المرأة المسلمة مدعوة وداعية
كل أمر ونهي عام في خطاب الشارع فإنه شامل للذكر والأنثى قطعاً، والمرأة داخلة فيه بلا شك، وإنما
يوجّهَ الخطاب للذكور تغليباً على الإناث، وهذا أمر سائغ في اللغة إلا أن هناك أحكاماً لا خلاف في
اختصاصها بالرجال .
وبالمقابل فإن الله عز وجل ونبيه قد خصّا النساء بأمور دون الرجال، مما يدل على اعتبار شخصيتها
المستقلة عن الرجال.
وهذا وذاك يؤكد وجوب التوجه إلى المرأة بالدعوة والتربية والإصلاح والتوجيه؛ فإنها مخاطبة بدين
الله عز وجل، مأمورة بالتزام شرعه مدعوة لامتثال الأوامر، وترك النواهي.
ولذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يوجه للنساء خطاباً خاصاً بعد حديثه للرجال، وربما خصهن بيوم
يعلمهن فيه دون الرجال.
ويؤكد الوجوب أيضاً: مسؤولية الرجل عن بيته مسؤولية خاصة، قال الله عز وجل: (( يَا أَيُّهَا الَذِينَ
آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدادٌ لاَّ يَعْصُونَ اللَّهَ مَا
أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ )) [التحريم : 6] .
وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: ( ألا كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته ، فالإمام الذي على الناس
راع وهو مسؤول عن رعيته ، والرجل راع على أهل بيته وهو مسؤول عن رعيته ، والمرأة راعية
على أهل بيت زوجها وولده وهي مسؤولة عنهم ، وعبد الرجل راع على مال سيده وهو مسؤول عنه ،
ألا فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته )
الراوي: عبدالله بن عمر
المحدث: البخاري
– المصدر: صحيح البخاري –
الصفحة أو الرقم: 7138
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
وقد أورد البخاري رحمه الله في باب: " تعليم الرجل أَمَته وأهله " حديث أبي موسى رضي الله عنه
قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (ثلاثة لهم أجران وذكر منهم : رجل كانت عنده أَمَةٌ فأدبها
فأحسن تأديبها، وعلّمها فأحسن تعليمها، ثم أعتقها فتزوجها فله أجران).
ولا شك أن الاعتناء بالأهل الحرائر في التعليم والتربية آكد من الاعتناء بالإماء .
ويزداد هذا الواجب في حق الداعية ؛ لاعتبارات كثيرة لا تخفى، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فإن
المرأة مكلفة بالدعوة إلى الله عز وجل، ويستفاد وجوب الدعوة عليها من أدلة كثيرة؛ منها:
1- عموم الأدلة على وجوب الدعوة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، كقول الله تعالى: (( وَلْتَكُن
مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إلَى الخَيْرِ وَيَاًمُرُونَ بِالمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ المُنكَرِ)) [آل عمران : 104] ، ونحوه من
الآيات والأحاديث .
2- تخصيصها بخطاب التكليف بالدعوة؛ كقوله تعالى: (( يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاءِ إنِ اتَّقَيْتُنَّ
فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَّعْروفاً )) [الأحزاب : 32] .
قال ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى: (( وَقُلْنَ قَوْلاً مَّعْروفاً )) : " أمْرُهن بالمعروف، والنهي
عن المنكر " وهذا خطاب عام لنساء المؤمنين.
وقوله تعالى: (( وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَاًمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ المُنكَرِ
وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ )) [التوبة : 71] ، وهذا دليل على وجوب
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عليهن كوجوبه على الرجال، حيث وجدت الاستطاعة.
وكذا قوله: ( ألا كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته )، وفيه : ( والمرأة راعية على أهل بيت زوجها
وولده، وهي مسؤولة عنهم ) والراعي: هو الحافظ المؤتمن على ما وضع عنده، الملتزم صلاح ما قام
عليه .
3- بعض الأحوال والقرائن والأحكام الشرعية، نحو :
أ- حرمة الاختلاط بين الجنسين؛ مما يعني وجوب قيام داعيات بين صفوف النساء .
ب- وجود بعض الأحكام الشرعية التي اختصت المرأة بروايتها عن النبي صلى الله عليه وسلم.
ج- صعوبة قيام الدعاة من الرجال بكل ما تحتاجه الدعوة بين النساء؛ لاختصاص المرأة ببعض الأحكام
والأعذار الشرعية التي يصعب إفصاح الرجال عنها، وتستحيي النساء من السؤال عنها.. إلى غير ذلك
من الأمور التي يصعب القول معها بغير الوجوب
الله يعطيك العافيه لمجهودك
رووعه بطرحك يالغلا
لك خالص الأمنيات وأرقها
وكل الود والورد لقلبك