تخطى إلى المحتوى

المحبة المحمودة والمحبة المذمومة 2024


[ ص: 199 ] ولما كانت المحبة جنسا تحته أنواع متفاوتة في القدر والوصف ، كان أغلب ما يذكر فيها في حق الله تعالى ما يختص به ويليق به من أنواعها ، وما لا تصلح إلا له وحده ، مثل العبادة والإنابة ونحوها ، فإن العبادة لا تصلح إلا له وحده ، وكذا الإنابة ، وقد ذكر المحبة باسمها المطلق كقوله تعالى : فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه [ سورة المائدة : 54 ] .

وقوله تعالى : ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله والذين آمنوا أشد حبا لله [ سورة البقرة : 165 ] .

وأعظم أنواع المحبة المذمومة : المحبة مع الله التي يسوي المحب فيها بين محبته لله ومحبته للند الذي اتخذه من دونه .

وأعظم أنواعها المحمودة : محبة الله وحده ، وهذه المحبة هي أصل السعادة ورأسها التي لا ينجو أحد من العذاب إلا بها ، والمحبة المذمومة الشركية هي أصل الشقاوة ورأسها التي لا يبقى في العذاب إلا أهلها ، فأهل المحبة الذين أحبوا الله وعبدوه وحده لا شريك له لا يدخلون النار ، ومن دخلها منهم بذنوبه فإنه لا يبقى فيها منهم أحد .

ومدار القرآن على الأمر بتلك المحبة ولوازمها ، والنهي عن المحبة الأخرى ولوازمها ، وضرب الأمثال والمقاييس للنوعين ، وذكر قصص النوعين ، وتفصيل أعمال النوعين وأوليائهم ومعبود كل منهما ، وإخباره عن فعله بالنوعين ، وعن حال النوعين في الدور الثلاثة : دار الدنيا ، ودار البرزخ ، ودار القرار ، والقرآن جاء في شأن النوعين .

وأصل دعوة جميع الرسل من أولهم إلى آخرهم ، إنما هي عبادة الله وحده لا شريك له ، المتضمنة لكمال حبه ، وكمال الخضوع والذل له ، والإجلال والتعظيم ، ولوازم ذلك من الطاعة والتقوى .

وقد ثبت في الصحيحين من حديث أنس عن النبي – صلى الله عليه وسلم – أنه قال : والذي نفسي بيده لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين .

وفي صحيح البخاري أن عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – قال : يا رسول الله والله [ ص: 200 ] لأنت أحب إلي من كل شيء إلا من نفسي ، فقال : لا يا عمر حتى أكون أحب إليك من نفسك ، قال : والذي بعثك بالحق لأنت أحب إلي من نفسي ، قال : الآن يا عمر .

فإذا كان هذا شأن محبة عبده ورسوله – صلى الله عليه وسلم – ووجوب تقديمها على محبة نفس الإنسان وولده ووالده والناس أجمعين ، فما الظن بمحبة مرسله سبحانه وتعالى ، ووجوب تقديمها على محبة ما سواه ؟ .

ومحبة الرب سبحانه تختص عن محبة غيره في قدرها وصفتها وإفراده سبحانه بها : فإن الواجب له من ذلك كله أن يكون أحب إلى العبد من ولده ووالده ، بل من سمعه وبصره ونفسه التي بين جنبيه ، فيكون إلهه الحق ومعبوده أحب إليه من ذلك كله ، والشيء قد يحب من وجه دون وجه ، وقد يحب بغيره ، وليس شيء يحب لذاته من كل وجه إلا الله وحده ، ولا تصلح الألوهية إلا له ، و لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا [ سورة الأنبياء : 22 ] .

والتأله : هو المحبة والطاعة والخضوع .

    بارك الله فيكى

    بارك الله فيك ياقمممر

    الونشريس

    جزاكِ الله خير

    اترك تعليقاً

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

    هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.