبي – مرتين – فما أوذي بعدها .

فقد سبق إلى الإيمان ، وصحب النبي صلى الله عليه وسلم وصدّقه ، واستمر معه في مكة طول إقامته رغم ما تعرّض له من الأذى ، ورافقه في الهجرة .

• وهو ثاني اثنين في الغار مع نبي الله صلى الله عليه وسلم
قال سبحانه وتعالى : ( ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا )
قال السهيلي : ألا ترى كيف قال : لا تحزن ولم يقل لا تخف ؟ لأن حزنه على رسول الله صلى الله عليه وسلم شغله عن خوفه على نفسه .
وفي الصحيحين من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه حدّثه قال : نظرت إلى أقدام المشركين على رؤوسنا ونحن في الغار فقلت : يا رسول الله لو أن أحدهم نظر إلى قدميه أبصرنا تحت قدميه . فقال : يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما .

• ولما هاجر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ ماله كله في سبيل الله .

• وهو أول الخلفاء الراشدين

وقد أُمِرنا أن نقتدي بهم ، كما في قوله عليه الصلاة والسلام : عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ . رواه الإمام أحمد والترمذي وغيرهما ، وهو حديث صحيح بمجموع طرقه .

واستقر خليفة للمسلمين دون مُنازع ، ولقبه المسلمون بـ " خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم "

وقد أُمرنا أن نقتدي به رضي الله عنه
قال عليه الصلاة والسلام : اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر . رواه الإمام أحمد والترمذي وابن ماجه ، وهو حديث صحيح .

    2-عمر بن الخطاب
    "الفاروق "

    لعمر بن الخطاب منزلة عظيمة ومكانة رفيعة أيضا في رفع صرح الإسلام . كان عمر الخليفة العادل رضي الله عنه يؤدي الحقوق إلى أصحابها , وكان زاهدا وعابدا ناسكا , قويا أمينا , هو بحق إمام المتقين .فعمر شخصية فريدة في نوعها فذة , عظمة في بساطة , يقين في قوة , قوة في عدل , ورحمة ورأفة بجميع المسلمين .

    قوته وبطشه

    كان عمر في الجاهلية تاجرا مشهورا من أشراف قريش , وكان سفيرا لقريش في الحرب والسلم , والغريب أنه كان من أشد الناس عداوة لرسول الله صلى الله عليه وسلم , لدرجة أنه كان يعذب جارية بني مؤمل حتى اشتراها أبو بكر وأعتقها .

    إسلامه رضي الله عنه

    خرج عمر يسعى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يبغي قتله , بعدما هاجر المسلمون إلى الحبشة ، فقابل صديق له ، فلما علم عمر قال له : (( ألا تذهب لقتل أختك وزوجها سعيد بن زيد فقد أسلما)) فأسرع إليهما والغضب يكاد يذهب بعقله ، فلما دخل عليها وكان عندها قوم يقرأون القرآن فاختبئوا منه رعبا وخوفا ، فضرب شقيقته وزوجها فلما رأى الدم يسيل من وجه شقيقته أخذته الرأفة بها فقال لها ((أريني الصحيفة التي كانت معك)) فرفضت فاطمة بنت الخطاب أن تعطيها له حتى يتوضأ ويغتسل ، فجعل فأعطته الصحيفة فتغير حال عمر حين قرأ القرآن .

    بسم الله الرحمن الرحيم

    (طـه (1) ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى (2) إلا تذكرة لمن يخشى (3)) [ طــه : ا-3]

    وأشرق نور الإيمان في قلب عمر حين قرأ القرآن ، فأسلم عمر وأعلن إسلامه ، وذهب إلى أبى جهل وأخبره أنه تبع دين محمد صلى الله عليه وسلم ، دين الحق ، وكان إسلام عمر بعد إسلام حمزة عم الرسول صلى الله عليه وسلم بثلاثة أيام . كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو الله أن يعز ويؤيده بإسلام عمر ، وبإسلام حمزة وعمر أصبح المسلمون يجهرون بإسلامهم وصلاتهم .

    خلافة عمر العادل الزاهد

    لعمر بن الخطاب موقف غاية في الإنصاف والعدل . جاء أحد المصريين إلى الخليفة العادل عمر رضي الله عنه يشكو عمرو بن العاص وابنه الذي كان بينهما سباق بالخيل , فسبق المصري ابن عمرو بن العاص. فلما غضب ابن عمرو بن العاص قام بضرب المصري بالسوط وهو يقول له الونشريس(خذها وأنا ابن الأكرمين)). فذهب المصري إلى الخليفة العادل عمر بن الخطاب رضي الله عنه لكي يشكو إليه ما فعله ابن عمرو بن العاص , فأرسل عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلي عمرو بن العاص وابنه ليحضرا إليه. . . فلما وصلا إليه وقدما عليه أعطى للمصري سوطا وطلب منه أن يضرب ابن عمرو بن العاص وهو يقول له : ((اضرب ابن الأكرمين, فأخذ المصري السوط وضرب ابن عمرو بن العاص)). وقال عمر قولته الشهيرة الونشريس(متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً)).

    وجعل لكل فرد في الدولة راتباً يكفيه, كما كان يعفي من أهل الكتاب من لا يستطيع دفع الجزية, بينما كان يسير وهو في المدينة وثوبه به أكثر من عشرين رقعة.

    لعمر قصة شهيرة مع أحد الرعية, وقف ذات يوم على المنبر ليخطب في الناس , فقال له أحدهمالونشريس(والله لا نستمع إليك وقد ميزت نفسك علينا يا أمير المؤمنين, فأعطيت لكل واحد منا جلباباً واحداً وأخذت لنفسك جلبابين)), فنادى عمر رضي الله عنه على ابنه عبد الله ليقول له الونشريس( يا عبد الله, من صاحب الجلباب الثاني؟)) فيقول عبد اللهالونشريس(إنه لي يا أمير المؤمنين, ولكنى تركته لك)) فأكمل عمرالونشريس(وانتم كما تعلمون أنني رجل طوال"طويل القامة" وكان الجلباب الأول قصيراً ,فأعطاني ولدي جلبابه فأطلت به جلبابي)) فيعتذر إليه الرجل وهو يقول له الونشريس(الآن نسمع لك يا أمير المؤمنين ونطيع)).

    صفاته رضي الله عنه

    كان عمر قوياً في الحق, رحيماً بالفقراء والمساكين, وكان ذا شخصية مهيبة, ورغم ذلك كان سريع البكاء والخشوع بين يدي ربه , وصاحب فراسة نادرة وعجيبة, فذات مرة حدث أنه كان يخطب خطبة الجمعة والناس يستمعون إليه إذ به ينادي بأعلى صوتهالونشريس(يا سارية الجبل"أي الزم الجبل وأعط ظهرك إليه لكي تحذر عدوك من خلفك"ومن استرعى الذئب ظلم)).وعاد يكمل خطبته وصلى بالناس. وبعد الصلاة سأله علي رضي الله عنه الونشريس(سمعناك تنادي"يا سارية الجبل" ؟)). فقال عمر((أو سمعتني يا علي؟)), فقال علي بن أبي طالب ((وكل من في المسجد سمعك)),فقال عمر رضي الله عنه ((لقد رأيت كأن المشركين التفوا حول المسلمين وكادوا يهزمونهم, وهم يمرون بجبل, فلو اتجهوا إليه انتصروا على المشركين, وإن تركوه هلكوا وانهزموا, فصحت بهم "الجبل الجبل")). وبعد مرور شهر على تلك الخطبة جاءه البشير فقال لهم ((إنهم سمعوا في ذلك اليوم صوتاً يشبه صوت عمر بن الخطاب وهو يقول "يا سارية الجبل الجبل" واتجهنا إليه, وفتح الله علينا بالنصر)).

    الزهد والتقشف والورع والنزاعة

    في عام الرمادة, كان هذا العام هو عام المجاعة الشديدة, أمر عمر بذبح جزور وتوزيع لحمه على أهل المدينة, فأُبقيَ لأمير المؤمنين جزء طيب من لحمه وعند الغداء وضع أمامه, فقالالونشريس(بئس الوالي إن أكلت أنا أطيب ما فيها وتركت للناس عظامها)) وأمر فرفعت من أمامه وطلب الخبز والزيت.

    في إحدى جولاته التفـتيشية التي كان يفاجئ بها الأسواق وجد أبلاً سمينة, فسأل لمن هذا؟ فقالواالونشريس(إنها إبل عبد الله بن عمر)) فانتفض عمر بشدة وأرسل في طلب ابنه عبد الله .وسألهالونشريس(من أين لك بثمنها؟)) فقال عبد اللهالونشريس(اشتريتها بمالي لأتاجر فيها)) فقال عمرالونشريس(ارجعها إلى بيت مال المسلمين, وخذ ما دفعته فيها فقط)) .

    وعبد الله بن عمر رضي الله عنهم كان من الأتقياء الصالحين, وهو من رواة الأحاديث. وقد رفض عمر رضي الله عنه إلحاح أصحابه كي يوليه منصباً من مناصب الدولة, أو أن يرشحه للخلافة.

    عدله مع أهل الكتاب

    ها هو عمر يسطر أكبر شهادة للإسلام أنه دين التسامح والإخاء والمودة والسلام والرحمة. حدث ذلك حين طلب أساقفة بيت المقدس تسليمها إلى أمير المؤمنين بنفسه, فحضر إليهم وكتب لهم أماناً على أنفسهم وأولادهم وأموالهم وجميع كنائسهم لا تهدم ولا تسكن. وحين أذن مؤذن للصلاة وكان عمر جالساً في كنيسة القيامة خرج مسرعاً ليصلي خارج الكنيسة في الأرض الفضاء أمامها, وقال للبطاركةالونشريس(لو صليت داخل الكنيسة لأخذها المسلمون من بعدي وقالوا "هنا صلى عمر")).

    وكان العهد الذي سطره التاريخ لعمر منذ ألف وأربعمائة سنة ونيف يقول لأهل إيلياءالونشريس(هذا ما أعطى عبد الله عمر أمير المؤمنين, أعطاهم الأمان)) .

    مصر وعروس النيل

    ذهب أهل مصر إلى عمرو بن العاص بعدما فتح مصر في شهر بؤونة فأخبروه أن النيل لا يجري بالخير إلا إذا ألقوا فيه عروساً جميلة, إنسانة حية وتكون في أبهى زينة وأجمل ثياب وتتحلى بالحلي, وظلوا يلحون على عمرو بن العاص ثلاثة أشهر كاملة, فأرسل عمرو بن العاص إلى عمر بن الخطاب يسأله في أمرهم هذا؟ فأرسل عمر بن الخطاب رسالة قال فيهاالونشريس(من عبد الله عمر إلى نيل مصر, أما بعد فإن كنت تجري من قِبَلك فلا تجرِ, وإن كنت تجري من قِبَل الله تعالى, فنسأل الله العظيم أن يجريك)) وبعدما ألقيت فيه ورقة عمر, أجرى الله النيل ستة عشر ذراعاً .

    عدل عمر وحكمته

    في أحد الأيام أحضروا لعمر غلماناً قد سرقوا ناقة رجل, ورآهم عمر وأجسامهم ضئيلة وهزيلة, والبؤس باد عليهم, ووجوههم صفراء, فأحضر سيدهم وقال لهالونشريس(لقد كدت أعاقبهم لولا علمي أنك تجيعهم, فلما جاعوا سرقوا, ولن أعاقبهم بل أعاقبك أنت, وعليك أن تقوم بدفع ثمنها إلى الرجل)) وقال للغلمانالونشريس(اذهبوا ولا تعودوا لمثل هذا مرة ثانية)) .

    وفاة عمر رضي الله عنه

    وهكذا ظل عمر يحكم بالعدل والإنصاف ويعيش تقشفاً زاهداً حتى كان ذات يوم يصلي بالناس فاختبأ له غلام مـجوسي"من عبدة النار" يسمى أبا لؤلؤة وطعن عمر بخنجر, ولما قبض عليه انتحر .

    ***رضي الله عن عمر بن الخطاب وعن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن التابعين***

    3-عثمان بن عفان
    "ذا النورين "

    هو عثمان بن عفان بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن لؤي بن غالب بن فهر العدوي القرشي.

    الكرم في حياة عثمان بن عفان رضي الله عنه من الأمور المعروفة، ولقد بلغ السخاء والكرم من عثمان مبلغه حتى عرف بذلك بين الناس

    من أهم أعمال عثمان بن عفان الاجتهادية والفقهية كتابة المصحف وجمع القرآن،
    الحياء والتواضع عند عثمان بن عفان من الأخلاق الشهيرة عنه، ولقد تجسد واشتهر هذا الخلق في ذي النورين عثمان رضي الله عنه

    "وتقول عائشة رضي الله عنها: كان رسول الله مضطجعًا في بيته كاشفًا عن ساقيه، فاستأذن أبو بكر فأذن له، فدخل وهو على تلك الحالة فتحدث، ثم استأذن عمر، فأذن له وهو كذلك فتحدث، ثم استأذن عثمان فجلس رسول الله وسوَّى ثيابه. قالت عائشة: يا رسول الله، دخل أبو بكر، فلم تهتش له ولم تباله، ثم دخل عمر فلم تهتش له ولم تباله، ثم دخل عثمان فجلست وسويت ثيابك؟!

    فقال رسول الله : أَلاَ أَسْتَحِي مِنْ رَجُلٍ تَسْتَحِي مِنْهُ الْمَلاَئِكَةُ".

    وعن عبد الرحمن بن عثمان القرشي، "أن رسول الله دخل على ابنته رقية، وهي تغسل رأس عثمان فقال: "يَا بُنَيَّةُ، أَحْسِنِي إِلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، فَإِنَّهُ أَشْبَهُ أَصْحَابِي بِي خُلُقًا".

    وكان عثمان على علم بمعارف العرب في الجاهلية ومنها الأنساب والأمثال وأخبار الأيام، وساح في الأرض، فرحل إلى الشام والحبشة، وعاشر أقوامًا غير العرب، فعرف من أطوارهم وأحوالهم ما ليس يعرفه كل عربي في بلاده، وجدد في رحلاته تجديد الخبرة والعمل معارف البادية عن الأنواء والرياح ومطالع النجوم ومقارنتها في منازل السماء وهي معارف القوافل والأدلاء من أبناء الصحراء العربية، وأبناء كل صحراء… وكان أقرب الصحابة إلى مجرى الحوادث بين المسلمين والمشركين، فكان من سفراء الإسلام في غير موقف من مواقف الخلاف أو الوفاق، تارة بين المسلمين وأعدائهم، وتارة بينهم وبين الأسرى منهم في أرض الأعداء.

    وزودته معرفته بالأخبار والأنساب وسياحته في البلاد بزاد حسن، قال عبد الرحمن بن حاطب: ما رأيت أحدًا من أصحاب رسول الله أتم حديثا ولا أحسن من عثمان بن عفان، إلا أنه كان رجلاً يهاب الحديث.

    ولم يكن حديثه لغوًا ولا ثرثرة، بل كان من تلك الأحاديث التي كان يتوق إليها النبي في بعض أوقاته فيتمناها، وتروي السيدة عائشة من ذلك أنها سمعت النبي ذات ليلة يقول: "لَوْ كَانَ مَعَنَا مَنْ يُحَدِّثُنَا؟ قالت: يا رسول الله، أفأبعث إلى أبي بكر؟ سكت. ثم قالت: أفأبعث إلى عمر؟ سكت. ثم دعا وصيفًا بين يديه فسارَّه فذهب، فإذا عثمان يستأذن، فأذن له، فدخل، فناجاه طويلاً".

    4-علي بن أبي طالب

    هو علي بن أبي طالب بن عبد المطلب وهو أول هاشمي من أبوين هاشميين، وبنو هاشم اشتهروا بالنبل والشجاعة والقوة والنعمة والإحسان والذكاء. وهو ابن عم الرسول صلى الله عليه وسلم، وأول من أسلم من الصبيان حيث كان في العاشرة من عمره وهو أبو الحسن والحسين رضي الله عنهم سيدا شباب أهل الجنة وقد تزوج من السيدة فاطمة الزهراء"رضي الله عنها" بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد تربي في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد ولد في داخل الكعبة وحين أذن الله تعالي لرسوله ومصطفاه صلى الله عليه وسلم بالهجرة إلى المدينة بذل نفسه فنام في فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم مضحيا بنفسه وروحه فحسبته قريش رسول الله صلى الله عليه وسلم .لقد كان هذا الموقف فدائياً فلما علمت قريش أنها خدعت قامت بإيذائه ولم يبال بهم وراح يرد الأمانات التي وكله رسول الله صلى الله عليه وسلم بردها إلي أصحابها قبيل أن يهاجر ويلحق برسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة.

    وبعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم, كان أبو بكر يستشيره في عظائم الأمور وكان يقول لهالونشريس(أفتنا أبا الحسين)). كذلك كانت مكانته عند الفاروق عمر وكان يقول لهالونشريس(لولا علي لهلك عمر)). وأيضاً كان كذلك عثمان رضي الله عنه .

    خلافته

    وبايع الناس علياً بالخلافة بعد مقتل عثمان رضي الله عنه وهم يقولون لهالونشريس(نحن لا نرى أحداً أحق بالخلافة منك)) فبايعه الأنصار والمهاجرون وتخلف عن مبايعته نفر .

    تقواه وورعه

    لقد أفرغ بيت المال وقسمه على المستحقين وأمر فغسل بيت المال بالماء وقام فصلى ركعتين, وكان المعنى من هذا زهده وتواضعه أراد أن يبدأ عهده بأن يعرف الناس أن الآخرة هي خير وأبقى كما رفض أن يسكن في قصر الإمارة, كان الإمام علي يمشي في أسواق الكوفة ـ وهو الخليفة ـ فيساعد الضعيف ويعين الشيخ المسن فيحمل عنه حاجته, فإذا ما قال له أصحابهالونشريس(عنك يا أمير المؤمنين)) يقولالونشريس(قال تعالى"تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علواً في الأرض ولا فساداً والعاقبة للمتقين")). ويشتري طعامه وحاجات أهل بيته ويرفض أن يحملها عنه أحد وكان يلبس ثوباً زهيداً ويركب حماراً وقد تدلت على جانبيه ساقاه, وقد وصفه خامس الخلفاء الراشدين"عمر بن عبد العزيز" فقال عنهالونشريس(كان الإمام علي رضي الله عنه أزهد الناس في الدنيا)) .

    عدله وسماحته رضي الله عنه

    الإمام علي رضي الله عنه وجد درعه عند رجل نصراني فذهب معه إلى القاضي يحتكما إليه وقال لهالونشريس(إنها درعي ولم أعطها له لا هبة ولا بيعاً ولكن هذا الرجل يدعي أنها ملكه هو)) فقال القاضي شريح لأمير المؤمنينالونشريس(ولكن يا أمير الؤمنين هل عندك بينة؟)) فتبسم علي رضي الله عنه وقال للقاضيالونشريس(لقد أصبت فإنه ليس لدي بينة)) فحكم القاضي بالدرع للرجل النصراني فأخذها الرجل ومضى, ولكنه عاد يقولالونشريس(والله أن هذا لأحكام الأنبياء وإنها والله حقاً لأمير المؤمنين وأشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وهذا الدرع هي درع أمير المؤمنين)). فقال له علي رضي الله عنهالونشريس(والدرع هبة مني إليك)) وحسن إسلام الرجل .

    ثقافته وعلمه

    والإمام علي رضي الله عنه وصف بأنه كان نابغاً في الأدب والبلاغة والفقه والشريعة بل إنه كان أقضى أهل زمانه وأعلمهم بالفقه وإخراج الأحكام من القرآن والأحاديث .

    الشهيد أبو الشهداء

    واستشهد البطل والخليفة والإمام خرج ينادي لصلاة الفجر فخرج عليه عبد الرحمن بن مُلجم من الخوارج وكان قد اتفق مع اثنين على قتل الإمام علي ومعاوية بالشام وعمرو بن العاص بمصر . وكان السيف مسموماً فطعنه به .وحُمل علي رضي الله عنه إلى داره فطلب منه حامليه أن يرجعوا إلى المسجد ليصلوا صلاة الفجر ثم يعودوا إليه وحين رأى قاتله والناس ممسكة به قال لهمالونشريس(لا تقتلوا بي سواه إن الله لا يحب المعتدين أحسنوا إليه وأكرموه فإن عشت فأنا أولى بدمه قصاصاً أو عفواً وإن مت فألحقوه بي أخاصمه عند رب العالمين)) , ثم إن الناس ألحوا عليه أن يستخلف ابنه الحسن وهم يقولون لهالونشريس(ماذا تقول لربك إن لقيته دون أن تستخلف علينا؟)) فقالالونشريس(أقول له جل شأنه: لقد تركتهم كما ترك رسولك الكريم المسلمين دون أن يستخلف عليهم)) .

    من أقوال الإمام علي رضي الله عنه
    أفضل الأعمال ما أكرهت نفسك عليه

    معلم نفسه ومؤدبها أحق بالإجلال من معلم الناس ومؤدبهم

    إياك وصادقة الأحمق فإنه يريد أن ينفعك فيضرك

    إياك ومصادقة الكذاب فإنه كالسراب يقرب إليك البعيد ويبعد عنك القريب

    العلم يكسب العالم الطاعة في حياته وجميل الأحدوثة بعد موته

    وضيعة المال تزول بزواله

    العلم يحرسك وأنت تحرس المال

    ***رضي الله عن الإمام علي بن أبي طالب وعن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن التابعين***

    5-الزبير بن العوام
    هذا الصحابي الجليل ابن عمة النبي صلى الله عليه وسلم صفية بنت عبد المطلب .أسلم وهو في السادسة عشرة من عمره , وصحب رسول الله صلى الله عليه وسلم في كل الغزوات , فناله من الأذى والتعذيب والاضطهاد على يد عمه الكثير , فهاجر إلي الحبشة وكان يومها في الثامنة عشرة , وظل في جوار النجاشي حتى تعرض النجاشي لمؤامرة للإطاحة به , وخرج الزبير بن العوام وكان صغيرا فنفخوا له قربة ووضعوها غلى صده ثم سبح عليها حتى خرج إلى الناحية الأخرى من النهر التي فيها الواقعة بين النجاشي وعدوه , وكان المسلمون يدعون للنجاشي بالنصر على عدوه , وعاد إليهم الزبير ليبشرهم بهلاك عدو النجاشي وعودته إلي ملكه . وهاجر الهجرة الأخرى إلى المدينة , وفى غزوة بدر قتل عمه نوفل بن خويلد .

    شجاعة الزبير

    في غزوة أحد رأى النبي صلى الله عليه وسلم رجلا يقتل المسلمين قتلا عنيفا , فقال للزبير : ((عليك به)) فكان أن اشتبك معه حتى وقعا على الأرض فقتله الزبير . ولما انصرف المشركون يوم أحد رأى النبي صلى الله عليه وسلم أن يتبعهم ببعض المسلمين على آثارهم وحتى يظنوا أن المسلمين قوة كبيرة , فخرج الزبير وأبو بكر الصديق في سبعين نفرا في آثار المشركين , فانصرف المشركون وهم يظنون أن المسلمين يطاردونهم .

    الزبير وفتح مصر

    حين توجه عمرو بن العاص لفتحها كان على رأس جيش به ثلاثة آلاف وخمـسمائة رجل فبعث إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب يطلب إليه المدد , فأرسل عمر بن الخطاب الزبير بن العوام على رأس جيش يبلغ أربعة آلاف رجل . وكان على رأسهم من الصحابة المقداد بن الأسود , وعبادة بن الصامت , ومسلمة بن مخلد , وخارجة بن حذافـة , وقال لعمرو : إنني أمدك بأربعة آلاف على رأس كل ألف منهم رجل بألف رجل , وكان الزبير على رأسهم جميعا . فلما وصل الزبير وجد عمرو بن العاص محاصرا حصن بابليون , وطالت فترة الحصار لمدة سبعة أشهر , فركب الزبير حصانه , وطاف حول الحصن .

    فقيل له : إن بها الطاعون . فقال : إنما جئنا للطعن والطاعون . وقال لعمرو بن العاص : إنني أهب نفسي لله . ثم وضع سلما وأسنده على الحصن من ناحية إحدى الأسواق ثم صعد وأمرهم إذا سمعوا تكبيره أن يجيبوه , وإن هي إلا دقائق حتى كبر , فأقبل المسلمون يريدون أن يصعدوا على السلم وخاف عمرو أن ينكسر من شدة اندفاعهم عليه ولكن الروم لما رأوا شجاعة العرب , انسحبوا .

    زوجة الزبير "السيدة أسماء بنت أبي بكر"

    تزوج الزبير بن العوام من السيدة أسماء بنت أبي بكر ((ذات النطاقين)) التي كانت تذهب بالطعام إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبيها في الغار . وهى أم عبد الله بن الزبير بن العوام .

    مقتل الزبير بن العوام

    ذكر النبي صلى الله عليه وسلم أن قاتل الزبير بن العوام في النار (من أهل النار) . فقد روى الإمام مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان على جبل حراء فتحرك الجبل , فقال صلى الله عليه وسلم الونشريس(اسكن حراء , فما عليك إلا نبي وصديق , وشهيد)) . فكان عليه النبي صلى الله عليه وسلم , وأبو بكر , وعمر , وعثمان , وعلي , وطلحة , والزبير , وسعد بن أبي وقاص رضي الله عنه .

    وقد قتل رضي الله عنه في نهاية وقعة الجمل .

    ***رضي الله عن الزبير بن العوام وعن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن التابعين***

    6-سعد بن أبي وقاص

    سعد بن مالك بن أهيب، أحد العشرة المبشرين بالجنة، وآخرهم موتًا. أمه حمنة بنت سفيان بن أمية بنت عم أبي سفيان بن حرب بن أمية. جده أهيب بن عبد مناف، عم السيدة آمنة أم رسول الله. ولد في مكة سنة 23 قبل الهجرة.

    كان ممن دعاهم أبو بكر للإسلام، فأسلم مبكرًا، وهو ابن سبع عشرة سنة. وبعد إسلامه تركت أمه الطعام ليعود إلى الكفر، فقال لها: تعلمين والله يا أماه، لو كانت لك مائة نفس فخرجت نفسًا نفسًا، ما تركت ديني هذا لشيء؛ فإن شئت فكلي، وإن شئت لا تأكلي. فحلفتْ ألا تكلمه أبدًا حتى يكفر بدينه، ولا تأكل ولا تشرب؛ فأنزل الله : {وَوَصَّيْنَا الإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلاَ تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [العنكبوت: 8].

    وكان سعد بن أبي وقاص أحد الفرسان، وهو أول من رمى بسهمٍ في سبيل الله، وهو أحد الستة أصحاب الشورى.

    سعد بن أبي وقاص مجاب الدعاء :
    دعا له الرسول، فقال: "اللهم سدد رميته، وأجب دعوته". فكان مجابَ الدعوة.

    سعد بن أبي وقاص وحبه للجهاد في سبيل الله :
    لم تعد حياة سعد ضياعًا في أحاديث التجارة أو اللغو، ولم يعد عمله في صنع السهام والقِسِيّ من أجل الربح، بل أصبح عمله جميعه موجَّهًا لهدف واحد، هو نصرة الدين، وإعلاء كلمة الله، والجهاد في سبيله بالمال والنفس والأهل والعشيرة؛ فقد شهد مع النبي غزوة بُواط وكان يحمل لواءها، وغزوة أُحد، وكان الرسول يعتمده في بعض الأعمال الخاصة، مثل إرساله مع علي بن أبي طالب والزبير بن العوام رضي الله عنهما بمهمة استطلاعية عند ماء بدر، وعندما عقد صلح الحديبية كان سعد بن أبي وقاص أحد شهود الصلح.

    سعد بن أبي وقاص وقيادة ناجحة في القادسية :
    تولى سعد بن أبي وقاص مهمة قيادة جيش المسلمين في أصعب مرحلة من مراحل الحرب في بلاد فارس والعراق، فاستطاع بفضل الله أولاً، ثم بكفاءته وقدرته القيادية وتوجيهات أمير المؤمنين وجيشٍ يملؤه الإيمان أن يهزم الفرس هزيمة ساحقة في القادسية.

    كان أول قرار صحيح اتخذه سعد أثناء قيادته للجيش هو اختياره لموقع القادسية من أجل المعركة الحاسمة مع الفرس، فقد توافرت في هذا الموقع:

    1- عزلته عن أهل البلاد الذين لم يكن سعد ليشعر بالطمأنينة إليهم.

    2- وقوع القادسية بين حاجزيْن جغرافييْن (الخندق والعتيق) لحماية قواته.

    3- قرب الموقع من الموارد الحياتية: المياه والطعام؛ مما يضمن له سهولة التأمين الإداري لقوات المسلمين.

    4- عدم وجود حاجز طبيعي يعوق حركة القوات، إذا ما أرادت الانسحاب وإعادة تجميعها لاستئناف القتال.

    5- حصر الفرس عند القتال بحاجز طبيعي (نهر الفرات).

    وقد كان من قراراته الصحيحة أثناء المعركة في ميدان القتال إرسال قوات لحماية النقاط الضعيفة، والتوغل والالتفاف من حول القوات، ثم تحديد بداية المعركة مع موعد الظهر؛ إذ تكون حدة الشمس قد ارتفعت عن أعين المقاتلين، وكذلك تنظيم عملية القتال الليلية (ليلة الهرير)، التي قررت مصير المعركة الحاسمة.

    وفاة سعد بن أبي وقاص :
    تُوُفِّي سعد في قصره بالعقيق على بُعد خمسة أميال من المدينة، وذلك عام 55هـ، وقد تجاوز الثمانين، وهو آخر من مات من المهاجرين.

    7- أبو عبيدة بن الجراح
    "أمين هذه الأمة "
    روي عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال عن أبي عبيدة بن الجراحالونشريس(إنه أمين هذه الأمة)). الأمين هنا هو الثقة والأمانة صفة لكل صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم, وإن كان لكل صاحب من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم سمة اختصه بها رسول الله صلى الله عليه وسلم, فقد وصف عثمان بن عفان رضي الله عنه بالحياء وعلياً رضي الله عنه بالقضاء وقال عن أبي بكرالونشريس(لو كنت متخذاً خليلاً لكان أبا بكر)). إنه أول من لقب بأمير الأمراء. يلتقي نسبه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في فهر"اسم أحد جدوده" كان إسلام أبي عبيدة في بداية الإسلام حين دعاه أبو بكر إلى دين الله ثم هاجر إلى الحبشة واشتاق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم,فعاد مسرعاً ليسعد بصحبته ثم هاجر إلى المدينة وآخى النبي صلى الله عليه وسلم بينه وبين سعد بن معاذ .

    نزل وفد نجران المدينة فقابلهم أبو عبيدة ودعاهم إلى الإسلام فأبوا ولكنهم سألوا عن عيسى عليه السلام فنزلت الآية الجليلةالونشريس(إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون)) [ آل عمران : 59 ] . ولكنهم قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلمالونشريس(إنا نعطيك الجزية وابعث معنا رجلاً أميناً)) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلمالونشريس(قم يا أبا عبيدة بن الجراح)) فلما قام قال رسول الله صلى الله عليه وسلمالونشريس(هذا أمين هذه الأمة)) "رواه البخاري" .

    جهاده

    اشترك في كل الغزوات مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى توفي صلى الله عليه وسلم, أما في يوم السقيفة فقد جمع شمل المسلمين على أبي بكر ولقد كان له موقف عظيم حين ولاه عمر بن الخطاب رضي الله عنه لواء المسلمين في حصار دمشق فكتم الخبر عن خالد بن الوليد الذي كان يقود جيش المسلمين حتى انتهت المعركة فعلم خالد فجاءه متعجبًا منه وهو يقول لهالونشريس(يغفر الله لك أتاك كتاب أمير المؤمنين بالولاية فلماذا لم تخبرني؟ وقد صليت خلفي وأنت القائد والأمير؟))فقال له أبو عبيدةالونشريس(لا عليك يا أخي ما كنت لأكسر عليك حربك فو الله إني ما أريد سلطان الدنيا فكل ذلك سيصير إلى زوال وإنما نحن إخوان بأمر الله عز وجل)) .

    كان الفرسان من خيرة شباب المسلمين يفرحون ويسعون إلى أن يكونوا تحت قيادته في الحروب, فقد روي أن خالد بن سعيد ذهب إلى أبي بكر الصديق يطلب أن ينضم إلى جيش أبي عبيدة رافضاً أن يكون في جيش ابن عمه يزيد بن أبي سفيان .

    إنه كان من الفئة التي تحدث عنها القرآن فقال تعالىالونشريس(ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة)) [ الحشر : 9 ] .

    فقد ذهب عمر بن الخطاب يوماً إلى منزل أبي عبيدة فلم ير عنده إلا لبدا وصفحة وقربة ماء وهو أمير. فتعجب عمر وسألهالونشريس(أعندك طعام؟)) فأحضر أبو عبيدة له بعض كسرات من الخبز فلما عاد عمر إلى داره أخذ من بيت مال المسلمين أربعمائة دينار ووضعها في صرة وأرسلها مع غلامه إلى أبي عبيدة وطلب منه أن ينظر ماذا يفعل بها ويأتيه بالخبز . فجاءه الغلام بعد وقت قصير يخبره أنه قسَّم المبلغ وأرسله إلى عدد كبير من الناس المستحقين للمال .

    ونفس هذا الموقف النبيل فعله أيضاً الصحابي الجليل معاذ بن جبل حين أرسل إليه عمر بن الخطاب رضي الله عنه أربعمائة دينار مع غلام. فقام بإنفاقها جميعاً على من يستحقها من الناس . وقالت زوجت معاذ رضي الله عنه لهالونشريس(إنك تنفق المال الذي أرسله لك أمير المؤمنين على المساكين ونحن أهل بيتك أيضاً مساكين فلم لم تعطينا بعضه؟)) فكان ما تبقى دينارين فأعطاهما لها.

    هكذا كان الصحابة رضي الله عنهم وصلى الله على إمامهم وقدوتهم وأسوتهم محمد عليه الصلاة والسلام

    8-طلحة بن عبيد الله

    هو طلحة بن عبيد الله بن عثمان بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة القرشي التيمي، يكنى أبا محمد
    ويعرف بطلحة الخير، وطلحة الفياض. وهو أحد العشرة الذين شهد لهم رسول الله بالجنة، وأحد الثمانية الذين سبقوا إلى الإسلام، وأحد الخمسة الذين أسلموا على يد أبي بكر ، وأحد الستة أهل الشورى الذين تُوُفِّي رسول الله وهو عنهم راضٍ، وأحد الذين كانوا مع رسول الله على الجبل فتحرَّك بهم.

    كان طلحة بن عبيد الله رجلاً آدم، حسن الوجه، كثير الشعر، ليس بالجعد القطط، ولا بالسبط. وأمه الصعبة بنت الحضرمي، وقد أسلمت وهاجرت، وعاشت بعد ابنها قليلاً.

    متى ولد طلحة بن عبيد الله؟ ومتى أسلم؟
    ولد سنة 28 قبل الهجرة، وأسلم في بدايات الدعوة الإسلامية، فهو أحد الثمانية السابقين إلى الإسلام.

    قصة إسلام طلحة بن عبيد الله
    عن إبراهيم بن محمد بن طلحة قال: قال لي طلحة بن عبيد الله : حضرت سوق بُصرى فإذا راهب في صومعته يقول: سلوا أهل هذا الموسم، أفيهم أحد من أهل الحرم؟ قال طلحة بن عبيد الله: قلت: نعم، أنا. فقال: هل ظهر أحمد بعدُ؟ قال: قلت: ومن أحمد؟ قال: ابن عبد الله بن عبد المطلب، هذا شهره الذي يخرج فيه، وهو آخر الأنبياء، مخرجه من الحرم، ومهاجره إلى نخل وحرة وسباخ، فإياك أن تسبق إليه.
    بشارته بالشهادة
    عن أبي هريرة أن رسول الله كان على حراء هو وأبو بكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير، فتحركت الصخرة، فقال رسول الله: "اهْدَأْ، فَمَا عَلَيْكَ إِلاَّ نَبِيٌّ أَو صِدِّيقٌ أَو شَهِيدٌ".

    بعض المواقف من حياته مع الصحابة
    طلحة بن عبيد الله مع علي بن أبي طالب

    عن رفاعة بن إياس الضبي، عن أبيه، عن جده قال: كنا مع عليٍّ يوم الجمل، فبعث إلى طلحة بن عبيد الله أنِ الْقِني، فأتاه طلحة ، فقال: نشدتك الله، هل سمعت رسول الله يقول: "من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم والِ من ولاه وعادِ من عاداه؟" قال: نعم. قال: فلِمَ تقاتلني؟ قال: لم أذكر. قال: فانصرف طلحة .

    طلحة بن عبيد الله مع أبي بكر الصديق

    دخل طلحة بن عبيد الله على أبي بكر ، فقال: استخلفت على الناس عمر، وقد رأيت ما يلقى الناس منه وأنت معه، فكيف إذا خلا بهم وأنت لاقٍ ربك فسائلك عن رعيتك؟ فقال أبو بكر -وكان مضطجعًا-: أجلسوني. فأجلسوه، فقال لطلحة: أبالله تخوِّفني؟! إذا لقيت الله ربي فساءلني، قلتُ: استخلفتُ على أهلك خير أهلك.

    أثر طلحة بن عبيد الله في الآخرين
    روى عن رسول الله ، وروى عنه بنوه يحيى وموسى وعيسى بنو طلحة، وقيس بن أبي حازم، وأبو سلمة بن عبد الرحمن، ومالك بن أبي عامر الأصبحي، والأحنف بن قيس.

    من كلمات طلحة بن عبيد الله
    عن طلحة بن عبيد الله قال: "لقد أُعطي ابن عباس فهمًا لقنًا وعلمًا، وما كنت أرى عمر يقدم عليه أحدًا".

    وقال : "إنا لنجد بأموالنا ما يجد البخلاء، لكننا نتصبر".

    وقال أيضًا: "الكسوة تُظهِر النعمة، والدهن يذهب البؤس، والإحسان إلى الخادم يكبت الأعداء".

    وفاة طلحة بن عبيد الله
    قُتل طلحة بن عبيد الله يوم موقعة الجمل سنة 36هـ؛ وذلك لما قرَّر الانسحاب من المعركة، بعدما أخبره عليٌّ بحديثٍ لرسول الله كان قد نسيه. يقال: رماه مروان بن الحكم بسهمٍ، فأرداه قتيلاً.

    9-عبد الرحمن بن عوف

    عبد الرحمن بن عوف الذي كان يسمى قبل إسلامه"عبد عمرو, أو عبد الكعبة" فسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم "عبد الرحمن", وأمه هي الشفاء بنت عوف أسلمت وهاجرت وقد أسلم عبد الرحمن وهو من الثمانية الذين سبقوا إلى الإسلام ثم هاجر إلى الحبشة وإلى المدينة. إنه من العشرة المبشرين بالجنة وأحد الستة أهل الشورى. ولقد آخى الرسول صلى الله عليه وسلم بينه وبين سعد بن الربيع الأنصاري بعد الهجرة إلى المدينة .

    الإيثار من الأنصار وفضل المهاجرين

    إن سعد بن الربيع قال لعبد الرحمنالونشريس(يا أخي إنني أكثر الأنصار مالاً فتعالى أقسم بيني وبينك هذا المال وإن لي زوجتين فانظر أيهما تعجبك فأطلقها فتتزوجها بعد انقضاء عدتها)) فقال عبد الرحمنالونشريس(بارك الله لك في أهلك ومالك ولكن دلني على السوق فأعمل فخير الكسب عمل المرء)) وتاجر حتى صار أكثر المهاجرين مالاً .

    صلاة النبي عليه السلام خلفه

    كان عبد الرحمن بن عوف يصلي بالناس فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم في إحدى الركعتين فصلى مع الناس الركعة الأولى فأكثر الناس التسبيح حتى ينتبه عبد الرحمن أن الرسول يصلي خلفه .

    شهادة رسول الله عليه السلام له

    لقد شهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنة وهو من أهل بدر الذين قيل لهمالونشريس(اعملوا ما شئتم فإنه مغفور لكم)) وقد حفظهم الله تعالى . وهو أيضاً من الذين بايعوا النبي صلى الله عليه وسلم تحت الشجرة في غزوة الحديبية .

    زهده

    روي أنه رضي الله عنه كان ذات يوم صائماً فلما حضر الطعام إليه بكى وقالالونشريس(قُتل مصعب بن عمير وهو خير مني وكفن في بردة أن هي غطت رأسه بدت قدماه, وفتل حمزة رضي الله عنه وهو خير مني, ولكنا أُعطينا من الدنيا ما أُعطينا وما أخشاه حقاً أن تكون حسناتنا قد عُجِّلت لنا وظل يبكي حتى ترك الطعام)) .كان زاهداً فقد أوصى عثمان رضي الله عنه بالعهد والخلافة له من بعده فقام في الناس وأخذ يدعو الله أن يقبضه إليه قبل أن يتم هذا الأمر له فلم تمضِ إلا ستة أشهر حتى قبضه الله إليه .

    تواضعه

    ورغم ثرائه إلا أنه كان متواضعاً وزاهداً فكان يمشي بين مماليكه فلا يعرف أنه بينهم من شدة تقشفه وتواضعه. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في تواضع من كان في ثراء عبد الرحمنالونشريس(مَن ترك اللباس تواضعاً لله وهو يقدر عليه دعاه الله يوم القيامة على رءوس الخلائق حتى يخيره من أي حُلَلِ الإيمان شاء يلبسها)) "رواه الترمذي"

    10-سعيد بن زيد القرشي

    سعيد بن زيد بن عمرو بن نُفَيْل العدوي القرشي ، أبو الأعور ، من خيار الصحابة ابن عم عمر بن الخطاب وزوج أخته

    المبشرين بالجنة

    روي عن سعيد بن زيد أنه قال : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الونشريس عشرة من قريش في الجنة ، أبو بكر ، وعمر ، وعثمان ، وعليّ ، وطلحة ، والزبير ، وعبد الرحمن بن عوف ، وسعد بن مالك ( بن أبي وقاص ) ، وسعيد بن زيد بن عمرو بن نُفَيل ، و أبو عبيدة بن الجراح ) رضي الله عنهم أجمعين

    الدعوة المجابة

    كان -رضي الله عنه- مُجاب الدعوة ، وقصته مشهورة مع أروى بنت أوس ، فقد شكته الى مروان بن الحكم ، وادَّعت عليه أنّه غصب شيئاً من دارها ، فقال الونشريس اللهم إن كانت كاذبة فاعْمِ بصرها ، واقتلها في دارها ) فعميت ثم تردّت في بئر دارها ، فكانت منيّتُها

    البيعة

    كتب معاوية إلى مروان بالمدينة يبايع لإبنه يزيد ، فقال رجل من أهل الشام لمروان الونشريس ما يحبسُك ؟) قال مروان الونشريس حتى يجيء سعيد بن زيد يبايع ، فإنه سيـد أهل البلد ، إذا بايع بايع الناس ) قال الونشريس أفلا أذهب فآتيك به ؟) وجاء الشامـي وسعيد مع أُبيّ في الدار ، قال الونشريس انطلق فبايع ) قال الونشريس انطلق فسأجيء فأبايع ) فقال الونشريس لتنطلقنَّ أو لأضربنّ عنقك ) قال الونشريس تضرب عنقي ؟ فوالله إنك لتدعوني إلى قوم وأنا قاتلتهم على الإسلام )

    فرجع إلى مروان فأخبره ، فقال له مروان الونشريس اسكت ) وماتت أم المؤمنين ( أظنّها زينب ) فأوصت أن يصلي عليها سعيد بن زيد ، فقال الشامي لمروان الونشريس ما يحبسُك أن تصلي على أم المؤمنيـن ؟) قال مروان الونشريس أنتظر الذي أردت أن تضرب عنقـه ، فإنها أوصت أن يُصلي عليها ) فقال الشامي الونشريس أستغفر الله )

    وفاته

    توفي بالمدينة سنة ( 51 هـ ) ودخل قبره سعد بن أبي الوقاص وعبد الله بن عمر -رضي الله عنهم أجمعين

    اترك تعليقاً

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

    هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.