تخطى إلى المحتوى

تفصيل القول في عورة المرأة وحكم النظر إلى وجهها وكفيها 2024

الونشريس

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالحكم على وجه المرأة وكفيها بأنهما عورة أو ليسا بعورة مسألة قديمة الخلاف، وللعلماء فيها كلام كثير، وقد استدل كل فريق بأدلة من الكتاب والسنة، فالذاهب إلى قول منها لا يشنع عليه، إلا أن أكثر الفقهاء على أن الوجه والكفين ليسا من العورة التي يجب سترها، ثم اختلف هؤلاء بعد ذلك في مسألة أخرى وهي هل هما عورة من حيث النظر أي هل يحل النظر إليهما أم لا فذهب جمع من هؤلاء إلى حل النظر إلا إذا خشيت الفتنة، وذهب جمع آخر إلى حرمة النظر مطلقاً ولو أمنت الفتنة وهو الراجح.

وسيكون كلامنا حول ثلاث مسائل:
الأولى: هل الوجه والكفان من الحرة عورة أم لا؟
الثانية: هل يجوز النظر إليهما أم لا؟
الثالثة: هل يجب على الحرة سترهما أم لا؟
أما جواب المسألة الأولى وهي هل الوجه والكفان من الحرة عورة أم لا؟ فالمذاهب الأربعة على أن الوجه والكفين ليسا بعورة وذهب بعض الحنابلة إلى أنهما عورة.
والقول بأن الوجه والكفين ليسا بعورة هو قول عائشة وابن عباس وابن عمر رضي الله عنهم.
وهذا القول هو المحفوظ عن الفقهاء، ولذا قال ابن عبد البر في التمهيد: اختلف العلماء في تأويل قول الله عز وجل ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها فروى عن ابن عباس وابن عمر إلا ما ظهر منها الوجه والكفان وروى عن ابن مسعود (ما ظهر منها) الثياب قال لا يبدين قرطاً ولا قلادة ولا سواراً ولا خلخالا إلا ما ظهر من الثياب، واختلف التابعون فيها أيضاً على هذين القولين وعلى قول ابن عباس وابن عمر الفقهاء. انتهى.
قال الإمام الكاساني الحنفي رحمه الله تعالى في بدائع الصنائع: فلا يجوز النظر من الأجنبي إلى الأجنبية الحرة إلى سائر بدنها إلا الوجه والكفين، لقوله تعالى: قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ [النــور: 30].
إلا أن النظر إلى مواضع الزينة الظاهرة وهي: الوجه والكفان رخص بقوله تعالى: وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا [النــور: 31].
والمراد من الزينة مواضعها، ومواضع الزينة الظاهرة: الوجه والكفان، ولأنها تحتاج إلى البيع والشراء، والأخذ والعطاء، ولا يُمْكنها ذلك عادةً إلا بكشف الوجه والكفين، فيحل لها الكشف. وهذا قول أبي حنيفة رضي الله عنه. انتهى.

وقال الدردير المالكي كما في: أقرب المسالك : وعورة المرأة مع رجل أجنبي عنها جميع البدن غير الوجه والكفين.

انتهى.

الونشريس

وأما مسألة هل يجب على الحرة ستر وجهها وكفيها أم لا يجب بل يندب لها ذلك؟

وجواب ذلك: أن الفقهاء رحمهم الله قد اختلفوا على قولين:

القول الأول: أنه لا يجب عليها ستر وجهها بل يندب، ويجب على الرجال غض البصر عنها، وما ورد من منع الولاة للنساء أن يخرجن سافرات الوجوه إنما ذلك من باب الأمر بما فيه مصلحة وليس لأن الستر واجب لذاته، ومما علل به أصحاب هذا القول أن الحاجة قاضية بجواز كشفهما، قال الكاساني الحنفي في البدائع: ولأنها تحتاج إلى البيع والشراء والأخذ والعطاء ولا يمكنها ذلك عادة إلا بكشف الوجه والكفين فيحل لها الكشف وهذا قول أبي حنيفة رضي الله عنه، وروى الحسن عن أبي حنيفة رحمهما الله أنه يحل النظر إلى القدمين أيضاً.
وقال ابن قدامة الحنبلي رحمه الله تعالى في المغني: ولأن الحاجة تدعو إلى كشف الوجه للبيع والشراء، والكفين للأخذ والإعطاء. انتهى.

وقال الشيرازي الشافعي في المهذب: ولو كان الوجه والكف عورة لما حرم سترهما، ولأن الحاجة تدعو إلى إبراز الوجه للبيع والشراء وإلى إبراز الكف للأخذ والعطاء فلم يجعل ذلك عورة. انتهى.
القول الثاني: أنه يجب عليها ستر وجهها ليس لأنه عورة وإنما لأنها بالكشف تعين الرجال على النظر بشهوة فتكون معينة على المنكر فوجب عليها ستر وجهها وحرم عليها كشفه.
قال الشربيني في مغني المحتاج: وقال بعض المتأخرين إنه لا تعارض في ذلك بل منعهن من ذلك لا لأن الستر واجب عليهن في ذاته بل لأن فيه مصلحة عامة وفي تركه إخلال بالمروءة. انتهى، وظاهر كلام الشيخين (يعني النووي والرافعي) أن الستر واجب لذاته فلا يتأتى هذا الجمع وكلام القاضي ضعيف.
وقال ابن حجر في التحفة: نعم من تحققت نظر أجنبي لها يلزمها ستر وجهها عنه وإلا كانت معينة له على حرام فتأثم.

انتهى.

الونشريس

إلا أن بعضا من العلماء ذهبوا إلى أن المرأة يجب عليها ستر وجهها عند فساد الزمان مع قولهم بأن الوجه والكفين ليسا بعورة، قال ابن نجيم الحنفي رحمه الله تعالى في البحر الرائق أيضاً: واعلم أنه لا ملازمة بين كونه ليس بعورة وجواز النظر إليه فحل النظر منوط بعدم خشية الشهوة مع انتفاء العورة ولذا حرم النظر إلى وجهها ووجه الأمرد إذا شك في الشهوة ولا عورة، كذا في شرح المنية قال مشايخنا: تمنع المرأة الشابة من كشف وجهها بين الرجال في زماننا للفتنة.

انتهى.

الونشريس

وقال ابن عابدين في حاشيته: والمعنى تمنع من الكشف لخوف أن يرى الرجال وجهها فتقع الفتنة لأنه مع الكشف قد يقع النظر إليها بشهوة. انتهى.

قال النفراوي المالكي رحمه الله تعالى في كتابه الفواكه الدواني: اعلم أن المرأة إذا كان يخشى من رؤيتها الفتنة وجب عليها ستر جميع جسدها حتى وجهها وكفيها، وأما إن لم يخش من رؤيتها ذلك فإنما يجب عليها ستر ما عدا وجهها وكفيها. ثم قال: الذي يقتضيه الشرع وجوب سترها وجهها في هذا الزمان، لا لأنه عورة وإنما ذلك لما تعورف عند أهل هذا الزمان الفاسد أن كشف المرأة وجهها يؤدي إلى تطرق الألسنة إلى قذفها، وحفظ الأعراض واجب كحفظ الأديان والأنساب وحرر المسألة. انتهى.

الونشريس

وقال الدردير في الشرح الصغير: ((و) عورة الحرة (مع رجل أجنبي): منها أي ليس بمحرم لها جميع البدن (غير الوجه والكفين): وأما هما فليسا بعورة وإن وجب عليها سترهما لخوف فتنة).

الونشريس

وأما النظر عند خوف الفتنة فحرام بالإجماع وقد حكى الإجماع جماعة، والمقصود بالفتنة وجود داعية إلى الوقوع في الجماع أو الخلوة أو الضم والتقبيل ونحو ذلك، قال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري في أسنى المطالب: أما النظر والإصغاء لما ذكر عند خوف الفتنة أي الداعي إلى جماع أو خلوة أو نحوهما فحرام وإن لم يكن عورة للإجماع، ولقول الله تعالى: وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ [النور:31]، وقوله: قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ [النور:30]. انتهى

الونشريس

والله أعلى وأعلم

المصدر مركز الفتوى ( اسلام ويب)

    شكرا لكي

    بارك الله فيكي أختي فريحه

    الونشريس

    لا اله الا الله

    جزاكى الله كل خير

    اترك تعليقاً

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

    هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.