ومن تبعهم بإحسان إلي يوم الدين …
وبعد
هو من المساجد التي يشد الرحال إليها! وهو المسجد المبارك الذي أسس بنيانه النبي الكريم صلوات الله تعالى وسلامه عليه، وقد بنى يدا بيد مع المسلمين بناؤه الطاهر، وهو مركز الدعوة الأولى إلى الله تعالى،
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم : ( لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد، مسجدي هذا والمسجد الأقصى والمسجد الحرام ).
روى ابن حبان وأحمد الطبراني بسند حسن عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال خير ما ركبت إليه الرواحل مسجدي هذا والبيت العتيق ).
وأفضل ما في المسجد النبوي الشريف الروضة الشريفة قال صلى الله عليه وسلم : ( ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة ).
وروى أحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه قول النبي صلى الله عليه وسلم بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة، ومنبري على حوضي ).
وروى أحمد عن سهل بن سعد مرفوعا:(( منبري على ترعة من ترع الجنة ))،
وفيه المحراب والمنبر والأساطين وأيضا من الأماكن المفضلة الحجرة النبوية الشريفة، وهي الحجرة التي سكنها النبي الكريم صلوات الله تعالى وسلامه عليه وأزواجه المطهرات وتقع الحجرة
بجوار مسجده صلى الله عليه وسلم وفيها قبره عليه الصلاة والسلام وقبر أبي بكر وعمر رضي الله عنهما.
وعلى الزائر الذي ينوي الوقوف بقبر النبي عليه الصلاة والسلام أن يأتي بالآداب التي تليق بصاحب هذا القبر العظيم محمد صلى الله عليه وسلم، من سكينة ووقار تصاحب ترحاله إلي المكان، وعليه أن يكون جميل المظهر بزيارة النبي عليه الصلاة والسلام وأن يصلي عليه ـ صلى الله عليه وسلم ـ أثناء ذلك،
كما يصلي ركعتين تحية للمسجد ثم يتوجه للقبر الشريف مستقبلا له مستدبرا للقبلة، فيسلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم
بقوله: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته – وإن أراد الزيادة على ذلك قال: السلام عليك يا نبي الله، السلام عليك يا خير خلق الله، السلام عليك يا حبيب الله، السلام عليك يا سيد المرسلين، أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله – ثم يتأخر نحو ذراع إلى الجهة اليمنى فيسلم على أبي بكر الصديق ويتأخر نحو ذراع آخر فيسلم على عمر بن الخطاب رضي الله عنهما
وعند الدعاء يستقبل القبلة ويدعو لنفسه وللمسلمين، وعلى الزائر أن يتحاشى البدع كالتمسح بالحجرة أو تقبيل الجدران لما نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تجعلوا قبري عيدا، وصلوا علي فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم ).
وعلى الزائر أن يكثر من الدعاء والتلاوة في الروضة الشريفة.
ويعتبر المسجد النبوي الشريف " أول مدرسة في الإسلام " حيث كان المسجد النبوي الشريف مقراً لتعليم الصحابة أمور دينهم.
معالم المسجد النبوي الشريف
· مهبط الوحي
· المواجهة الشريفة
· الروضة الشريفة
· بيت السيدة فاطمة الزهراء
· بيت السيدة عائشة
· بيت السيدة حفصة
· بيت السيدة سلمة
· خوخة سيدنا أبو بكر الصديق
· الحصوة والبئر والشجرة
· الصفة ( دكة الأغوات)
· المكبرية
· حَمَام الحرم
بناء المسجد و عمارته عبر التاريخ
في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم
أُمِـر الرسول صلى الله عليه وسلم بالهجرة إلى المدينة المنورة، وعند قدومه من مكة نزل عليه الصلاة والسلام في قباء وأقام بها عدة أيام وبنى مسجد قباء ( كانت من ضواحي المدينة والآن إحدى أحيائها ) وهو أول مسجد أسس على
التقوى، حيث أمر الرسول صلى الله عليه وسلم عمار بن ياسر رضي الله عنهما ببنائه، ثم توجه إلى المدينة المنورة وكان الأنصار يعترضون ناقته ويمسكون بزمامها، وكلٌ منهم يريد أن يتشرف بنزول الرسول صلى الله عليه وسلم عنده، فيقول لهم الرسول صلى الله عليه وسلم ( خلوا سـبيلها فإنها مأمورة ).
حتى بركت الناقة في مربد لغلامين يتيمين من الأنصار هما سهل وسهيل، فطلب رسول الله صلى الله عليه وسلم منهما أن يشتري منهم المربد ليبني فيه مسجده فقالا : ( بل نهبه لك يا رسول الله… فأبى عليه الصلاة والسلام إلا أن يبتاعه منهم فدفع لهم ثمن المربد عشرة دنانير).
خريطة المدينة المنورة
وبعدها شرع النبي صلى الله عليه وسلم في بناء مسجده، وكان في المربد نخل وشجر وخرب، فأمر أصحابه بإصلاح المكان وتجهيزه فقطع النخل وسويت الأرض، وبدأ الرسول الكريم مع أصحابه في بنائه ويعمل معهم بيده الشريفة، فينقل الحجارة ويحمل اللبن بنفسهوهم يرتجزون فيرتجز معهمويردد:
اللهم إن العيش عيش الآخرة
فارحم الأنصار والمهاجـرة
وقد جعل أسـاس المسـجد من الحجارة وبعمق ثلاثة أذرع تقريبا. وبنى حيطانه من اللبن، وأعمدته من جزوع النخل وسـقفه من الجريد وترك وسـطه رحبة وكانت القبلة أول بنائه باتجاه بيت المقدس.
وكانت أطوال جدرانه في بنائه الأول، الجدار من الجنوب إلى الشمال سـبعين ذراعاً، وعرضه من الشرق إلى الغرب سـتون ذراعاً ( أي أن مساحة المسجد 4200 ذراعاً )، وقد جعل له ثلاثة أبواب،
الباب الأول في جنوب المسجد ( جهة القبلة اليوم )
والباب الثاني باب عاتكة ( باب الرحمة ) من جهة المغرب،
والباب الثالث جهة الشرق ويعرف بباب عثمان ( باب جبريل ).
وحين أمر الله سبحانه وتعالى بالتوجه إلى الكعبة المشرفة في الصلاة فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم باباً في الجهة الشمالية وأغلق الباب الجنوبي، وكانت أول صلاة صلاها صلى الله عليه وسلم بعد تحويل القبلة هي صلاة العصر.
بعد عودته صلى الله عليه وسلم من غزوة خيبر سنة 7 هـ.
وكان قد ضاق المسجد بالمصلين فزاد في مساحة المسجد من جهة الشرق والغرب والشمال ليصبح شكل المسجد مربعاً، وطول ضلعه 100 ذراعاً. ( الذراع = 50 سم ) تقريباً.
بعد الزيادة النبوية الشريفة والتي أصبحت مساحة المسجد بعدها 2475 متراً مربعاً،
زاد في مساحة المسجد النبوي الشريف الخليفتان الراشدان عمر بن الخطاب و عثمان بن عفان رضي الله عنهما، ثم الوليد بن عبد الملك ثم الخليفة العباسي المهدي، فالخليفة العباسي المعتصم بالله، ثم الأشرف قايتباي ثم السلطان عبد المجيد العثماني ثم مؤسس المملكة العربية السعودية الملك عبدالعزيز أل سعود (رحمه الله) ثم التوسعة الحالية لخادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز (حفظه الله).
وفيما يلي شروح موجزة لهذه التوسعات.
* التوسعات حتى نهاية الخلافة العثمانية
· في عهد الخلفاء الراشدين
توسعة عمر بن الخطاب رضي الله عنه / سنة 17 هـ:
لم يزد الخليفة أبي بكر الصديق رضي الله عنه في عهده بالمسجد النبوي الشريف لانشغاله بحروب الردة.
ولكن في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه ضاق المسجد بالمصلين لكثرة الناس.
فقام رضي الله عنه بشراء الدور التي حول المسجد النبوي الشريف وأدخلها ضمن المسجد، وكانت توسعته من الجهة الشمالية والجنوبية والغربية.
فقد زاد من ناحية الغرب عشرين ذراعاً، ومن الجهة الجنوبية ( القبلة ) عشرة أذرع، ومن الجهة الشمالية ثلاثين ذراعاً. ولم يزد من جهة الشرق لوجود حجرات أمهات المؤمنين رضي الله عنه أجمعين.
فاصبح طول المسجد 140 ذراعاً من الشمال إلى الجنوب، و120 ذراعاً من الشرق إلى الغرب.
وكان بناؤه رضي الله عنه كبناء النبي صلى الله عليه وسلم فكانت جدرانه من اللبن وأعمدته من جذوع النخيل وسـقفه من الجريد بارتفاع 11 ذراعاً، وقد فرشـه بالحصباء والتي أحضرت من العقيق. وجعل له سترة بارتفاع ذراعين أو ثلاثة، و تقدر هذه الزيادة بحوالي 1100 متر مربع.
وجعل للمسـجد 6 أبواب أثنين من الجهة الشرقية، وأثنين من الجهة الغربية، وأثنين من الجهة الشمالية.
توسـعة عثمان بن عفان رضي الله عنه / سـنة 29 هـ:
في خلافة سيدنا عثمان رضي الله عنه ضاق المسجد بالمصلين فشكوا إليه ذلك فشاور أهل الرأي من الصحابة رضوان الله عليهم في توسعة المسجد النبوي الشريف فاسـتحـسنوا ذلك ووافقوه الرأي.
فبدأ رضي الله عنه في توسعة المسجد، فزاد من جهة القبلة ( الجنوب ) عشرة أذرع، ومن جهة المغرب 10 أذرع ومن الجهة الشمالية 20 ذراعاً. ونجد أنه لم يوسعه من الجهة الشرقية وبقى كما كان على عهد الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه لوجود بيوت أمهات المؤمنين.
وأصبح طوله من الشمال إلى الجنوب 170 ذراعا ومن الشرق إلى الغرب 130 ذراعا. وتقدر هذه الزيادة بحوالي 496 متراً مربعاً.
وقد اعتنى رضي الله عنه ببنائه عناية كبيرة حيث بنى جداره من الحجارة المنقوشة والجص، وجعل أعمدته من الحجارة المنقورة وبداخلها قضبانا من الحديد مثبة بالرصاص، وسـقفه بخشـب السـاج.
ولم يزد في أبواب المسجد النبوي الشريف بل بقيت كما كانت سـتة أبواب بابين من الجهة الشمالية وبابين من الجهة الغربية وبابين من الجهة الشرقية.
· في عهد الخلافة الأموية و العباسية:
توسعة الوليد بن عبد الملك
بقي المسجد النبوي الشريف على ما هو عليه بعد زيادة سيدنا عثمان رضي الله عنه، وحتى عهد الوليد بن عبد الملك سنة 88 هـ دون أي زيادة.
فكتب الوليد إلى واليه على المدينة عمر بن عبد العزيز( 86 – 93 هـ ) يأمره
بشراء الدور التي حول المسجد النبوي الشريف لضمها إلى التوسعة، كما أمره أن يدخل حجرات أمهات المؤمنين في التوسعة، فوسع المسجد النبوي الشريف وأدخل فيه قبر الرسول صلى الله عليه وسلم.
فكانت زيادة الوليد من ثلاثة جهات وهي الشرقية والشمالية والغربية، وأصبح طول الجدار الجنوبي 84 م، والجدار الشمالي 68 م، والغربي 100 م، وتقدر هذه الزيادة بحوالي 2369 متراً مربعاً.
وفي توسعة الوليد أحدث لأول مرة بالمسجد النبوي الشريف المنار، حيث عمل للمسجد أربعة منائر في كل ركن منارة.
وعمل شرفات في سطح المسجد، كما جعل ميزاباً، وكذلك عمل محراباً مجوفاً لأول مرة، حيث لم يكن قبل ذلك المحراب مجوف.
توسعة الخليفة المهدي
لم تحدث أي توسعات في المسجد النبوي الشريف بعد توسعة الوليد ولكن كانت هناك بعض الإصلاحات والترميمات فقط.
وعندما زار الخليفة المهدي المدينة المنورة في حجه سنة 160 هـ، أمر عامله على المدينة جعفر بن سليمان بتوسعة المسجد النبوي الشريف. وقد دامت مدة التوسعة خمس سنوات. وكانت توسعته من الجهة الشمالية فقط، وكانت الزيادة
بنحو مائة ذراع، فأصبح طول المسجد 300 ذراع وعرضه 80 ذراعاً، وعمّره و زخرفه بالفسيفساء و أعمدة الحديد في سواريه كما فعل الوليد بن عبد الملك، وتقدر هذه الزيادة بحوالي 245 متراً مربعاً.
توقف التوسعات
احترق المسجد النبوي الشريف سنة 654هـ، فأسهم في عمارة المسجد النبوي الشريف عدد من الملوك والرؤساء المسلمين، و أوّل من أسهم آخر
الخلفاء العباسيين المستعصم بالله فأرسل من بغداد المؤن والصناع و بدئ في
العمل سنة 655هـ، ثم انتهت الخلافة العباسية بسقوط بغداد في أيدي التتار.
بعدها تبارى ملوك ورؤساء المسلمين في عمارة المسجد النبوي الشريف وهم:
· المنصور نور الدين علي بن المعز أيبك الصالحي، حاكم مصر.
· المظفر شمس الدين يوسف بن المنصور عمر بن علي، حاكم اليمن.
· ركن الدين الظاهر بيبرس البند قاري، حاكم مصر.
· الناصر محمد بن قلاوون الصالحي، حاكم مصر.
· الأشرف برسباي.
· الظاهر جقمق.
· حيث لم تحدث أي توسعات في المسجد النبوي الشريف حتى سنة879 هـ، سوى بعض الإصلاحات و التوسعات في السقوف وما إلى ذلك، ولم تشمل هذه الأعمال توسعات في مساحة المسجد النبوي الشريف.
وعندما شب الحريق الثاني بالمسجد النبوي الشريف سنة 886 هـ. استحوذ الحريق على أجزاء كثيرة من سقف المسجد النبوي الشريف وعقوده وأعمدته وأبوابه وما فيه من خزائن.
التوسعات في عهود مختلفة
· التوسعات في العهد العثماني
ولم يكد الخبر( خبر الحريق ) يصل إلى السلطان قايتباي ( حيث كتب أهالي المدينة المنورة للأشرف قايتباي حاكم مصر) حتى بادر فوراً بإرسال المؤن و العمال و كل المواد و النقود. فعمره وتم تسقيفه وكان ذلك سنة 888هـ،
وبنى للمصلى النبوي محراباً كما بنى المحراب العثماني في الزيادة القبلية، وعند بناء القبة الخضراء على الحجرة النبوية الشريفة التي دفن فيها صلى الله عليه وسلم ظهر ضيق جهة الشرق فخرجوا بالجدار الشرقي بنحو ذراعين و ربع ذراع فيما حاذى ذلك، وتمت العمارة حوالي سنة 890هـ وتعتبر هذه التوسعة هي آخر توسعة جرت إلى العهد العثماني و العهد السعودي، وتقدر هذه التوسعة بحوالي 120 متراً مربعاً.
رسم للمسجد النبوي الشريف في عهد قايتباي
ولم يطرأ على المسجد النبوي الشريف أي تغيير منذ عمارة السلطان قايتباي لمدة 387 سنة (لكن خلال هذه المدة تم عمل الكثير من الإصلاحات والترميمات بمنائر وأبواب المسجد، واستبدال الأهلة التي تعلو المنائر والقبة،
وترميم جدران المسجد والكثير من أعمال الإصلاحات اللازمة، ولكن لم يكن هناك هدم كامل وبناء إلا في عهد السلطان عبد المجيد ). وهذه المدة كافية لأن تجعل كثيراً من أجزائه يعتريها الخراب وقد آلت بعض سقوفه للسقوط مع وجود تصدع في أجزاء من المسجد النبوي الشريف،
فرفع شيخ الحرم وقتئذٍ داوود باشا الأمر إلى السلطان عبد المجيد خان الثاني في استانبول عاصمة الخلافة العثمانية سنة 1263هـ، فاهتم بالأمر وبعد أن أمر بالكشف و تحقق من الخراب و حاجته إلى العمارة و الترميم، صدر أمره سنة 1265 هـ بإرسال الصناع والمهندسين والعمال و الخبراء و النجارين و المؤن وكل ما يلزم لإعادة تعمير وتوسعة المسجد بأكمله .
فبدأت العمارة لكامل المسجد سنة 1265 هـ وانتهت سنة 1277 هـ حيث استغرقت العمارة نحو 13 سنة، وكانت العمارة من الحجر الأحمر من جبل غرب الجماوات بذي الحليفة ( والجبل معروف حالياً بجبل الحرم وبه آثار تدل على ما أخذ من أحجار للمسجد النبوي الشريف)، حيث استخدمت حجارته لبناء الأعمدة، أما الجدران فكان من حجر البازلت الأسود.
وكانت أضخم العمارات التي جرت في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم
و أتقنها وأجملها وقد بقي منها بعد العمارة السعودية الجزء القبلي ويبدو هذا الجزء حتى الآن قوياً متماسكاً جميلاً رائعاً، وأكثر ما يميز هذه العمارة القباب التي حلت بدلاً من السقف الخشبي ( حيث سُقِّف المسجد بالقباب كاملاً )،كما زينت بطون هذه القباب بصور طبيعية جذابة كما كتبت في جدار المسجد القبلي سور من القرآن الكريم و أسماء الرسول صلى الله عليه وسلم بخط جميل بقلم الثلث، وذهبت الحروف بالذهب الوهاج (فكانت زخرفة إسلامية بديعة )،
كما أن أبواب المسجد بنيت بشكل جميل وجذاب أبدعت يد الفن في إنشائها. وتم بناء أعمدة السقف القبلي في موضع جذوع النخل التي كانت في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد زاد السلطان عبد المجيد الكتاتيب ( لتعليم القرآن الكريم) والمستودعات من الجهة الشمالية، كما زاد في الجهة الشرقية نحو خمسة أذرع وربع من المنارة الرئيسية إلى ما يلي باب جبريل لضيق المسجد في ذلك الموضع. وتقدر تلك التوسعة بحوالي 1293 متراً مربعاً.
آيات من القرآن الكريم وأسمائه صلى الله عليه وسلم
على الجدار القبلي داخل الحرم النبوي الشريف
التوسعات في العهد السعودي
توسعة الملك عبد العزيز وعمارته للمسجد النبوي
بعد توحيد المملكة العربية السعودية على يد الملك عبد العزيز آل سعود يرحمه الله، كان من اهتماماته الأولية رعاية شئون الحرمين الشريفين.
ففي عهد المؤسس الملك عبد العزيز أجريت عدة إصلاحات للمسجد النبوي الشريف.
شعر الناس بضيق في المسجد النبوي ولا سيما أيام المواسم بعد توسعته من العهد العثماني، وفي حوالي سنة 1365هـ لوحظ تصدع في بعض العقود الشمالية وتفتت في بعض حجارة الأعمدة في تلك الجهة بشكل ملفت للنظر.
فصدر أمر جلالة الملك عبد العزيز آل سعود (بعد دراسة المشروع) بإجراء العمارة والتوسعة لمسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وصرف ما يحتاجه المشروع من نفقات دون قيدٍ أو شرط مع توسيع الطرق حول المسجد النبوي الشريف.
وأعلن جلالة الملك عبد العزيز في خطاب رسمي سنة 1368 هـ عزمه على توسعة المسجد النبوي الشريف، وفعلا أصدر أمره إلى المعلم بن لادن ليتولى مباشرة العمل والبدء بالمشروع، وفي سنة 1370 هـ بدأت أعمال الهدم للمباني المجاورة للمسجد النبوي الشريف.
من أسباب التوسعة الزحام الشديد حول الحرم
وفي ربيع الأول 1374هـ احتفل بوضع حجر الأساس للمشروع بحضور ممثلين عن عدد من الدول الإسلامية.
ونظراً لأن عمارة السلطان عبد المجيد كانت في أحسن حال، فضلاً عما تتسم به من جمال و إتقان، فقد تقرر الإبقاء على قسم كبير منها، واتجهت التوسعة إلى شمال و شرق و غرب المسجد الشريف.
وبعد وضع حجر الأساس للمشروع بدئ في تنفيذ وبناء المشروع، وقد انتهت العمارة والتوسعة في سنة 1375 هـ. في عهد جلالة الملك سعود يرحمه الله، وكانت العمارة قوية جميلة رائعة بالأسمنت المسلح والمزايكو.
( أشرف على مشروع التوسعة الشيخ محمد بن لادن، وكان المدير العام للمشروع الشيخ محمد صالح قزاز، والسيد جعفر فقيه كان الرجل الثالث في المشروع وقطب الرحى الميدانية فيه)
ونتج عن هذه التوسعة أن أضيف إلى مسطح المسجد 6033 مترا مربعاً، وقد احتفظ بالقسم القبلي من العمارة المجيدية كما هو وهو ما كان صالحاً للبقاء. وبذلك أصبح مجمل العمارة السعودية 12271 متراً مربعاً.
وقد أقيمت التوسعة كمبنى هيكلي من الخرسانة المسلحة، عبارة عن أعمدة تحمل عقوداً مدببة، وقسم السقف إلى مسطحات مربعة شكلت على نمط الأسقف الخشبية وزخرفت بأشكال نباتية، وعملت الأعمدة المستديرة تيجان من البرنز وزخرف أيضاً، أما المآذن فقد بلغ ارتفاعها 72 م تتكون كل واحدة من أربع طوابق تناسقت في شكلها مع المنائر القديمة للمسجد، كما حليت جدران المسجد بنوافذ جميلة، وجعل للمسجد صحنين مفصولين برواق بدلا من واحد. وقد تم تغطيت أرضية المسجد بالرخام.
وأصبح للمسجد النبوي الشريف عشرة أبواب.
مشروع جلالة الملك فيصل رحمه الله
بعد فترة زمنية بسيطة من التوسعة السعودية الأولي للمسجد النبوي الشريف أصبح المسجد يضيق بالمصلين، وذلك لتزايد الأعداد الوافدة إليه وخاصة في موسم الحج والزيارة،
وذلك يعود لعدة أسباب أهمها سـهولة المواصلات والتنقل، والراحة التي يلقاها الحاج والزائر في هذه البلاد الطاهرة، حيث وفرت له الحكومة السعودية كل ما يحتاجه من أمن واسـتقرار وتوفر المتطلبات الأساسية له.
هذا كله جعل أمر توسعة المسجد النبوي الشريف أمراً ضرورياً حتى يستوعب هذه الأعداد المتزايدة، فقد أصدر جلالة الملك فيصل يرحمه الله أمره بتوسعة المسجد النبوي الشريف، وكانت هذه التوسعة من الجهة الغربية للمسجد النبوي الشريف فقط.
وقد تمثلت إضافة 000 , 35 متر مربع إلى أرض المسجد النبوي الشريف ، ولم تتناول عمارة المسجد نفسها ، بل جهزت تلك المساحة لإقامة مصلىً كبير مظلل ، يتسع لعدد من المصلين يماثل عددهم داخل المسجد ، ثم أضيفت مساحة 5550 متر مربع وظللت كذلك ، مما أتاح المجال لاسـتيعاب أعداد أكثر من المصلين وكان ذلك سنة 1395 هـ .
صور من التوسعة في عهد الملك فيصل بن عبد العزيز
مشروع جلالة الملك خالد
وفي عهد جلالة الملك خالد يرحمه الله حصل حريق في سوق القماشة سنة 1397 هـ وهو في الجهة الجنوبية الغربية للمسجد النبوي الشريف.
وقد تم إزالة المنطقة وتسوية أرضيتها، وتم تعويض أصحاب الدور والعقار، وتم إضافتها لمساحة المسجد النبوي الشريف، وقد بلغت المساحة 43000 متر مربع وهو ميدان فسيح مظلل ، وأضيف إلى أرض المسجد النبوي ولم تتناول عمارة المسجد . وقد تم تخصيص جزء منها مواقف للسـيارات.
توسعة خادم الحرمين الشريفين للحرم النبوي الشريف لفت نظر خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود ملك المملكة العربية السعودية التفاوت الكبير بين مساحة الحرم المكي الشريف والحرم النبوي الشريف
فأمر بإجراء دراسات لتوسعة كبرى للحرم النبوي تعد الأكبر من نوعها في تاريخ العالم الإسلامي كله، وكان دافعه إلى ذلك كله أن يكون للحرمين الشريفين قيمة متوازية كما لهما القيمة الروحية العظمى لدى المسلمين في كل مكان في أرجاء العالم الإسلامي.
وعني حفظه الله بالإشراف بنفسه على مشروع توسعته، وحدد الخطوط العريضة للمشروع بما يحقق زيادة في مساحة الحرم الشريف يستوعب الأعداد الهائلة للمصلين وخاصة في المواسم الدينية.
وفي سنة 1405 هـ تم وضع حجر الأساس بيده لأكبر مشروع وتوسعة تتم للمسجد النبوي الشريف عبر التاريخ.
هذا وبوشر المشروع في التنفيذ في اليوم التاسع من المحرم عام 1406هـ.
مشروع خادم الحرمين الشريفين لتوسعة وعمارة المسجد النبوي الشريف
تضمن مشروع خادم الحرمين الشريفين لتوسعة وعمارة المسجد النبوي الشريف إضافة مبنى جديد بجانب مبنى المسجد الحالي يحيط ويتصل به من الشمال والشرق والغرب بمساحة قدرها 82019 متر مربع يستوعب 167000 مصلٍّ وبذلك تصبح المساحة الإجمالية للمسجد النبوي الشريف 98500 متر مربع كما أن سطح التوسعة تم تغطيته بالرخام والمقدرة مساحته بـ 67000 متر مربع ليستوعب 90000 مصلٍّ، وبذلك يكون استيعاب المسجد النبوي الشريف بعد التوسعة لأكثر من 257000 مصلٍّ ضمن مساحة إجمالية تبلغ 165500 متراً مربعاً، وتتضمن أعمال التوسعة إنشاء دور سفلي (بدروم) بمساحة الدور الأرضي للتوسعة وذلك لاستيعاب تجهيزات التكييف والتبريد والخدمات الأخرى.
كما يشتمل المشروع كذلك على إحاطة المسجد النبوي الشريف بساحات تبلغ مساحاتها 23000 متر مربع تغطى أرضيتها بالرخام والجرانيت وفق أشكال هندسية بطرز إسلامية متعددة جميلة، خصص منها 135000 متر مربع للصلاة يستوعب 250000 مصلٍّ. ويمكن أن يزيد عدد المصلين إلى 400000 مصلٍّ في حالة استخدام كامل مساحة الساحات المحيطة بالحرم النبوي الشريف، مما يجعل الطاقة الاستيعابية لكامل المسجد والساحات المحيطة به تزيد عن 650000 مصلٍّ لتصل إلى مليون مصلٍّ في أوقات الذروة.
وتضم هذه الساحات مداخل للمواضئ و أماكن لاستراحة الزوار تتصل بمواقف السيارات التي تتواجد في دورين تحت الأرض. هذه الساحات مخصصة للمشاة فقط وتضاء بوحدات إضاءة خاصة مثبتة على مائة وعشرين عموداً رخامياً.
المواجهة الشريفة قبر الرسول صلى الله عليه وسلم وصاحبيه أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما
المحراب والمنبر النبوي الشريف
القبة الخضراء وقباب الحرم
أما الحصوات المكشوفة التي تقع بين المسجد القديم والتوسعة السعودية الأولى فقد تم إقامة مظلات ضخمة بنفس ارتفاع السقف تظلل كل منها مساحة 306 متر مربع يتم فتحها و غلقها أوتوماتيكياً وذلك لحماية المصلين من وهج الشمس و مياه الأمطار والاستفادة من الجو الطبيعي حينما تسمح الظروف المناخية بذلك.
يتبع
قباب المسجد النبوي الشريف
تزدان ساحة الحرم الشريف بالقباب الجميلة التي تضفي على المكان جواً قدسياً مهيباً، وقد بنيت أول قبة في المسجد النبوي الشريف فوق الحجرة النبوية الشريفة في القرن السابع الهجري، بأمر السلطان المملوكي المنصور قلاوون الصالحي سنة 678 هـ وهي التي عرفت مؤخراً بالقبة الخضراء،
وكانت مربعة من أسفلها مثمنة من أعلاها، مصنوعة من أخشاب أقيمت على رؤوس السواري المحيطة بالحجرة الشريفة، مكسوة بألواح الرصاص؛ منعاً لتسرب مياه الأمطار إلى الحجرة الشريفة.
وفي عام 881 هـ وبعد الانتهاء من بعض الترميمات في المسجد قرر السلطان قايتباي إبدال السقف الخشبي للحجرة بقبة لطيفة، فرفعوا السقف الخشبي، ثم عقدوا قبواً على نحو ثلث الحجرة مما يلي المشرق والأرجل الشريفة؛ ليتأتى لهم تربيع محل القبة المتخذة على بقية الحجرة من المغرب، ثم عقدوا القبة على جهة الرؤوس الشريفة بأحجار منحوتة من الحجر الأسود والأبيض، ونصبوا بأعلاها هلالاً من نحاس، وبيضوها من الخارج بالجص، فجاءت جميلة بديعة.
وقد سلمت هذه القبة من الحريق الذي شب بالمسجد سنة 886 هـ، بينما احترقت القبة التي فوقها، فأعاد السلطان قايتباي عام 892 هـ بناءها بالآجر، وأسس لها دعائم عظيمة بأرض المسجد، ثم ظهرت بعض الشقوق في أعاليها، فرممت وأصبحت في غاية الإحكام.
ثم عمل قبة على المحراب العثماني، وغطى السقف بين القبة الخضراء والحائط الجنوبي بقبة كبيرة حولها ثلاث قباب، كما أقام قبتين أمام باب السلام من الداخل، وقد كسيت هذه القباب بالرخام الأبيض والأسود، وزخرفت بزخارف بديعة.
وفي سنة 1119 هـ أضاف السلطان محمود الأول رواقاً في جهة القبلة، وسقّف ما يليه بعدد من القباب.
وفي عام 1228هـ جدد السلطان محمود الثاني العثماني القبة الشريفة، ثم دهنها باللون الأخضر، فاشتهرت بالقبة الخضراء، وكانت قبل ذلك تعرف بالبيضاء والزرقاء، وكان بعضهم يطلق عليها: الفيحاء.
ثم عزم على تعميم القباب فيما تبقى من سقوف المسجد، فحال دون ذلك الخوف من تأثر القبة الشريفة من هذا العمل.
وبقي الأمر كذلك حتى جاءت العمارة المجيدية سنة 1264هـ-1277هـ فغطي سقف المسجد كاملاً بالقباب المكسوة بألواح الرصاص، بلغ عددها (170 ) قبة، أعلاها القبة الخضراء، ثم قبة المحراب العثماني، ثم قبة باب السلام، وباقي القباب على ارتفاع متقارب، ولبعضها نوافذ مغطاة بالزجاج الملون، وفي داخلها نقوش بديعة، وكتابات قرآنية وشعرية جميلة.
ومنذ بداية العهد السعودي إلى الآن رممت هذه القباب عدة مرات، كان آخرها في عهد خادم الحرمين الشريفين سنة 1404هـ حيث تم تغيير ألواح الرصاص، وصبغها حسب ألوانها السابقة.
القباب المتحركة
وفي التوسعة الكبرى توسعة خادم الحرمين الشريفين، ومن أجل توفير التهوية والإنارة الطبيعية للمسجد الشريف تم إنشاء (27) قبة متحركة، صنعت في مصانع خاصة، بلغ ارتفاعها عن منسوب السطح (3.55) م، وقطرها (14.70)م، ووزن الواحدة منها (80) طناً، وقد غطي الهيكل الفولاذي للقبة من الداخل بطبقة من الخشب الخاص، كسي بطبقة أخرى من الخشب المزخرف على هيئة أشكال هندسية محفورة باليد، ومرصعة بالأحجار الثمينة داخل إطارات مذهبة بلغ وزن ورق الذهب فيها (2.50) كجم.
إحدى قباب التوسعة الأخيرة إحدى القباب المتحركة
ولهذه القباب خاصية الانزلاق على مجاري حديدية مثبته فوق السطح، يتم تحريكها آليًّا عن طريق التحكم من بعد، بزمن لا يتجاوز نصف دقيقة، أو يدوياً بنصف ساعة، وقد صممت هذه القباب بشكل يتوافق مع أحدث طرق الإنشاء، وأفضل أساليب العمارة حتى بدت هذه القباب في صورة رائعة وازدادت روعة بوجودها في حرم رسول الله (صلى الله عليه وسلم).
القـبـــة الـخـضـــــــراء
القبة الخضراء……ذلك الرمز الإسلامي والعلم الذي إذا ذكرت المدينة المنورة وذكر قبر المصطفى عليه السلام فان أول صورة تتبادر للأذهان هي صورة القبة الخضراء التي تحوي تحتها أعظم جسدا خلقه الله عز وجل منزلا ومكانة.
أسماؤها: القبة الخضراء_ القبة الفيحاء _ وعرفت قبلا بالزرقاء والبيضاء.
عمارتها: بنيت على الحجرة الشريفة في أيام الملك قلاوون عام 678هـ وكانت مربعة من أسفلها مثمنة من أعلاها وكانت بالخشب على رؤؤس الأساطين ألمحيطة بالحجرة وسمر فوق الخشب ألواح من الرصاص عن الأمطار وفوقها ثوب من المشمع….ثم حدث حريق في الحرم في عهد السلطان حسن بن محمد بن قلاوون واحترق من ضمنه ألواح الرصاص فجددت هذه الألواح ثم جددت مرة أخرى عام765هـ على عهد السلطان شعبان بن حسن بن محمد.
وفي عهد السلطان قايتباي عام 886هـ حدث الحريق الثاني للحرم فأمر بتجديد بناء الحرم ومن ضمنه القبة الخشبية إلا انه أمر ببنائها بأحجار منحوتة من الحجارة السوداء وجعل ارتفاعها 18 ذراع ثم بنى فوقها قبة أخرى تحويها وأحكمت الحجارة بالجبس الذي حمل من مصر ولم بكن معروفا في الحجاز في ذلك الوقت…..
وفي عهد السلطان الغازي محمود العثماني تشققت القبة العليا فأمر بهدم أعاليها وإعادة بناءها وجعلوا أثناء العمل حاجزا خشبيا بين القبتين حتى لا يطلع العمال على قبره الشريف ولا يسقط على القبة الأساسية شئ … ولم يشعر الناس بالمضايقة لأن البنائين اتخذوا سقالات من خارج الحرم..واشترك بالبناء معظم أهل المدينة تبركا ولم يمانع السلطان وقتئذ… وفي نهاية العمل حضر السلطان إلى المدينة لمشاهدة الإنجاز.
وقسم العطايا بين أهل المدينة لكل واحد 250 قرش وكان ذلك عام1233هـ وصبغت القبة الخارجية باللون الأزرق… حتى عام 1253هـ حينما أمر السلطان بصبغها باللون الأخضر ثم اتخذت عادة أن يجدد كل عام صبغ القبة بذات اللون أما القبة الداخلية فبقيت على نفس لونها الأساسي بالحجارة السوداء….أما الشباك الذي في القبة فهو موازي للشباك الذي قي القبة الداخلية ويقع فوق القبر الشريف..وكان خدم الحرم يفتحونه يوم صلاة الاستسقاء
فقد روى الدارمي في صحيحه عن أبي الجوزاء قال قحط أهل المدينة فشكوا إلى السيدة عائشة بنت الصديق فقالت: انظروا إلى قبر الرسول صلى الله عليه وسلم فاجعلوا منه كوة إلى السماء حتى لا يكون بينه وبين السماء سقف ثم استسقوا ففعلوا فأمطرت السماء وعلى هذا يكون فوق قبره الشريف قبتان قبة داخليه وقبة خارجية وهي الظاهرة أمامنا.
يتبع
تسمى الأعمدة بالأساطين أو السواري، ويُقصد بها القوائم التي يرتكز عليها السقف.
وكان الصحابة (رضي الله عنهم) والسلف من بعدهم يتحرون الصلاة عند تلك الأعمدة أو الأساطين التي كانت لا تخلو من جلوس النبي (صلى الله عليه وسلم) ونومه وتهجده بل وحياته.
وبما أن جلوسه (صلى الله عليه وسلم) كان عند هذه الأسطوانات تحديدًا؛ فكانت هذه الأعمدة محلا لنزول الكثير من الآيات القرآنية، وورود الأحاديث النبوية، وارتياد جبريل (عليه السلام) على النبي (صلى الله عليه وسلم).
من المعلوم أن أعمدة المسجد النبوي في عهد النبي (صلى الله عليه وسلم) كانت من الخشب، وورد أن أبا بكر الصديق (رضي الله عنه) رأى بعضها أكلته الأَرَضة فأبدل بها أعمدة أخرى من الخشب، ولكن عمر (رضي الله عنه) غيّر أعمدة المسجد النبوي، وبناها باللَّبِن لأول مرة ولم يغير مكانها، وكذلك الخلفاء الذين جددوا ووسعوا المسجد النبوي الشريف بعده لم يغيروا مكان أعمدته على مر الزمان، وهو ما ترك للمسلمين فرصة التعرف على مكان هذه الأعمدة، وتوخي ما ورد في أمكنتها من فضل وبركة.
وظل خلفاء الإسلام وسلاطين المسلمين وملوكهم يحرصون على إبقائها في أمكنتها، ويكتبون عليها أسماءها، كلما جدد بناء المسجد النبوي الشريف.
كانت أعمدة المسجد النبوي الشريف في زمن النبي (صلى الله عليه وسلم) (35) عمودًا من جذوع النخل، وكان ارتفاع الجدران 3.50 متراً. ثم جددها أبو بكر الصديق (رضي الله عنه) في خلافته حين نخرت، وزادها عمر الفاروق (رضي الله عنه) فبلغت (44) عمودًا.
وبناها ذو النورين عثمان (رضي الله عنه) بالحجارة المنحوتة، ووضع بها قطعًا من الحديد مغطاة بالرصاص المصهور لتثبت الحجارة مع بعضها، مع المحافظة على أماكن الأعمدة الخشبية التي كانت زمن الرسول (صلى الله عليه وسلم)، وزاد فيها (رضي الله عنه) فبلغت (55) عمودًا.
وفي توسعة الوليد بن عبد الملك (88-91هـ) عملت الأعمدة على غرار ما قبلها من الحجارة المنحوتة، وربطت مع بعضها بالحديد المغطى بالرصاص المصهور، وجعل لها قواعد مربعة وتيجان مذهبة، كسيت الأعمدة الجنوبية بطبقة من البياض تصقل وتلمع فتظهر كأنها رخام أبيض، بينما كسي الباقي بالرخام، و بلغ عددها (232) عمودًا. وفي توسعة المهدي العباسي (161-165هـ) وصل عدد الأعمدة إلى ما يقرب من (290) عمودًا.
وزادها السلطان المملوكي قايتباي في توسعته (886-888هـ) فبلغت (305) أعمدة.
وفي توسعة السلطان العثماني عبد المجيد (1265-1277هـ) عملت الأعمدة من الحجر الأحمر بعضها من قطعة واحدة، وغطيت بطبقة من الرخام المزخرف المزين بماء الذهب، عليها عقود تحمل أعلاها قبابًا، بلغ مجموع الأعمدة في هذه التوسعة (327) عمودًا.
وفي توسعة الملك عبد العزيز (1370-1375هـ) أزيلت الأجزاء الشمالية من المسجد، وحوفظ على الجزء الجنوبي منه الذي يحتوي على (173) عمودًا، حيث أجريت عليها بعض الإصلاحات، فدعمت أعمدة الروضة الشريفة، وكسيت بالرخام الأبيض الجديد، وحسنت الأعمدة الأخرى بعمل أطواق نحاسية حولها على ارتفاع (2.50)م، وأضيف إليها (474) عمودًا متصلة بجدران التوسعة، و(232) عمودًا مستديرًا، ارتفاع الواحد منها حتى بداية نقطة القوس (5.60) م وعمق أساسه (7.35) م تحمل تيجانًا من البرونز، زخرفت بزخارف نباتية جميلة، وكسيت بالبياض، وغطيت قواعدها بالرخام.
وفي التوسعة الأخيرة -توسعة خادم الحرمين الشريفين (1406-1412هـ)- صُممت الأعمدة والتيجان بشكل متناسب ومتناسق مع نظيرها في التوسعة السعودية الأولى، وكُسيت بالرخام الأبيض المستدير، تعلوها تيجان من البرونز، في داخلها مكبرات الصوت، وفي قواعدها فتحات مغطاة بشبك نحاسي يخرج منها الهواء البارد القادم من محطة التبريد المركزية.
الأعمدة الرخامية وتظهر فتحات التكييف في قواعدها اسطوانات الحرم القديم
مآذن الحرم النبوي الشريف
كانت المساجد الأولى التي بنيت في عهد الرسول -عليه الصلاة والسلام- وفي عهد الخلفاء الراشدين بغير مآذن، ثم أضيفت إليها المآذن لتكون مكانا مرتفعا ينادي فيه المؤذن للصلاة، وقد تفنن المعماريون في أشكال المآذن ودوراتها حتى أخذت أشكالا مختلفة حسب البلاد والأزمنة، وأصبح لكل إقليم من الأقاليم الإسلامية طراز خاص من المآذن ينسب إليه.
وتعتبر المآذن أحد المظاهر العمرانية المتميزة في العالم الإسلامي التي حازت اهتمام مختلف الملوك والسلاطين في مختلف البلدان الإسلامية؛ فشجعوا المعماريين على الاهتمام ببنائها وابتداع أشكال رائعة لها تمنحها المزيد من الإشعاع الديني والشموخ الحضاري.
يرجع تاريخ المآذن في المسجد النبوي الشريف إلى ما بين عامي 88 و91 هـ حين أوعز الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك إلى واليه على المدينة عمر بن عبد العزيز (رحمه الله) بإعادة بناء المسجد الشريف، وتشييد مآذن على أركانه الأربعة، إذ لم تعد أسطحة المنازل تلبي الحاجة في إعلام المسلمين بوقت الصلاة، وقد شيدت بطول يتراوح بين 26.50م إلى 27.50م وبعرض 4×4 م.
ومن حينها ظلت المآذن في المسجد الشريف جزءًا مهمًا منه، يتسابق الملوك والسلاطين في تجديدها وإعمارها، تسابقهم في تجديد المسجد وإعماره.
ـ في عام 96هـ هدمت المنارة الجنوبية الغربية، وذلك بسبب إطلالها على بيت مروان بن الحكم –وهو منزل بني أمية في المدينة- وكان ذلك حين حج سليمان بن عبد الملك في العام المذكور فأطل المؤذن عليه في بيته، فأمر سليمان بهدم هذه المئذنة، فهدمت حتى سويت بظهر المسجد؛ فأعاد السلطان المملوكي الناصر بن محمد قلاوون إعمارها سنة 706هـ.
ـ في عام 886هـ أصيبت المئذنة الجنوبية الشرقية (الرئيسة) فأعاد السلطان الأشرف قايتباي بناءها، وجعلها على هيئة المآذن المملوكية، ثم أعاد بناءها ثانية عام 891-892هـ عندما ظهر شرخ فيها، وجعلها بارتفاع 60م، وأضاف مئذنة خامسة بالقرب من باب الرحمة.
ـ في عام 898هـ أصيبت المئذنة الجنوبية الشرقية أيضًا وتناثر منها بعض الحجارة، فأمر السلطان قايتباي بإصلاح ما أصابها.
ـ في عام 947هـ هدم السلطان العثماني سليمان القانوني المئذنة الشمالية الشرقية المعروفة (بالسنجارية)، وأقام مكانها مئذنة أخرى عرفت (بالسليمانية) نسبة إليه، ثم (بالعزيزية) نسبة لعبد العزيز خان بن محمود حين أعاد إعمارها على نمط العمارة المجيدية، وجعل لها ثلاث شرفات.
– في عهد السلطان محمد الرابع 1058-1099هـ جددت منارة باب السلام.
– في التوسعة التي أجريت في عهد السلطان عبد المجيد الأول من عام 1265 إلى عام 1277هـ جددت المنارات كلها عدا المنارة الرئيسة.
المنارة الرئيسية
منارة باب السلام
– في التوسعة السعودية الأولى التي أجراها الملك عبد العزيز آل سعود عام 1370-1375هـ أبقى على مئذنتي الجهة الجنوبية، وأزيلت الثلاث الأخر، وشيد الملك عبد العزيز عوضًا عنها مئذنتين جديدتين في ركني الجهة الشمالية، يبلغ ارتفاع الواحدة منهما سبعين مترًا، وتتكون كل مئذنة من أربعة طوابق:
الأول: مربع الشكل، يستمر أعلى سطح المسجد، وينتهي بمقرنصات تحمل شرفة مربعة.
والثاني: مثمن الشكل، زين بعقود، وتنتهي بشكل مثلثات، وفي أعلاه مقرنصات تعلوها شرفة.
والثالث: مستدير حلي بدالات ملونة، وينتهي بمقرنصات تحمل في أعلاها شرفة دائرية.
والرابع: مستدير أيضًا، له أعمدة تحمل عقودًا تنتهي بمثلثات، في أعلاها مقرنصات، وفوقها شرفة. وقد حاولوا الارتفاع بالمئذنة عن الوضع المألوف فعملوا شبه طابق خامس بشكل خوذة مضلعة، تنتهي بشكل مخروطي، يعلوه قبة بصلية.
ـ في التوسعة السعودية الكبرى توسعة خادم الحرمين الشريفين، التي استمرت من 1406 إلى 1414هـ أضيف ست مآذن أخرى، ارتفاع الواحدة 104م، وصممت بحيث تتناسق مع مآذن التوسعة السعودية الأولى، تصطف أربع منها في الجهة الشمالية، والخامسة عند الزاوية الجنوبية الشرقية من مبنى التوسعة، والسادسة في الزاوية الجنوبية الغربية منها أيضًا، تتكون كل مئذنة من خمسة طوابق:
الأول: مربع الشكل.
والثاني: مثمن الشكل قطره 5.50م مغطى بالحجر الصناعي الملون، وعلى كل ضلع ثلاثة أعمدة من المرمر الأبيض، فوقها عقود تنتهي بشكل مثلثات، وبين الأعمدة نوافذ خشبية، تنتهي بمقرنصات تحمل شرفة مثمنة.
الثالث: مستدير قطره 5م، وارتفاعه 18م كسي بلون رصاصي داكن، وحلي بدالات بارزة مموجة، شكلت اثني عشر حزامًا، ينتهي بمقرنصات تحمل شرفة مستديرة.
الرابع: دائري الشكل قطره 4.50م وارتفاعه 15م، عليه ثمانية أقواس تستند إلى أعمدة رخامية بيضاء، تعلوه مقرنصات تحمل شرفة دائرية.
الخامس: يبدأ بشكل أسطواني مضلع، وينتهي بتاج مشرشف يحمل الجزء العلوي المخروطي الشكل، يتلوه قبة بصلية تحمل هلالاً برونزياً ارتفاعه 6.70م ووزنه 4.5 أطنان، مطلي بذهب عياره 14 قيراطًا.
من المعلوم أن التيار الكهربائي منذ أن دخل المسجد النبوي الشريف ترك المؤذنون الأذان على المآذن وأصبحوا يؤذنون على المنصة المقامة في الطرف الغربي من الروضة الشريفة، لكن بقي للمئذنة دورها في تبليغ الأذان عبر مكبرات الصوت التي توضع عليها، وبقيت مآذن الحرم النبوي الشريف هي أول ما تراه عند دخولك للمدينة المنورة من أي اتجاه، بل أصبحت من المعالم التي لا تنسى لكل حاج أو معتمر أو زائر.
المنبر النبوي الشريف
المنبر النبوي الشريف
قام النبي (عليه الصلاة والسلام) يخطب يوم الجمعة إلى جذع نخلة في المسجد، وكان الجذع بين مكان المنبر والمحراب، ولما شق على النبي (صلى الله عليه وسلم) القيام اتخذ منبرًا يجلس عليه ويخطب.
وفي الصحيح أنه (صلى الله عليه وسلم) أرسل إلى امرأة من الأنصار كان لها غلام نجار يقول لها: "انظري غلامك النجار يعمل لي أعوادًا أكلم الناس عليها"؛ فعمل هذه الدرجات الثلاث ثم أمر بها فوضعت في هذا المكان؛ فأصبحت منبره الشريف في مكانه الدائم.
فلما تحوّل النبي (صلى الله عليه وسلم) بخطبته عن الجذع إلى المنبر حنَّ الجذع إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) مثل حنين الناقة التي فقدت ابنها، وارتفع حنينه.
عن سعيد بن المسيب عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقوم إلى جذع قبل أن يجعل المنبر، فلما جعل المنبر حنَّ ذلك الجذع حتى سمعنا حنينه، فوضع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يده عليه فسكن، وقال النبي (صلى الله عليه وسلم): "لو لم اعتنقه لحنّ إلى يوم القيامة".
وقد ورد في منبره الشريف أحاديث عدة تدل على فضله، فمن ذلك: ما رواه الشيخان، عن أبي هريرة (رضي الله عنه) أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: "ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة، ومنبري على حوضي".
وروت أم سلمة (رضي الله عنها) أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: "قوائم منبري رواتب في الجنة"، وهذا يعني أن هذا المنبر بذاته يعيده الله يوم القيامة على حاله فينصبه عند حوضه (صلى الله عليه وسلم) كما يعيد الله تعالى الخلائق يوم البعث.
وعن أنس (رضي الله عنه) أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: "منبري على ترعة من ترع الجنة" والترعة هي الروضة أو الباب أو الدرجة. رواه أحمد وغيره، وأخرج أبو داود وابن ماجه.
عن جابر بن عبد الله (رضي الله عنه) أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: "لا يحلف أحد عند منبري هذا على يمين آثمة ولو على سواك أخضر إلا تبوأ مقعده من النار أو وجبت له النار". وقد عرف الصحابة (رضي الله عنهم) لهذا المنبر فضله، وأنه حظي بوقوف النبي (صلى الله عليه وسلم).
ولما ولي الصديق (رضي الله عنه) الخلافة قام في خطبته على درجة المنبر الثانية تأدبًا مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم)؛ حيث كان يجلس على المنبر، ويضع قدميه على الدرجة الثانية.
ولما ولي عمر (رضي الله عنه) الخلافة قام في خطبته على الدرجة السفلى ووضع رجليه على الأرض تأدبًا مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، وتأدبًا مع الصديق (رضي الله عنه)، وقام عثمان علي الدرجة السفلي ست سنين ثم رقي إلي حيث رقي الرسول صلي الله عليهوسلم وهو رضي الله عنه أول من كسي المنبر ثياب قبطية .
وهكذا يكون الأدب والتعظيم لرسول الله (صلى الله عليه وسلم)، وهكذا يكون التأدب أيضًا مع أصحابه (رضوان الله عليهم).
ولما قدم معاوية للمدينة أراد أن يخرج المنبر للشام فكسفت الشمس يومئذ حتى رُأيت النجوم فأعتذرمعاوية للناس وقال: أردت أنظر إلي ما تحته وخشيت عليه من الأرضة.
ولقد مر المنبر الشريف عبر تاريخه بمراحل عدة :
– في عهد الرسول (صلى الله عليه وسلم) وخلفائه الراشدين كان المنبر مكوناً من ثلاث درجات، طوله من الجنوب إلى الشمال أربعة أشبار وشيء، ومجلسه ذراع في ذراع، وارتفاعه ذراعان، له رمانتان، ارتفاع الواحدة نصف ذراع. وكان (صلى الله عليه وسلم) يقف على الدرجة الثالثة منه، ثم نزل الصديق درجة، ثم عمر كذلك، وأقام عثمان على الدرجة السفلى ست سنين، ثم ارتقى بعدها حيث كان (صلى الله عليه وسلم) يقف.
– في عهد مروان بن الحكم عامل معاوية (رضي الله عنه) على المدينة زاد فيه ست درجات من أسفله، فصار تسع درجات، يقف الخلفاء على الدرجة السابعة، وهي الأولى من المنبر الشريف واستمر المنبر على هذا حتى عام 654هـ.
– في عام 654هـ احترق المسجد النبوي فاحترق باحتراقه المنبر، وفقد الناس بركته، وماتبقي منه وضع في صندوق ودفن بجانب الجذع وعمل مكانه منبراً جديداً من عمل الملك المظفر ملك اليمن من الصندل، له رمانتان، فنصب في موضع المنبر النبوي الشريف سنة 656 هـ.
– في سنة 664هـ أرسل السلطان الظاهر بيبرس البندقداري منبراً جديداً بتسع درجات، له باب بمصراعين، في كل مصراع رمانة من فضة، كتب على الجانب الأيسر منه اسم صانعه، فنصب موضع المنبر السابق، وخطب عليه حتى عام 797هـ، وفي العام المذكور ظهرت في المنبر آثار الأرضة، فأرسل الملك الظاهر برقوق منبرًا جديدًا استمر حتى عام 820هـ.
– في عام 820هـ أرسل السلطان المؤيد شيخ منبرًا آخر بثمان درجات بعدها مجلس، ارتفاعه ذراع ونصف، له قبة يعلوها هلال، وبابه بمصراعين؛ فحل محله.
– في عام 886هـ احترق المسجد النبوي الشريف، واحترق معه المنبر، فبنى أهل المدينة منبرًا من الآجر، طلوه بالنورة والجير ثم أرسل السلطان الأشرف قايتباي منبرًا من الرخام الأبيض، حرص السيد السمهودي أن يضعه موضع منبر النبي (صلى الله عليه وسلم) تحديدًا، فلم يوافق متولي العمارة، فوضع مقدمًا إلى القبلة عشرين قيراطًا، وزحف إلى الروضة ثلاثة قراريط (خمس أصابع).
– في عام 998هـ أرسل السلطان مراد العثماني منبرًا جديدًا وضع موضع منبر قايتباي، ونقل منبر قايتباي إلى مسجد قباء، ثم إلى مكتبة الملك عبد العزيز بالمدينة المنورة.
من المعلوم أن منبر السلطان مراد صنع من المرمر النقي، وهو غاية في الجمال ودقة الصناعة، يتكون من اثنتي عشرة درجة، ثلاث خارج الباب، وتسع داخله، تعلوه قبة هرمية لطيفة، محمولة على أربعة أعمدة مضلعة رشيقة من المرمر، وبابه من الخشب القرو يتكون من مصراعين مزخرفين بزخارف هندسية إسلامية، مدهون باللون اللوزي الجميل، كتب عليه أبيات من الشعر، وفوقه شرفات آية في الروعة، كتب في الوسط: "لا إله إلا الله محمد رسول الله".
وقد اهتمت حكومة المملكة العربية السعودية بهذا المنبر، وشملته بالرعاية والعناية المستمرة، وتقوم بطلائه بماء الذهب كلما دعت الحاجة إلى ذلك، ووضعت عليه ورقًا شفافًا لحمايته من اللمس حفاظًا عليه، وليبقى شاهدًا على دقة الفن الإسلامي، وأحد أعاجيبه الباقية.
يتبع
المطمار
ذكر " المطمار " السمهودي في كتابه " وفاء الوفاء " وقال هو المكان الذي كان يقف عليه المؤذن على عهد الرسول صلى الله عليه وسلم وخلفائه ، وهي عبارة عن اسطوانة مربعة قائمة ، كانت في دار عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قبلي المسجد النبوي الشريف.
حمام الحرم النبوي الشريف
الصفة
أهل الصفة أو( دكة الأغوات )
الصفة : مكان في مؤخرة المسجد النبوي الشريف، في الركن الشمالي الشرقي منه، غربي ما يعرف اليوم بـ "دكة الأغوات".
أمر به (صلى الله عليه وسلم) فظُلل بجريد النخل، وأُطلق عليه اسم "الصفة" أو "الظلة".
وقد أُعدت الصفة لنـزول الغرباء العزاب من المهاجرين والوافدين الذين لا مأوى لهم ولا أهل فكان يقل عددهم حيناً، ويكثر أحياناً، وكان النبي –صلى الله عليه وسلم- كثيراً ما يجالسهم، ويأنس بهم، ويناديهم إلى طعامه، ويشركهم في شرابه؛ فكانوا معدودين في عياله.
وكان الصحابة -رضي الله عنهم- يأخذ الواحد منهم الاثنين والثلاثة من أهل الصفة فيطعمهم في بيته، كما كانوا يأتون بأقناء الرطب ويعلقونها في السقف لأهل الصفة حتى يأكلوا منها، فذهب المنافقون ليفعلوا مثل فعلهم رياء فصاروا يأتون بأقناء الحشف والرطب الرديء، فأنزل الله تعالى فيهم قوله : "وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ.." (البقرة: آية: 267)، وفيهم نزل قوله تعالى : "لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحصِرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ لاَ يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا وَمَا تُنفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللهَ بِهِ عَلِيمٌ" (البقرة: آية 273 ).
وكان جُل عمل أهل الصفة تعلم القرآن والأحكام الشرعية من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أو ممن يأمره رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بذلك، فإذا جاءت غزوة خرج القادر منهم للجهاد فيها.
ومن أشهر أهل الصفة المنقطعين فيها أبو هريرة -رضي الله- عنه وهذا الانقطاع مكّنه من تلقي الكثير من أحاديث الرسول -صلى الله عليه وسلم- كما قال عن نفسه عندما سمع الناس يقولون: أكثر أبو هريرة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: "أما أنتم يا معشر المهاجرين فقد شغلتكم التجارة، وأما أنتم يا معشر الأنصار فقد شغلتكم الحقول والمزارع، وأما أنا فقد لازمت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على ملء بطني فكنت أتعلم من العلم؛ فكيف تقولون: أكثر أبو هريرة.. أكثر أبو هريرة؟".
وقد صور لنا أبو هريرة –رضي الله عنه- ما كان أهل الصفة يصبرون عليه من الجوع، وشدة الحال في قصة وقعت له في يوم من الأيام: قال أبو هريرة –رضي الله عنه- إنه كان يمضي عليه اليوم واليومان لم يذق طعامًا، وكان يشد الحجر على بطنه من الجوع، وجلس يومًا في طريق الذين يخرجون من المسجد لعل أحدًا منهم يكشف ما به من الجوع، فمر عليه الصديق فسأله أبو هريرة عن معنى آية من كتاب الله، وقال: ما سألته إلا لكي ينتبه لحالي، فمر ولم ينتبه بعد أن أجابه عن معنى الآية، ثم مر عمر بن الخطاب كذلك، فلما مر رسول الله –صلى الله عليه وسلم- نظر إلى أبي هريرة وابتسم حين رآه، وعرف ما في وجهه من الجوع،
ثم قال: يا أبا هريرة. فقال: أبو هريرة: لبيك يا رسول الله. قال: الْحَق. فتبِعه ودخَل معه في بيته، فوجد النبي -صلى الله عليه وسلم- في بيته لبنًا في قدح، فقال: من أين هذا اللبن؟ فقالوا: أهداه لك فلان، فقال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: يا أبا هريرة، فقال: لبيك يا رسول الله، فقال: اذهب فادع أهل الصفة، فقال أبو هريرة في نفسه: وما يُغني هذا اللبن عن أهل الصفة، وضعف أمله في إصابة ما يتقوى به من ذلك اللبن.
فلما دعاهم أمره النبي –صلى الله عليه وسلم- أن يباشر سقيهم فضعف أمله أكثر؛ لأن ساقي القوم آخرهم شرباً فسقى الجميع، وأمر النبي –صلى الله عليه وسلم- أن يعطي كل واحد ليشرب حتى يشبع، وكان أبو هريرة يقول في نفسه: ليته لم يأمرني بفعل ذلك حتى أشرب ولو الشيء اليسير، وظل يعطيهم حتى شبع أهل الصفة جميعاً، وكان عددهم في هذه الحادثة يبلغ ثلاثمائة رجل حتى وصل اللبن إلى أبي هريرة –رضي الله عنه-، ولم ينقص شيئاً، فتبسم النبي –صلى الله عليه وسلم-: يا أبا هريرة بقيت أنا وأنت فاقعد واشرب، فقعد أبو هريرة وشرب حتى روي، فما زال النبي –صلى الله عليه وسلم- يطلب منه أن يشرب حتى قال أبو هريرة: "والذي بعثك بالحق ما أجد له مسلكاً في بطني"،ثم أخذ النبي -صلى الله عليه وسلم- وسمَّى الله وشرِب الفضلة.
اتفقت معظم الأقوال على أن ما يقرب من أربعمائة صحابي تواردوا على الصفة، في قرابة تسعة أعوام إلى أن جاء الله بالغنى، وذلك قبيل وفاة النبي -صلى الله عليه وسلم-.
يقول أبو هريرة -رضي الله عنه-: "لقد رأيت معي في الصفة ما يزيد على ثلاثمائة، ثم رأيت بعد ذلك كل واحد منهم والياً أو أميراً، والنبي -صلى الله عليه وسلم- قال لهم ذلك حين مر بهم يوماً ورأى ما هم عليه.
من الجدير بالذكر أن مكان الصفة في المسجد الشريف ظل ماثلاً، يحدثنا عن مدى المعاناة التي لقيها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه الكرام في سبيل الدعوة الغراء، إلى أن جاءت توسعة الوليد بن عبد الملك، فتغير مكانها إلى ما يعرف اليوم بدكة الأغوات حيث بلغت التوسعة ذلك المكان.
دكة الأغوات
يتبع
عندما أسس النبي (صلى الله عليه وسلم) مسجده الشريف يوم قدم المدينة مهاجرًا، جعل له ثلاثة أبواب:
بابًا في الجنوب، حيث كانت القبلة إلى بيت المقدس شمالاً.
وبابًا في الشرق، ويسمى باب النبي، وباب عثمان أيضًا، ثم اشتهر بعد ذلك بباب جبريل.
والباب الثالث في الغرب، ويسمى: باب عاتكة؛ لقربه من بيتها (وهي عاتكة بنت عبد الله بن يزيد بن معاوية)، ويُعرف اليوم بباب الرحمة.
ثم حُوِّل الباب الجنوبي مع تحويل القبلة؛ فصار في الجهة الشمالية للمسجد الشريف. وكانت عضادتي الأبواب في هذه العمارة من الحجارة.
– زاد الخليفة عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) في توسعته ثلاثة أبواب أخرى؛ فصارت الأبواب ستة: اثنان في الجهة الشرقية، وهما: باب جبريل، وباب النساء. وسمي الثاني بذلك لقول عمر (رضي الله عنه): "لو تركتم هذا الباب للنساء". وآخران في الجهة الغربية، وهما: باب الرحمة، وباب السلام. والأخيران في الجهة الشمالية لم يعرف لهما اسم.
باب السلام
– في عهد الخليفة المهدي العباسي (161ـ 165هـ) ارتفع عدد الأبواب في توسعة الحرم إلى أربعة وعشرين بابًا: ثمانية في الجهة الشرقية، وثمانية في الجهة الغربية، وأربعة في الجهة الشمالية، وأربعة في الجهة الجنوبية.
– في العصر المملوكي سدت معظم هذه الأبواب، وتمت المحافظة فقط على الأبواب الرئيسية الأربعة، وهي: باب جبريل، والنساء، والسلام، والرحمة، وأطولها وأجملها باب السلام، ولهذه الأبواب مصاريع من خشب الجوز، عليها نقوش بالنحاس الأصفر.
– ثم زاد السلطان عبد المجيد في توسعته (1265ـ 1277هـ) بابًا خامسًا في الجهة الشمالية عرف بباب المجيدي أو باب التوسل.
باب المجيدي
– في عهد خادم الحرمين الشريفين أدخل عدد من الأبواب المتقدمة ضمن عمارتها، وهي: باب سيدنا عمر وعثمان والباب المجيدي وباب الملك عبد العزيز والملك سعود وباب البقيع.
كما وضع للمبنى الجديد سبعة مداخل واسعة: ثلاثة في الجهة الشمالية، واثنان في كل من الشرقية والغربية، وفي كل مدخل سبعة أبواب؛ اثنان متباعدان، بينهما خمسة أبواب متجاورة.
أبواب الحرم النبوي الشريف ( توسعة خادم الحرمين الشريفين )
من المعلوم أن هذه الأبواب صُنعت من الخشب العزيزي في أرقى المصانع العالمية، عرض الواحد منها (3) أمتار، وارتفاعه (6) أمتار، كسي بالبرونز فصار في غاية الدقة والجمال والروعة الفائقة، مكتوب في وسطه: "محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم"، وفي أعلاه لوحة حجرية كتب فيها قوله تعالى: "ادخلوها بسلام آمنين".
يضاف إليها أبواب أخرى مفردة أو مزدوجة تؤدي إلى السلالم الكهربائية والعادية، موزعة على (41) مدخلاً. وقد بلغ مجموع أبواب الحرم بعد هذه التوسعة (85) بابًا،
وذلك على النحو التالي : ـ
· المدخل رقم (1) ويتكون من باب واحد وهو باب السلام.
· المدخل رقم (2) ويتكون من ثلاثة أبواب وهو باب الصديق.
· المدخل رقم (3) ويتكون من باب واحد وهو باب الرحمة.
· المدخل رقم (4) ويتكون من بابين.
· المدخل رقم (5) ويتكون من ثلاثة أبواب متجاورة.
· المدخل رقم (6) ويتكون من بابين.
· المدخل رقم (7) ويتكون من باب واحد.
· المدخل رقم (8) ويتكون من خمسة أبواب متجاورة.
· المدخل رقم (9) ويتكون من باب واحد.
· المدخل رقم (10) ويتكون من بابين وهو خاص للصعود إلى سطح التوسعة بواسطة سلالم كهربائية.
· المدخل رقم (11) ويتكون من بابين.
· المدخل رقم (12) ويتكون من باب واحد.
· المدخل رقم (13) ويتكون من خمسة أبواب متلاصقة، وهو مخصص للنساء.
· المدخل رقم (14) ويتكون من باب واحد.
· المدخل رقم (15) ويتكون من بابين.
· المدخل رقم (16) ويتكون من باب واحد.
· المدخل رقم (17) ويتكون من خمسة أبواب متلاصقة، وهو مخصص للنساء.
· المدخل رقم (18) ويتكون من باب واحد.
· المدخل رقم (19) ويتكون من باب واحد.
· المدخل رقم (20) ويتكون من باب واحد.
· المدخل رقم (21) ويتكون من خمسة أبواب متلاصقة، ويسمى / مدخل الملك فهد بن عبد العزيز، يعلوه سبعة قباب خرسانية وعلى جانبيه مئذنتان.
أبواب مدخل الملك فهد
منظر للحرم النبوي الشريف ويظهر مدخل الملك فهد
· المدخل رقم (22) ويتكون من باب واحد.
· المدخل رقم (23 ) ويتكون من باب واحد، وهو مخصص للنساء.
· المدخل رقم (24) ويتكون من باب واحد،وهو مخصص للنساء كذلك.
· المدخل رقم (25) ويتكون من خمسة أبواب متجاورة، خصص للنساء.
· المدخل رقم (26) ويتكون من باب واحد.
· المدخل رقم (27) ويتكون من بابين.
· المدخل رقم (28) ويتكون من باب واحد خاص بالنساء.
· المدخل رقم (29) ويتكون من خمسة أبواب خاص بالنساء.
· المدخل رقم (30) ويتكون من باب واحد خاص بالنساء.
· المدخل رقم (31) ويتكون من بابين.
· المدخل رقم (32) ويتكون من بابين.
· المدخل رقم (33) ويتكون من باب واحد.
· المدخل رقم (34) ويتكون من خمسة أبواب.
· المدخل رقم (35) ويتكون من باب واحد.
· المدخل رقم (36) ويتكون من بابين.
· المدخل رقم (37) ويتكون من ثلاثة أبواب.
· المدخل رقم (38) ويتكون من بابين.
· المدخل رقم (39) ويتكون من باب واحد وهو باب النساء.
· المدخل رقم (40) ويتكون من باب واحد وهوباب جبريل.
· المدخل رقم (41) ويتكون من باب واحد وهو باب البقيع.
نموذج لأبواب الحرم النبوي الشريف
وفي عام 1415هـ بني رواق في الجهة الجنوبية للمبنى القديم، فتح فيه ثلاثة أبواب واحد من الشرق، وآخر من الغرب، والثالث في الجهة الجنوبية، تدخل منه الجنائز فتوضع في صالة داخل الرواق إلى حين الصلاة عليها، حيث تدخل إلى داخل المسجد عن طريق باب داخلي فتح في جدار المبنى القديم يمين المحراب العثماني.
باب البقيع
باب البقيع
مدخل للحرم النبوي الشريف
يتبع