.تفسير الآيات (1- 2)
{إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ (1) اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (2) }
شرح الكلمات
{إذا جاءك المنافقون}: أي حضر مجلسك المنافقون كعبد الله بن أبي وأصحابه.
{قالوا نشهد إنك لرسول الله}: أي قالوا بألسنتهم ذلك وقولهم على خلافه.
{والله يشهد إنَّ المنافقين لكاذبون}: أي والله يعلم أن المنافقين لكاذبون أي بما أضمروه من أنك غير رسول الله الجزائري
معنى الآيات
( 1 ) إذا حضر مجلسك المنافقون -أيها الرسول- قالوا بألسنتهم، نشهد إنك لرسول الله، والله يعلم إنك لرسول الله، والله يشهد إن المنافقين لكاذبون فيما أظهروه من شهادتهم لك، وحلفوا عليه بألسنتهم، وأضمروا الكفر به.
يقول ابن كثير : ( والله يشهد إن المنافقين لكاذبون ) أي : فيما أخبروا به ، وإن كان مطابقا للخارج ; لأنهم لم يكونوا يعتقدون صحة ما يقولون ولا صدقه ; ولهذا كذبهم بالنسبة إلى اعتقادهم .
( 2 ) إنما جعل المنافقون أيمانهم التي أقسموها سترة ووقاية لهم من المؤاخذة والعذاب، ومنعوا أنفسهم، ومنعوا الناس عن طريق الله المستقيم، إنهم بئس ما كانوا يعملون؛ ذلك لأنهم آمنوا في الظاهر، ثم كفروا في الباطن، فختم الله على قلوبهم بسبب كفرهم، فهم لا يفهمون ما فيه صلاحهم. التفسير الميسر
فى ظلال الآيات
• هذه السورة التي تحمل هذا الاسم الخاص المنافقون الدال على موضوعها.. ليست هي السورة الوحيدة التي فيها ذكر النفاق والمنافقين، ووصف أحوالهم ومكائدهم. فلا تكاد تخلو سورة مدنية من ذكر المنافقين تلميحاً أو تصريحاً. ولكن هذه السورة تكاد تكون مقصورة على الحديث عن المنافقين، والإشارة إلى بعض الحوادث والأقوال التي وقعت منهم ورويت عنهم.
• تتضمن السورة حملة عنيفة على أخلاق المنافقين وأكاذيبهم ودسائسهم ومناوراتهم، وما في نفوسهم من البغض والكيد للمسلمين، ومن اللؤم والجبن وانطماس البصائر والقلوب.
• علة ظهور تلك الحركة في المدينة واضحة، فالنبي صلى الله عليه وسلم والمسلمون الأولون في مكة لم يكونوا من القوة والنفوذ في حالة تستدعي وجود فئة من الناس ترهبهم أو ترجو خيرهم، فتتملقهم وتتزلف إليهم في الظاهر، وتتآمر عليهم وتكيد لهم وتمكر بهم في الخفاء، كما كان شأن المنافقين بوجه عام.
•ولقد كان أهل مكة وزعماؤها خاصة يناوئون النبي جهاراً، ويتناولون من استطاعوا من المسلمين بالأذى الشديد، ويقاومون الدعوة بكل وسيلة دون ما تحرز أو تحفظ؛ وكانت القوة لهم حتى اضطر المسلمون إلى الهجرة فراراً بدينهم ودمهم إلى الحبشة أولاً، ثم إلى يثرب؛ وحتى فتن بعضهم عن دينه بالعنف والإكراه، أو بالإغراء والتهويش؛ وحتى تزلزل بعضهم وتبرم ونافق المشركين، وحتى مات بعض من ناله الأذى ممن ثبت على دينه نتيجة للتعذيب..
•أما في المدينة فقد كان الأمر مختلفاً جداً. فالنبي صلى الله عليه وسلم استطاع قبل أن يهاجر إليها أن يكسب أنصاراً أقوياء من الأوس والخزرج؛ ولم يهاجر إلا بعد أن استوثق من موقفه، ولم يبق تقريباً بيت عربي فيها لم يدخله الإسلام.فخاف المنافقون من بطش القبائل التى دخلت الإسلام بحب وبايعوا النبى صلى الله عليه وسلم على النصر
•فلم يكن أمامهم إلا التظاهر بالإسلام، والقيام بأركانه، والتضامن مع قبائلهم. وجعل مكرهم وكيدهم ودسهم ومؤامراتهم بأسلوب المراوغة والخداع والتمويه،
ومن يقرا فى السيرة يجد لهم مصائب لا تُحصى.
•وقد كانت الآيات القرآنية توجه إليهم الفضائح المرة بعد المرة، وتدل عليهم بما يفعلون أو يمكرون، وتدمغهم بشرورهم وخبثهم ومكايدهم، وتحذر النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمين منهم في كل ظرف ومناسبة
0عندما يكذبهم الله في شهادتهم بعد التحفظ الذي يثبت حقيقة الرسالة:
{والله يعلم إنك لرسوله}.. {والله يشهد إن المنافقين لكاذبون}.
_والتعبير من الدقة والاحتياط بصورة تثير الانتباه. فهو يبادر بتثبيت الرسالة قبل تكذيب مقالة المنافقين. ولولا هذا التحفظ لأوهم ظاهر العبارة تكذيب المنافقين في موضوع شهادتهم وهو الرسالة. وليس هذا هو المقصود. إنما المقصود تكذيب إقرارهم فهم لا يقرون الرسالة حقاً ولا يشهدون بها خالصي الضمير!
0{اتخذوا أيمانهم جنَّة}.. وهي توحي بأنهم كانوا يحلفون الأيمان كلما انكشف أمرهم، أو عرف عنهم كيد أو تدبير، أو نقلت عنهم مقالة سوء في المسلمين. كانوا يحلفون ليتقوا ما يترتب على افتضاح أمر من أمورهم، فيجعلون أيمانهم وقاية وجنة يحتمون وراءها، ليواصلوا كيدهم ودسهم وإغواءهم للمخدوعين فيهم.
{فصدوا عن سبيل الله}.. صدوا أنفسهم وصدوا غيرهم مستعينين بتلك الأيمان الكاذبة: {إنهم ساء ما كانوا يعملون}.. وهل أسوأ من الكذب للخداع والتضليل!؟
ويعلل حالهم هذه من شهادة مدخولة كاذبة، وأيمان مكذوبة خادعة، وصد عن سبيل الله وسوء عمل.. يعلله بأنهم كفروا بعد الإيمان، واختاروا الكفر بعد أن عرفوا الإسلام:
{ذلك بأنهم آمنوا ثم كفروا فطبع على قلوبهم، فهم لا يفقهون}..سيد قطب
من هداية الآيات
1- بيان أن الكذب ما خالف الاعتقاد وإن طابق الواقع.
2- التحذر من الاستمرار على المعصية فإنه يوجب الطبع على القلب ويُحرم صاحبه الهداية. الجزائرى
00
جزاكم الله خيراً على طيب المتابعة
المراجع:
تفسير ابن كثير تفسير القرآن العظيم.
التفسير الميسر لمجموعة من العلماء.
في ظلال القرآن الكريم سيد قطب
الجزائرى أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير
|
جزاكِ الله خيراً وبارك فيكِ ..دمتِ طيبة